الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيعتبر حكمه، هذا ما ظهر لي في تحرير هذه المسألة" (1).
وخلاصة ما يدل عليه كلام ابن عابدين: أن عقد التأمين بصورته الراهنة باطلٌ، لكنه إذا وقع في ديار غير الإسلام فإنه يجوز للمسلم أن يأخذ بدل الهالك من الكافر الحربي إذا رضي بناءً على رضاه، وليس على كون العقد صحيحًا، وهذا رأي أبي حنيفة ومحمد في أموال الحربيين في دار الحرب.
"ولا شك أن هذه التفرقة بين بلاد الإسلام وغير الإسلام في أحكام المال غير مُسَلَّمَةٍ خالف فيها أبو حنيفة جماهيرَ الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة وأبي يوسف، وبعض فقهاء الحنفية. . . الذين أوجبوا على المسلم الالتزام بأحكام الإسلام حيثما كان"(2).
وعدم تعويل المجلس الأوروبي للإفتاء على هذا التقرير الحنفي يدلُّ على أن المقدم لديهم في فتيا إباحة القروض الربوية للإسكان هو إعمال قواعد الحاجة والتيسير عند المشقات، وبهذا صرح الشيخ القرضاوي في تعقيبه على اعتراض د. البرازي، د. صهيب على الفتيا المذكورة (3).
ثالثًا: وقع الاتفاق على رعاية الضرورات والحاجات الملجئة والإجبار على التأمين في بلاد الغرب
مع التوصية بالسعي الحثيث لإيجاد البدائل الشرعية لهذه المعاملة، وعن هذا عبرت المجامع الفقهية في قراراتها وفتاوي وبحوث العلماء المشاركين فيها:
جاء في قرار المجلسِ الأوروبيِّ للإفتاء ما يلي:
". . . فإن هناك حالات وبيئات تقتضي إيجاد حلول لمعالجة الأوضاع الخاصة، وتلبية متطلباتها، ولا سيما حالة المسلمين في أوروبا حيث يسود التأمين التجاري،
(1) حاشية ابن عابدين، (6/ 281 - 282).
(2)
التأمين الإسلامي، د. علي القره داغي، (ص 148).
(3)
في فقه الأقليات، د. يوسف القرضاوي، (ص 179 - 181).
وتشتد الحاجة إلى الاستفادة منه؛ لدرء الأخطار التي يكثر تعرضهم لها في حياتهم المعيشية بكل صورها، وعدم توافر البديلِ الإسلاميِّ (التأمينِ التكافليِّ) وتعسر إيجاده في الوقت الحاضر، فإن المجلس يفتي بجواز التأمينِ التجاريِّ في الحالات التالية وما يماثلها:
1 -
حالات الإلزام القانوني، مثل: التأمين ضد الغير على السيارات والآليات والمعدات، والعمال والموظفين (الضمان الاجتماعيُّ، أو التقاعد)، وبعض حالات التأمين الصحي، أو الدراسي بنحوها".
2 -
حالات الحاجة إلى التأمين لدفع الحرج والمشقة الشديدة، حيث يُغتفر معها الغرر القائم في نظام التأمينِ التجاريِّ.
ومن أمثلة ذلك:
1 -
التأمين على المؤسسات الإسلامية: كالمساجد، والمراكز، والمدارس، ونحوها.
2 -
التأمين على السيارات والآليات والمعدات والمنازل والمؤسسات المهنية والتجارية؛ درءًا للمخاطر غير المقدور على تغطيتها، كالحريق، والسرقة، وتعطل المرافق المختلفة.
3 -
التأمين الصحي تفاديًا للتكاليف الباهظة التي قد يتعرض لها المستأمِن وأفراد عائلته، وذلك إما في غياب التغطية الصحية المجانية، أو بطئها، أو تدني مستواها الفني.
ثانيًا: إرجاء موضوع التأمين على الحياة بجميع صوره لدورة قادمة لاستكمال دراسته.
ثالثًا: يوصي المجلس أصحاب المال والفكر بالسعي الحثيث لإقامة المؤسسات المالية الإسلامية كالبنوك الإسلامية، وشركات التأمين التكافلي الإسلامي ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا (1)(2).
(1) خالف عضو المجلس الدكتور محمد فؤاد البرازي هذا القرار بقوله: "أرى جواز التأمين على ما يلزم به القانون، إضافة إلى التأمين التعاوني في حال وجوده" ومنع ما سوى ذلك.
(2)
قرارات وفتاوي المجلس الأوروبي، (ص 154 - 155).
وجاء في قرار مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا ما يلي:
". . . ثالثًا: من حيث عقود التأمين خارجَ ديارِ الإسلامِ:
1 -
تجري ممارسة التأمين خارجَ ديارِ الإسلامِ بأسلوب التأمينِ التجاريِّ الذي يرى جمهور الفقهاء المعاصرين عدمَ جوازِهِ شرعًا.
2 -
وقد بدأت بعض شركات التأمينِ التجاريِّ تأخذ ببعض أساليب الممارسات التأمينية التي تتبعها شركات التأمين الإسلامية، وخاصة في إصدار وثائق تأمين مع الاشتراك في الأرباح، وإصدار وثائق تأمين مع استرداد المستأمِنِ لما دفعه من أقساط طالما لم يحصل على تعويضات.
3 -
مراعاةً لخصوصية حال المسلمين المقيمين خارج ديار الإسلام في ضرورة التزامهم بقوانين الدولة التي يقيمون فيها، وما تقضي به من التأمينِ الإجباريِّ خاصة في تأمينات المسئولية وللحاجة الماسة إلى التأمين على الممتلكات خاصة في حالة التجارة الدولية -يرى المجمع الترخص في تأمين المسلمين المقيمين خارج ديار الإسلام لدى شركات التأمين التجارية في هذه البلاد تيسيرًا على المقيمين بها، ورفعًا للحرج عنهم، وذلك في الأحوال التالية:
أ - التأمين الإجباري الذي تُلزِم به النظم والقوانين.
ب - ما تشتد إليه الحاجة من أنواع التأمين الأخرى؛ نظرًا لضخامة المسئولية أو التبعات التي تترتب عند وقوع المخاطر وعجز إمكانات الأفراد عن مواجهتها، كالتأمين الصحي ونحوه.
على أن يتجه المترخصون قدرَ الإمكان إلى الشركات التي تطبق بعض أساليب التأمين التي تقترب من التأمين التكافلي الذي تباشره شركات التأمين الإسلامية.
4 -
يوصي المجلس -للخروج من دائرة التعامل مع شركات التأمين التجارية، وتلبية
لحاجات المسلمين ومطالبهم، وسعيًا نحو الالتزام الكامل بالأحكام الشرعية والإسهام في نشر أحكام وقيم الإسلام- أن تُوَجَّهَ الجهودُ إلى ما يلي:
أ - العمل على إنشاء شركات تأمين إسلامية في البلاد التي يقيم بها عدد كبير من المسلمين.
ب - إنشاء مكاتب تمثيل لشركات التأمين الإسلامية القائمة في بعض البلاد الإسلامية في مراكز تجمعات المسلمين في الدول غير الإسلامية، وهذا أمر ممكن في ظل اتفاقيات "الجات" الدولية. والله تعالى أعلى وأعلم" (1).
وإلى هذا مال عدد من العلماء المعاصرين منهم د. علي محيي الدين القره داغي، فقال:
"في حالة عدم وجود شركات التكافلِ، أو التأمينِ الإسلاميِّ في البلاد غير الإسلامية فإنه يجوز التعامل مع التأمينِ التجاريِّ في حالتي الضرورة، والحاجة العامة التي تنزل منزلةَ الضرورة، وحتى لا يكون كلامنا عامًّا، فإنني أعتقد أنه يدخل فيهما ما يأتي:
1 -
حالة وجود قانون ملزم بأي نوع من أنواع التأمين، صادر من الدولة التي يعيش فيها المسلم، أو يغادر إليها لأجل الرزق، أو العلم، أو نحو ذلك.
2 -
حالة ما إذا توقفت على التأمين التجاري: التجارة الخاصة أو العامة.
ولذلك أفتت -حسب علمي- جميعُ هيئات الفتوى والرقابة الشرعية للبنوك الإسلامية داخل العالم الإسلامي بجواز التأمين التجاري في حالة عدم وجود التأمينِ الإسلاميِّ للاعتمادات الخارجية التي تخص الاستيراد والتصدير من الخارج وإليه (2).
وإلى نفس النتيجة انتهى د. محمد عبد الحليم عمر (3).
(1) قرارات وتوصيات المجمع في المؤتمر الثاني، (ص 89 - 90).
(2)
قرارات وتوصيات المؤتمر الثالث لمجمع فقهاء الشريعة، بحث بعنوان: حكم التأمين الصحي وبعض صوره في المجتمع الأمريكي، د. علي محيي الدين القره داغي، (ص 521).
(3)
بحث التأمين وصوره المنتشرة في المجتمع الأمريكي، د. محمد عبد الحليم عمر، (ص 545 - 546).