الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا استقرأ عللًا كثيرة متماثلة في كونها ضابطًا لحكمة متحدة استخلص منها حكمة واحدة يجزم بأنها مقصد الشارع (1).
2 -
معرفة علل الأمر والنهي، وهذا وإن كان له علاقة قوية بالذي قبله غير أنه يُعْنَى بجانب كيفية التعرف على علل الأمر والنهي، وهي المعروفة بمسالك العلة.
3 -
مجرد الأمر والنهي الابتدائي التصريحي ونعني بالابتدائي ما أُمر به أو نهي عنه ابتداءً؛ لا لكونه وسيلة إلى غيره، أو جيء به تبعًا وتأكيدًا للأمر الأول، ولم يقصد بالقصد الأول.
ونعني بالتصريحي ما دلَّ على الأمر والنهي بصيغة صريحة، لا بصيغة ضمنية (2).
4 -
التعبير عن المصالح والمفاسد بلفظ الخير والشر أو النفع والضر، وما أشبه ذلك.
كما قال العز ابن عبد السلام رحمه الله: "ويعبر عن المصالح والمفاسد بالخير والشر، والنفع والضر، والحسنات والسيئات؛ لأن المصالح كلها خيور حسنات، والمفاسد بأسرها شرور مضرات سيئات، وقد غلب في القرآن استعمال الحسنات في المصالح، والسيئات في المفاسد"(3).
إلى غيرها من الطرق الموصلة لأنواع المقاصد الشرعية.
شروط المقاصد:
إنه قد تخفى المقاصد على بعض المجتهدين، أو تختلط عليهم ببعض القواعد الجزئية، أو يدخل على بعضهم الهوى أثناء تقديرها وتحصيلها؛ ولهذا جعل بعض العلماء للمقاصد المعتبرة التي قررها الشارع صفاتٍ ثابتةً وشروطًا محددة ترجع إلى أمور، هي:
1 -
أن يكون المقصد وصفًا ثابتًا أو قاطعًا، أي: مجزومًا بتحققه أو مظنونًا به ظنًّا قريبًا من الجزم، فالأوهام والتخيلات لا يصح أن تكون مقاصد شرعية؛ لأنه تقعيد
(1) المرجع السابق، (ص 191).
(2)
الموافقات، للشاطبي، (2/ 393 - 394).
(3)
قواعد الأحكام، للعز ابن عبد السلام، (1/ 7).
تبنى عليه الفروع والأحكام، ومن شأن التقعيد أن يكون قطعيًّا.
2 -
أن يكون ظاهرًا بحيث لا يختلف العلماء في تشخيص معناه، ولا يلتبس عليهم إدراكه، فالمقصد مثلًا من مشروعية النكاح حفظ النسل، وهذا معنى ظاهر جلي أثبتته مجموعة من الأدلة.
3 -
أن يكون مطَّردًا، ويدخل في هذا ثلاثة أمور:
أ - أن يكون كليًّا.
ب - عامًّا.
جـ - أبديًّا (1).
وبمراعاة هذه الضوابط تتضح المقاصد في ذهن الناظر والمجتهد، وتتجلَّى له عند بحثه وتتبعه لعلل الأحكام وحكم التشريع، من أجل التعرف على ما لم يُنَصَّ عليه من أحكام النوازل والوقائع المختلفة.
ويبقى التنبيه على أن الخطأ والخلط في تعيين المقاصد ينجم عنه أخطار عظيمة؛ ولهذا قال العلامة الطاهر ابن عاشور رحمه الله: "على الباحث في مقاصد الشريعة أن يطيل التأمل، ويجيد التثبت في إثبات مقصد شرعي، وإيَّاه والتساهلَ والتسرعَ في ذلك؛ لأن تعيين مقصد شرعي كلي أو جزئي أمر تتفرع عنه أدلة وأحكام كثيرة في الاستنباط ففي الخطأ فيه خطر عظيم، فعليه أن لا يعين مقصدًا شرعيًّا إلا بعد استقراء تصرفات الشريعة في النوع الذي يريد انتزاع المقصد الشرعي منه، وبعد اقتفاء آثار أئمة الفقه؛ ليستضيء بأفهامهم وما حصل لهم من ممارسة قواعد الشرع، فإن هو فعل ذلك اكتسب قوة استنباط يفهم بها مقصود الشارع"(2).
وقد أكد العلامة ابن عاشور على ضرورة معرفة الفقيه والمجتهد لمقاصد الشريعة:
(1) مقاصد الشريعة، لابن عاشور، (ص 52).
(2)
المرجع السابق، (ص 40).
"فالفقيه بحاجة إلى معرفة مقاصد الشريعة في هذه الأنحاء كلها، أما النحو الرابع فاحتياجه فيها ظاهر، وهو الكفيل بدوام أحكام الشريعة الإسلامية للعصور والأجيال التي أتت بعد عصر الشارع، والتي تأتي إلى انقضاء الدنيا، وفي هذا النحو أثبت مالك -رحمه الله تعالى- حجية المصالح المرسلة، وفيه أيضًا قال الأئمة بمراعاة الكليات الشرعية الضرورية، وألحقوا بها الحاجية والتحسينية، وسَمُّوُا الجميع بالمناسب، وهو مقرر في مسالك العلة من علم أصول الفقه"(1).
وقد سبق الحديث عن المصلحة المرسلة وأثرها في استنباط أحكام النوازل.
أما اعتماد المقاصد الشرعية لحل المشكلات في العصر الحديث فلا بدَّ من وجود مقاصد قطعية يعتمدها المجتهدون على خلافاتهم في القضايا التي لا نصَّ فيها ولا إجماع، وكيف نصل إلى الاستدلال على تعيين مقصد ما من تلك المقاصد استدلالًا يجعله بعد استنباطه محلَّ وفاق بين المتفقهين، سواء في ذلك من استنبطه، ومن بلَّغه، فيكون ذلك بابًا لحصول الوفاق في مدارك المجتهدين، أو التوفيق بين المختلفين من المقلدين (2).
كما أنه "من شروط المجتهد الممارسة والتتبع لمقاصد الشريعة"(3).
"فعلينا أن نَرسِمَ طرائق الاستدلال على مقاصد الشريعة بما بلغنا إليه بالتأمل وبالرجوع إلى كلام أساطين العلماء، ويجب أن يكون الرائد الأعظم في هذا المسلك هو الإنصاف ونبذ التعصب لبادئ الرأي، أو لسابق الاجتهاد، أو لقول إمام"(4).
وفي فقه الأقليات تطبيقات للمقاصد الشرعية وأثرها في استنباط الأحكام من
(1) المرجع السابق، (ص 15 - 16).
(2)
المرجع السابق، (ص 189).
(3)
الإبهاج، لابن السبكي، (1/ 8).
(4)
مقاصد الشريعة، لابن عاشور، (ص 19).
الأهمية بمكان، من ذلك:
المرأة تسلم وزوجها نصراني: فمذهب الجمهور فسخ النكاح؛ إما فورًا، أو بعد انقضاء العدة، والدليل آية الممتحنة:{فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10].
وهناك روايات عن أميري المؤمنين عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما يقرانهما على النكاح، ويرى ابن تيمية بقاءَ النكاح ما لم يُفسخ على ألَّا يقربها.
والدليل قضية زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث ردَّها لأبي العاص بالعقد الأول على الصحيح.
وآية الممتحنة تتعلق بحالة خاصة في نساء خرجن فرارًا بدينهن من دار الحرب.
وخصوص السبب قد يمنع عموم الحكم عند بعض علماء أصول الفقه، نص عليه المازري في شرح البرهان وغيره، فيكون النكاح نكاحًا جائزًا غير لازم.
والواقع: نساء يسلمن في الغرب تحت أزواج غير مسلمين، وأحيانًا يكونون كبارًا في السن، وقد يتبع الرجل زوجته في الإسلام، فإذا فرض عليهما الفراق فقد ترتدُّ، كما وَرَدَ في سؤال من أمريكا بهذا المعنى.
والجديد: هو تواصل العالم وانتشار الإسلام بحمد الله تعالى وبخاصة بين النساء.
المقصد الشرعي: التيسير والتبشير، وعدم التنفير، والمحافظة على الدين مقصد أعلى.
وقد تنبه لهذا المقصد ابن تيمية رحمه الله عندما قال: إنه يكفي تنفيرًا أن تعلم أنها ستفارق زوجها إذا أسلمت.
النتيجة: اختيار جواز بقائها مع زوجها، بشرط ألا يقربها حتى يسلم.
وهناك قضايا جديدة كالاشتراك في الأعمال السياسية في الغرب وغير ذلك.