الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
قال كثير من السلف في قوله تعالى: {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49)} [الدخان: 47 - 49] نزلت في أبي جهل (1) قال الأوزاعي: يؤخذ أبو جهل يوم القيامة فيخرق في رأسه خرق ثم يؤتى بسجل من الحميم فيصب في ذلك الخرق ثم يقال له: ذق إنك أنت العزيز الكريم.
قال البغوي: وذلك أن أبا جهل كان يقول: أنا أعزُّ مَن في الوادي وأكرمهم. فيقول له هذا خزنة النار على طريق الاستخفاف والتوبيخ (2).
وقال مجاهد في قوله: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (35)} [الرحمن: 35] النحاس: الصفر يذاب ويصب على رءوسهم يعذبون به (3)، والشواظ اللهب الذي لا دخان فيه (4).
وقال مجاهدٌ: هو اللهب الأخضر المنقطع من النار (5)، وقال
(1) رواه الطبري في "تفسيره" 11/ 246.
(2)
رواه البغوي في "معالم التنزيل" 7/ 236.
(3)
رواه الطبري في "تفسيره" 11/ 597 (33043)(33044).
(4)
رواه الطبري في "تفسيره" 11/ 595.
(5)
رواه الطبري في "تفسيره" 11/ 596 (33032).
محمد بن كعب القرظي في قوله تعالى: {الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7)} [الهمزة: 7] تأكله النار إلى فؤاده فإذا بلغ فؤاده أنشأ خلقه (1)، وقال ثابت البناني: تحرقهم إلى الأفئدة وهم أحياء لقد بلغ منهم العذابُ ثم بكى (2).
وقال صالح بن حيان عن بريدة في قوله تعالى: {لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28)} [المدثر: 28] قَالَ: تأكل العظم واللحم والمخ ولا تذره على ذلك (3)، وقال السُّدِّيُّ: تأكل ولا تبقى من جلودهم شيئًا ولا تذرهم من العذاب وقال مجاهدٌ في قوله تعالى: {نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16)} [المعارج: 16]: تنزع الجلد عن العظم وعنه تنزع ما دون العظم، وقال غيره: تحرق كل شيء منه ويبقى فؤاده يصيح.
ومن أنواع عذابهم سحبهم في النار على وجوههم، قال تعالى:{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48)} [القمر: 47 - 48]{فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72)} [غافر: 70، 71] في دار الجحيم يُسْحَبون في النار مرة بعد مرة أولئك الذين غضب عليهم العزيز الحكيم جزاءً وفاقًا لا يظلم ربنا أحدًا من عباده بل كما فعل العبد لاقى.
(1) أخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب. كما في الدر المنثور 6/ 670.
(2)
ابن رجب في "التخويف من النار" ص 184.
(3)
أخرجه ابن المنذر (6/ 456).
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ (1) بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدا"(2).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه يرفعه: "القتل في سبيل الله يكفر كل شيء أو قَالَ: يكفر الذنوب إلا الأمانة يؤتى بصاحبها فيقال له: أدّ أمانتك فيقول: أنَّى يا رب وقد ذهبت الدنيا فيقال: اذهبوا به إلى الهاوية فيهوى فيها حتَّى ينتهي إلى قعرها فيجدها هناك كهيئتها فيحملها فيضعها على عنقه فيصعد بها في نار جهنم حتَّى إذا رأى أنه قد خرج منها زلت فهوت وهو في إثرها أبد الآبدين والأمانة في الصلاة والأمانة في الصوم والأمانة في الحديث وأشد ذلك الودائع" رواه شريك وأبو إسحق الأزرق ورواه جماعة موقوفًا.
وقال عاصم رحمه الله: "إذا ألقي الرجل في النار لم يكن له منتهى حتَّى يبلغ قعرها ثم تجيش به جهنم فترفعه إلى أعلا جهنم، وما على عظامه مزعة لحم فتضربه الملائكة بمقامع الحديد فيهوي بها في قعرها
(1) في هامش الأصل: وجأته بالسكين: ضربته بها.
(2)
رواه أحمد 2/ 254، ومسلم (109)، وأبو داود (3872)، والترمذي (2044)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (197)، وابن منده في الإيمان (629) يجأ: يطعن، يتحساه: يشربه ويتجرعه، تردى: سقط من جبل باختياره.