الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل فيما يتحف به أهل النارِ عند دخولهم دار البوار أعاذنا الله منها بمنه وكرمه
قال تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (55) هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (56)} [الواقعة: 51 - 56] للضيف عند قدومه فدلت هذه الآيات على أنَّ أهْلَ النارِ يتحفون عند دخولهم بالأكل من شجر الزقوم، والشرب من الحميم وهم إنما يساقون إلى جهنَّم عطاشا كما قال تعالى:{وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86)} [مريم: 86] وقد تقدم أنَّهم يبعثون عطاشًا ثم يقضون مشاهد القيامة عطاشا.
وأخرج ابن المبارك عن كعب الأحبار قال: إنَّ الله ينظر إلى عبده يوم القيامة وهو غضبان عليه فيقول: خذوه فيأخذه منه ألف ملك أو يزيدون، فيجمعون بين ناصيته وقدميه غضبًا لغضب الله فيسحبونه عَلىَ وجهه إلى النار قَالَ: فالنار أشد غضبًا من غضبهم سبعين ضعفا قال: فيستغيث بشربة يسقط منها لحمه وعظامه وعصبه، ثم يركس أو يدكس في النار فويل له من النار وفي رواية عن غير كعب: فيتفتق في أيديهم إذا أخذوه فيقول: ألا ترحموني فيقولون: كيف نرحمك ولم
يرحمك أرحم الراحمين (1).
وروى الأعمش عن مالك بن الحارث قال: إذا طرح الرجل في النار هوى فيها فإذا انتهى إلى بعض أبوابها قيل: مكانك حتَّى تتخفف قال: فيسقى كأسًا من سم الأساود والعقارب فيتمزق الجلد على حدة، والشعر على حدة، والعصب على حدة، والعروق على حدة. خرجه ابن أبي حاتم.
والحاصل أنَّ مَنْ دَخَلَ النارَ ونعوذ برحمة الله وعفوه ومغفرته من غضبه ونقمته ومناقشته خسر الخسارة التي لا ربح بعدها أبدًا اللهم إلا أن يكون من عصاة المؤمنين فإنه يخرج منها كما يأتي.
وأنواع العذاب أكثر من أن نذكرها هنا.
واعلم أنه كما أن نعيم الجنةِ لا يحد ولا يحصى ولا يعد، فكذلك عذاب النار لا يحد وقد أعد الله لأعدائه ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر من العذاب والله تعالى أعلم.
(1)"الرقائق" ص 83 (286).