الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وأما أعلى أهل الجنة منزلة فهو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ} [البقرة 235] قال مجاهد وغيره: منهم من كلَّم الله موسى، ورفع بعضَهم درجات هو محمد (1) صلى الله عليه وسلم، وفي حديث الإسراء المتفق عليه أنَّه صلى الله عليه وسلم لمَّا جاوز موسى قال:"رب لم أظن أن يرفع على أحد" ثم علا فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله حَتَّى جاوز سدرة المنتهى.
وفي صحيح مسلم (2) عن عمرو بن العاص أنَّه سمعَ النَّبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صَلوا عليّ فإنَّه مَنْ صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا، ثمَّ سَلُوا لي الوسيلةَ، فإنَّها منزلةٌ في الجنةِ لا تنبغي إلا لعبدِ مِنْ عبادِ الله وأرجو أنْ أكونَ أنا هو فَمَنْ سَأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة".
وفي صحيح مسلم أيضًا عن المغيرة بن شعبة مرفوعًا: "إنَّ موسى عليه السلام سأل ربَّه: ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ فقال: (يعني الله سبحانه وتعالى رجل (أي: هو رجل) يجيء بعدما دخل أهلُ الجنةِ الجنَّة فيقال له: ادخل الجنة. فيقول: رب كيف وقد نزل الناس منازلهم
(1) ورد في هامش الأصل: والإبهام لتفخيم شأنه كانه العلم المتعين بهذا الوصف المستغني عن التعيين بأنه خص بالدعوة العامة والمعجزات المشرقة والفضائل العلمية والعملية.
(2)
هذا الحديث رواية عبد الله بن عمرو بن العاص وليس عمرو بن العاص، رواه مسلم (384) كتاب: الصلاة، باب: استحباب القول مثل قول المؤذن
…
وأخذوا أخذاتهم؟ فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل ملِك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت رب. فيقول: لك ذلك، ومثله، ومثله، ومثله. فقال في الخامسة: رضيت رب. قال: رب فأعلاهم منزلة. قال: أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها فلم ترعين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر" (1).
وأخرج الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنَّ أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظرَ إلى خيامه، وأزواجه، ونِعَمِهِ، وخدمه، وسرره مسيرة ألف سنة، وكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة (2) وعشية، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة](3) ولهذا الحديث طرق، وروي موقوفًا على ابن عمر، ومرفوعًا كما هنا والله سبحانه وتعالى أعلم.
وأما أدنى أهل الجنةِ منزلة، وليس فيها دني فأخرج الإمام أحمد عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أدنى أهل الجنة منزلة له سبع درج، وهو على السادسة، وفوق السابعة، وإن له لثلاثمائة خادم، ويغدا عليه وبراح كلّ يوم بثلاثمائة صحفة - ولا أعلمه إلَّا قال: من (ذهبٍ)(4) - في كل صحفة لون ليس في
(1) رواه مسلم (189)، وابن حبان (6216) و (7426)، انظر ت (1) ص 1015.
(2)
ورد في هامش الأصل: أي: في مقدارهما في أن الجنة لا غدوة فيها ولا عشية.
(3)
رواه الترمذي (3330)، وفي (2533) ببعضه، وأبو يعلى (5729)، والحاكم 2/ 553 وصححه.
(4)
هذه الكلمة ساقطة في الأصل واستدركناها من مصدر التخريج و (ب) و (ط).
الأخرى، وإنَّه ليلذ أوله كما يلذ آخره. ومن الأشربة ثلاثمائة إناء في كلّ إناء لون ليس في الآخر وإنه ليلذ أوله كما يلذ آخره، وإنه ليقول (1): رب (2) لو أذنت لي لأطعمت أهل الجنَّة، وسقيتهم لم ينقص مما عندي شيئًا وإن له من الحور العين لاثنتين وسبعين زوجة سوى أزواجه من الدُّنيا، وإنَّ الواحدة منهن ليأخذ مقعدها قدر ميل من الأرض" (3)(4).
قال في "حادي الأرواح"(5): فيه سكين بن عبد العزيز ضعفه النسائي، وفيه شهر بن حوشب وضعفه مشهور. قال: والحديث منكر مخالف للأحاديث الصَّحيحة، فإن طول ستين ذراعًا لا يحتمل أن يكون مقعدة صاحِبِهِ بقدر ميل من الأرض.
قلت: ليس من كانت بهذه المثابة من الجمال بشيء، بل رؤية هذه تزيل العقل والذي في الصحيحين "في أوَّل زمرة تلج الحنَّة لكل امرئ منهم زوجتان من الحور العين"(6) فكيف يكون لأدناهم ثنتان وسبعون من الحور العين وأقل ساكني الجنَّة نساء الدنيا؟ فكيف يكون لأدنى أهل الجنَّةِ جماعة منهن؟ كذا في "حادي الأرواح"(7).
(1) في (ب): يقول.
(2)
في (ب): يا رب.
(3)
رواه أحمد 2/ 537 وفي إسناده شهر بن حوشب فيه ضعف.
(4)
ذكره في "حادي الأرواح" ص 220 - 222.
(5)
"حادى الأرواح" ص 223.
(6)
رواه البخاري (3254) في كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، ومسلم (2834) في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: في صفات الجنة وأهلها وتسبيحهم فيها بكرة وعشيا.
(7)
"حادي الأرواح" ص 223، انظر ص 1039.