الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
أن يُقَوَّى المرسل بمثله بشرط قبول أهل العلم له وأخذهم به.
3 -
أن يوافقَ المرسلُ قولَ بعضِ الصحابة؛ فإنه يكون في معنى الرفع.
4 -
أن يتلقاه أهل العلم بالقبول فيفتي به جماعة منهم (1).
ومع ذلك إذا عارضه مسندٌ في موضوعه قُدِّمَ المسندُ عليه.
وللشافعي موقف من الذرائع؛ فهو لا يقول بها، ويقول:"لا أتهم أحدًا".
ويتفق مع من قال بالمصالح المرسلة بشرط ملاءمتها للمصالح المعتبرة المشهود لها بالأصول (2).
وقد روى مذهبَهُ الجديدَ ستةٌ من أصحابه وتلامذته، وأتباع المذهب يأخذون بالراجح من أقواله، وهو ما نَصَّ على رجحانه، وإلَّا فما علم تأخره، وإلا فما فرع عليه وحده، وإلا فما قال عن مقابله: مدخول أو يَلزمه فساد، وإلَّا فما أفرده في محل أو جواب، وإلَّا فما وافق مذهب مجتهد لتقويته به، فإن خلا عن ذلك كله فهو لتكافؤ نظيره.
وإنما يعتبر المتأخر مذهب الشافعي إذا أفتى به، أما إذا ذكره في مقام الاستنباط والترجيح ولم يصرح بالرجوع عن الأول فلا (3).
قال النووي رحمه الله: "كل مسألة فيها قولان للشافعي رحمه الله، قديم وجديد؛ فالجديد هو الصحيح، وعليه العمل؛ لأن القديم مرجوع عنه، واستثنى جماعة من أصحابنا نحو عشرين مسألة أو أكثر، وقالوا: يفتى فيها بالقديم"(4).
مذهب أحمد:
فإذا انتهى الأمر إلى إمام أهل السنة والجماعة بأن تأثره بمنهج شيخه الشافعي
(1) الرسالة، (ص 462) وما بعدها.
(2)
البحر المحيط، للزركشي، (6/ 78).
(3)
نهاية المحتاج، للرملي، (3/ 480).
(4)
المجموع، للنووي، (1/ 66).
وأخذه بأصوله، ويظهر جليًّا أن الإمام أحمد يعظم النصوص ويقدمها، ويثني بالعناية بأقاويل الصحابة وفتاويهم، وبها يفتي، فإذا اختلفوا تخيَّرَ من أقوالهم ما كان أقربها وأشبهها بالكتاب والسنة، ولم يخرج عن أقوالهم.
وكان يأخذ بالضعيف الذي يسميه غيره بالحسن، ويقدمه على الرأي والقياس، وكان يرى القياسَ آخرَ هذه الأصول رتبةً؛ فلا يصير إليه إلَّا إذا لم يجد في الباب نصًّا، ولا قولًا لصاحب، ولا أثرًا مرسلًا، ولا أثرًا ضعيفًا، فهذا عنده موضع ضرورة إذن (1).
وكثيرًا ما ظهر في فقه مدرسته أثرُ الاستصحاب في الأحكام، وجاء مذهبه ثانيًا بعد مذهب المالكية في العمل بالاستصلاح (2).
وظهر العمل بسد الذرائع جليًّا في فتاوي الإمام؛ فحرم العينة والبيوع التي يتوصل بها إلى الحرام؛ فلا يصح بيع العنب لمن يعصره خمرًا، ولا يصح بيع الدار لمن يستعملها استعمالًا غير شرعي، وقال عن نفسه:"وأنا أنظر في الحديث فإذا رأيت ما هو أقوى وأحسن أخذت به وتركت الأول"(3).
وإذا كان المذهب ظاهرًا مشهورًا بحيث اختاره جمهور الأصحاب واعتمدوا نقله والانتصار له حتى قلَّ ذِكْرُ الرواية الثانية -فهذا لا إشكال في أنه المذهب، وإن وُجِدَ من الأصحاب من يدعي أن المذهب غيره.
وإذا كانت الروايتان بمستوى واحد أو متقارب في الظهور بحيث وقع الخلاف في ترجيح إحداها على الأخرى بين الأصحاب وتقاربت الأدلة في القوة -فإن معرفة المذهب الصحيح في هذه الحالة تكون على مراتب:
(1) إعلام الموقعين، لابن القيم، (1/ 30 - 32).
(2)
أسباب اختلاف الفقهاء، لعلي الخفيف، دار الفكر العربي، القاهرة، ط 2، 1416 هـ - 1996 م، (ص 269).
(3)
الإنصاف، للمرداوي، (1/ 9)، شرح الكوكب المنير، لابن النجار، (4/ 495).
المرتبة الأولى: أن يتفق محققو المذهب على رواية واحدة، فتكون حينئذٍ هي المعتمدة والصحيحة في المذهب، وهؤلاء هم:
الموفق ابن قدامة ت: 620 هـ، مجد الدين ابن تيمية (1) ت: 653 هـ، شمس الدين ابن أبي عمر المقدسي (2) ت: 682 هـ، شمس الدين ابن مفلح ت: 763 هـ، زين الدين ابن رجب ت: 795 هـ، سراج الدين الدجيلي (3) ت: 732 هـ، نجم الدين ابن حمدان ت: 695 هـ، شمس الدين ابن عبد القوي المقدسي (4) ت: 699 هـ، وجيه الدين ابن المنجى التنوخي (5) ت: 606 هـ، تقي الدين ابن تيمية ت: 728 هـ.
المرتبة الثانية: إذا اختلف المحققون في الرواية الصحيحة قُدِّمَ ما قدمه ابن مفلح في الفروع.
(1) أبو البركات، مجد الدين، عبد السلام بن عبد الله بن الخضر بن محمد بن علي الحراني، ابن تيمية، فقيه العصر شيخ الحنابلة، من مصنفاته: المنتقي من أحاديث الأحكام، الأحكام الكبرى، المحرر في الفقه، وغير ذلك، ولد سنة 590 هـ، وتوفي سنة 652 هـ. سير أعلام النبلاء، للذهبي، (23/ 291)، وذيل طبقات الحنابلة، لابن رجب، (4/ 1).
(2)
أبو الفرج، شمس الدين، عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة الشيخ الإمام العلامة الفقيه المجتهد شيخ الإسلام ابن الإمام أبي عمر المقدسي الحنبلي، ولد سنة 597 هـ بدمشق، سمع أباه وعمه الشيخ الموفق، وسمع بنفسه من أصحاب السلفي، وهو أول من ولي قضاء الحنابلة بها، من كتبه: الشافي وهو الشرح الكبير للمقنع في فقه الحنابلة، وانتهت إليه رئاسة العلم في زمانه، توفي بدمشق 682 هـ. المقصد الأرشد، لابن مفلح، (2/ 107)، والأعلام للزركلي (3/ 329).
(3)
أبو عبد الله، سراج الدين، الحسين بن يوسف بن محمد بن أبي السري، الدجيلي، ثم البغدادي، الفقيه الحنبلي المقرئ الفرضي النحوي الأديب، من مصنفاته: الوجيز في الفقه، وكتاب نزهة الناظر، وتنبيه الغافلين، ولد سنة 664 هـ، وتوفي سنة 732 هـ. المقصد الأرشد، لابن مفلح، (1/ 349)، وشذرات الذهب، لابن العماد، (8/ 173).
(4)
أبو عبد الله، شمس الدين، محمد بن عبد القوي بن بدران، المقدسي، المرداوي، الفقيه المحدث النحوي، له تصانيف منها: القصيدة الطويلة الدالية، ومجمع البحرين، والفروق، وعمل طبقات للأصحاب، وحدَّث، 603 هـ، وتوفي سنة 699 هـ. ذيل طبقات الحنابلة، لابن رجب، (4/ 307)، والمقصد الرشد، لابن مفلح، (2/ 459).
(5)
أبو المعاليِ، وجيه الدين، أسعد بن المنجى بن أبي المنجى بركات التنوخي الشيخ، الإمام، العلامة، شيخ الحنابلة، ثم الدمشقي، الحنبلي، من مصنفاته: النهاية في شرح الهداية، والخلاصة في المذهب، وغير ذلك. ولد سنة 519 هـ، وتوفي سنة 606 هـ. سير أعلام النبلاء (21/ 436)، والمقصد الأرشد، لابن مفلح، (1/ 279).
المرتبة الثالثة: فإن لم يُقَدِّمْ ابنُ مفلح إحدى الروايتين في الفروع؛ فالمذهب ما اتفق عليه الموفق ابن قدامة ومجد الدين ابن تيمية.
المرتبة الرابعة: إذا اختلف الشيخان فالمذهب مع من وافقه ابن رجب في "القواعد الفقهية"، أو شيخ الإسلام ابن تيمية.
فإن لم يوافقهم أحد فالمذهب ما عليه الموفق في "الكافي" أو غيره، ثم ما عليه المجد.
المرتبة الخامسة: إذا لم يكن للشيخين جميعًا ولا لأحدهما منفردًا تصحيح في المسألة فعلى الترتيب التالي:
1 -
ما قاله ابن رجب.
2 -
ما قاله الدجيلي في "الوجيز".
3 -
ما قاله ابن حمدان في "الرعاية الكبرى" و"الصغرى"؛ فإن اختلفا قُدِّمَ ما في "الرعاية الكبرى".
4 -
ما قاله ابن عبد القوي.
5 -
ما قاله ابن منجى في "الخلاصة".
6 -
ثم ما قاله ابن عبدوس (1) في "التذكرة".
ثم هذه المراحل أغلبية وعلى سبيل الاحتمال، وقد لا تَطَّرِدُ اطِّرادًا تامًّا بسبب تفاوت ما يكون به الترجيح والتصحيح للنصوص والأدلة والمآخذ (2).
(1) أبو الحسن، علي بن عمر بن أحمد بن عمار بن أحمد بن علي بن عبدوس الحراني، الفقيه الزاهد، العارف الواعظ، برع في الفقه والتفسير والوعظ، والغالب على كلامه التذكير وعلوم المعاملات، ومن مصنفاته: تفسير كبير، وكتاب المذهب في المذهب، ولد سنة 510 هـ، وتوفي سنة 559 هـ. ذيل طبقات الحنابلة، لابن رجب، (2/ 90)، والمقصد الأرشد، لابن مفلح، (2/ 242).
(2)
الإنصاف، للمرداوي، (1/ 17).