الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل وأما حيات جهنم وعقاربها
فخرج الإمام أحمد والطبراني وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال: صحيح الإسناد عن عبد اللَّه بن الحارث بن جزءٍ الزبيدي رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن في النار حيات كأمثال أعناق البخت تلسع إحداهن اللسعة فيجد حرها سبعين خريفا وإنَّ في النار عقارب كأمثال البغال المؤكفة تلسع إحداهن اللسعة فيجد حموتها أربعين سنة"(1).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى: {زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ} [النحل: 88] قال زيدوا: عقارب أنيابها كالنخل الطوال (2). رواه أبو يعلى والحاكم موقوفًا، وقال صحيح على شرط الشيخين وفي رواية عنده عن أبي إياس قال زيدوا: عقارب من نار كالبغال الدهم أنيابها كالنخل.
قلت: لعله أراد بقوله كالبغال الدهم في الصفة لا في العظم وإلا فالتي أنيابها كالنخل لا تكون هي كالبغل كما لا يخفى على ذي عقل.
(1) رواه أحمد 4/ 191، وابن حبان (7471)، والحاكم 4/ 593 - 594، والبيهقي في "البعث"(561) وإسناده ضعيف.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة 13/ 158 - 159، والحاكم 4/ 593 - 594 موقوفًا.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن يزيد بن شجرة، قال: إن لجهنم لجبابا في ساحل كساحل البحر فيه هوام وحيات كالبخاتي وعقارب كالبغال، فإذا سأل أهل النار التخفيف قيل اخرجوا إلى الساحل فتأخذهم تلك الهوام بشفاههم وجنوبهم وما شاء الله من ذلك فتكشطها فيرجعون فيبادرون إلى معظم النيران ويسلط عليهم الجرب حتَّى إن أحدهم ليحك جلده حتَّى يبدو العظم فيقال: يا فلان هل يؤذيك هذا، فيقول: نعم، فيقال له: ذلك بما كنت تؤذي المؤمنين (1).
قال الحافظ المنذري: ويزيد بن شجرة الرهاوي مختلف في صحبته.
وروى حماد بن سلمة عن الحريري عن أبي عثمان، قال: على الصراط حيات يلسعن أهل النار فيقولون: حس حس فذلك قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الأنبياء: 102] وكان إبراهيم العجلي رحمه الله يقع البعوض على كتفه وظهره فيتأذى بهن فيقول:
وأنت تأذى من حسيس بعوضة
…
فللنار أشقى ساكنين وأوجع (2)
وأخرج أبو يعلى بسند جيد عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الذباب كله في النار إلا النحل" وتقدم الكلام (3) عليه
(1) أورده بن رجب في "التخويف من النار" ص 137 في ذكر حيات وعقارب جهنم، وعزاه إلى ابن أبي الدنيا وغيره، الترغيب والترهيب (4/ 476).
(2)
المصدر السابق ص 137 - 138.
(3)
ت (3) ص 1298.
مبسوطًا وفي حديث آخر: "كل مؤذ في النار"(1) وفي تأويله وجهان أحدهما:
إن كل من آذى الناس في الدنيا فهو معذب في النار يوم القيامة. والثاني: أن كل ما يؤذي من السباع والهوام ونحو ذلك في النار يعذب بذلك أهلها.
ويشهد لهذا ما أخرجه ابن أبي الدنيا عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: أسرَّ إليَّ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا حذيفة إن في جهنم لسباعًا من نارٍ وكلابًا من نار، وكلاليب من نارِ وسيوفًا من نار، وإنه يبعث ملائكة يعلقون أهل النار بتلك الكلاليب بأحناكهم ويقطعونهم بتلك السيوف عضوًا عضوًا، ويلقونهم إلى تلك السباع والكلاب كلما قطعوا عضوًا عاد مكانه غضًا جديدًا"(2).
قلت: والذي يظهر ويفهم من هذا الخبر أن في النار كلابًا وسباعًا من نار لا أن كلاب الدنيا وسباعها تعذب في النار، كما لا يخفى واللَّه تعالى أعلم سبحانه.
(1) تاريخ بغداد (13/ 186) ابن الجوزي في العلل (1251) وقال بشار: موضوع.
(2)
صفة النار لابن أبي الدنيا (121).