الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منه، كيف ولم يسمع من عمر؟ ولم يذكر الحسن أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رفعه.
والحاصل أن الدارين باقيتان باقي ما فيهما خالد مخلد وقد صنف في ذلك علماء الإسلام مصنفات من آخرهم الإمام العلامة الشيخ مرعي صنف جزءاً وأسماه "توقيف الفريقين على خلود الدارين" والله تعالى أعلم بالصواب.
المسألة الثانية في أصحاب الأعراف
قال تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ} [الأعراف: 48] وقال: {وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ} [الأعراف: 46] فالأعراف: جمع عرف وهو كل مرتفع ومنه عرف الديك (1)، واختلف المفسرون في الأعراف فقيل: أعالي الحجاب المضروب بين الجنة والنار وهو السور (2) الذي ذكره الله تعالى في قوله: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ} [الحديد: 13] وعلى هذا معظم أهل التفسير، وقيل: الصراط (3). وقيل جبل أحد (4) لما ورد
(1) انظر البغوي (2/ 475، 476) والبيهقي (104) رقم (109)، وابن المبارك في الزهد (482، 483)، والطبري في "التفسير"(8/ 189).
(2)
أخرجه هناد في الزهد (1/ 152) رقم (254)، والطبري في "التفسير"(8/ 189، 190) وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(3/ 86) للفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وجاء تفسيره كذلك عن ابن عباس في القرطبي (7/ 212).
(3)
انظر روح المعاني (8/ 123) فتح القدير (2/ 109).
(4)
تفسير القرطبي (7/ 213).
عنه صلى الله عليه وسلم: "أحد جبل يحبنا ونحبه"(1) وأنه يوم القيامة يمثل بين الجنة والنار يجلس عليه أقوام يعرفون كلا بسيماهم وهم إن شاء الله من أهل الجنة (2).
وقال الحسن والزجاج: معنى قوله: {وَعَلَى الْأَعْرَافِ} أي الذين على معرفة أهل الجنة والنار رجال يعرفون من أهل الجنة والنار بسيماهم، قيل للحسن: هم أقوام اْستوت حسناتهم وسيئاتهم. فضرب على فخذه، وقال: هم قوم جعلهم الله تعالى على أهل الجنة والنار، يميزون البعض من البعض، والله لا أدري، لعل بعضهم الآن معنا (3).
فإن قيل: أي حاجة إلى ضرب هذا السور، بين الجنة والنار، وقد ثبت أن الجنة فوق النار؛ لأن النار أسفل سافلين، والجنة فوق السموات السبع وتحت العرش.
فالجواب: إن بُعْد أحداهما عن الأخرى، لا يقتضي منع جعل سور بينهما كما لا يخفى.
قال الفخر: وعندي فيه وقفة لكن أمور الآخرة لا تقاس على أمور الدنيا والله يفعل ما يشاء.
(1)"البخاري"(1482) كتاب: الزكاة، باب: خرص التمر.
(2)
أخرجه بغير هَذَا اللفظ ابن ماجه (3115)، وقال الألباني في الضعيفة (1820): إسناده ضعيف جداً، وقد أورد هَذَا اللفظ القرطبي في "تفسيره" 7/ 213.
(3)
ذكره الرازي في "تفسيره"(14/ 87).
واختلف المفسرون في أصحاب الأعراف فقيل: هم قوم اْستوت حسناتهم وسيئاتهم، فما كانوا من أهل الجنة، ولا من أهل النار، أوقفهم الله على الأعراف؛ لأنها درجة متوسطة بين الجنة والنار، ثم يدخلهم الله تعالى الجنة بفضله ورحمته وهذا قول حذيفة وابن عباس وابن مسعود (1) رضي الله عنه وهو قول ابن جبير والضحاك والشعبي رحمهم الله.
أخرج أبو الشيخ والبيهقي وغيرهما عن حذيفة: "أصحاب الأعراف قوم قصرت بهم سيئاتهم عن الجنة وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار جعلوا هناك حتى يُقضَى بين الناس فبينماهم كذلك إذا طلع عليهم ربهم فقال لهم: قوموا اْدخلوا الجنة فإني غفرت لكم"(2).
وأخرج البيهقي عن حذيفة مرفوعًا: "يجمع الله الناس ثم يقول لأصحاب الأعراف ما تنتظرون؟ قالوا: ننتظر أمرك فيقال: إن حسناتكم تجاوزت بكم النار -أن تدخلوها- وحالت بينكم وبين الجنة خطاياكم، فادخلوا بمغفرتي ورحمتي"(3).
وقيل: إن أصحاب الأعراف ناس خرجوا للغزو بغير إذن أبائهم فاستشهدوا فحبسوا بين الجنة والنار.
(1) عزاه ابن الجوزي في زاد المسير (3/ 205) إلى ابن مسعود وحذيفة وابن عباس وأبي هريرة والشعبي وقتادة، انظر تفسير ابن كثير (2/ 225).
(2)
رواه ابن أبي حاتم في " التفسير"(8499)، والحاكم 2/ 320، وذكره البيهقي في الشعب 1/ 344.
(3)
رواه البيهقي في "البعث والنشور"(111).
أخرج البيهقي وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو الشيخ والطبراني وغيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أصحاب الأعراف فقال: "هم أناس قتلوا في سبيل الله، بمعصية آبائهم، فمنعهم من دخول الجنة معصية آبائهم، ومنعهم من دخول النار قتلهم في سبيل الله"(1).
وقيل: أصحاب الأعراف: الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أجلسهم الله على أعالي ذلك السور، تمييزًا لهم على سائر أهل القيامة وإظهارًا لشرفهم، وعلو مرتبتهم، ليكونوا مشرفين في الدنيا والآخرة (2).
وقيل: هم العباس وحمزة وعلي وجعفر ذو الجناحين عليهم السلام، يجلسون على موضع من الصراط، يعرفون محبيهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه. رواه الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما (3).
وقيل: إنهم عدول القيامة الشاهدون على الناس بأعمالهم وهم من كل أمة. حكاه الزهراوي (4).
(1) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(8498)، والطبراني في "الأوسط"(4644)، وفي "الصغير"(658)، والبيهقي في "البعث والنشور"(112 - 115).
(2)
انظر: "تفسير الرازي"(14/ 87)، "روح المعاني"(8/ 124) وحكاه ابن عطية عن الزجاج. فتح القدير (2/ 207).
(3)
انظر: "روح المعاني"(8/ 124) فتح القدير (2/ 208)، القرطبي (7/ 212).
(4)
تفسير القرطبي (7/ 212) حكاه الألوسي في "روح المعاني"(8/ 124) عن الزهراوي والبغوي في "معالم التنزيل"(2/ 476) عن الحسن.
وقيل: إنهم قوم صالحون فَقهاء وعلماء. أخرجه هناد عن مجاهد (1).
وقيل: إنهم الشهداء (2). وقيل الملائكة (3).
فإن قيل قد قال تعالى: {وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ} فالجواب لا مانع من إطلاق اْسم الرجال على الملائكة كما نقله الرازي (4) وغيره.
وقيل: أصحاب الأعراف أناس رضي عنهم أحد أبويهم دون الآخر (5).
وقيل: أولاد المشركين (6).
وقيل: الذين يراؤون الناس (7).
(1) رواه هناد في "الزهد"1/ 152 (203). "زاد المسير"(3/ 305) وقال ابن كثير (2/ 227).
(2)
انظر: "تفسير القرطبي"(7/ 211)"فتح القدير"(2/ 207).
(3)
البيهقي في "البعث والنشور"(108)، وابن المبارك في الزهد (1366، 1373)، الطبري في التفسير (8/ 193، 194) قال ابن كثير فيه: وهذا صحيح إلى أبي مجلز (2/ 227).
(4)
الرازي (14/ 87) واستبعده جماعة من المفسرين منهم الطبري (8/ 194) وابن كثير (2/ 227) وابن القيم في طريق الهجرتين (383).
(5)
روى هذا القول عن مجاهد كما قال البغوي في "معالم التنزيل"(2/ 479)، "روح المعاني"(8/ 124) زاد المسير (3/ 306).
(6)
البغوي في "معالم التنزيل"(2/ 477)، ابن الجوزي في "زاد المسير"(3/ 206).
(7)
ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير"(3/ 206).
وقيل: هم أهل الفترة (1).
وقيل: هم قوم لهم ذنوب عظام، من أهل الصلاة، يعفو الله عنهم، ويمسكهم في الأعراف (2).
أخرج ابن جرير (3)، والبيهقي من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الأعراف سور بين الجنة والنار وأصحابه رجال كانت لهم ذنوب عظام وكان أمرهم الله، يقومون على الأعراف يعرفون أهل النار بسواد، وأهل الجنة ببياض الوجوه، فإذا نظروا إلى أهْلِ الجنةِ طمعوا أن يدخلوها، وإذا نظروا إلى أهل النار تعوذوا بالله منها فأدخلهم الله الجنة فذلك قوله {أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ} عني: أصحاب الأعراف: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الأعراف: 49](4) قيل: هم أولاد الزنا رواه صالح المري عن ابن عباس (5).
وقيل: هم مساكين أهل الجنة حكى عن ابن عباس (6)، وقيل غير ذلك.
(1) قاله عبد العزيز بن يحيى الكتاني، انظر:"زاد المسير"(3/ 206).
(2)
انظر: "تفسير الرازي"(14/ 89) و"تفسير المنار"(8/ 431) طريق الهجرتين (382).
(3)
في التفسير (8/ 195)، "البعث والنشور" للبيهقي (104).
(4)
روى الطبري شطره الأول (14687) وباقيه (14751).
(5)
"زاد المسير"(3/ 205) القرطبي (7/ 212) تفسير المنار (8/ 432) وقال: لا وجه له البتة.
(6)
ابن جرير في "التفسير"(8/ 191) ابن أبي شيبة (13/ 129).