المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثالثا: مناقشة أدلة المعقول: - فقه النوازل للأقليات المسلمة - جـ ٢

[محمد يسري إبراهيم]

فهرس الكتاب

- ‌الفْصَلُ الرَّابِعُمناهج وطرق استنباط الأحكام الفقهية للنوازل وضوابطها

- ‌المبحث الأولمناهج الحكم على النوازل

- ‌المطلب الأول: مناهج الأئمة الأربعة وأتباع مذاهبهم في الحكم على النوازل:

- ‌مذهب مالك:

- ‌مذهب أبي حنيفة:

- ‌مذهب الشافعي:

- ‌مذهب أحمد:

- ‌المطلب الثاني: ضوابط الإفادة من المذاهب الفقهية في الحكم على النوازل

- ‌أولًا: التزام المذهب الواحد غير لازم:

- ‌ثانيًا: القائلون بالمنع مطلقًا:

- ‌ثالثًا: القائلون بالجواز بشروط:

- ‌الترجيح:

- ‌ثانيًا: استخراج الأصول والقواعد والضوابط النافعة في الحكم على النوازل:

- ‌ثالثًا: تطبيق بعض الفتاوي القديمة جزئيًّا أو كليًّا في المسائل المعاصرة:

- ‌رابعًا: الاعتماد على النصوص في ضوء المقاصد:

- ‌المطلب الثالث: المناهج المعاصرة في التعامل مع نوازل الأقليات:

- ‌الفرع الأول: نماذج من نوازل الأقليات المسلمة:

- ‌أولًا: من نوازل الأقليات في العبادات:

- ‌ثانيًا: من نوازل الأقليات في المعاملات:

- ‌ثالثًا: من نوازل الأقليات في النكاح والطلاق:

- ‌رابعًا: من نوازل الأقليات الأسرية والاجتماعية:

- ‌خامسًا: من نوازل الأقليات في السياسة الشرعية:

- ‌الفرع الثاني: المناهج المعاصرة فى الحكم على نوازل الأقليات:

- ‌المنهج الأول: منهج التضييق والإفراط:

- ‌المنهج الثاني: منهج التساهل والتفريط:

- ‌المنهج الثالث: منهج الوسطية والاعتدال:

- ‌المبحث الثانيطرق استنباط أحكام النوازل وضوابطها

- ‌المطلب الأول: ضوابط قبل الاستنباط لحكم النازلة:

- ‌أولًا: تحقق وقوع النازلة:

- ‌ثانيًا: أن تكون النازلة من المسائل التي يسوغ النظر فيها:

- ‌ثالثًا: تقوى الله وصدق اللَّجَأ إليه تعالى وسؤاله التوفيق:

- ‌رابعًا: تفهُّم النازلة وتصوُّرها تصوُّرًا صحيحًا دقيقًا:

- ‌خامسًا: التأني واستشارة أهل الخبرة والاختصاص فيما أشكل:

- ‌سادسًا: التورع عن الفُتيا ما أمكن، وترك التكلف:

- ‌سابعًا: التجرد من الهوى والغرض في السؤال والجواب:

- ‌ثامنًا: أهلية المفتي للفتيا:

- ‌المطلب الثاني: ضوابط في أثناء استنباط الحكم على النازلة:

- ‌أولًا: أن يتطابق الاجتهاد مع ما يحقق العبودية لله رب العالمين:

- ‌ثانيًا: عدم الخروج عن طريق السلف في فهم الأدلة:

- ‌ثالثًا: التحرر من الخوف وضغط الواقع الفاسد:

- ‌رابعًا: أن يلتزم الشروط المقررة عند اختيار أحد المذاهب في المسألة:

- ‌خامسًا: أن يستدل ثم يعتقد، ولا يعتقد ثم يستدل:

- ‌سادسًا: ألا يجزم بأن هذا حكم الله إذا كان الجواب مبنيًّا على الاجتهاد:

- ‌سابعًا: مراعاة الحال والزمان والمكان، أو فقه الواقع المحيط بالنازلة:

- ‌ثامنًا: أن يذكر دليل الحكم في فتيا النازلة:

- ‌تاسعًا: أن يذكر البدائل المباحة عند المنع:

- ‌عاشرًا: أن يمهد لما قد يُستغرب من أحكام:

- ‌حادي عشر: مراعاة الحكمة في الجواب، وإرشاد السائل إلى ما ينفعه:

- ‌ثاني عشر: سلامة الفتيا والجواب من الغموض والمصطلحات الخاصة:

- ‌ثالث عشر: تغليب التيسير على التعسير، والتبشير على التنفير:

- ‌رابع عشر: احترام العلماء وتقدير اجتهادات المخالفين:

- ‌المطلب الثالث: الطريقة العامة لاستنباط حكم النازلة:

- ‌المدرك الأول: التصور:

- ‌المدرك الثاني: التكييف:

- ‌أولًا: التكييف على نصٍّ شرعي من الكتاب أو السنة أو الإجماع:

- ‌ثانيًا: التكييف على قاعدة كلية عامة:

- ‌ثالثًا: التكييف على نصٍّ فقهي لفقيه:

- ‌رابعًا: التكييف عن طريق الاستنباط:

- ‌المدرك الثالث: التطبيق:

- ‌المطلب الرابع: الاستنباط بالرد إلى الأدلة الشرعية وضوابطه:

- ‌أولًا: الكتاب والسنة (النصوص):

- ‌أحدها: ما كان الاجتهاد مستخرجًا من معنى النص:

- ‌ثانيها: ما استخرجه من شبه النص:

- ‌ثالثها: ما كان مستخرجًا من عموم النص:

- ‌رابعها: ما استخرج من إجمال النص:

- ‌خامسها: ما استخرج من أحوال النص:

- ‌سادسها: ما استخرج من دلائل النص:

- ‌سابعها: ما استخرج من أمارات النص:

- ‌ثامنها: ما استخرج من غير نص ولا أصلٍ:

- ‌الفرع الأول: ضوابط الاستنباط من الكتاب والسنة:

- ‌أولًا: تلقي نصوص الوحيين بالتسليم والتعظيم:

- ‌ثانيًا: جمع النصوص في الباب الواحد وإعمالها ما أمكن:

- ‌ثالثًا: حجية فهم الصحابة والسلف الصالح:

- ‌رابعًا: الإيمان بالنصوص على ظاهرها، وردُّ التأويل المتعسف:

- ‌خامسًا: درء التعارض بين صحيح النقل وصريح العقل:

- ‌سادسًا: معرفة حال الدليل من حيث العمل به:

- ‌ثانيًا: الإجماع:

- ‌ثالثًا القياس:

- ‌رابعًا: المصلحة المرسلة:

- ‌حجية المصلحة المرسلة:

- ‌مناقشة أدلة المنكرين:

- ‌شروط العمل بالمصلحة المرسلة:

- ‌أثر المصلحة المرسلة في استنباط الفتيا:

- ‌الأمثلة على تغير الفتيا بتغير المصلحة:

- ‌خامسًا: الاستحسان:

- ‌ثمرة العمل بالاستحسان:

- ‌حجية الاستحسان

- ‌أنواع الاستحسان:

- ‌1 - الاستحسان بالنص:

- ‌2 - الاستحسان بالإجماع:

- ‌3 - الاستحسان بالعرف والعادة:

- ‌4 - الاستحسان بالضرورة:

- ‌5 - الاستحسان بالمصلحة:

- ‌6 - الاستحسان بالقياس الخفي:

- ‌أثر الاستحسان في استنباط الفتيا:

- ‌سابعًا: الاستصحاب:

- ‌ثامنًا: العرف:

- ‌تاسعًا: قول الصحابي:

- ‌عاشرًا: سد الذرائع:

- ‌حادي عشر: شرع مَنْ قبلنا:

- ‌المطلب الخامس: الاستنباط بالرد إلى مقاصد الشريعة:

- ‌طرق معرفة مقاصد الشريعة:

- ‌شروط المقاصد:

- ‌المطلب السادس: الاستنباط بالرد إلى القواعد الفقهية وضوابطه:

- ‌حجية القواعد الفقهية

- ‌أولًا: باعتبار شموليتها وسعتها:

- ‌ثانيًا: باعتبار الاتفاق والاختلاف، وهي بهذا الاعتبار تنقسم إلى قسمين:

- ‌ثالثًا: أقسام القواعد من حيث الاستقلال والتبعية:

- ‌رابعًا: أقسام القواعد من حيث مصادرها:

- ‌أهمية القواعد الفقهية في استنباط أحكام النوازل:

- ‌المطلب السابع: الاستنباط بالرد إلى التخريج الفقهي وضوابطه:

- ‌التخريج في معناه اللغوي يعود إلى أصلين:

- ‌والتخريج في معناه الاصطلاحي له إطلاقات متعددة، منها:

- ‌والتخريج بمعناه الثالث له عند المالكية عدة أقسام:

- ‌حكم الاستنباط بالتخريج:

- ‌ضوابط الاستنباط بالتخريج:

- ‌1 - الإحاطة بمذهب الأمام قبل التخريج:

- ‌2 - ألا يخالف نصًّا شرعيًّا:

- ‌3 - ألا يترتب على التخريج الفقهي ممنوع شرعي:

- ‌4 - التحقق بأهلية التخريج الفقهي:

- ‌وجه الرد إلى التخريج الفقهي في التعرف على حكم النوازل:

- ‌البَابُ الثَالِثُمن أحكام نوازل الأقليات

- ‌الفَصلُ الْأَوَّلُمن نوازل العبادات

- ‌المبحث الأولمن نوازل الطهارة: أثر الاستحالة في التطهير

- ‌تصوير المسألة وتكييفها:

- ‌القول الأول: نجس العين يطهر بالاستحالة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: القياس:

- ‌رابعًا: الاستقراء:

- ‌القول الثاني: نجس العين لا يطهر بالاستحالة:

- ‌ الحنفية

- ‌الشافعية

- ‌الحنابلة:

- ‌الترجيح:

- ‌تطبيق على مياه الصرف الصحي إذا زالَ تَغَيُّرُهَا:

- ‌تصوير المسألة:

- ‌أولاً: قرار المجمع الفقهي:

- ‌ هيئة كبار العلماء في المملكة

- ‌الترجيح:

- ‌المبحث الثانيمن نوازل الصلاة: أوقات الصلوات لأهل القطبين والمناطق الشمالية

- ‌المطلب الأول: في حال استمرار الليل أو النهار أربعًا وعشرين ساعة فأكثر، بحسب اختلاف فصول السنة، وفي حال فَقْدِ العلامات لبعض الأوقات خلال السنة:

- ‌القول الأول: التقدير النسبي بوقت أقرب البلاد

- ‌1 - هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية:

- ‌2 - المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة:

- ‌3 - إدارة الإفتاء بالكويت:

- ‌القول الثاني: التقدير المطابق لتوقيت أقرب البلاد

- ‌القول الثالث: عند غياب جميع العلامات في جميع الأوقات يُقَدَّرُ للأوقات

- ‌القول الرابع: التقدير بناءً على آخر يوم غابت فيه العلامات

- ‌القول الخامس: بخصوص وقت العشاء: إعمال تقديرات معاصرة

- ‌القول السادس: تحديد علامة شرعية جديدة

- ‌القول السابع: مع القول بالتقدير النسبي عند اختفاء العلامات فى جميع الصلوات يقال بجواز الجمع بين المغرب والعشاء عند اختفاء العلامات في بعض الاوقات

- ‌المطلب الثاني: في حال قِصَر الليل أو النهار قِصَرًا مفرطًا مع بقاء العلامات الفلكية الشرعية للأوقات جميعًا وتميزها:

- ‌القول الأول: يتعين على أهل ذلك الإقليم أن يؤدُّوا الصلوات جميعًا فى أوقاتها المقدًرة لها شرعًا، ولا يجوز الجمع إلا لعذر شرعي:

- ‌القول الثاني: يجوز الجمع بين المغرب والعشاء صيفًا، والظهر والعصر شتاءً؛ لقصر الليل والنهار، وصعوبة أداء الصلاتين في وقتها:

- ‌الأدلة والمناقشات:

- ‌أدلة القول الأول:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌الإجماع:

- ‌أدلة القول الثاني:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌وجه الدلالة:

- ‌المناقشة والترجيح:

- ‌المبحث الثالثمن نوازل الزكاة: حكم دفع الزكاة لغير المسلمين ببلاد الأقليات

- ‌تصوير المسألة وتكييفها:

- ‌تحرير محل النزاع:

- ‌القول الأول: لا يجوز إعطاء الكفار تأليفًا لقلوبهم بعد أن منعهم عمر رضي الله عنه، وحكم الآية منسوخ

- ‌القول الثاني: بقاء سهم المؤلفة قلوبهم، ويجوز ويجزئ صرفُ الزكاة إليهم عند الحاجة إلى ذلك

- ‌الأدلة والمناقشات:

- ‌أدلة القول الأول: من الإجماع، والمعقول:

- ‌1 - من الإجماع:

- ‌2 - من المعقول:

- ‌أدلة القول الثاني: القرآن الكريم، والسنة المطهرة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌المناقشة والترجيح:

- ‌الترجيح:

- ‌الفَصلُ الثَانِيمن نوازل المعاملات

- ‌المبحث الأولحكم التمويل البنكي لشراء المساكن في المجتمعات الغربية

- ‌تصوير وتكييف المسألة:

- ‌تحرير محل النزاع:

- ‌سبب الخلاف:

- ‌الأقوال وأصحابها:

- ‌القول الأول: يجوزُ الاقتراض بالربا لشراء المساكن عند الحاجة، وتَعَذُر البديل الشرعي للمسلمين المقيمين ببلاد الغرب:

- ‌القول الثاني: يَحْرُمُ على المسلمين ببلاد الغرب الاقتراض بالربا لشراء المساكن عند الحاجة

- ‌الأدلة والمناقشات:

- ‌أدلة القول الأول: من السنة، والقواعد، والمعقول:

- ‌أولًا: السنة المطهرة:

- ‌ثانيًا: القواعد:

- ‌ثالثًا: المعقول:

- ‌مناقشة أدلة القول الأول:

- ‌أولًا: مناقشة أدلة السنة:

- ‌ثانيًا: مناقشة أدلة القواعد:

- ‌1 - قاعدة: الضرورات تبيح المحظورات:

- ‌2 - قاعدة: تنزيل الحاجة منزلة الضرورة:

- ‌3 - قاعدة: ما حُرِّمَ سدًّا للذريعة أُبِيحَ للحاجة:

- ‌4 - قاعدة: النظر إلى المآلات، وتحقيق المصالح الراجحة، ودفع المفاسد، وما يرتبط بذلك من المعقول:

- ‌ثالثًا: مناقشة أدلة المعقول:

- ‌أدلة أصحاب القول الثاني:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: الإجماع:

- ‌رابعًا: المعقول:

- ‌خامسًا: القياس:

- ‌مناقشة أدلة القول الثاني:

- ‌أولًا: الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية:

- ‌ثانيًا: القياس:

- ‌الترجيح:

- ‌المبحث الثانيأحكام عقود التأمين خارج ديار الإسلام

- ‌المطلب الأول: تعريف التأمين:

- ‌تعريف التأمين كنظام أو نظرية:

- ‌تعريف التأمين كعقد أو تطبيق:

- ‌المطلب الثاني: أقسام التأمين:

- ‌أولًا: ينقسم من حيث المجالات إلى:

- ‌ثانيًا: ينقسم من حيث قوة التطبيق إلى:

- ‌ثالثًا: ينقسم من حيث العموم والخصوص إلى:

- ‌رابعًا: ينقسم من حيث محله وموضوعه إلى:

- ‌خامسًا: ينقسم من حيث مردوده إلى:

- ‌سادسًا: ينقسم من حيث قصد إنشائه إلى:

- ‌سابعًا: ينقسم من حيث المنتفع به إلى:

- ‌المطلب الثالث: خصائص عقد التأمين المعاصر:

- ‌أولًا: عقدُ التأمينِ التجاريِّ:

- ‌ثانيًا: التأمينُ الاجتماعيُّ:

- ‌ثالثًا: التأمينُ التبادليُّ:

- ‌المطلب الرابع: حكمُ التأمين داخلَ ديار الإسلام:

- ‌تحرير محل النزاع:

- ‌قرار المجمعِ الفقهيِّ الإسلاميِّ بشأن التأمين:

- ‌ نص القرار

- ‌تقرير اللجنة المكلفة بإعداد قرار مجلس المجمع حول التأمين:

- ‌وأمَّا التأمينُ التعاونيُّ فله صورتان:

- ‌حكمُ التأمينِ التعاونيِّ:

- ‌المطلب الخامس: حكم التأمين خارج ديار الإسلام:

- ‌تصوير المسألة وتكييفها:

- ‌تأصيل الموقف من التأمين خارجَ ديارِ الإسلامِ:

- ‌أولًا: سلَّمت الفتاوي المجمعية بمراعاة قرارات المجامع الفقهية في التأمين في ديار الإسلام، وجواز التأمينِ التعاونيِّ، ومن ذلك:

- ‌ثانيًا: لم تَمِلِ المجامعُ الفقهية المعاصرة إلى الأخذ بجواز عقود التأمين التجاري خارج ديار الإسلام

- ‌ثالثًا: وقع الاتفاق على رعاية الضرورات والحاجات الملجئة والإجبار على التأمين في بلاد الغرب

- ‌الحالة الأولى: أن يكون عقد التأمين تابعًا غيرَ مقصودٍ أصالةً:

- ‌الحالة الثانية: إذا مسَّتِ الحاجة إلى التأمين:

- ‌الحالة الثالثة: إذا كان التأمين تعاونيًّا تكافليًّا:

- ‌الخاتمة:

- ‌الفَصلُ الثَالِثُمن نوازل النكاح

- ‌المبحث الأولحكم الزواج من غير المسلمات في غير دار الإسلام

- ‌المطلب الأول: حكم زواج المسلم من المشركة:

- ‌المطلب الثاني: حكم زواج المسلم من الكتابية:

- ‌المبحث الثانيحكم الزواج الصوري بقصد الحصول على الإقامة أو الجنسية في غير دار الإسلام

- ‌تصوير المسألة وتكييفها:

- ‌تحرير محل النزاع:

- ‌الصورتان الأولى والثانية:

- ‌الترجيح:

- ‌المبحث الثالثحكم بقاء من أسلمت تحت زوجها الكافر

- ‌الفْصَلُ الرَّابِعُمن نوازل الطلاق

- ‌المبحث الأولحكم الطلاق الذي يوقعه القاضي غير المسلم في بلاد الأقليات

- ‌تصوير النازلة وتكييفها:

- ‌تحرير محل النزاع:

- ‌ضوابط التحاكم إلى غير الشريعة:

- ‌الطلاق في النظام الغربي:

- ‌حكم الطلاق الصادر عن غير مسلم:

- ‌قرار المجلس الأوروبي للإفتاء:

- ‌ويُنَاقَشُ هَذَا:

- ‌فالاحتكام قد يكون:

- ‌المبحث الثانيولاية المراكز الإسلامية في التطليق والتفريق

- ‌توصيف المسألة وتكييفها:

- ‌تحرير محل النزاع:

- ‌الأقوال ومناقشتها:

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌الترجيح:

- ‌الفْصَلُ الخَامِسُمن نوازل السياسة الشرعية

- ‌المبحث الأولحكم التجنس بجنسية دولة غير مسلمة

- ‌المطلب الأول: تعريف الجنسية لغةً وقانونًا:

- ‌أولًا: مفهوم الجنسية والتجنس لغة:

- ‌ثانيًا: مفهوم الجنسية والتجنس قانونًا:

- ‌المطلب الثاني: تصوير النازلة وتكييفها:

- ‌أولًا: الحقوق:

- ‌ثانيًا: الواجبات، ومن أهمها:

- ‌المطلب الثالث: أحكام التجنس:

- ‌الأقوال وقائلوها:

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌القول الرابع:

- ‌الأدلة والمناقشات:

- ‌أدلة القول الأول:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: المقاصد الشرعية، والمعقول:

- ‌أدلة القول الثاني:

- ‌أولًا: الأدلة من المقاصد والمعقول:

- ‌ أدلة القول الثالث:

- ‌ أدلة القول الرابع:

- ‌مناقشة الأدلة:

- ‌أولًا: مناقشة أدلة القائلين بالمنع:

- ‌ثانيًا: مناقشة أدلة القائلين بالجواز:

- ‌الترجيح:

- ‌المبحث الثانيحكم المشاركة السياسية في الدول غير المسلمة

- ‌المطلب الأول: تعريف السياسة لغة واصطلاحًا:

- ‌المطلب الثاني: حكم المشاركة السياسية في الدول غير الإسلامية:

- ‌تصوير وتكييف النازلة:

- ‌تحرير محل النزاع:

- ‌ومن الضوابط المتَّفَقِ عليها في هذا المقام:

- ‌الأقوالُ وقائِلُوها:

- ‌القول الأول: الجواز، سواءً أكان الأصل هو الجواز، أم كان الأصل الحرمة، وقيل بالجواز استثناءً، أو للمصلحة، أو لغير ذلك من الأدلة:

- ‌القولُ الثاني: المنعُ من هذه المشاركةِ، وتحريمُها من الأصل مطلقًا:

- ‌الأدلة والمناقشات:

- ‌أدلة القول الأول: من القرآن الكريم، والسنة المطهرة، والقواعد الفقهية والمقاصدية:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: القواعد الفقهية والأصولية:

- ‌رابعًا: المعقول، والقياس:

- ‌القياس على وجوب فداء أسرى المسلمين:

- ‌بعض الفتاوي والاجتهادات المعاصرة الصادرة في هذا الشأن:

- ‌أولًا: فتيا شيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق رحمه الله

- ‌ثانيًا: فتوى مؤتمر علماء الشريعة في أمريكا الشمالية، نوفمبر 1999 م، ديترويت، ميتشجان:

- ‌ثالثًا: فتوى المجلس الأوروبي للإفتاء:

- ‌أدلة المانعين: من القرآن، والقواعد المقاصدية، والمعقول:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: الأدلة من القواعد المقاصدية، والمعقول:

- ‌الأدلة المقاصدية والعقلية:

- ‌المناقشة:

- ‌الترجيح:

- ‌الخَاتِمَةُ

- ‌المَرَاجِعُ

- ‌أولًا: التفسير وعلوم القرآن:

- ‌ثانيًا: السنة وعلوم الحديث:

- ‌ثالثًا: اللغة والمعاجم:

- ‌رابعًا: الفقه المذهبي:

- ‌1 - الفقه الحنفي:

- ‌2 - الفقه المالكي:

- ‌3 - الفقه الشافعي:

- ‌4 - الفقه الحنبلي:

- ‌5 - الفقه المقارن والعام:

- ‌خامسًا: قواعد الفقه:

- ‌سادسًا: أصول الفقه ومقاصد الشريعة:

- ‌سابعًا: كتب التاريخ والسير:

- ‌ثامنًا: كتب الرجال والتراجم والطبقات:

- ‌تاسعًا: مراجع عامة ومتنوعة:

- ‌عاشرًا: مجلات ودوريات ومؤتمرات:

- ‌حادي عشر: مراجع أجنبية ومواقع إلكترونية:

الفصل: ‌ثالثا: مناقشة أدلة المعقول:

أزهقتْ فيه الأرواحُ؛ حفظًا للدينِ.

وليست المصلحة ماديةً محضةً ولا قاصرةً على أمور الحياة الدنيا، بل تمتدُّ لتشمل الدنيا والآخرة {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: 17].

فمهما ذُكِرَ من مصالحَ متوهمةٍ في الاقتراض الربوي، فيجب أن يُفْهَمَ في ضوء المقررات الشرعية، وأنه لا عبرةَ بهذه المصالح التي أهدرتها الشريعة؛ إذ هي مصالحُ ملغاةٌ بالنصِّ والإجماعِ.

وقد لا يبدو كبير فِرْقٍ بين إباحة الربا من أجل ما زعموه مصالحَ، وبين ما يذكره العلمانيون من إباحة الفطر والخمورِ والإباحيةِ لتنشيطِ السياحةِ وتقويةِ الاقتصادِ!!

ب - كثير مما ذكر من المصالح فيه مبالغاتٌ من الناحية العملية، يعرِفُ ذلك مَنْ له اتصالٌ وخبرة بهذه البلاد؛ فلا فرقَّ بين المسكن المستأجرِ والتمليكِ إلا في أمور تتعلق بالرفاهيةِ، وعددِ أفرادِ الأسرة، وأما بقيةُ الاعتبارات المذكورة فلا فرقَ بينهما في الواقع.

ولا يظهر الفارق بينهما في الناحية الاقتصادية، إلا بعد نحو ربعِ قرنٍ من الزمان بعد أن تُسَدَّدَ أقساطُ التملك مع ما يشوبها من صعوباتٍ ومخاطر.

ولا وجهَ لجعل تملك المساكن من مفردات خيرية الأمة، وتهيئة المسلم لها، وقد بيَّنَ الله تعالى عناصرَ الخيرية بقوله جَلَّ ذِكْرُهُ:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110].

‌ثالثًا: مناقشة أدلة المعقول:

1 -

ما ذكروه من أنَّ الإسلام يزيد المسلم ولا ينقصه، ويقويه ولا يضعفه. . . إلخ.

ويناقش بما يلي:

أ - التزام الأوامر الشرعية يزيد المؤمن إيمانًا، ومخالفتها تنتقص إيمانه وتضعفه ولا بد، والأصل في المسلم أن يتقيَ الله حيثما كان؛ ليجعل الله له من كل هَمٍّ فرجًا، وأن يوقنَ بقوله

ص: 874

تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2 - 3]، وأن من ترَكَ شيئًا لله عَوَّضَهُ الله خيرًا منه.

ب - والابتلاء سنة الله في الأولين والآخرين والتضحية سبيل قاصد لإقامة الدين.

وَلَعَمْرُ الله، لو نظر المسلمون الأوائل هذه النظرة لَمَا هاجروا وتركوا أوطانهم وأموالهم وأهليهم، وبذلوا مهجهم وأرواحهم، ولمات الإسلام في مهده، وهؤلاء ما نقصهم الإسلام إذ نقصت أموالهم، بل زادهم وزكَّاهم وطهَّرهم وأعزَّهم.

ج - إذا قيل بجواز ارتكاب المحارم بمثل هذا الوهم، فإنه يفضي إلى انحلال المسلم من الدين جملة، فالتاجر سيخشى كساد تجارته إنْ تَرَكَ الربا والغشَّ والغررَ، وهكذا كلُّ صاحبِ صنعةٍ محرَّمَةٍ.

وقد تَوَجَّسَ بعضُ الناس خِيفةً من تحريم قربانِ المشركين المسجدَ الحرامَ لِمَا توهموه بعقولهم من أنه سيؤدي إلى بوار التجارات، وكساد السلع، فقال سبحانه:{وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ} [التوبة: 28].

2 -

ما ذكروه من أنَّ المسلم غيرُ مكلَّفٍ بإقامة أحكام الشرع المدنية والمالية والسياسية ونحوها مما يتعلق بالنظام العامِّ في مجتمعٍ كافرٍ، وإنما يُطَالَبُ بإقامة الأحكام الشخصية. . . إلخ.

ويناقش بما يلي:

أ - إنَّ هذا الكلام بهذا الإطلاق لا يستقيم، وَيلزم عليه من اللوازم الباطلة ما يدل على بطلانه؛ إذ فيه فتحُ الباب لهؤلاء المسلمين المغتربين للتفلت من جميع أحكام المعاملات المدنية والسياسية والمالية بدعوى أنها خارج حدود الوسع والطاقة، فلا يقف الأمر عند حد الضرورات ولا الحاجات؛ بل يصبح الأصل فيه هو الحِل ما دام قد خرج عن إطار التكليف، فلا شيء -حينئذٍ- إنْ فُتِحَ بابُ الربا في عامة المعاملات التي يتعامل بها التجار؛ إذ هو -كما قيل- جزء من ثقافة المجتمع وهويته، ولا يلزم المسلم تغييره، ولا إقامة أحكام

ص: 875

الله تعالى في الجوانب المتعلقة به.

وما الفرق بين المطعوم والمشروب من ناحية، والمسكون من ناحية أخرى، والحال أنَّ الجميع من الضرورات الحيوية، فلماذا يَحِلُّ الربا في المسكون دون أخويه؟

ولماذا يتعين تطبيق الشرع في المطعوم والمشروب دون المسكون؟

أليست إباحة الخمر ولحم الخنزير جزءًا من هُوية مجتمعات الكفر وثقافتها؟

فما الفرق بينهما؟ فإن لزمه إقامة الدين فيما يخصه من ذلك؛ فإن الأمر كذلك فيما يخصُّه من مساكن، ولا وجه للتفريق.

ولا ريبَ أنَّ الأفاضل القائلين بهذا القول لا يقولون بلوازمه؛ ولكنَّ بطلانَ اللازم دليل على بطلان الملزوم.

ب - كثير من أحكام الأحوال الشخصية ليس بوسع المسلم إقامتها في ديار الكفر، كالتعدد، ومسائل القوامة، والطلاق، وإلزام الزوجة والأولاد بشرائع الدين، وما يلحق بذلك، ومسائل الميراث، ونحوها، وأما الأحكام المالية فإن إقامتها في هذه البلاد أيسر بكثير، ومساحة الحرية فيها أكثر عن كثير من دول الإسلام (1).

ج - هذا التعميم يقطع الطريق أمام الدعاة والمصلحين الذين يسعون جهدهم في المحافظة على هُوية المسلمين هنالك عَبْرَ إنشاء المؤسسات المالية والسياسية وغيرها مما تمسُّ إليه حاجة المسلمين، فما الذي يحملهم على بذل هذا الجهد، ويحمل الناس على التجاوب معهم إن كان هذا الأمر خارج إطار التكليف ابتداءً؟!

3 -

وما أُسِّسَتْ عليه الفتيا من إباحة الربا بدار الحرب فيه نظرٌ من وجوه:

أ - القائلون بالجواز لا يرتضون تسمية تلك الديار بديار حرب وينكرونه، ومنهم

(1) وقفات هادئة، د. صلاح الصاوي، (ص 70).

ص: 876

من لا يقبل تسميتها بدار كفر أيضًا!! وإن كانت دار الكفر أعمَّ من دار الحرب.

فما وجه تسميتها بدار حرب الآن وإجراء أحكام تلك الدار عليها؟

ولو تتبعنا خصائص دار الحرب ومقوماتها في كلام الفقهاء لوجدنا أنها تتحقق عند اجتماع وصفين:

أحدهما: أن تكون الغلبة فيها والسلطة والمنعة لأحكام الكفر.

والثاني: أن تكون في حالة حرب واقعة أو متوقعة مع دار الإسلام.

وعلى ذلك، فإنْ تحقَّقَ فيها الوصفُ الأول وحده حُكِمَ عليها بأنها دار كفر، دون أن تسمى (دار حرب) أو أن تُجْرَى عليها أحكامها.

قال القاضي أبو يعلى: "كل دار كانت الغلبة فيها لأحكام الكفر دون أحكام الإسلام فهي دار كفر"(1).

فإذا انضم إليه الوصف الثاني صارت "دار حرب" وسرت عليها أحكامها، واشتراط هذا الوصف مستفادٌ من حال دار الحرب، وموقف أهلها من المسلمين في نصوص الفقهاء (2).

والوصف بدار الحرب إنْ تحقَّقَ في بعض دول الغرب اليوم فقدْ لا يتحقق في جميعها، وعليه فلا تعتبر كثير من تلك الدول التي تحكم بالقوانين الوضعية دارَ حربٍ لانتفاء الحرب الواقعة، أو المتوقعة بينها وبين دول المسلمين.

ويمكن تسميتها بدار عهد أو صلح أو هدنة.

ولا شك أن بلادًا كاليابان أو الصين أو سويسرا أو النمسا يصعب وصفها بأنها

(1) المعتمد في أصول الدين، لأبي يعلى، (ص 276).

(2)

أحكام التعامل بالربا، د. نزيه حماد، (ص 33).

ص: 877

ديار حرب، وإنما هي إلى الصلح أقرب.

قال ابن القيم رحمه الله: "الكفار: إمَّا أهل حرب، وإما أهل عهد. وأهل العهد ثلاثة أصناف: أهل ذمة، وأهل هدنة، وأهل أمان. وقد عقد الفقهاء لكل صنف بابًا، فقالوا: باب الهدنة، باب الأمان، باب عقد الذمة. ولفظ الذمة والعهد يتناول هؤلاء كلَّهم في الأصل، وكذلك لفظ الصلح"(1).

ثم شرع: في بيان معنى الذمة والصلح إلى أن قال: "وأما أهل الهدنة: فإنهم صالحوا المسلمين على أن يكونوا في دارهم، سواء كان الصلح على مال أو غير مال. لا تجري عليهم أحكام الإسلام كما تجري على أهل الذمة، لكنْ عليهم الكفُّ عن محاربة المسلمين، وهؤلاء يسمون أهل العهد وأهل الصلح وأهل الهدنة"(2).

ب - أن مناط مذهب أبي حنيفة مفقودٌ جملةً في هذه الصورة؛ فإن القائلين بجواز الربا يمنعون ما قاله الحنفية من اعتبار أموال أهل تلك الدار مباحةً لمن قدر عليها، فمن دخل تلك البلاد بأمان من أهلها وبتأشيرة تكون أموالهم بالنسبة له غيرَ معصومة، في حين أن ماله هو معصوم بالنسبة إليهم!

فلا يصح إذن الأخذ بهذا المذهب، أو الاستناد إلى ذلك المبدأ، وإلا لزمت لوازم لا يقدر أحد على حمل تبعاتها.

ج - وأخيرًا فإن مذهب الحنفية هو جواز التعامل بالربا مع المسلم الذي أسلم في دار الحرب ولم يهاجر، شأنه في ذلك شأن الحربي؛ قال الكاساني: في "بدائع الصنائع":

"ومنها: أن يكون البدلان متقوَّمينِ شرعًا، وهو أن يكونا مضمونين حقًّا للعبد،

(1) أحكام أهل الذمة، لابن القيم، (2/ 873).

(2)

المرجع السابق، (2/ 874).

ص: 878

فإن كان أحدهما غير مضمون حقًّا للعبد لا يجري فيه الربا، وعلى هذا الأصل يخرج ما إذا دخل المسلم دار الحرب فبايع رجلًا أسلم في دار الحرب ولم يهاجر إلينا درهمًا بدرهمين أو غير ذلك من البيوع الفاسدة في دار الإسلام؛ أنه يجوز عند أبي حنيفة، وعندهما لا يجوز؛ لأن العصمة وإن كانت ثابتة فالتقوم ليس بثابت عنده" (1).

وقال في الدر المختار:

"وحكم من أسلم في دار الحرب ولم يهاجر كحربي، فللمسلم الربا معه خلافًا لهما؛ لأن ماله غير معصوم، فلو هاجر إلينا ثم عاد إليهم فلا ربا اتفاقًا (2).

فهل يلتزم بهذا هؤلاء المبيحون، فيحل للمسلم أن يتعامل بالربا وغيره من العقود الفاسدة مع إخوانه المسلمين الجدد في تلك الديار؟!

وكذلك فإن مقتضى مذهب الحنفية -وقد صرحوا به- جواز تعامل المسلمين الجدد في هذه البلاد بالربا أخذًا وإعطاءً، ما داموا لم يهاجروا، سواءً أكان ذلك مع نظرائهم من المسلمين الجدد، أم مع الحربيين؛ وذلك لارتباط العصمة عندهم بالدار ابتداءً.

قال ابن عابدين: "ويُعْلَمُ مما ذكره المصنف مع تعليله أن من أسلما ثَمَّةَ ولم يهاجِرَا لا يتحقق الربا بينهما أيضًا"(3).

لا شك أن هذا مما لا يقول به من قال بالجواز ابتداءً، ولا يستطيع تحمل تبعة الفتيا به.

4 -

أن مذهب الحنفية -أيضًا- جواز بيع الخمر والميتة ولحم الخنزير للكفار ما دامت وسيلة للحصول على أموالهم التي هي مباحة في الأصل؛ إذ إنهم لا ينظرون إلى فساد العقد في ذاته، وإنما هو -عندهم- وسيلة للحصول على أموال القوم غير

(1) بدائع الصنائع، للكاساني، (5/ 192).

(2)

الدر المختار، للحصكفي، (5/ 186).

(3)

حاشية ابن عابدين، (7/ 423).

ص: 879

المعصومة ولا المتقوَّمة ابتداءً، وما هذه العقود إلا وسائل يتحيل بها ويتجنب الوقوع في الغدر حال الحصول على أموالهم.

قال السرخسي: "وإن بايعهم المستأمن إليهم الدرهمَ بالدرهمين نقدًا أو نسيئة، أو بايعهم في الخمر والميتة والخنزير؛ فلا بأس بذلك في قول أبي حنيفة ومحمد؛ ولا يجوز شيء من ذلك في قول أبي يوسف؛ لأن المسلم ملتزمٌ أحكامَ الإسلام حيثما يكون، ومِنْ حُكْمِ الإسلامِ حرمةُ هذا النوع من المعاملة"(1).

وقال الكمال ابن الهمام: "فلو باع مسلم دخل إليه -أي: إلى دار الحرب- مستأمنًا درهمًا بدرهمين حَلَّ، وكذا إذا باع منهم ميتةً أو خنزيرًا أو قامرهم أو أخذ المال؛ يَحِلُّ كل ذلك عند أبي حنيفة ومحمد خلافًا لأبي يوسف"(2).

فهل يلتزم المبيحون هذه اللوازمَ الخطيرةَ في هذه المجتمعات؟!

ثم إن كلام المبيحين من أهل المذاهب المتبوعة إنما هو عن أخذ الربا من الحربي، لا إعطائه له، ويُحْمَلُ مطلقُ كلامهم في هذا المقام على مقيده؛ ولهذا علل صاحب المبدع من الحنابلة القولَ المرويَ عن أحمد بأنه لا ربا في دار الحرب بقوله:"لأن أموالهم مباحة، وإنما حظرها الأمان في دار الإسلام، فما لم يكن كذلك كان مباحًا"(3).

وفرضُ المسألة المعاصرة إعطاءُ الربا للحربي، وليس أخذه منه.

وتحرير مذهب الحنفية في ذلك أن الربا عندهم لا يقع ابتداءً بين المسلم والحربي في دار الحرب؛ لأن الربا إسم لفضل يستفاد بالعقد، والزيادة التي ينالها المسلم من الحربي لا ينالهها بمقتضى العقد الربوي، بل بمقتضى الإباحة الأصلية لأموال الحربيين، فالعقد

(1) المبسوط، للسرخسي، (10/ 95).

(2)

فتح القدير، لابن الهمام، (7/ 38).

(3)

المبدع، لابن مفلح، (4/ 157).

ص: 880

الذي يعتمده المسلم مع الحربي لا يفيده تملك الزيادة الربوية، بل يفيده الرضا من الحربي الذي يحله من قيد الأمان ويعيد أموال الحربي إلى أصلها من الحل، فأخذ المسلم للزيادة حينئذٍ كالاستيلاء على الكلأ والمباحات.

والذي يدلُّ على أن مذهب الحنفية إباحة ذلك في أخذ المسلم، لا إعطائه؛ هو نصوص معتمَدَاتِ كتبهم، ومنها: ما قاله الكاساني: في "بدائع الصنائع":

"مال الحربي ليس بمعصوم، بل هو مباح في نفسه؛ إلا أن المسلم المستأمن مُنِعَ من تملكه من غير رضاه؛ لما فيه من الغدر والخيانة، فإذا بذله باختياره ورضاه فقد زال هذا المعنى، فكان الأخذ استيلاءً على مال مباح غير مملوك، وأنه مشروع مفيد للملك كالاستيلاء على الحطب والحشيش"(1).

فالخلاصة الواضحة أن مذهب الحنفية لا يصلح مستندًا لهذه الفتيا! (2)

5 -

وأما الاستدلال بحديث: "أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية"(3):

وقياس المعاملة بالربا على قسمة الميراث التي خالفت حكم الإسلام؛ فالجواب عليه:

أنه يحتمل أن يكون المعنى: أن ما تم بين المشركين من عقود قبل الإسلام لا تنقض ولا يُتَعَرَّضُ لها، فهو خارج عن محل النزاع، ويدل على هذا الاحتمال حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا:"كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ في الجاهلية فهو على ما قُسِمَ، وكل قَسْمٍ أدركه الإسلام فهو على قَسْمِ الإسلامِ"(4)، فهذه جملة استدلالات الحنفية، وهي ضعيفة كما تبين، لا

(1) بدائع الصنائع، للكاساني، (5/ 192).

(2)

وقفات هادئة، د. صلاح الصاوي، (ص 45 - 48).

(3)

سبق تخريجه.

(4)

أخرجه أبو داود، كتاب الفرائض، باب: فيمن أسلم على ميراث، (2914)، وابن ماجه، كتاب الرهون، =

ص: 881