الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخَاتِمَةُ
الخَاتِمَةُ
الحمد لله أولًا وآخرًا، والشكر لله ظاهرًا وباطنًا، وصلى الله وسلم وبارك على خير خلق الله، وآله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد:
فقد اجتمعت في رحلة هذا البحث باقة مباركة من نتائجه، أسوقها فيما يلي:
1 -
الشريعة الإسلامية الغراء هي وحدها الصالحة والمصلحة لأهل كل زمانٍ مضى أو سيأتي، ولكل مكانٍ اقترب أو نأى عن ديار الإسلام.
2 -
إن وجود الأقليات الإسلامية اليوم لا ينبغي النظر إليه على أنه مجموعة مشكلات معقدة التركيب، بقدر ما ينبغي أن ينظر إليها على أنها سفارات إسلامية تعرف بحقائق الإسلام، وتتبنى قضايا أمتها، وتتفاعل مع حواضر الإسلام المختلفة بطريقة إيجابية.
3 -
حتى تقوم الأقليات الإسلامية بواجبها نحو نفسها ودينها وأمتها فلا مناص من توحدها قطريًّا، وتنظيمها عمليًّا، وضبط مرجعيتها شرعيًّا، وإيجاد ما يسمى بـ "فقه الأقليات المسلمة".
4 -
لا تزال الحاجة ماسَّةً لإحكام بنيان منهج النظر في نوازل الأقليات المسلمة، وتأصيل القواعد الأصولية المقاصدية والفقهية التي ترد إليها مسائل الأقليات المسلمة في عالم اليوم، وذلك من خلال مجالس عالمية، ومقررات مجمعية.
5 -
"فقه النوازل" هو العلم الذي يبحث في الأحكام الشرعية للوقائع المستجدة والمسائل الحادثة، مما لم يَرِدْ بخصوصها نصٌّ ولم يسبق فيها اجتهاد، والعلاقة بينه وبين علم الفقه العموم والخصوص.
6 -
"فقه نوازل الأقليات المسلمة" هو ذلك الفرع العلمي الذي يبحث في المسائل والوقائع المستجدة للأقليات المسلمة خارج ديار الإسلام.
7 -
وُجدت الأقليات المسلمة في العالم نتيجةَ الهجرة الاختيارية والاضطرارية، وهي تبلغ في تعدادها اليوم أربعمائة مليون مسلم أو تزيد، وهي تواجه مشكلاتٍ متعددةً، وتحتاج إلى أنواع من الدعم متنوعة.
8 -
التأصيل لفقه نوازل الأقليات تمسُّ الحاجة إليه لإقامة الدين بين الأقليات، وحفظ مصالحها في مجتمعاتها، وضبط مرجعيتها الشرعية، وتجديد الدين بعامة.
9 -
الاجتهاد في الكشف عن حكم نوازل الأقليات المسلمة فرض كفاية، وقد يتعين على المجتهدين المقيمين في تلك البلاد، وعمل المجتهدين في هذا المضمار أقرب إلى الاجتهاد الإبداعي منه إلى الاجتهاد الانتقائي.
10 -
من مقاصد فقه نوازل الأقليات المسلمة: إقامة الدين، وتبليغ رسالة الإسلام، والتيسير، ورفع الحرج، والتأصيل لفقه الجماعة في حياة الأقليات، وتجاوز فقه الترخيص إلى فقه العزائم والتأسيس.
11 -
أمكن رَدُّ فقه نوازل الأقليات المسلمة إلى ثمان مجموعات من القواعد الأصولية المقاصدية والفقهية، تتعلق: بالاجتهاد، والرخص، والمشقات، والضرورات، والحاجات، والمقاصد، والتعارض، والترجيح بين المصالح والمفاسد، والمآلات، والعرف، والولاية والسياسة الشرعية.
12 -
لا مناص عند تأصيل فقه نوازل الأقليات المسلمة من الاحتكام إلى الأصول القطعيات، والنظر بعين الاعتبار إلى الموروث من الفقهيات، بعد التقيد بالنصوص في الشرعيات مع استصحاب مقاصد فقه الأقليات.
13 -
تمس الحاجة إلى معالجة نوازل الأقليات معالجة جماعية لتكثير الصواب وتقليل
الخطأ من غير أن يلزم المجتهد برأي الأغلبية، أو تشترط موافقة المذاهب الأربعة الفقهية.
14 -
تكتنف حياة الأقليات المسلمة اليوم ضرورات وحاجات وصعوبات ومشقات، وتبني منهج التيسير المنضبط متفق مع روح الدين، والأخذ بالرخص الشرعية من شأنه أن يفتح بابًا للالتزام بأحكام الشرع والمحافظة عليها.
15 -
ليس من التيسير تتبع رخص المذاهب بالتشهي ولا زلات العلماء، والتساهل في الفتيا محرم ممنوع، فإن وُجِدَ ما يدعو إلى التيسير، وغلب على الظن حصول المقصود منه، ولم يترتب على الأخذ بالأيسر مصادمة للشريعة، واستند التيسير إلى دليل تفصيلي، ولم تترتب مفسدة عاجلة أو آجلة -جازت الفتيا به وصحَّتْ.
16 -
مما يقيم صرحَ الدعوة إلى الله في بلاد الأقليات الإسلامية وخارج ديار أهل الإسلام خاصَّةً قاعدةُ: الإسلام يَجُبُّ ما قبله، وقاعدةُ: التوبة النصوح تَجُبُّ ما قبلها.
17 -
قبل العمل بحكم الضرورة في حياة الأقليات يجب الأخذ بالبدائل المباحة والمتاحة، ويُقْتَصَرُ على القدر والوقت الذي به يرتفع الضرر في أثناء العمل بحكمها، مع السعي إلى رفعها وبذل الجهد في التخلص من ورطتها.
18 -
يتعين على المفتي في نوازل الأقليات المسلمة رعاية المآلات، مع النظر إلى نتائج التصرفات ومقاصد المكلفين، وأعراف أهل الزمان والمكان.
19 -
قد تتغير الفتيا بتغير الأعراف شريطةَ ألَّا يكون تغير العرف مصادمًا للشرع، بل محقِّقًا لمقاصده، وأن يكون الناظر في التغير من المجتهدين المعتبرين.
20 -
يقوم أهل الحلِّ والعَقْدِ ببلاد الأقليات الإسلامية مقامَ الإمام أو نائبه فيما يملكون إقامته من واجبات الدين، وبما يحقق المصالح ويدفع المفاسد.
21 -
التزام مذهب فقهي واحد للمجتهد في نوازل الأقليات ليس بلازم، ويمكن اعتبار المذاهب الاجتهادية المتعددة كالأقوال في المذهب الواحد.
ولا يضر المجتهدَ التلفيقُ بين المذاهب إذا اتَّبَعَ القولَ لدليلِهِ، وجَانَبَ اتباعَ الهوى، ولم يخرق إجماعًا صحيحًا.
22 -
يقف منهج الوسطية والاعتدال في استنباط أحكام نوازل الأقليات المسلمة بين طرفين مذمومين، التشديد والإفراط، والتساهل والتفريط.
23 -
من الضوابط في استنباط حكم النازلة، تحقُّقُ وقوعِها، وجوازُ النظر في حكمها، وتقوى الله، وصدقُ اللجأ إليه، وتفهُّمُها وتصوُّرُها تصوُّرًا صحيحًا، والتأني واستشارةُ أهل الخبرة، والتحرُّرُ من ضغط الواقع الفاسد، مع مراعاة الحال والزمان وملابسات النازلة.
24 -
على مستنْبِطِ أحكام النوازل أن يعتني بحسن تصوُّرِهَا، ثم بتكييفها، ثم بالتطبيق لاستخراج حكمها، مع مراعاة مقاصد الشريعة ومصالحها وقواعدها الكلية، والموازنة بين المصالح والمفاسد، فإن أشكل عليه أمرٌ توقَّفَ حتى يزول الإشكال.
25 -
من نوازل الطهارة: انقلابُ الأعيان النجسة، أو المتنجسة إلى أعيان أخرى يطهرها على الراجح من قولَي أهل العلم، وهو أمر له تطبيقات كثيرة في مياه الشرب، والأغذية والأدوية في بلاد الأقليات خاصة.
26 -
من نوازل الصلاة: في بعض بلاد الأقليات حين يقصر الليل أو النهار قِصَرًا مفرطًا مع بقاء العلامات الفلكية الشرعية للأوقات جميعًا وتميزها -يتعين على أهل تلك البلاد أداءُ الصلوات جميعًا في أوقاتها المُقَدَّرة ولا يسوغ الجمع إلا لعذر.
27 -
في حالة فَقْدِ العلامات الفلكية الشرعية للأوقات باستمرار الليل أو النهار لمدة تزيد على أربع وعشرين ساعة يُلْجَأُ إلى التقدير النسبي، أو التقدير
المطابق لتوقيت أقرب بلد تتحقق فيه العلامات الشرعية.
28 -
من نوازل الزكاة: يجوز إعمال سهم المؤلفة قلوبهم في بلاد الأقليات إذا مَسَّتْ إلى ذلك حاجةٌ شرعية معتبرة يُقَدِّرُهَا أهل الحل والعقد في تلك الديار.
29 -
من نوازل المعاملات: يَحْرم على عموم الأقليات الإسلامية الاقتراضُ بالربا لشراء المساكن، لمجرد وجود الحاجة إلى ذلك، ولا يباح إلا لمن تحققت ضرورته بالشروط المعتبرة.
30 -
من نوازل المعاملات: يجوز للأقليات الإسلامية إجراءُ عقود التأمين التجاري للضرورة الملجئة، أو الحاجة الماسَّة، مع السعي لإيجاد البدائل الشرعية الصحيحة.
31 -
من نوازل النكاح: تَرَجَّحَ المنعُ من زواج الكتابيات الحربيات إلا لمن خشي على نفسه الوقوع في العنت مع توقي الإنجاب ما استطاع إلى ذلك سبيلًا.
واختلف في الذمية الكتابية، وتَرَجَّحَ قولُ من أباح نكاحها وإن كان خلافَ الأَولى.
32 -
من نوازل النكاح: قد يصحُّ النكاح بقصد الحصول على أوراق رسمية، بشروط في العاقد والمعقود عليها، مع خلو العقد عن كل سبب يُبطله أو يُفسده، فإن تخلَّفَ شيء منها فلا مفرَّ من القول بالحرمة والنهي عن هذا العقد.
33 -
من نوازل النكاح: إذا أسلمت المرأة تحت زوجها الكافر، جاز لها -إن شاءت- أن تقيم معه متربصةً به الإسلامَ، على ألَّا تُمَكِّنَهُ من نفسها، ويكون عقدها موقوفًا، فإن اختارت الفُرقةَ فلها ذلك.
34 -
من نوازل الطلاق: في حال طلب المرأة الطلاق وامتناع الزوج عنه، فإن طلاق القاضي غير المسلم لا يقع ولا يعتدُّ به شرعًا، وللمرأة أن ترفع أمرها إلى من يقوم مقام القاضي في بلاد الأقليات، وعندئذٍ يقع طلاقه عند امتناع الزوج.
35 -
من نوازل السياسة الشرعية: لا يباح التجنُّسُ بجنسية دولة غير مسلمة إلا لسكان تلك البلاد الأصليين من المسلمين، ومن كان مضطرًا لذلك من الوافدين، ومن كانت حاجته بمنزلة المضطرين.
36 -
من نوازل السياسة الشرعية: المشاركةُ السياسية للمقيمين في بلاد الأقليات جائزةٌ متى ما حَقَّقَتِ المصالحَ الشرعية المعتبرة، وانضبطت بالضوابط الحاكمة لأمر هذه المشاركات، ولم تتضمن مفاسدَ ترجح على تلك المصالح.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمينَ