الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس: حكم التأمين خارج ديار الإسلام:
تصوير المسألة وتكييفها:
عقد التأمين عقد مستحدث قد ظهر في العصور المتأخرة وجرى تقنين العمل به في أوروبا وأمريكا، وعنهما انتقل إلى البلاد الإسلامية والعربية في القرن الثامن عشر الميلادي، ثم عَمَّت وانتشرت في مختلف البلاد الإسلامية في القرن العشرين، وفرضت المسألة نفسها على العلماء والفقهاء لبيان رأي الشرع فيها، والاجتهاد في تكييفها، وتحديد صفتها باعتبارها من المستجدات التي لم يَرِدْ فيها نص شرعي، ولم يصل إليها اجتهاد الأئمة السابقين في صيغتها الجديدة (1).
وما من شك أن المسلم في كل زمان ومكان مأمور بطلب مرضاة ربه، ومعرفة أحكام دينه في مستجدات عصره، وأنه بكل حال متعبد بالوسيلة والغاية معًا.
وإذا ثبت لدى المسلم حرمة التأمينِ التجاريِّ بصوره المختلفة، فإنه سيمتنع عنه، ويولي وجهه شطر البدائل الشرعية من التأمين التعاونيِّ التكافليِّ بأنواعه المختلفة، والتي تتضمن تأمينًا على الأشخاص والأشياء، والمسئولية والتبعة.
والمسلم الذي يعيش ببلاد الأقليات -ولا سيما في العالم الغربي- يعيش في عصر وزمان ومكان أصبح التأمين فيه "موضة" أو "تقليعة" العصر (2).
تأصيل الموقف من التأمين خارجَ ديارِ الإسلامِ:
لقد استقرَّ القول بتحريم التأمينِ التجاريِّ في المجامع الفقهية المنعقدة خاصة لبحثه،
(1) موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة والاقتصاد الإسلامي، د. علي أحمد السالوس، مكتبة دار القرآن، بلبيس، دار الثقافة، الدوحة، ط 7، (ص 370 - 371).
(2)
التأمين وصوره المنتشرة في المجتمع الأمريكي، د. محمد الزحيلي، ضمن بحوث المؤتمر الثالث لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، والمنعقد في نيجريا، جمادى الآخرة 1426 هـ، (ص 578).
أو المجامع الدولية، وأمَّا ما يتعلق بجريانه في بلاد الغرب وخارج ديار الإسلام فقد تَصَدَّى لبيانِ حُكْمِهِ طائفة من العلماء وتناولته بعض المجامع المعنية بالإفتاء في الشأن الغربي وبخصوص الأقليات؛ كالمجلس الأوروبيِّ للإفتاء والبحوث، ومجمعِ فقهاءِ الشريعةِ بأمريكا.
وقبل عرض هذه القرارات وما تضمنته من توجهات فقهية، ينبغي التنبيه على خصوصية تتعلق بتلك المجتمعات التي ترعى الإنسان وتدفع عنه الضرر المادي وتحميه منه بوسائلَ فعَّالةٍ.
فلو أن فردًا أو جمعية أو هيئة إسلامية قامت -مثلًا- بإنشاء مدرسة أو افتتاح حضانة للأطفال فوقع تقصير ما أدى إلى إصابة طفل أو تلميذ، فرفع وليه دعوى قضائية تعويضية فسوف يكون التعويض باهظًا بما يكفي لإغلاق هذه المدرسة، أو المنشأة التي تحتاجها الأقلية في بلاد الغربة، فإن لم تكن تلك المنشأة مرتبطة بعقد تأمين يقيها أو يحميها؛ فإنها لن تلبث أن تواجه مشاكل لا طاقة لها بها.
فالعلاجُ الطبيُّ من خلال شركات التأمينِ الصحيِّ، سواء أكان ذلك من خلال الدولة، أو من خلال شركات تأمين صحي عملاقة.
وهنالك التأمين على الحياة، وتأمين التقاعد، وتأمين الممتلكات عقارية أو منقولة، في أنواع كثيرة يصعب حصرها ويطول استقصاؤها.
ومن هذه الأنواع: ما هو تجاريٌّ اختياريٌّ.
ومنها: ما هو تجاريٌّ إجباريٌّ، يشمل المقيم والمتجنس، بل والسائح أحيانًا في بعض المجالات.
وهناك أنواع من التأمين ليست إجبارية، ولكن الحاجة تمسُّ إليها.
كما أن هناك عقودًا شرعيةً صحيحةً يُشْتَرَطُ للدخول فيها تأمينٌ معين بشكل لا يتأتَّى العقد إلا مع هذا الدخول والاشتراك، فوجود التأمين تبعيٌّ لا أصليٌّ، كما في عقود شراء السيارات، أو الأجهزة الكهربية، والتأمين على البضائع لدى شرائها، وطلب