الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل وأما ظلمتها وشدة سوادها
فروى ابن ماجه والترمذي عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أوقِد على النار ألفُ سنةٍ حتى احمرت، ثم أُوقد ألفُ سنةٍ حتى ابيضت ثم أُوقِد عليها ألفُ سنة حتى اسودت، فهي سوداءُ كالليل المظلم"(1).
قال الترمذي: حديث أبي هريرة في هذا موقوف أصح (2)، قال: ولا أعلم أحدًا رفعه غير يحيى بن أبي بكر عن شريك وتقدم هذا عند الطبراني (3) عن عمر بنحوه.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: "أترونها - يعني النار- حمراء كناركم هذه لهي أشد سوادًا من القار"(4) وخرَّجه
(1) رواه ابن أبي شيبة 7/ 77 (34154)، كتاب ذكر النار، باب: ما ذكر فيما أعد لأهل النار وشدته.
(2)
أخرجه ابن ماجه (4320)، والترمذي (2591)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة برقم (1305).
(3)
في "المعجم الأوسط" مطولًا 3/ 89 - 91 (2583)، وقال:"لا يُرْوَى هذا الحديث عن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرَّد به سَلَّام"، وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 386 - 387:"رواه الطبراني في الأوسط، وفيه: سلام الطويل، وهو مجمع على ضعفه". وضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة".
(4)
الموطأ (2/ 994) رواه البيهقي في "البعث والنشور"(501)، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب"(3666).
البزار بلفظ "لهي أشد سوادًا من دخان ناركم بسبعين ضعفا".
وروي موقوفًا عن أبي هريرة وهو أصح، قاله الدارقطني (1).
وقال ابن مسعود (2) رضي الله عنه في قوله تعالى: {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12)} [التكوير: 12] قال: سعرت ألفَ سنةٍ حتَّى ابيضت ثم ألفَ سنةٍ حتَّى احمرت ثم ألف سنةٍ حتى اسودت فهي سوداء مظلمة.
قال الحافظ في "التخويف"(3) وفيه الحكم بن ظهير ضعيف والصحيح ما رواه عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة كما سبق يعني من قوله في ما تقدم: "أوِقد على النارِ ألف سنةٍ حتَّى احمرت" الحديث.
وقال سلمان الفارسي (4) رضي الله عنه: النارُ سوداء مظلمة لا يُطفأ جمرُها ولا يُضيء لهبُها ثم قرأ {وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الحج: 22] وقال أُبيّ بن كعبَ (5) رضي الله عنه: ضرب اللَّه مثلًا للكافر {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ} الآية [النور: 40] فهو يتقلب في خمسة من الظلم كلامه ظلمة وعمله ظلمة ومدخله ظلمة ومخرجه ظلمة ومصيره إلى الظلمات إلى النار. رواه أبو جعفر.
وقال الضحاك (6): جهنم سوداء وماؤها أسود وشجرها أسود
(1) العلل (10/ 83).
(2)
"التخويف من النار" ص 90 - 91.
(3)
"التخويف من النار" ص 91.
(4)
رواه ابن أبي شيبة 7/ 72 (34109)، كتاب: ذكر النار، باب: ما ذكر فيما أعد لأهل النار وشدته.
(5)
رواه الطبري في "تفسيره" 9/ 335 (26164).
(6)
رواه الطبري في "تفسيره" 8/ 219 (23044).
وأهلها سود.
وقد دلّ على سوادِ أهلها قوله تعالى: {كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [يونس: 27] وقوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 156] الآيتين.
وثبت أن عصاة الموحدين منهم من يحترق في النار حتَّى يصير فحمًا (1) فنسأل اللَّه بوجهه العافية من النار ومن غضبه وما ينشأ عنه غضبه ونستعيذ به وبأسمائه وصفاته وكلامه وخواص خلقه من غضبه وسخطه ونتحصنُ من النارِ بمدلولِ اسمه الغفار ونبيه المختار صلى الله عليه وسلم (2).
(1)"التخويف من النار" 89 - 92.
(2)
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو في تعظيمه ومدحه، وغيره من باب أولى؛ لأن ذَلِكَ يؤدي إلى إشراك المخلوقين في حق الخالق سبحانه وتعالى، ولعل المؤلف رحمة حينما توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم يقصد بطاعته.