الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وأما أكثر أهل النار أجارنا الله تعالى منها بمنه وكرمه فالنّساء كما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبة الكسوف: "رأيتُ النار، ورأيتُ أكثر أهلها النساء لكفرهن" قيل: أيكفرن بالله قال: "يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنتَ إلى إحداهنَّ الدهرَ ثُم رأتْ منك شيئا قالت: ما رأيتُ منك خيرَا قط"(1).
وفي صحيح مسلم: "اطعلتُ في النار فرأيتُ أكثر أهلها النّساء".
واعلم أنَّ مَن يدخل النار مِن ذرية آدم أكثر ممن يدخل الجنة ففي الصحيحين عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يقول الله عز وجل يوم القيامة يا آدم فيقول: لبيك ربنا وسعديك فينادي بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعث النار قال: يا رب وما بعث النار؟ قال: من كل ألف -أراه قَالَ- تسعمائة وتسعة وتسعين فحينئذ تضع الحامل، ويشيب الولد (2)، وترى الناس سكارى (3) وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد". فشق ذلك على
(1) رواه مالك ص 132، وأحمد 1/ 298 و 358، والبخاري (29) و (1052)(5197)، ومسلم (907)، وأبو داود (1189)، والنسائي 3/ 146.
(2)
ورد في هامش الأصل قوله: ويشيب الولد .. إلخ أي: من شدة الهول، وهَذَا عَلَى سبيل الفرض أو التمثيل، وأصله أنَّ الهموم تضعف القوي وتُسرع الشيب فافهم. أهـ.
(3)
ورد في هامش الأصل: أي: كأنهم.
الناس حتَّى تغيرت وجوههم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعين ومنكم واحد ثم أنتم في الناس كالشعرة السوداء في جنب الثور الأبيض أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود، إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة" فكبرنا، ثم قال:"ثلث أهل الجنة" فكبرنا، ثم قال:"شطر أهل الجنة" فكبرنا (1). وتقدم هذا الحديث بتمامه والله الموفق.
واعلم أيضاً أنَّ الذين يدخلون النار مِن هذه الأمِّة أكثر من الذين يدخلون الجنة منها من جملتهم المنافقون وقد وردت الأخبار، وطفحت الآثار بأنَّ هذه الأمّة ستفترق على بضع وسبعين فرقة كلها في النارِ إلا فرقة واحدة وهم الذين على ما كان عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأصحابه كما أخبر صلى الله عليه وسلم، بذلك صحّت الأخبار، وصرحت الآثار بذلك مع الذين يقترفون الذنوب المتوعد عليها من الفرقة الناجية غير أن الخلود مجتنب فلا يخلد فيها من أمّة محمد أحد اللهم إلا أن يكون منافقاً أو كافرًا ببدعته.
فالحاصل أنَّه يدخل النار من ذرية آدم خلق أكثر من الجنة، والذين يدخلون النار من أمة محمد أكثر من الذين يدخلون الجنة منهم باعتبار الدخول الأول، وأكثر من يدخل النار من أمّة محمد النساء، والله أعلم.
(1) رواه أحمد 3/ 32، والبخاري (3348) و (4741) و (7483)، ومسلم (222).