الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نورًا ربانيًا انكشف جميع ذلك لبصيرته انكشافًا تامًّا فآمن به واطمئن قلبه له، وصدق به فكان مؤمنًا حقًا، والذين حجبوا عن ذلك، وجعل على قلوبهم أكنة أنْ يفقهوه، فبعدًا لقوم لا يؤمنون.
فصل
وأمَّا آنيتهم فقال تعالى: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ} [الزخرف: 71]، والصحاف جمع صحفة، وهي القصاع قاله الكلبي، وقال الليث: الصحفة: قصعة مسلنطحة عريضة، والجمع: صحاف (1)، والأكواب: جمع كوب هو المستدير الرأس الذي لا أذن له ومرّت الإشارة إليها.
وقال تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18)} [الواقعة: 17، 18]، فالأباريق هي: الأكواب غير أنّ لها خراطيم فإنْ لم يكن لها خراطيم، ولا عرى فهي أكواب، وأباريق الجنَّة من الفضة في صفاء القوارير يرى من ظاهرها ما في باطنها، والعرب تسمي السيف إبريقًا لبريق لونه.
قال تعالى: {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16)} [الإنسان: 15، 16]، فالقوارير: هو الزجاج، وشفافته، وهذا من أحسن الأشياء وأعجبها، وقَطعَ توهم كون تلك القوارير من زجاج بقوله {مِنْ فِضَّةٍ} [الإنسان: 15].
(1)"حادي الأرواح" ص 277 لسان العرب مادة: ص ح ف.
وأخرج البخاري، ومسلم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة"(1).
وأخرج أبو يعلي الموصلي عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبه الرؤيا فربَّما رأى الرجل الرؤيا فيسأل عنه إذا لم يكن يعرفه فإذا أُثني عليه معروفًا كان أعجبَ لرؤياه إليه، فأتته امرأة فقالت: يا رسُولَ الله رأيت كأني أتيت فأخرجتُ من المدينةِ فأدخلتُ الجنَّة، فسمعت وجبة ارتجت لها الجنَّة، فنظرت فإذا فلان بن فلان، وفلان بن فلان فسمت اثني عشرَ رجلًا. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث سريَّة قبل ذلك فجيء بهم عليهم ثياب طلس تشخب أوداجهم فقيل: اذهبوا بهم إلى نهر البياخ أو البيدي، فغمسوا فيه، فخرجوا ووجوههم كالقمر ليلة البدر، فأتوا بصحفة من ذهب فيها بسر، فأكلوا من بسره ما شاءوا، فما يقلبونها من وجه إلَّا أكلوا من الفاكهة ما أرادوا، وأكلتُ معهم". فجاء البشير من تلك السَّريَّة فقال: أصيب فلان، وفلان حتى عدَّ اثني عشرَ رجلًا فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة فقال:"قصّي رؤياك" قصتها وجعلت تقول: جيء بفلان وفلان كما
(1) رواه البخاري (5426) في كتاب: الأطعمة، باب: الأكل في إناءِ مفضض. ومسلم (2067) في كتاب اللباس والزينة، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء وخاتم الذهب.
قال. ورواه الإمام أحمد في مسنده بنحوه (1). قال في "حادي الأرواح"(2): وإسناده على شرط مسلم.
(1) رواه أحمد 3/ 135، 257، وأبو يعلى 6/ 44، 45 (3289)، واختلف في ضبط هذا الحرف ففي مسند أبي يعلى "البيذخ - أو البيرح -" وعند ابن حبان (1803)"البيدخ"، وعند أحمد في الرواية الأخرى (3/ 135)"نهر السدخ أو نهر البيدج" وأما في الرواية (3/ 257) فكما تم ضبط هنا وجاءت في "مجمع الزوائد"(7/ 175)، "نهر السدح أو أرض السدح" وسيأتي ضبط في ص 1162، انظر ص 1109، ص 331.
(2)
"حادي الأرواح" ص 281.