الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيها التمايز صحيحًا طوال أيام السنة، وذلك موافق للشافعية، والراجح من مذهب الحنفية، وهو الذي تؤيده ظواهر النصوص. . . " (1).
القول الثاني: التقدير المطابق لتوقيت أقرب البلاد
، وذلك بأن يتابع البلد الأقرب والذي تتحقق فيه العلامات الشرعية في نفس مواقيته، فوقت العشاء -مثلاً- في المناطق التي لا يغيب فيها الشفق يكون عند غياب شفق أقرب مكان لهم، فإذا غاب في تلك البلد فقد وجبت العشاء على أهل تلك الدار التي لا يغيب فيها الشفق، ولو كان هذا بعد الفجر، وتعتبر الصلاة عند تأديتها في هذا الوقت أداءً، وليست قضاءً (2).
وهذا مذهب المالكية، بعد التصريح بأنه لا نصَّ لديهم في هذا الموضوع (3).
وإن كان بعض المالكية نحا منحى الشافعية في هذه المسألة كالإمام القرافي (4).
وللحنابلة قول يدل على قرب ما عندهم من هذا المذهب، حيث أَوردوا في مسائل أوقات الصلوات مسألةَ التقدير لأيام الدجال، فنصُّوا على أنه يُقَدَّرُ الزمن المعتاد، أي: يُقَدَّرُ الوقتُ بزمنٍ يساوي الزمنَ الذي كان في الأيام المعتادة، فلا يُنْظَرُ للزوال بالنسبة للظهر، ولا لمصير ظلِّ الشيء مثله بالنسبة للعصر، وهكذا (5).
"ويؤخذ من هذا أن أمر التقدير وارد عندهم؛ وأنه باستصحاب الزمن المعتاد في الوقت
الذي لم يطرأ فيه الفقد، فبالنسبة للأوقات التي طرأ عليها الوضع غير المعتاد يُقَدَّرُ الزمنُ المعتاد.
(1) مجموعة الفتاوي الشرعية الصادرة عن قطاع الإفتاء والبحوث الشرعية، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، الكويت، ط 1، 1417 هـ - 1996 م، فتوى رقم (111).
(2)
حاشية الصاوي على الشرح الصغير لأقرب المسالك، (1/ 225 - 226).
(3)
حاشية الدسوقي، (1/ 179).
(4)
حاشية الصاوي على الشرح الصغير لأقرب المسالك، (1/ 226).
(5)
شرح منتهى الإرادات، للبهوتي، (1/ 287 - 288).
أما إذا كان هناك بلدٌ جميعُ الأوقات فيه مشتملةٌ على هذا الفوات؛ فإن الاستصحاب يكون للبلد الأقرب الذي فيه أوقات معتادة لجميع الصلوات.
وواضح أن التقدير هنا أشبهُ ما يكون بالتقدير على طريقة المالكية، وهو متابعة البلد الأقرب في نفس مواقيته، وليس هو التقدير النسبي الذي ذهب إليه الشافعية" (1).
وعبارة الحنابلة: "ويُقَدَّرُ للصلاة أيامَ الدجال قَدْر المعتادِ من نحو ليل أو شتاء، ويتجه، وكذا حج وزكاة وصوم"(2).
ولم يوجد ما ينقل عنهم في مسألةِ فاقدِ وقتِ العشاء.
وهذا الرأي قد اعتمدته ندوة الأهلة والمواقيت والتقنيات الفلكية في توصياتها ومقترحاتها، والتي انعقدت بالكويت 1409 هـ - 1989 م.
حيث جاء في التوصيات:
"4 - في البلاد التي لا تتمايز فيها الأوقات كالعشاء والفجر؛ لعدم غيبوبة الشفق، أو عدم غروب الشمس، أو عدم طلوع الفجر، يُؤخَذُ لتحديد أوقات الصلوات التي اختفت علاماتها بمبدأ "التقدير المطابِق" بأن يجري على تلك البلاد توقيتُ أقربِ بلدٍ تتمايز فيه تلك الأوقات، مع مراعاة كون البلد الأقرب على نفس خطِّ الطول، وهذا المبدأ مستمَدُّ من مذهب المالكية، وهو يحقِّقُ اليسرَ ورفعَ الحرجِ"(3).
ولا شك أن هذا الاختيار أيسرُ وأضبطُ من الاختيار السابق، وهو التقدير النسبي.
(1) الحلول الشرعية للمناطق الفاقدة لبعض أوقات الصلاة، د. عبد الستار أبو غدة، مجلة المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث عدد (6)، (ص 385).
(2)
مطالب أولي النهى، لمصطفى الرحيباني، (1/ 315 - 316)، الإقناع، للحجاوي، (1/ 84).
(3)
توصيات ومقترحات ندوة الأهلة والمواقيت والتقنيات الفلكية، الكويت، 1409 هـ - 1989 م، عن بحث الحلول الشرعية للمناطق الفاقدة لبعض أوقات الصلاة، (ص 310).