المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: حكم زواج المسلم من الكتابية: - فقه النوازل للأقليات المسلمة - جـ ٢

[محمد يسري إبراهيم]

فهرس الكتاب

- ‌الفْصَلُ الرَّابِعُمناهج وطرق استنباط الأحكام الفقهية للنوازل وضوابطها

- ‌المبحث الأولمناهج الحكم على النوازل

- ‌المطلب الأول: مناهج الأئمة الأربعة وأتباع مذاهبهم في الحكم على النوازل:

- ‌مذهب مالك:

- ‌مذهب أبي حنيفة:

- ‌مذهب الشافعي:

- ‌مذهب أحمد:

- ‌المطلب الثاني: ضوابط الإفادة من المذاهب الفقهية في الحكم على النوازل

- ‌أولًا: التزام المذهب الواحد غير لازم:

- ‌ثانيًا: القائلون بالمنع مطلقًا:

- ‌ثالثًا: القائلون بالجواز بشروط:

- ‌الترجيح:

- ‌ثانيًا: استخراج الأصول والقواعد والضوابط النافعة في الحكم على النوازل:

- ‌ثالثًا: تطبيق بعض الفتاوي القديمة جزئيًّا أو كليًّا في المسائل المعاصرة:

- ‌رابعًا: الاعتماد على النصوص في ضوء المقاصد:

- ‌المطلب الثالث: المناهج المعاصرة في التعامل مع نوازل الأقليات:

- ‌الفرع الأول: نماذج من نوازل الأقليات المسلمة:

- ‌أولًا: من نوازل الأقليات في العبادات:

- ‌ثانيًا: من نوازل الأقليات في المعاملات:

- ‌ثالثًا: من نوازل الأقليات في النكاح والطلاق:

- ‌رابعًا: من نوازل الأقليات الأسرية والاجتماعية:

- ‌خامسًا: من نوازل الأقليات في السياسة الشرعية:

- ‌الفرع الثاني: المناهج المعاصرة فى الحكم على نوازل الأقليات:

- ‌المنهج الأول: منهج التضييق والإفراط:

- ‌المنهج الثاني: منهج التساهل والتفريط:

- ‌المنهج الثالث: منهج الوسطية والاعتدال:

- ‌المبحث الثانيطرق استنباط أحكام النوازل وضوابطها

- ‌المطلب الأول: ضوابط قبل الاستنباط لحكم النازلة:

- ‌أولًا: تحقق وقوع النازلة:

- ‌ثانيًا: أن تكون النازلة من المسائل التي يسوغ النظر فيها:

- ‌ثالثًا: تقوى الله وصدق اللَّجَأ إليه تعالى وسؤاله التوفيق:

- ‌رابعًا: تفهُّم النازلة وتصوُّرها تصوُّرًا صحيحًا دقيقًا:

- ‌خامسًا: التأني واستشارة أهل الخبرة والاختصاص فيما أشكل:

- ‌سادسًا: التورع عن الفُتيا ما أمكن، وترك التكلف:

- ‌سابعًا: التجرد من الهوى والغرض في السؤال والجواب:

- ‌ثامنًا: أهلية المفتي للفتيا:

- ‌المطلب الثاني: ضوابط في أثناء استنباط الحكم على النازلة:

- ‌أولًا: أن يتطابق الاجتهاد مع ما يحقق العبودية لله رب العالمين:

- ‌ثانيًا: عدم الخروج عن طريق السلف في فهم الأدلة:

- ‌ثالثًا: التحرر من الخوف وضغط الواقع الفاسد:

- ‌رابعًا: أن يلتزم الشروط المقررة عند اختيار أحد المذاهب في المسألة:

- ‌خامسًا: أن يستدل ثم يعتقد، ولا يعتقد ثم يستدل:

- ‌سادسًا: ألا يجزم بأن هذا حكم الله إذا كان الجواب مبنيًّا على الاجتهاد:

- ‌سابعًا: مراعاة الحال والزمان والمكان، أو فقه الواقع المحيط بالنازلة:

- ‌ثامنًا: أن يذكر دليل الحكم في فتيا النازلة:

- ‌تاسعًا: أن يذكر البدائل المباحة عند المنع:

- ‌عاشرًا: أن يمهد لما قد يُستغرب من أحكام:

- ‌حادي عشر: مراعاة الحكمة في الجواب، وإرشاد السائل إلى ما ينفعه:

- ‌ثاني عشر: سلامة الفتيا والجواب من الغموض والمصطلحات الخاصة:

- ‌ثالث عشر: تغليب التيسير على التعسير، والتبشير على التنفير:

- ‌رابع عشر: احترام العلماء وتقدير اجتهادات المخالفين:

- ‌المطلب الثالث: الطريقة العامة لاستنباط حكم النازلة:

- ‌المدرك الأول: التصور:

- ‌المدرك الثاني: التكييف:

- ‌أولًا: التكييف على نصٍّ شرعي من الكتاب أو السنة أو الإجماع:

- ‌ثانيًا: التكييف على قاعدة كلية عامة:

- ‌ثالثًا: التكييف على نصٍّ فقهي لفقيه:

- ‌رابعًا: التكييف عن طريق الاستنباط:

- ‌المدرك الثالث: التطبيق:

- ‌المطلب الرابع: الاستنباط بالرد إلى الأدلة الشرعية وضوابطه:

- ‌أولًا: الكتاب والسنة (النصوص):

- ‌أحدها: ما كان الاجتهاد مستخرجًا من معنى النص:

- ‌ثانيها: ما استخرجه من شبه النص:

- ‌ثالثها: ما كان مستخرجًا من عموم النص:

- ‌رابعها: ما استخرج من إجمال النص:

- ‌خامسها: ما استخرج من أحوال النص:

- ‌سادسها: ما استخرج من دلائل النص:

- ‌سابعها: ما استخرج من أمارات النص:

- ‌ثامنها: ما استخرج من غير نص ولا أصلٍ:

- ‌الفرع الأول: ضوابط الاستنباط من الكتاب والسنة:

- ‌أولًا: تلقي نصوص الوحيين بالتسليم والتعظيم:

- ‌ثانيًا: جمع النصوص في الباب الواحد وإعمالها ما أمكن:

- ‌ثالثًا: حجية فهم الصحابة والسلف الصالح:

- ‌رابعًا: الإيمان بالنصوص على ظاهرها، وردُّ التأويل المتعسف:

- ‌خامسًا: درء التعارض بين صحيح النقل وصريح العقل:

- ‌سادسًا: معرفة حال الدليل من حيث العمل به:

- ‌ثانيًا: الإجماع:

- ‌ثالثًا القياس:

- ‌رابعًا: المصلحة المرسلة:

- ‌حجية المصلحة المرسلة:

- ‌مناقشة أدلة المنكرين:

- ‌شروط العمل بالمصلحة المرسلة:

- ‌أثر المصلحة المرسلة في استنباط الفتيا:

- ‌الأمثلة على تغير الفتيا بتغير المصلحة:

- ‌خامسًا: الاستحسان:

- ‌ثمرة العمل بالاستحسان:

- ‌حجية الاستحسان

- ‌أنواع الاستحسان:

- ‌1 - الاستحسان بالنص:

- ‌2 - الاستحسان بالإجماع:

- ‌3 - الاستحسان بالعرف والعادة:

- ‌4 - الاستحسان بالضرورة:

- ‌5 - الاستحسان بالمصلحة:

- ‌6 - الاستحسان بالقياس الخفي:

- ‌أثر الاستحسان في استنباط الفتيا:

- ‌سابعًا: الاستصحاب:

- ‌ثامنًا: العرف:

- ‌تاسعًا: قول الصحابي:

- ‌عاشرًا: سد الذرائع:

- ‌حادي عشر: شرع مَنْ قبلنا:

- ‌المطلب الخامس: الاستنباط بالرد إلى مقاصد الشريعة:

- ‌طرق معرفة مقاصد الشريعة:

- ‌شروط المقاصد:

- ‌المطلب السادس: الاستنباط بالرد إلى القواعد الفقهية وضوابطه:

- ‌حجية القواعد الفقهية

- ‌أولًا: باعتبار شموليتها وسعتها:

- ‌ثانيًا: باعتبار الاتفاق والاختلاف، وهي بهذا الاعتبار تنقسم إلى قسمين:

- ‌ثالثًا: أقسام القواعد من حيث الاستقلال والتبعية:

- ‌رابعًا: أقسام القواعد من حيث مصادرها:

- ‌أهمية القواعد الفقهية في استنباط أحكام النوازل:

- ‌المطلب السابع: الاستنباط بالرد إلى التخريج الفقهي وضوابطه:

- ‌التخريج في معناه اللغوي يعود إلى أصلين:

- ‌والتخريج في معناه الاصطلاحي له إطلاقات متعددة، منها:

- ‌والتخريج بمعناه الثالث له عند المالكية عدة أقسام:

- ‌حكم الاستنباط بالتخريج:

- ‌ضوابط الاستنباط بالتخريج:

- ‌1 - الإحاطة بمذهب الأمام قبل التخريج:

- ‌2 - ألا يخالف نصًّا شرعيًّا:

- ‌3 - ألا يترتب على التخريج الفقهي ممنوع شرعي:

- ‌4 - التحقق بأهلية التخريج الفقهي:

- ‌وجه الرد إلى التخريج الفقهي في التعرف على حكم النوازل:

- ‌البَابُ الثَالِثُمن أحكام نوازل الأقليات

- ‌الفَصلُ الْأَوَّلُمن نوازل العبادات

- ‌المبحث الأولمن نوازل الطهارة: أثر الاستحالة في التطهير

- ‌تصوير المسألة وتكييفها:

- ‌القول الأول: نجس العين يطهر بالاستحالة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: القياس:

- ‌رابعًا: الاستقراء:

- ‌القول الثاني: نجس العين لا يطهر بالاستحالة:

- ‌ الحنفية

- ‌الشافعية

- ‌الحنابلة:

- ‌الترجيح:

- ‌تطبيق على مياه الصرف الصحي إذا زالَ تَغَيُّرُهَا:

- ‌تصوير المسألة:

- ‌أولاً: قرار المجمع الفقهي:

- ‌ هيئة كبار العلماء في المملكة

- ‌الترجيح:

- ‌المبحث الثانيمن نوازل الصلاة: أوقات الصلوات لأهل القطبين والمناطق الشمالية

- ‌المطلب الأول: في حال استمرار الليل أو النهار أربعًا وعشرين ساعة فأكثر، بحسب اختلاف فصول السنة، وفي حال فَقْدِ العلامات لبعض الأوقات خلال السنة:

- ‌القول الأول: التقدير النسبي بوقت أقرب البلاد

- ‌1 - هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية:

- ‌2 - المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة:

- ‌3 - إدارة الإفتاء بالكويت:

- ‌القول الثاني: التقدير المطابق لتوقيت أقرب البلاد

- ‌القول الثالث: عند غياب جميع العلامات في جميع الأوقات يُقَدَّرُ للأوقات

- ‌القول الرابع: التقدير بناءً على آخر يوم غابت فيه العلامات

- ‌القول الخامس: بخصوص وقت العشاء: إعمال تقديرات معاصرة

- ‌القول السادس: تحديد علامة شرعية جديدة

- ‌القول السابع: مع القول بالتقدير النسبي عند اختفاء العلامات فى جميع الصلوات يقال بجواز الجمع بين المغرب والعشاء عند اختفاء العلامات في بعض الاوقات

- ‌المطلب الثاني: في حال قِصَر الليل أو النهار قِصَرًا مفرطًا مع بقاء العلامات الفلكية الشرعية للأوقات جميعًا وتميزها:

- ‌القول الأول: يتعين على أهل ذلك الإقليم أن يؤدُّوا الصلوات جميعًا فى أوقاتها المقدًرة لها شرعًا، ولا يجوز الجمع إلا لعذر شرعي:

- ‌القول الثاني: يجوز الجمع بين المغرب والعشاء صيفًا، والظهر والعصر شتاءً؛ لقصر الليل والنهار، وصعوبة أداء الصلاتين في وقتها:

- ‌الأدلة والمناقشات:

- ‌أدلة القول الأول:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌الإجماع:

- ‌أدلة القول الثاني:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌وجه الدلالة:

- ‌المناقشة والترجيح:

- ‌المبحث الثالثمن نوازل الزكاة: حكم دفع الزكاة لغير المسلمين ببلاد الأقليات

- ‌تصوير المسألة وتكييفها:

- ‌تحرير محل النزاع:

- ‌القول الأول: لا يجوز إعطاء الكفار تأليفًا لقلوبهم بعد أن منعهم عمر رضي الله عنه، وحكم الآية منسوخ

- ‌القول الثاني: بقاء سهم المؤلفة قلوبهم، ويجوز ويجزئ صرفُ الزكاة إليهم عند الحاجة إلى ذلك

- ‌الأدلة والمناقشات:

- ‌أدلة القول الأول: من الإجماع، والمعقول:

- ‌1 - من الإجماع:

- ‌2 - من المعقول:

- ‌أدلة القول الثاني: القرآن الكريم، والسنة المطهرة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌المناقشة والترجيح:

- ‌الترجيح:

- ‌الفَصلُ الثَانِيمن نوازل المعاملات

- ‌المبحث الأولحكم التمويل البنكي لشراء المساكن في المجتمعات الغربية

- ‌تصوير وتكييف المسألة:

- ‌تحرير محل النزاع:

- ‌سبب الخلاف:

- ‌الأقوال وأصحابها:

- ‌القول الأول: يجوزُ الاقتراض بالربا لشراء المساكن عند الحاجة، وتَعَذُر البديل الشرعي للمسلمين المقيمين ببلاد الغرب:

- ‌القول الثاني: يَحْرُمُ على المسلمين ببلاد الغرب الاقتراض بالربا لشراء المساكن عند الحاجة

- ‌الأدلة والمناقشات:

- ‌أدلة القول الأول: من السنة، والقواعد، والمعقول:

- ‌أولًا: السنة المطهرة:

- ‌ثانيًا: القواعد:

- ‌ثالثًا: المعقول:

- ‌مناقشة أدلة القول الأول:

- ‌أولًا: مناقشة أدلة السنة:

- ‌ثانيًا: مناقشة أدلة القواعد:

- ‌1 - قاعدة: الضرورات تبيح المحظورات:

- ‌2 - قاعدة: تنزيل الحاجة منزلة الضرورة:

- ‌3 - قاعدة: ما حُرِّمَ سدًّا للذريعة أُبِيحَ للحاجة:

- ‌4 - قاعدة: النظر إلى المآلات، وتحقيق المصالح الراجحة، ودفع المفاسد، وما يرتبط بذلك من المعقول:

- ‌ثالثًا: مناقشة أدلة المعقول:

- ‌أدلة أصحاب القول الثاني:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: الإجماع:

- ‌رابعًا: المعقول:

- ‌خامسًا: القياس:

- ‌مناقشة أدلة القول الثاني:

- ‌أولًا: الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية:

- ‌ثانيًا: القياس:

- ‌الترجيح:

- ‌المبحث الثانيأحكام عقود التأمين خارج ديار الإسلام

- ‌المطلب الأول: تعريف التأمين:

- ‌تعريف التأمين كنظام أو نظرية:

- ‌تعريف التأمين كعقد أو تطبيق:

- ‌المطلب الثاني: أقسام التأمين:

- ‌أولًا: ينقسم من حيث المجالات إلى:

- ‌ثانيًا: ينقسم من حيث قوة التطبيق إلى:

- ‌ثالثًا: ينقسم من حيث العموم والخصوص إلى:

- ‌رابعًا: ينقسم من حيث محله وموضوعه إلى:

- ‌خامسًا: ينقسم من حيث مردوده إلى:

- ‌سادسًا: ينقسم من حيث قصد إنشائه إلى:

- ‌سابعًا: ينقسم من حيث المنتفع به إلى:

- ‌المطلب الثالث: خصائص عقد التأمين المعاصر:

- ‌أولًا: عقدُ التأمينِ التجاريِّ:

- ‌ثانيًا: التأمينُ الاجتماعيُّ:

- ‌ثالثًا: التأمينُ التبادليُّ:

- ‌المطلب الرابع: حكمُ التأمين داخلَ ديار الإسلام:

- ‌تحرير محل النزاع:

- ‌قرار المجمعِ الفقهيِّ الإسلاميِّ بشأن التأمين:

- ‌ نص القرار

- ‌تقرير اللجنة المكلفة بإعداد قرار مجلس المجمع حول التأمين:

- ‌وأمَّا التأمينُ التعاونيُّ فله صورتان:

- ‌حكمُ التأمينِ التعاونيِّ:

- ‌المطلب الخامس: حكم التأمين خارج ديار الإسلام:

- ‌تصوير المسألة وتكييفها:

- ‌تأصيل الموقف من التأمين خارجَ ديارِ الإسلامِ:

- ‌أولًا: سلَّمت الفتاوي المجمعية بمراعاة قرارات المجامع الفقهية في التأمين في ديار الإسلام، وجواز التأمينِ التعاونيِّ، ومن ذلك:

- ‌ثانيًا: لم تَمِلِ المجامعُ الفقهية المعاصرة إلى الأخذ بجواز عقود التأمين التجاري خارج ديار الإسلام

- ‌ثالثًا: وقع الاتفاق على رعاية الضرورات والحاجات الملجئة والإجبار على التأمين في بلاد الغرب

- ‌الحالة الأولى: أن يكون عقد التأمين تابعًا غيرَ مقصودٍ أصالةً:

- ‌الحالة الثانية: إذا مسَّتِ الحاجة إلى التأمين:

- ‌الحالة الثالثة: إذا كان التأمين تعاونيًّا تكافليًّا:

- ‌الخاتمة:

- ‌الفَصلُ الثَالِثُمن نوازل النكاح

- ‌المبحث الأولحكم الزواج من غير المسلمات في غير دار الإسلام

- ‌المطلب الأول: حكم زواج المسلم من المشركة:

- ‌المطلب الثاني: حكم زواج المسلم من الكتابية:

- ‌المبحث الثانيحكم الزواج الصوري بقصد الحصول على الإقامة أو الجنسية في غير دار الإسلام

- ‌تصوير المسألة وتكييفها:

- ‌تحرير محل النزاع:

- ‌الصورتان الأولى والثانية:

- ‌الترجيح:

- ‌المبحث الثالثحكم بقاء من أسلمت تحت زوجها الكافر

- ‌الفْصَلُ الرَّابِعُمن نوازل الطلاق

- ‌المبحث الأولحكم الطلاق الذي يوقعه القاضي غير المسلم في بلاد الأقليات

- ‌تصوير النازلة وتكييفها:

- ‌تحرير محل النزاع:

- ‌ضوابط التحاكم إلى غير الشريعة:

- ‌الطلاق في النظام الغربي:

- ‌حكم الطلاق الصادر عن غير مسلم:

- ‌قرار المجلس الأوروبي للإفتاء:

- ‌ويُنَاقَشُ هَذَا:

- ‌فالاحتكام قد يكون:

- ‌المبحث الثانيولاية المراكز الإسلامية في التطليق والتفريق

- ‌توصيف المسألة وتكييفها:

- ‌تحرير محل النزاع:

- ‌الأقوال ومناقشتها:

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌الترجيح:

- ‌الفْصَلُ الخَامِسُمن نوازل السياسة الشرعية

- ‌المبحث الأولحكم التجنس بجنسية دولة غير مسلمة

- ‌المطلب الأول: تعريف الجنسية لغةً وقانونًا:

- ‌أولًا: مفهوم الجنسية والتجنس لغة:

- ‌ثانيًا: مفهوم الجنسية والتجنس قانونًا:

- ‌المطلب الثاني: تصوير النازلة وتكييفها:

- ‌أولًا: الحقوق:

- ‌ثانيًا: الواجبات، ومن أهمها:

- ‌المطلب الثالث: أحكام التجنس:

- ‌الأقوال وقائلوها:

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌القول الرابع:

- ‌الأدلة والمناقشات:

- ‌أدلة القول الأول:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: المقاصد الشرعية، والمعقول:

- ‌أدلة القول الثاني:

- ‌أولًا: الأدلة من المقاصد والمعقول:

- ‌ أدلة القول الثالث:

- ‌ أدلة القول الرابع:

- ‌مناقشة الأدلة:

- ‌أولًا: مناقشة أدلة القائلين بالمنع:

- ‌ثانيًا: مناقشة أدلة القائلين بالجواز:

- ‌الترجيح:

- ‌المبحث الثانيحكم المشاركة السياسية في الدول غير المسلمة

- ‌المطلب الأول: تعريف السياسة لغة واصطلاحًا:

- ‌المطلب الثاني: حكم المشاركة السياسية في الدول غير الإسلامية:

- ‌تصوير وتكييف النازلة:

- ‌تحرير محل النزاع:

- ‌ومن الضوابط المتَّفَقِ عليها في هذا المقام:

- ‌الأقوالُ وقائِلُوها:

- ‌القول الأول: الجواز، سواءً أكان الأصل هو الجواز، أم كان الأصل الحرمة، وقيل بالجواز استثناءً، أو للمصلحة، أو لغير ذلك من الأدلة:

- ‌القولُ الثاني: المنعُ من هذه المشاركةِ، وتحريمُها من الأصل مطلقًا:

- ‌الأدلة والمناقشات:

- ‌أدلة القول الأول: من القرآن الكريم، والسنة المطهرة، والقواعد الفقهية والمقاصدية:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: القواعد الفقهية والأصولية:

- ‌رابعًا: المعقول، والقياس:

- ‌القياس على وجوب فداء أسرى المسلمين:

- ‌بعض الفتاوي والاجتهادات المعاصرة الصادرة في هذا الشأن:

- ‌أولًا: فتيا شيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق رحمه الله

- ‌ثانيًا: فتوى مؤتمر علماء الشريعة في أمريكا الشمالية، نوفمبر 1999 م، ديترويت، ميتشجان:

- ‌ثالثًا: فتوى المجلس الأوروبي للإفتاء:

- ‌أدلة المانعين: من القرآن، والقواعد المقاصدية، والمعقول:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: الأدلة من القواعد المقاصدية، والمعقول:

- ‌الأدلة المقاصدية والعقلية:

- ‌المناقشة:

- ‌الترجيح:

- ‌الخَاتِمَةُ

- ‌المَرَاجِعُ

- ‌أولًا: التفسير وعلوم القرآن:

- ‌ثانيًا: السنة وعلوم الحديث:

- ‌ثالثًا: اللغة والمعاجم:

- ‌رابعًا: الفقه المذهبي:

- ‌1 - الفقه الحنفي:

- ‌2 - الفقه المالكي:

- ‌3 - الفقه الشافعي:

- ‌4 - الفقه الحنبلي:

- ‌5 - الفقه المقارن والعام:

- ‌خامسًا: قواعد الفقه:

- ‌سادسًا: أصول الفقه ومقاصد الشريعة:

- ‌سابعًا: كتب التاريخ والسير:

- ‌ثامنًا: كتب الرجال والتراجم والطبقات:

- ‌تاسعًا: مراجع عامة ومتنوعة:

- ‌عاشرًا: مجلات ودوريات ومؤتمرات:

- ‌حادي عشر: مراجع أجنبية ومواقع إلكترونية:

الفصل: ‌المطلب الثاني: حكم زواج المسلم من الكتابية:

ثم رفع بقي لهم شبهة كتاب، وهذا القدر يؤثر في حقن دمائهم بالجزية، وأما الفروج والذبائح فحلها مخصوص بأهل الكتاب (1).

بل لقد صح عن عمر أن المجوس ليسوا بأهل كتاب (2).

وبالرغم من أن الرواية السابقة قد جاءت عن علي، فقد جاء عنه أيضًا النص في تحريم نكاح النساء المجوسيات، فقال:"أَخَذَ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخراج منهم -أي: المجوس- لأجل كتابهم، وحرم مناكحتهم وذبائحهم لشركهم"(3).

المناقشة: هذا الأثر ضعيف، وقد تقدم الكلام عنه.

الترجيح: يحرم نكاح المجوسيات وعبدة النار ومن في حكمهن؛ لضعف أدلة القائلين بهذا، وصحة انعقاد الإجماع على الحرمة، ودخولهن في عموم المشركات، وعدم ثبوت كتاب موجود بين أيديهم تصح نسبته لنبي من أنبياء الله تعالى (4).

‌المطلب الثاني: حكم زواج المسلم من الكتابية:

الكتابية قد تكون ذمية مقيمة في بلاد الإسلام، أو هي من أهلها، وقد تكون معاهدة مستأمنة من أهل دار الحرب، أو حربية.

وثمة اختلاف بين الفقهاء في حكم هذه الحالات، والذي سوف يسير عليه البحث هو دراسة حكم نكاح الكتابية الحربية في دار الحرب؛ لأنها أشد الصور وأبعدها ثم نتنزل إلى ما هو أدون.

(1) مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (32/ 189).

(2)

فتح الباري، لابن حجر، (6/ 261).

(3)

الخراج، لأبي يوسف، (ص 130).

(4)

الأحكام الفقهية لما يعرض للمسلم المقيم في دار الكفر، ليوسف الجبر، (970 - 975)، فقه الأقليات المسلمة، خالد عبد القادر، (407 - 410).

ص: 954

تحرير محل النزاع:

تقرَّر فيما سبق أن الكتابي هو كل من تدين بدين أهل الكتاب، سواء كان أبوه أو جده دخل في دينهم أو لم يدخل، وسواء كان دخوله قبل النسخ والتبديل أو بعده، وهذا مذهب جمهور العلماء كأبي حنيفة ومالك، وهو المنصوص عن أحمد، وهو -قبل ذلك- القول الثابت عن الصحابة، ومع وجود يهود المدينة من العرب وغيرهم لم يفصل النبي صلى الله عليه وسلم في أكل طعامهم أو حل ذبائحهم ونسائهم، وهكذا فعل الصحابة لما دخلوا البلاد النصرانية فاتحين كالشام ومصر وغيرهما (1).

وعليه فإن الكتابي هو مَنْ تَدَيَّنَ باليهودية أو النصرانية أو بنحلة أو ملة أو فِرْقة تنتسب إليهما.

ومن كانت لأبوين أحدهما كتابي والآخر وثني فاختارت دين الكتابي منهما فإنها كتابية تُقَرُّ على دينها.

وهذا مذهب الجمهور خلافًا للشافعية، وقول عند الحنابلة، وقد ذهب ابن قدامة وابن تيمية والمرداوي من الحنابلة إلى قول الجمهور ورجحوه (2).

وقد اتفقوا في الجملة على جواز نكاح الكتابية بدار الحرب إذا خشي العنت وغلبت عليه شهوته؛ لأن التحرز عن الزنا فرض ولا يتوصل إليه إلا بالنكاح (3).

واتفقوا أيضًا على أولوية المسلمة في النكاح بالإجماع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "فاظفر بذات الدين تربت يداك"(4).

(1) دقائق التفسير، لابن تيمية، (3/ 19 - 20) بتصرف.

(2)

بدائع الصنائع، للكاساني، (2/ 271)، مغني المحتاج، للشربيني، (3/ 189)، حاشية قليوبي على شرح المنهاج، (3/ 252)، المغني، لابن قدامة، (9/ 549)، دقائق التفسير، لابن تيمية، (3/ 18)، الأنكحة الفاسدة والمنهي عنها في الشريعة الإسلامية، د. أمير عبد العزيز، مكتبة الأقصى، عمان، ط 1، (1/ 323).

(3)

شرح السير الكبير، (5/ 101)، تحفة المحتاج، للهيتمي، (7/ 322)، مطالب أولي النهى، (5/ 7).

(4)

أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب: الأكفاء في الدين، (5090)، ومسلم، كتاب الرضاع، باب: استحباب =

ص: 955

واختلفوا في حكم نكاح الحرة الحربية في دار الحرب، وفيما يلى نُوردُ الأقوالَ وقائليها:

القول الأول: يحرم نكاح الكتابية الحربية في دار الحرب:

وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما قال: "نكاح الكتابيات الحربيات لا يحل في بلادهن"(1). وقول عمر وابنه رضي الله عنهما، وهو قول النخعي والثوري ومجاهد والحكم (2).

وهو إحدى الروايتين عند الحنابلة؛ قال المرداوي: "قيل: يحرم نكاح الحربية مطلقًا، وقيل: يجوز في دار الإسلام، لا في دار الحرب، وإن اضطر، وهو منصوص كلام أحمد"(3).

وقال صاحب المحرر: "لا يحل لمسلم نكاح كافرة إلا حرائر أهل الكتاب غير الحربيات، وفي الحربيات وجهان"(4).

وقال الخرقي: "ولا يتزوج بأرض العدو إلا أن تغلب عليه الشهوة فيتزوج مسلمة، ويعزل بها، ولا يتزوج منهم"(5).

وقد أشار ابن تيمية إلى أن الذي يُفهم من كلام الإمام أحمد هو حرمة نكاح الحربيات بدار الحرب (6).

وهو رواية عند الحنفية نَصَرَها ابن عابدين فقال: "إطلاقهم الكراهة في الحربية يفيد أما تحريمية. . . على أن التعليل يفيد ذلك، ففي الفتح: ويجوز تزوج الكتابيات، والأَولى ألَّا يُفعل، وتكره الكتابية الحربية إجماعًا، لافتتاح باب الفتنة من إمكان التعلق

= نكاح ذات الدين، (1466)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(1)

أخرجه أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن، (2/ 17) بسند صحيح، رجاله ثقات.

(2)

تفسير الطبري، (8/ 146)، نهاية المحتاج، للرملي، (6/ 290)، الإشراف، لابن المنذر، (5/ 93).

(3)

الإنصاف، للمرداوي، (8/ 135).

(4)

المحرر، لمجد الدين ابن تيمية، (2/ 21).

(5)

مختصر الخرقي، لأبي القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله الخرقي، دار الصحابة للتراث، (ص 141).

(6)

الفتاوي الكبرى، لابن تيمية، (5/ 460).

ص: 956

المستدعي للمقام معها في دار الحرب، وتعريض الولد على التخلق بأخلاق أهل الكفر، وعلى الرق بأن تُسبى وهي حبلى فيولد رقيقًا، وإن كان مسلمًا". اهـ.

فقوله: الأَولى ألَّا يُفعل يفيد أن الكراهة تنزيهية في غير الحربية، وما بعده يفيد كراهة التحريم في الحربية؛ فتأمَّل" (1)، وهو ما رجحه أبو بكر الرازي الحنفي، فقال: فينبغي أن يكون نكاح الحربيات محظورًا؛ لأن قوله تعالى: {يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22] إنما يقع على أهل الحرب؛ لأنهم في حدٍّ غير حدنا (2).

وهو قول القرطبي من المالكية (3) وقوَّاه القاسمي (4) وانتصر له طائفة من المعاصرين، منهم: ابن باديس وغيره من علماء الجزائر، ود. يوسف القرضاوي، وعبد المتعال الجابري.

قال الشيخ: أحمد بن محمد حماني (5): "فإن كانت الكتابية لا تنالها أحكامنا لم يجز التزوج بها خشيةً على أولاد المسلمين من أن تغلب عليهم، ولهذا أفتى الشيخ عبد الحميد بن باديس (6) -رحمة الله عليه- بحرمة تزوج المسلمين من الفرنسيات اليهوديات والنصرانيات؛ لأن القوانين الفرنسية تعتبر أولادهن فرنسيين متجنسين لا تنالهم أحكام الشريعة الإسلامية في الزواج والطلاق والإرث وغير ذلك"(7).

(1) حاشية ابن عابدين، (4/ 134).

(2)

أحكام القرآن، لأبي بكر الرازي الحنفي، (3/ 326).

(3)

تفسير القرطبي، (3/ 69).

(4)

محاسن التأويل، للقاسمي، (6/ 1872).

(5)

أحمد بن محمد بن مسعود حماني، من علماء الجزائر ولد 1915 م، تقلد منصب رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، كان مفتيًا للجزائر، توفي رحمه الله 1998 م، ترجمته في فتاوي حماني، (2/ 601 - 602).

(6)

عبد الحميد بن محمد المصطفى بن باديس القسنطيني ترجع أصوله إلى المعز بن باديس مؤسسة الدولة الصنهاجية، توفي 1940 م. نوابغ العرب، مجموعة من الباحثين دار العودة بيروت الجزء (14).

(7)

فتاوي الشيخ حماني، وزارة الشئون الدينية، الجزائر، 1993 م، (2/ 143). آثار ابن باديس، (3/ 309).

ص: 957

ومعلوم أنهما كانا يَريان حرمة التجنس بالجنسية الفرنسية وغيرها من الجنسيات الغربية، ويعدان هذا العملَ ردةً عن الإسلام (1).

وقال الشيخ القرضاوي: ". . . وبناءً على هذا لا يجوز لمسلم في عصرنا أن يتزوج يهودية، ما دامت الحرب قائمة بيننا وبين إسرائيل، ولا قيمة لما يقال من التفرقة بين اليهودية والصهيونية، فالواقع أن كل يهودي صهيوني؛ لأن المكونات العقلية والنفسية للصهيونية إنما مصدرها التوراة وملحقاتها وشروحها والتلمود. . . وكل امرأة يهودية إنما هي جندية -بروحها- في جيش إسرائيل! "(2).

وقال الجابري: "ونحن حين نتأمل أعمال الكفار اليوم نجدها كلها حربًا للمسلمين، أو قائمة على أساس خصومة محاربة؛ ولذا وجب أن لا نتزوج غير المسلمات أبدًا، مهما اختلفت نحلتهم وملتهم.

فها نحن نرى الوثنيين الهنود يشنونها حروبَ إبادة للمسلمين في بلادهم، كما يشنونها غارات شعواء، ويديرونها مؤامرات خبيثة ضد مسلمي باكستان وكشمير، كما أنها استعمرت حيدر آباد الإسلامية، وطردت النظام المسلم.

وكل مسيحي العالم: أمريكا وانجلترا وفرنسا وهولندا وأسبانيا والبرتغال وبلجيكا واليونان وروما، بل والحبشة، وإسرائيل، وغيرهم -لهم في حروب المسلمين من الخناجر المسمومة والملطخة بدماء المسلمين ما يندى له جبين الحر والحرية" (3).

القول الثاني: يكره نكاح الكتابية الحربية في دار الحرب، وهو قول علي رضي الله عنه،

(1) الهجرة إلى بلاد غير المسلمين، عماد بن عامر، دار ابن حزم، ط 1، 1425 هـ - 2004 م، (ص 244 - 245).

(2)

في فقه الأقليات المسلمة، د. يوسف القرضاوي، (ص 99 - 100)، الحلال والحرام في ميزان الإسلام، د. يوسف القرضاوي، (ص 153).

(3)

جريمة الزواج بغير المسلمات، أ. عبد المتعال الجابري، (ص 101).

ص: 958

وعطاء والحسن وطائفة من السلف (1) والشافعية، إلا في حالتين:

الأولى: إذا خشي المسلم على نفسه العنت ولم يجد مسلمة.

الثانية: أن يرجو إسلامها فيُسن.

جاء في حاشية القليوبي (2) تعليقًا على قول الماتن: ("لكن تكره" كتابية "حربية"). قال: "إن لم يَرْجُ إسلامَها، ووجد مسلمة، ولم يَخَفِ العنتَ وإلَّا فلا كراهة، بل يُسن في الأَولى"(3).

وهو مذهب الحنفية والمالكية.

جاء في المبسوط: "بلغنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه سئل عن مناكحة أهل الحرب من أهل الكتاب فكره ذلك، وبه نأخذ. فنقول: يجوز للمسلم أن يتزوج كتابية في دار الحرب، ولكنه يُكره"(4).

وفي حاشية الخرشي: ("إلا الحرة الكتابية بِكُره وتَأَكَّدَ بدار الحرب" يعني: أن كُرْهَ تزويج الحرة الكتابية في دار الحرب أشد مِنْ كُرْهِ تزويجها في بلد الإسلام)(5).

والقول الثاني عند الحنابلة: يُكره إن دخل دار الحرب وحده بأمان كالتاجر ونحوه.

قال ابن قدامة في المغني: "وأمَّا الذي يدخل إليهم بأمان كالتاجر ونحوه -فهو الذي أراد الخرقي إن شاء الله تعالى -فلا ينبغي له أن يتزوج"(6).

(1) تكملة المجموع، للمطيعي، (16/ 232).

(2)

أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن أحمد بن سلامة، القليوبي، مشارك في كثير من العلوم، وله تصانيف كثيرة، منها: حاشية على شرح المنهاج للجلال المحلي، وحاشية على شرح التحرير لشيخ الإسلام، وحاشية على شرح أبي شجاع لابن قاسم الغزي، وغير ذلك، توفي سنة 1069 هـ الأعلام، للزركلي، (1/ 92)، معجم المؤلفين، (1/ 148).

(3)

حاشية قليوبي على شرح المنهاج، (3/ 250).

(4)

المبسوط، للسرخسي، (5/ 50).

(5)

حاشية الخرشي على مختصر خليل، (4/ 243) باختصار.

(6)

المغني، لابن قدامة، (13/ 149).

ص: 959

وبالجملة فإن كل من كره نكاح الكتابية في دار الإسلام يكره نكاحها في دار الكفر أو يحرمه.

قال ابن عابدين: "وتكره الكتابية الحربية إجماعًا"(1).

الأدلة والمناقشة:

أدلة القول الأول: من القرآن الكريم، وآثار الصحابة، والمعقول:

أولًا: القرآن الكريم:

1 -

قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29].

وجه الدلالة:

أَمَرَ الله تعالى بقتالى الكفار من أهل الكتاب الحربيين الذين لا يؤدون الجزية، والأمر بقتالهم يوجب عدم محبتهم ومودتهم، فعلى هذا لا يحل التزوج من نسائهم الحربيات؛ لأن الزواج مودة ومحبة (2).

وذهب بعض الباحثين إلى عدم حل نكاحهن جميعًا، سواء في دار الحرب أو الإسلام؛ لأنهن لا يدفعن الجزية (3).

وعليه: "فإن المسلم ممنوع أن يتزوج بدار الحرب كما نص عليه فقهاء المسلمين، مخافةَ أن يميل إليهم، أو يكثِّر سوادهم بأولاده، أو يسيطروا عليهم، أو يُغَيِّروا ميولهم واتجاهاتهم الفكرية، وهذا متحقق فيمن تزوج في هذه الدول من الجاليات الإسلامية؛ لأنهم -أي: أهل هذه الدولى الكتابية- في حكم الحربيين للمسلمين؛ إذ لا سيطرة

(1) حاشية ابن عابدين، (4/ 134).

(2)

أحكام القرآن، للجصاص، (3/ 326).

(3)

جريمة الزواج بغير المسلمات، عبد المتعال الجابري، (ص 103).

ص: 960

للمسلمين عليهم، وهم جادُّون ومجتهدون بغزوهم الثقافي المادي البحت للمسلمين بشتى الأساليب، بالتبشير وبذل الأموال والاشتراك في المنظمات، ومحاولة التقريب بين النصارى والمؤمنين، وإذابة الشخصية الإسلامية بالشخصية النصرانية، وإزالة الفروق بين المسلمين والكتابيين، ومحاولاتهم لتشكيك المسلمين في إسلامهم.

ومن كانت هذه صفاتهم ألا يعتبرون محاربين؟! لأن الحرب الحقيقية هي المركزة ضد العقيدة (الحرب الثقافية والغزو الفكري)، أما الحرب العسكرية (حرب الأبدان) فهي فروع ونتيجة لغزو العقيدة، وهذا هو واقع العالم اليوم، فعلى المسلمين المقيمين بالغرب ألا يتزوجوا بكتابية؛ حيث إنهم لا يستطيعون إقامة الحكم الشرعي في الزواج، فإن كانت إقامة المسلم غير شرعية بينهم فليرجع إلى بلاد المسلمين فيتزوج منهم، وإن كان قد أسلم ابتداءً -وهو من أهل هذه الدول- فَلْيَدْعُ زوجته إلى الإسلام، ثم يبقى على زواجه؛ لأنهما دخلا بعقد معتقدين صحته. ثم إن استطاع الهجرة إلى بلاد المسلمين فليفعل" (1).

2 -

قوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5].

وجه الدلالة:

أباح الله تعالى نكاح أهل الكتاب للمسلمين، والمراد بهن في هذه الآية الذميات دون الحربيات؛ لأنهن يلتزمن بأحكام الإسلام، ويدفعن الجزية، ويتمكن المسلمون من الركون إليهن، وتطمئن النفوس إلى نكاحهن في الجملة (2).

3 -

قوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22].

(1) مجلة أضواء الشريعة، الصادرة عن كلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، عدد 9، (ص 363).

(2)

أحكام القرآن، للجصاص، (3/ 326).

ص: 961

وجه الدلالة:

أن الله سبحانه وتعالى نفى عن المؤمنين بالله حقًّا محبةَ ومودةَ أعداءِ الله الذين عصوا ربهم، ونصبوا أشد العداوة والبغضاء لعباده المسلمين، وبما أن هذه الصفات المذكورة متحققة في الكتابية الحربية تكون مندرجة تحت ما نفاه الله عن عباده المؤمنين، من محبة ومودة أعدائه.

فبهذا لا يحل التزوج بالحربية؛ لأن الزواج مودة ومحبة (1).

والزواج يوجب المودة، يقول تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21].

يؤيد ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة: 9].

وهل هناك تولٍّ لهؤلاء أكثر من أن يزوج إليهم، وتصبح الواحدة من نسائهم جزءًا من أسرته، بل العمود الفقري في الأسرة؟ (2)

4 -

قوله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ} [النور: 26].

وجه الدلالة:

بيَّن تعالى في هذه الآية أن الخبيثة للخبيث، والعكس، والكتابية الحربية خبيثة، فلا تكون للمسلم الطيب؛ لأن الطيبين للطيبات (3).

ثانيًا: آثار الصحابة:

1 -

عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن نكاح الكتابية الحربية، فقال: من نساء أهل الكتاب من يحل لنا، ومنهم من لا يحل لنا، ثم قرأ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا

(1) أحكام القرآن، للجصاص، (3/ 326)، روح المعاني، للآلوسي، (6/ 66).

(2)

في فقه الأقليات، د. يوسف القرضاوي، (ص 99).

(3)

محاسن التأويل، للقاسمي، (6/ 1873).

ص: 962

بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29].

قال: فمن أعطَى الجزيةَ حَلَّ لنا نساؤه، ومن لم يُعْطِ الجزيةَ لم يحلَّ لنا نساؤه (1)(2).

وجه الدلالة:

أن ابن عباس رضي الله عنهما حرَّم الزواج بالكتابية في دار الحرب، مستندًا في ذلك إلى كتاب الله عز وجل، فالتي تدفع الجزية هي التي تحلُّ، وهي الذمية، أما الحربية التي لا تدفع الجزية فلا تحلُّ.

قال القاسمي: "وهذا الاستدلال دقيق جدًّا فَلْيُتَأَمَّلْ"(3).

ونوقش:

ناقش ابن العربي دليل ابن عباس بقوله: والمراد بالآية: إنما من تقبل منه الجزية، وعلى ذلك، تجوز مناكحة الحربية، وذِكر الجزية إنما هو في القتال، لا في النكاح (4)، فالأمر بالقتال ليس علة لفساد نكاحها، فحيث لا علاقة بين دفع الجزية وحل الزواج، فلا علاقة بين عدم دفعها وحرمته، فلا دلالة في الآية إذًا على تحريم الكتابية الحربية أو حلها (5).

وأجيب بأنه:

لرأي ابن عباس وجاهته ورجحانه لمن يتأمل، فقد جعل الله المصاهرة من أقوى

(1) أخرجه: ابن جرير الطبري في "تفسيره"(8/ 146).

(2)

أحكام القرآن، للجصاص، (3/ 326)، تفسير القرطبي، (3/ 69)، محاسن التأويل، للقاسمي، (6/ 1872)، البحر المحيط، لأبي حيان، (3/ 448).

(3)

محاسن التأويل، للقاسمي، (6/ 1872).

(4)

أحكام القرآن، لابن العربي، (2/ 46).

(5)

العلاقات الاجتماعية بين المسلمين وغير المسلمين في الشريعة الإسلامية واليهودية والمسيحية، د. بدران أبو العينين، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، 1984 م، (ص 65).

ص: 963

الروابط بين البشر، وهي تلي رابطة النسب والدم؛ ولهذا قال سبحانه:{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفرقان: 54]. فكيف تتحقق هذه الرابطة بين المسلمين، وبين قوم يحادونهم ويحاربونهم، وكيف يسوغ للمسلم أن يصهر إليهم، فيصبح منهم أجداد أولاده وجداتهم وأخوالهم وخالاتهم؟ فضلًا عن أن تكون زوجه وربة داره وأم أولاد منهم؟ وكيف يُؤمَن أن تطلع على عورات المسلمين وتخبر بها قومها؟ (1)، وعن علي -رضى الله عنه- بنحوه.

وقد ذُكر هذا القول لإبراهيم النخعي فأعجبه (2) وعن قتادة قال: لا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد (3).

وعن ابن جريج قال: بلغني ألَّا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلَّا في عهد (4).

ثالثًا: المعقول:

1 -

المسلم الذي يتزوج الكتابية الحربية، يكون مقيمًا معها في دار الحرب، مع أنه مأمور بكتاب الله وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بالهجرة، قال تعالى:{أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: 97].

والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"(5)، والبراءة لا تكون إلا على فعل محرم فالتزوج بالكتابية الحربية محرم؛ لأنه يفضي إلى الإقامة

(1) في فقه الأقليات، د. يوسف القرضاوي، (ص 99).

(2)

تفسير الطبري، (8/ 146).

(3)

أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، (5/ 294) بسند صحيح، عن قتادة رحمه الله.

(4)

أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، (6/ 85)، عن ابن جريج بلاغًا، فإسناده منقطع.

(5)

أخرجه أبو داود، كتاب الجهاد، باب: النهي عن قتل من اعتصم بالسجود، (2645)، والترمذي، كتاب الجهاد والسير، باب: ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين، (1604)، وقال:"سمعت محمدًا يقول: الصحيح حديث قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل".

ص: 964

معها في دار الحرب، وفي هذا مخالفة لأمر الله، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالهجرة منها، وتكثير لسواد الكفار، وتقليل لعدد المسلمين (1)، والمسلم الذي يفعل هذا الزواج يُخشى عليه من موالاة أعداء الله ورسوله والمسلمين، وقد نهى الله تعالى عن موالاتهم، فقال تعالى:{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51].

2 -

المسلم بفعله هذا يعرض نفسه وولده لمخاطرَ سيئةٍ لا يستطيع الإفلات منها، فربما أثَّرت عليه وعلى ولده فتخلقوا بأخلاقها، وشَبُّوا على عاداتها وعادات قومها الفاسدة، وأخطر من هذا ربما مالوا إلى دينها وارتدوا عن الإسلام.

3 -

الأصل في حل المباحات ألَّا يترتب عليها ضرر محقق ولا فتنة غالبة، فإذا أفضى استعمالها إلى شيء من ذلك فقد حرمت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا ضرر ولا ضرار"(2) فيجب دفع الضرر عن النفس، ودفع الأضرار عن الغير.

وإذا كان المسلمون في بلد ما يمثلون أقلية محدودة، مثل بعض الجاليات في أوروبا وأمريكا، وبعض الأقليات في آسيا وأفريقيا، فمنطق الشريعة وروحها يقتضي تحريم زواج الرجال المسلمين من غير المسلمات، وإلا كانت النتيجة ألَّا يجد بنات المسلمين -أو عدد كبير منهن- رجلًا مسلمًا يتقدم للزواج منهن، وحينئذ تتعرض المرأة المسلمة لأحد أمور ثلاث:

1 -

إما الزواج من غير مسلم، وهذا باطل في الإسلام.

2 -

وإما الانحراف، والسير في طريق الرذيلة، وهذا من كبائر الإثم.

3 -

وإما عيشة الحرمان الدائم من حياة الزوجية والأمومة.

(1) فتح القدير، لابن الهمام، (3/ 229).

(2)

سبق تخريجه.

ص: 965

وكل هذا مما لا يرضاه الإسلام؛ وهو نتيجة حتمية لزواج الرجال المسلمين من غير المسلمات، مع منع المسلمة من التزوج بغير المسلم.

وهذا الضرر هو الذي خافه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حين بلغه أن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه تزوج -وهو بالمدائن- امرأة يهودية، فكتب إليه عمر مرة أخرى: أعزم عليك ألا تضع كتابي هذا حتى تخلي سبيلها، فإني أخاف أن يقتدي بك المسلمون، فيختاروا نساء أهل الذمة لجمالهن، وكفى بذلك فتنة لنساء المسلمين (1).

ومن ناحية أخرى يُخشى أن يتساهل بعض الناس في شرط الإحصان -العفاف- الذي قيد به القرآن حل الزوج منهن، حتى يتعاطوا زواج الفاجرات، والمومسات، وكلتاهما مفسدة ينبغي أن تمُنع قبل وقوعها؛ عملًا بسد الذرائع، ولعل هذا نفسه ما جعل عمر يعزم على طلحة ابن عبيد الله إلَّا طلَّقَ امرأة كتابية تزوجها، وكانت بنت عظيم يهود (2).

4 -

وتشتد المصيبة حين يولد لهما أطفال، فهم يشبون -غالبًا- على ما تريد الأم، لا على ما يريد الأب إن كانت له إرادة، فهم أدنى إليها، وألصق بها، وأعمق تأثُّرًا بها، وخصوصًا إذا وُلدوا في أرضها وبين قومها، وهنا ينشأ هؤلاء الأولاد على دين الأم، وعلى احترام قيمها ومفاهيمها وتقاليدها، وحتى لو بقوا على دين الأب، فإنما يبقون عليه اسمًا وصورة، لا حقيقةً وفعلًا، ومعنى هذا أننا نخسر هؤلاء الناشئة دينيًا وقوميًّا إن لم نخسر أباءهم أيضًا.

ومن أجل هذه المفسدة، نرى كثيرًا من الدول تُحَرِّم على سفرائها وكذلك ضباط

(1) شريعة الإسلام خلودها وصلاحها للتطبيق في كل زمان ومكان، د. يوسف القرضاوي، (ص 39).

(2)

أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، (7/ 177)، وفي إسناده عامر بن عبد الرحمن بن نسطاس، وهو مجهول الحال.

ص: 966

جيشها أن يتزوجوا أجنبيات؛ بناءً على مصالحَ واعتباراتٍ وطنية وقومية (1).

5 -

ولا شك أن المتزوج بالحربية في دار الكفر أو الحرب اليوم سيخضع لأحكام دولتها في شئون النكاح والطلاق رضي أو سخط، والواقع يشهد أن أطفالًا وُلدوا لآباء مسلمين قد تحولوا كفارًا بسب أمهاتهم اللائي طُلِّقْنَ من الأزواج فاسْتَحْقَقْنَ نصفَ مال الزوج وجميع الذرية بالحضانة، وعليه فلا بد من نظرة تقويمية لواقع هذا الزواج وآثاره على الذرية. حدَّثَ أحد الباحثين المقيمين في الغرب فقال:

"صديق لي تزوج بامرأة ألمانية نصرانية، ولم يكن حسن الالتزام بدينه، وكانت هي أيضًا بعيدة عن دينها، ويَسَّر الله لهذا الرجل أن تَعَرَّف على المسلمين الملتزمين وعلى المسجد حتى أصبح من رواده، وأصبح داعية للإسلام، وكان له من زوجته خمسة أولاد لا تتجاوز أعمارهم السبع سنوات، وصار يُحضرهم معه إلى المسجد ويُعلمهم الإسلام، وبدأت العداوة تكبر في صدر امرأته حتى اشتعل صدرُها ببغض هذا الدين، ودفعها هذا البغض إلى الاقتراب من الكنيسة والدفاع عنها، وكانت تثور في البيت المجادلات الدينية، والتي لم تنتهِ إلا بطلب المرأة الطلاق، وصدر الحكم بالطلاق، وكانت الأم قد أَطلعتِ القاضي على سبب العداوة بينها وبين زوجها، الذي انقلب إلى رجل متعصب بزعمها، ويريد أن يربي أولاده على الإسلام ويأخذهم إلى المسجد، فمال القاضي إليها وحكم لها بحضانة الأطفال الخمسة، ولم يعد يسمح للأب أن يزور أولاده إلا مرة واحدة في الأسبوع، وحرصت الأم بعد ذلك على غرس الكفر في نفوس الأطفال فصارت تصحبهم إلى الكنيسة بعد أن كانت الكنيسة لا تعني شيئًا لها، تطبخ لهم الخنزير وتنفرهم من الإسلام، وكان الأب في غضون زيارة الأولاد له يحرص على تعليمهم

(1) في فقه الأقليات، د. يوسف القرضاوي، (ص 102 - 103).

ص: 967

الصلاة وتحبيبهم بها، فلما علمت الأم بذلك أخبرت القاضي، الذي قام بإنذار الأب بحرمانه من زيارة أطفاله له، إذا حدَّثهم عن الإسلام أو الصلاة، أو حتى صلى إحدى الصلوات أمامهم، وهذا غيض من فيض مما يجري في بلاد الغرب، من حرب الإسلام وأهله والاعتداء على أبناء المسلمين لإبعادهم عن دينهم، ومنذ أيام قلائل اتصل بي أحد الأخوة، وأخبرني أن صديقًا له من المسلمين العرب توفي وله زوجة ألمانية، فأراد أهله وأصدقاؤه دفنه في مقبرة المسلمين، فرفضت زوجته وأصرَّت على أن يُدفن في مقابر النصارى، فذهب بعض الأخوة يترجونها للسماح بدفنه في مقابر المسلمين، فلم تَقبل ودُفن في مقابر النصارى، فالزوجة في القانون الألماني هي التي تأخذ هذا القرار، وليس لأهله أو أسرته حق في التدخل بهذا الشأن؛ لذلك يجب على المسلم أن لا يُقْدِمَ على الزواج من كتابية في بلاد الغرب، إلا إذا استوثق لعرضه ودينه ودين أولاده، وإلا فهو مضيِّع للأمانة التي حمَّلَهُ الله إياها، وسيُسأل عن ذلك يوم القيامة (1).

وبناءً عليه: فإن غلبة الظن حاصلة في زواج كهذا بعدم الاستقرار في هذا الزواج وضياع الذرية دينيًّا وتربويًّا.

ويقول الشيخ محمد رشيد رضا: "أحلَّ الله العفائف من أهل الكتاب، وهو جائز بالنص، وأنه لا يحرم إلا لسبب آخر يدخل في باب سدِّ الذرائع كأن يستلزم شيئًا من المفاسد المحرمة وأشدها أن يتبع الأولاد كلهم أو بعضهم الأمَ في دينها، إما بحكم قوانين تلك البلاد، وإما لكون المرأة أرقى من زوجها علمًا وعقلًا وتأثيرًا بحيث تغلبه على أولاده فتربيهم على دينها"(2).

(1) أحكام الأحوال الشخصية للمسلمين في الغرب، د. سالم الرافعي، دار ابن حزم، بيروت، ط 1، 1423 هـ - 2002 م، (ص 418 - 419).

(2)

الفتاوي، لمحمد رشيد رضا، دار الكتاب الجديد، بيروت، ط 1، 1390 هـ، (4/ 1596).

ص: 968

ويقول الشيخ شلتوت رحمه الله: "فإذا انسلخ الرجل المسلم عن حقه في القوامة وألقى بمقاليد نفسه وأسرته وأبنائه إلى زوجته الكتابية فتصرَّفت فيه وفي أبنائه بمقتضى عقيدتها وعاداتها، ووضع نفسه تحت رايتها ومشورتها؛ فإن ذلك نكسٌ للقضية وقلبٌ للحكمة التي أحل الله لأجلها التزويج بالكتابيات، فقد تُنشئهم على الكفر وعادات الشرك، مما لا يقره الإسلام ولا يرضاه، أو يعتبر الرضا به والسكوت عليه كفرًا أو خروجًا من الملة؛ فإن الإسلام يرى أن المسلم إذا شذَّ عن مركزه الطبيعي في الأسرة وألقى بمقاليد أمره بين يدي زوجته غير المسلمة وجب منعه من التزويج بها"(1).

فمثل هؤلاء ليسوا من المسلمين إلا في الجنسية السياسية ففتنتهم بالكفر أكبر من فتنتهم بالنساء (2).

أدلة القائلين بالكراهة ومناقشتها من القرآن الكريم، والمعقول:

أولًا: القرآن الكريم:

قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5].

وجه الدلالة:

الآية عامة في إباحة نساء أهل الكتاب للمسلمين، ولم تُفرق بين أن يكون الزواج بها في دار الإسلام، أو في دار الحرب، فاختلاف الدار لا أثر له في إباحة الزواج أو تحريمه.

"وظاهر الآية يقتضي جواز نكاح الجميع، الذميات والحربيات؛ لشمول الاسم لهن"(3).

وقال القاسمي رحمه الله: "استدلَّ بعموم الآية من جَوَّزَ نكاح الحربيات الكتابيات"(4).

(1) الفتاوي، دراسة لمشكلات المسلم المعاصر في حياته اليومية العامة، لمحمود شلتوت، دار الشروق، القاهرة، ط 18، 1424 هـ - 2004 م، (ص 240).

(2)

تفسير المنار، لمحمد رشيد رضا، (6/ 196).

(3)

أحكام القرآن، للجصاص، (2/ 326).

(4)

محاسن التأويل، للقاسمي، (6/ 1872).

ص: 969

ثانيًا: المعقول:

إن نكاح الكتابية المقيمة في دار الحرب، يفضي إلى أمور سيئةٍ تستوجب كراهة زواجها، منها:

1 -

أن زوجها مقيم معها في دار الحرب، وهذا فيه تكثير لسواد الكفار، وقد تبرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن أقام مع المشركين ولم يهاجر إلى ديار المسلمين.

2 -

أن الكتابية التي في دار الحرب لم تخضع لأحكام الإسلام، بخلاف التي في دار الإسلام، وهذا مما يقوي سلطتها على زوجها، وشدة تأثيرها عليه، فيميل إلى حبها ومودتها، فتفتنه عن دينه، وتُخَلِّقُه بأخلاقها، وتُعَوِّدُه على عاداتها الفاسدة.

3 -

أن الكتابية في دار الحرب تشرب الخمر وتأكل الخنزير وغيرهما من المحرمات، عيانًا بيانًا، والدين المحيط بها هو الكفر، فميلها إلى دين أهلها وقومها هو الأقرب، بل ربما أثَّرت على زوجها، فمال معها، بخلاف الكتابية في دار الإسلام؛ فإنها تشرب الخمر وتأكل الخنزير خفية ولا يُسمح لها بالتظاهر به، والدين المحيط بها هو الإسلام بعزته وآدابه السامية، فميلها إلى دين زوجها هو الأقرب.

4 -

تنشئة أولاده فلذات كبده، على دينها الخبيث، وخلقها وعاداتها السيئة؛ لأنها هي الأقرب لهم من أبيهم، فعطفها وحنانها له تأثير كبير على سلوكهم وأخلاقهم، ولكون الدين المحيط بهم هو الكفر، والخلق والعادات المحيطة بهم هي خلق وعادات الكفار، فهذا أيضًا له الأثر البالغ في ميل أبنائه إلى دين أمهم وأخلاقها.

5 -

تعريض الولد للاسترقاق؛ لأنها ربما تكون حاملًا منه، فتنشب الحرب بين المسلمين والكفار، وينتصر المسلمون على عدوهم، وتؤسر الأم، فلا تُصَدَّقُ بأن هذا الحمل من مسلم، فيترتب على ذلك أن يولد الولد رقيقًا مملوكًا، لمن وقعت الأم في أسره. فلهذه المفاسد وغيرها كثير، كان النكاح بالكتابية في دار الحرب أشد كراهة منه

ص: 970

في دار الإسلام (1).

مناقشة أدلة القائلين بالكراهة:

الدليل من القرآن الكريم:

بالنسبة لاستدلالهم بعموم قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5].

يقال لهم: بأن الآية خاصة بنكاح الكتابيات في دار الإسلام، وهن الذميات؛ لأنهن يدفعن الجزية، ويلتزمن بالأحكام الإسلامية العامة، فرجاء إسلامهن هو الأقرب، كما فهم ذلك ابن عباس رضي الله عنهما.

والله سبحانه وتعالى عندما أباح نكاحهن للمسلمين، ليس فقط لقضاء العشرة الزوجية معهن، بل الأهم من ذلك هو ميلهن إلى دين أزواجهن وهو الإسلام.

أما الكتابية الحربية، فخرجت من عموم الآية؛ لأنها لم تَجْرِ عليها الأحكام الإسلامية، ولم تدفع الجزية، فالهدف الذي من أجله أباح الله نكاحها للمسلمين قد لا يحصل، بل ربما حصل العكس، وهو تأثيرها على زوجها المسلم وأولاده، فيميلون إلى دينها ودين قومها، وهو الكفر.

وأجيب عن ذلك:

بأنه لا دليل على تخصيص الآية بالذميات، فالآية عامة في إباحة الزواج بالكتابيات حربيات أو ذميات، وهذا هو ما فهمه أكثر أهل العلم (2).

(1) المبسوط، للسرخسي، (5/ 50)، فتح القدير، لابن الهمام، (3/ 229)، تبيين الحقائق، للزيلعي، (2/ 109)، المدونة، رواية سحنون بن سعيد، (2/ 218 - 219)، تفسير القرطبي، (3/ 69)، المهذب، للشيرازي، (2/ 44)، مغني المحتاج، للشربيني، (3/ 187)، حاشية قليوبي على شرح المنهاج، (3/ 250)، كشاف القناع، (5/ 84)، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي، (5/ 173).

(2)

أحكام القرآن، للجصاص، (2/ 326)، البحر المحيط، لأبي حيان، (3/ 448)، محاسن التأويل، =

ص: 971

ويُرَدُّ على ذلك: بأن الآثار المروية عن بعض الصحابة في تحريم الزواج بالكتابيات في دار الحرب، وما سبق ذكره من المخاطر والمفاسد التي تعود على المسلمين بزواجهم من الكتابيات الحربيات، قد يُخَصِّصُ العموم، فتخرج الكتابية الحربية من هذا، وتبقى الآية خاصة بالذمية.

مناقشة دليل المعقول:

أما الرَّد على ما استدلوا به من المعقول على أن كراهة الزواج بهن كراهة تنزيهية.

فيمكن أن يجاب عن ذلك:

بأن حمل هذه المفاسد والمخاطر التي تعود على المسلم بزواجه من الحربية على الكراهة التحريمية هو الأَولى؛ لأن المسلم الذي يتزوج بالحربية، سيبقى مقيمًا معها في دار الحرب، والله سبحانه وتعالى أمر المسلمين بالهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام، بقوله:{قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: 97].

فبقاء المسلم مع زوجته الحربية في دارها فيه مخالفة لأمر الله بالهجرة، ومخالفة المسلم أَمْرَ ربه محرَّم، وبهذا يكون الزواج بالكتابية الحربية محرُّمًا؛ لأن ما أدى إلى الحرام فهو حرام، والزواج بالكتابية الحربية يؤدي إلى الإقامة في دار الحرب وتكثير سواد الكفار، وهذا محرم.

ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم تبرأ من المسلم الذي يقيم بين المشركين، والبراءة لا تكون إلا على فعل محرَّم، وهو الإقامة مع المشركين في دارهم عندما يتزوج المسلم بالكتابية الحربية (1).

الترجيح:

مع قوة أدلة القائلين بالكراهة فحسب، إلا أن الواقع اليوم بمتغيراته ومستجداته،

= للقاسمي، (6/ 1872).

(1)

اختلاف الدارين وآثاره في أحكام الشريعة الإسلامية، د. عبد العزيز مبروك الأحمدي، (ص 249 - 251).

ص: 972

يشهد بمفاسدَ عظيمةٍ لا يمكن بحال أن تكون الشريعة ناظرة إليها بمنظار الكراهة، ولا شك أن هذا من موارد تغير الفتيا في المسائل الاجتهادية.

وإذا كان بعض العلماء منع حتى من نكاح المسلمة في دار الحرب (1)، وإذا فعل فلا ينبغي له أن ينجب حفظًا للذرية، وحماية لها من الكفر ومخاطره، فإن نكاح الكتابية الحربية أولى بالمنع، بل بالتحريم.

مع التسليم بأن من خَشِيَ على نفسه الوقوع في الزنا جاز له أن يتزوج من الكتابية في دار الحرب مع توقي الإنجاب ما استطاع إلى ذلك سبيلًا، والله المستعان.

حكم نكاح الكتابية الذمية:

اختلف في ذلك على ثلاثة أقوال:

القول الأول: الجواز مع الكراهة:

وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، وهو رأي الحنابلة إلا أنهم عبروا عنه بأنه خلاف الأَولى.

قال مالك: أَكْرَهُ نساء أهل الذمة اليهودية والنصرانية، وما أُحرمه (2).

جاء في الدر المختار: ("وصح نكاح كتابية" وإن كُرِهَ تنزيهًا)(3).

وفي مختصر خليل: "والكافرة إلا الحرة الكتابية بِكُرْهٍ"(4)، أي: يحرم نكاح الكافرة إلا الحرة الكتابية فهو جائز مع الكراهة.

وفي روضة الطالبين: "الكفار ثلاثة أصناف، أحدها: الكتابيون فيجوز للمسلم

(1) مذهب الشافعية وقول الإمام أحمد بكراهة أن يتزوج المسلم من المسلمة بدار الكفر وبين ظهراني أهل الحرب، وقال أحمد: أكره أن يتزوج الرجل في دار الحرب، أو يتسرى من أجل ولده أحكام أهل الذمة، لابن القيم، (2/ 809)، نهاية المحتاج، للرملي، (6/ 290).

(2)

المدونة، رواية سحنون بن سعيد، (2/ 219).

(3)

الدر المختار، للحصكفي، مع حاشية ابن عابدين، (4/ 125 - 134).

(4)

مختصر خليل مع مواهب الجليل، (5/ 133).

ص: 973

مناكحتهم، سواء كانت الكتابية ذمية أو حربية، لكن تكره الحربية، وكذا الذمية على الصحيح" (1).

وفي المبدع: ("إلا حرائر أهل الكتاب" فإنها تحلُّ بغير خلاف نعلمه. . . والأَولى تركه)(2).

القول الثاني: الجواز من غير كراهة:

وهو مذهب ابن القاسم المالكي، والظاهرية.

جاء في حاشية الخرشي عن نكاح الكافرة ("إلا الحرة الكتابية بِكُرْهٍ" وعلى قول ابن القاسم يجوز بلا كراهة)(3).

وفي المحلَّى: (وجائز للمسلم نكاح الكتابية)(4).

القول الثالث: لا يجوز نكاح الحرة الكتابية مطلقًا ذمية كانت أو حربية:

وهو رأي ابن عمر رضي الله عنهما، ولم ينقل عن غيره.

فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما لا يجوِّز ذلك، ويقول:"الكتابية مشركة"(5).

قال الباجي: ولا أعلم أحدًا منعه غير عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (6).

أدلة كل رأي:

أولًا: استدل الجمهور بالكتاب، وآثار الصحابة، والمعقول:

1 -

القرآن الكريم:

(1) روضة الطالبين، للنووي، (7/ 135).

(2)

المبدع شرح المقنع، لابن مفلح، (7/ 70 - 71) باختصار.

(3)

حاشية الخرشي على مختصر خليل، (4/ 242).

(4)

المحلى، لابن حزم، (9/ 445).

(5)

أخرجه البخاري، كتاب الطلاق، باب: قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} ، (5285).

(6)

المنتقى شرح الموطأ، لأبي الوليد الباجي، (5/ 130).

ص: 974

استدلوا على حل نكاح الكتابيات بقوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5].

وجه الدلالة:

نصت الآية الكريمة على حل نكاح المحصنات من أهل الكتاب، والمراد بهن العفيفات (1).

2 -

آثار الصحابة:

عن جابر رضي الله عنه وسئل عن نكاح المسلمِ اليهوديةَ والنصرانيةَ، قال:"تزوجناهن زمان الفتح بالكوفة مع سعد بن أبي وقاص، ونحن لا نكاد نجد المسلمات كثيرًا، فلما رجعنا طلقناهن، وقال: لا يرثن مسلمًا ولا يرثونهن، ونساؤهم لنا حل، ونساؤنا حرام عليهم"(2).

وجه الدلالة:

يجوز ارتكاب المكروه للحاجة إليه وهو نكاح الكتابيات حال عدم وجدان المسلمات؛ ولهذا حين رجعوا طلقوهن، مع نصهم على حلهن فأفاد هذا الكراهة (3).

3 -

المعقول:

واستدلوا على كراهة نكاح الكتابيات من المعقول بما يلي:

أ - ربما كانت سببًا في فتنته عن دينه، وتحوُّله عن ملته (4).

ب - ربما تفسد دين أولاده، وتغذيهم بدينها، وتطعمهم الحرام، وتسقيهم الخمر (5).

(1) أحكام القرآن، لأبي بكر الجصاص، (3/ 324)، أحكام أهل الذمة، لابن القيم، (2/ 794).

(2)

أخرجه البيهقي، كتاب النكاح، باب: ما جاء في تحريم حرائر أهل الشرك دون أهل الكتاب، وتحريم المؤمنات على الكفار، (7/ 172) بسند حسن لأجل عبد المجيد بن عبد العزيز، قال عنه الحافظ في التقريب:"صدوق يخطئ".

(3)

السنن الكبرى، للبيهقي، (7/ 172).

(4)

المغني، لابن قدامة، (9/ 546) بتصرف.

(5)

المدونة، رواية سحنون، (2/ 219).

ص: 975

ثانيًا: استدل المجوزون بالكتاب، وبعمل الصحابة:

فمن الكتاب قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5].

وجه الدلالة:

ظاهر الآية يدل على جواز نكاح الكتابيات من غير كراهة (1).

وقد تزوج عثمان بن عفان نائلة بنت الفرافصة الكلبية على نسائه، وهي نصرانية فأسلمت عنده (2).

ثالثًا: استدل ابن عمر رضي الله عنه بالكتاب، ومنه:

1 -

قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221].

وجه الدلالة:

نهى الله تعالى عن نكاح المشركات، والكتابية مشركة؛ لأنها تقول: عيسى ربها (3)، فهي ناسخة لآية المائدة.

2 -

قوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10].

وجه الدلالة:

دلت الآية على حرمة إبقاء الكافرة في عصمة المسلم، وهذا يقتضي حرمة الابتداء، والكتابية كافرة، فدل على حرمة نكاحها.

وقد أمَرَ عمرُ حذيفةَ رضي الله عنهما بطلاق يهودية تزوجها، وكتب إليه أن يفارقها (4).

(1) المبسوط، للسرخسي، (4/ 210).

(2)

أخرجه البيهقي، كتاب النكاح، باب: ما جاء في تحريم حرائر أهل الشرك دون أهل الكتاب، وتحريم المؤمنات على الكفار، (7/ 172) وفي إسناده عمر مولى غفرة، قال عنه الحافظ في التقريب:"ضعيف كثير الإرسال".

(3)

أحكام القرآن، للجصاص، (3/ 326).

(4)

أخرجه البيهقي، كتاب النكاح، باب ما جاء في تحريم حرائر أهل الشرك دون أهل الكتاب، وتحريم المؤمنات على الكفار، (7/ 172) قال الحافظ في التلخيص الحبير، (3/ 357):"سند لا بأس به".

ص: 976

3 -

كما قالوا: إن آية البقرة ناسخة لآية المائدة.

المناقشة:

أولًا: مناقشة أدلة أصحاب القول الأول:

لا نسلم بأن المحصنات هنا العفيفات، بل المراد بالمحصنات من الذين أوتوا الكتاب في الآية اللاتي أسلمن من أهل الكتاب (1)، كما في قوله تعالى:{وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ} [آل عمران: 199]، وقوله تعالى:{لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران: 113، 114]، فالمراد من كان من أهل الكتاب فأسلم (2).

ويجاب عن ذلك بما يلي:

1 -

إطلاق لفظ أهل الكتاب ينصرف إلى الطائفتين من اليهود والنصارى دون المسلمين، ودون سائر الكفار، ولا يطلق أحد على المسلمين أنهم أهل الكتاب، كما لا يطلق عليهم أنهم يهود أو نصارى، والله تعالى حين قال:{وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} [آل عمران: 199]، فإنه لم يطلق الاسم عليهم إلا مقيدًا بذكر الإيمان عقيبه. وكذلك قال:{لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران: 113]، فذكر إيمانهم بعد وصفهم بأنهم أهل الكتاب، فليس في القرآن إطلاق أهل الكتاب من غير تقييد إلا ويُراد به اليهود

(1) المبسوط، للسرخسي، (4/ 210).

(2)

أحكام القرآن، للجصاص، (3/ 325).

ص: 977

والنصارى، وغير جائز لنا الانصراف عن الظاهر إلى غيره إلا بدلالة، وليس من دلالة توجب صرفه عن ظاهره (1).

2 -

لو كان المراد بالكتابية مَنْ أسلمت منهن لم يكن لتخصيصها بالذكر معنى؛ فإن غير الكتابية إذا أسلمت حل نكاحها (2).

يوضح ذلك أنه قد ذكر المؤمنات في قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ} [المائدة: 5]، فانتظم ذلك سائرَ المؤمنات ممن كن مشركات، أو كتابيات فأسلمن، وممن نشأ منهن على الإسلام فغير جائز أن يعطف عليه مؤمنات كُنَّ كتابيات (3).

3 -

معلوم أنه لم يُرِدْ بقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5]، طعام المؤمنين الذين كانوا من أهل الكتاب، وأن المراد به اليهود والنصارى، كذلك:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5] هو على الكتابيات دون المؤمنات (4).

مناقشة أصحاب القول الثالث:

1 -

إن لفظة المشركين أو المشركات عند إطلاقها إنما تتناول عبدة الأوثان والمجوس، ولا تتناول أهل الكتاب، بدليل قوله سبحانه:{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 1]، وقوله:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [البينة: 6]، وقوله:{مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ} [البقرة: 105]، وسائر آي القرآن يفصل بينهما، وظاهر العطف يقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف

(1) أحكام القرآن، للجصاص، (3/ 325 - 326).

(2)

المبسوط، للسرخسي، (4/ 210).

(3)

أحكام القرآن، للجصاص، (3/ 325).

(4)

الذخيرة، للقرافي، (4/ 323)، الحاوي، لأبي الحسن علي بن محمد الشهير بالماوردي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1414 هـ - 1994 م، (9/ 222).

ص: 978

عليه، فدل على أن لفظة المشركين بإطلاقها غير متناولة لأهل الكتاب (1).

ويجاب:

بأن الله تعالى وصف أهل الكتاب بالشرك، فقال:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31](2).

ويرد على هذا الجواب:

بأن أهل الكتاب ليس في أصل دينهم شرك، فإن الله إنما بعث الرسل بالتوحيد، فكل من آمن بالرسل والكتب لم يكن في أصل دينهم شرك، ولكن النصارى ابتدعوا الشرك، كما قال سبحانه:{سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، فحيث وصفهم بأنهم أشركوا فلأجل ما ابتدعوه من الشرك الذي لم يأمر الله به، ووجب تمييزهم عن المشركين؛ لأن أصل دينهم اتباع الكتب المنزلة التي جاءت بالتوحيد، لا بالشرك، كما أن الله سبحانه لم يخبر عن أهل الكتاب أنهم مشركون بالاسم، بل قال {عَمَّا يُشْرِكُونَ} بالفعل، وفي آية البقرة {الْمُشْرِكَاتِ} بالاسم، والاسم أوكد من الفعل (3).

2 -

آية البقرة عامة في حرمة نكاح جميع المشركات، ويخصصها قوله سبحانه:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5]، فتكون الأُولى مرتبة على الثانية؛ لأنه متى أمكننا استعمال الآيتين على معنى ترتيب العام على الخاص وجب استعمالهما (4).

3 -

أو يقال: إن آية المائدة في حل نساء أهل الكتاب ناسخة لآية البقرة في تحريم المشركات؛ لأن

(1) تفسير القرطبي، (3/ 69)، المغني، لابن قدامة، (9/ 545 - 546).

(2)

مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (32/ 179).

(3)

المرجع السابق، (32/ 179).

(4)

أحكام القرآن، للجصاص، (3/ 325).

ص: 979

المائدة نزلت بعد البقرة باتفاق العلماء، والآية المتأخرة تنسخ الآية المتقدمة إذا تعارضتا (1).

وقوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10].

نوقش بأن:

1 -

المقصود بالكوافر في الآية المشركات؛ فإن الآية نزلت في قصة الحديبية، ولم يكن للمسلمين زوجات من أهل الكتاب إذ ذاك (2).

2 -

الآية عامة في كل كافرة، وتخصصها آية المائدة:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5]، والخاص يجب تقديمه (3).

الترجيح:

الراجح -والله أعلم- ما ذهب إليه الحنابلة من القول بحل نكاح الكتابيات، ولكنه خلاف الأَولى؛ لما يلي:

الآية الكريمة: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5]، دلت على حل نكاحهن، ولفظ الحل هنا لا يدل على الكراهة، ولو كان لبينه الله سبحانه أو رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يَرِدْ فالأصل هو الجواز.

ولكن يقال بأن نكاح الكتابية خلافُ الأَولى؛ لما ذكره الفقهاء من الخشية على دين الأولاد، بل دين الزوج المسلم.

ولا يقال: إن ذلك كافٍ في القول بالكراهة؛ إذ يقابله مصلحة عظمى، وهو إسلام الكتابية المرجو باقتران المسلم بها، والمعروف أن المرأة تتبع دِينَ الرجل، على أن الكراهة إنما يصار إليها حين يوجد نص يدل عليها، أما ولم يوجد نص، فإن التعبير بمخالفة

(1) مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (32/ 180).

(2)

أحكام أهل الذمة، لابن القيم، (2/ 797).

(3)

المغني، لابن قدامة، (9/ 546).

ص: 980

الأَولى أَولى.

وأخيرًا: فإن قيل: لماذا أباح الله سبحانه لنا الكتابيات دون المشركات؟

فالجواب: لقد أباح الله سبحانه لنا الكتابيات دون المشركات؛ لأن الكتابية تؤمن بالألوهية، وتقر بمبدأ الرسالات السماوية، وتؤمن بالبعث والنشور، فهي تلتقي مع المسلم في ذلك وفي لب الفضائل الاجتماعية، فدوام العشرة متوقَّع فكان هذا الجواز بغرض تألُّفِهم ليعرفوا حقيقة الدين الذي هو أصل دينهم، وإزالة الجفوة والبدع التي دخلت عليهم من باب الدين، والتي تحجبهم عن محاسن الإسلام، فكان في نكاح المسلم إياها رجاء إسلامها؛ لأنها متى تنبهت إلى حقيقة الأمر رُجي إسلامها، وإن لم تسلم فإنها تعيش ضمن الإسلام من حيث آدابه الاجتماعية وتقاليده العريقة.

فينبغي لكل مسلم يريد الزواج منهن أن يكون مظهرًا لهذه الحكمة وسالكًا سبيلها وبذلك يكون قدوة صالحة لامرأته وأهلها في الصلاح والتقوى ومكارم الأخلاق، فإن لم يَرَ نفسه أهلًا لذلك فلا يقدم عليه.

والمشركة بخلاف الكتابية فهي لا تلتقي مع المسلم في عقائده، ولُبِّ فضائله الاجتماعية فتبقى العداوة والمنافرة التي تخالف مقاصد النكاح، والكاساني يوضح الفرق إذ يقول:

"إن الأصل أنه لا يجوز للمسلم أن ينكح الكافرة؛ لأن ازدواج الكافرة والمخالطة معها مع قيام العداوة الدينية لا يحصِّلُ السكن والمودة الذي هو قوام مقاصد النكاح.

إلا أنه جُوِّزَ نكاحُ الكتابية لرجاء إسلامها؛ لأنها آمنت بكتب الأنبياء والرسل في الجملة، وإنما نقضت الجملة بالتفصيل بناءً على أنها أُخبِرت عن الأمر على خلاف حقيقته، فالظاهر أنها متى نُبِّهت على حقيقة الأمر تنبهت، وتأتي بالإيمان على التفصيل، والزوج يدعوها إلى الإسلام وينبهها على حقيقة الأمر، فكان في نكاح المسلم إياها

ص: 981

رجاء إسلامها، فَجُوِّزَ نكاحها لهذه الغاية الحميدة، بخلاف المشركة فإنها في اختيارها الشرك ما ثبت أمرها على الحجة، بل على التقليد من غير أن ينتهي ذلك الخبر ممن يجب قبول قوله واتباعه وهو الرسول عليه الصلاة والسلام.

فالظاهر أنها لا تنظر في الحجة (وهي الإخبار بحقيقة العقيدة الحقَّةِ)، ولا تلتفت إليها عند الدعوة، فيبقى ازدواج الكافرة (أي: المشركة) مع قيام العداوة الدينية المانعة عن السكن والمودة، والازدواج خاليًا عن العاقبة الحميدة فلم يجز نكاحها" (1).

من هنا فليعلم ناكح الكتابية أن الغاية من جواز نكاحها هو رجاءُ إسلامها، بمعنى أنها تتأثر ولا تُؤَثِّرُ، قابلة غير فاعلة، فلينتبه للأمر ولا يجعله منكوسًا.

(1) بدائع الصنائع، للكاساني، (2/ 270).

ص: 982