الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
397 - مسألة؛ قال أبو القاسمِ، رَحِمَهُ اللهُ تعالى:(وليسَ فِيمَا دُونَ خمْسٍ مِنَ الإِبِلِ سَائِمَةً صَدَقَةٌ)
.
بدأ الخِرَقِىُّ، رحمه الله، بِذِكْرِ صَدَقَةِ الإِبِلِ؛ لأنَّها أهَمُّ، فإنَّها أعْظَمُ النَّعَمِ قِيمَةً وأجْسَامًا، وأَكْثَرُ أمْوَالِ العَرَبِ، فالاهْتِمامُ بها أوْلَى، وَوُجُوبُ زَكَاتِها مِمَّا أجْمَعَ عليه عُلَماءُ الإسلامِ، وصَحَّتْ فيه السُّنَّةُ عن النَبِىِّ صلى الله عليه وسلم، ومِن أَحْسَنِ ما رُوِىَ فى ذلك، ما رَوَى (1) البُخَارِىُّ فى "صَحِيحِه"(2)، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ المُثَنَّى الأَنْصارِىُّ، قال: حَدَّثَنِى أبى، قال: حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بنُ عبدِ اللهِ ابنِ أنَسٍ، أنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ، أنَّ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ، رَضِىَ اللهُ عنه، كَتَبَ له هذا الكِتَابَ، لمَّا وُجِّهَ إلى البَحْرَيْنِ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هذه فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ التى فَرَضَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على المُسْلِمِينَ، والتى أمَرَ اللهُ بها رَسُولَه (3) صلى الله عليه وسلم، فمَن سُئِلَهَا علَى (4) وَجْهِهَا [مِن المسلمين](5) فَلْيُعْطِهَا، ومن سُئِلَ فَوْقَها فلا يُعْطِ: "فى
= فى: باب إثبات الشفاعة، من كتاب الإيمان. صحيح مسلم 1/ 172. والإمام أحمد، فى: المسند 3/ 133، 134، 147، 163، 208، 269.
(1)
فى م: "رواه".
(2)
أخرجه البخارى، فى: باب لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع، وباب ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، وباب من بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليست عنده، وباب زكاة الغنم، وباب لا تؤخذ فى الصدقة هرمة. . .، من كتاب الزكاة، وفى: باب فى الزكاة وأن لا يفرق بين مجتمع. . .، من كتاب الحيل. صحيح البخارى 2/ 144، 145، 146، 147، 9/ 29.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى زكاة السائمة، من كتاب الزكاة 1/ 358 - 360. والنسائى، فى: باب زكاة الإبل، وباب زكاة الغنم، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 13، 14، 19، 20. وابن ماجه، فى: باب إذا أخَذَ المصدق سنًّا دون سن أو فوق سن، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه 1/ 575. والإمام أحمد، فى م: المسند 1/ 11، 12.
(3)
فى م: "ورسوله".
(4)
فى م: "عن".
(5)
سقط من: م.
أرْبَعٍ وعِشْرِينَ فما دُونَها من الإِبِلِ فى كل خَمْسٍ شَاةٌ، فإذا بَلَغَتْ خَمْسًا وعِشْرِينَ إلى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، ففِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ أُنْثَى، فإذا بَلَغَتْ سِتًّا وثَلَاثِينَ إلى خَمْسٍ وأرْبَعِينَ، فَفِيها بِنْتُ لَبُونٍ أُنْثَى، فإذا بَلَغَتْ سِتًّا وأرْبَعِينَ إلى سِتِّينَ، فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الجَمَلِ، فإذا بَلَغَتْ وَاحِدَةً وسِتِّين إلى خَمْسٍ وسَبْعِين، فَفِيهَا جَذَعَةٌ، فإذا بَلَغَتْ سِتًّا وسَبْعِينَ إلى تِسْعِينَ، فَفِيها ابْنَتَا لَبُونٍ، فإذا بَلَغَتْ إحْدَى وتِسْعِينَ إلى عِشْرِينَ ومائة، فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الجَمَلِ (6)، فإذا زَادَتْ على عِشْرِينَ ومائة، فَفِى كل أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وفى كل خَمْسِينَ حِقَّةٌ، ومَن لم يَكُنْ معه إلَّا أرْبَعٌ من الإِبِلِ، فَلَيْسَ فيها صَدَقَةٌ إلَّا أن يَشَاءَ رَبُّهَا، فإذا بَلَغَتْ خَمْسًا من الإِبِلِ، فَفِيها شَاةٌ". وذِكْرُ تَمَام الحَدِيثِ نَذْكُرُه إن شاءَ اللهُ تعالى فى أبْوَابِهِ، ورَوَاهُ أبُو دَاوُدَ، فى "سُنَنِهِ"، وزَادَ: "وإذا بَلَغَتْ خَمْسًا وعِشْرِينَ، فَفِيها بِنْتُ مَخَاضٍ، إلى أن تَبْلُغَ خَمْسًا وثَلَاثِينَ، فإن لم يَكُنْ فيها ابْنَةُ مَخَاضٍ، فَفِيهَا ابنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ". وهذا كُلّه مُجْمَعٌ عليه إلى أن يَبْلُغَ عِشْرِينَ ومائة، ذَكَرَهُ ابنُ المُنْذِرِ. قال: ولا يَصِحُّ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّه عنه، ما رُوِىَ عنه فى خَمْسٍ وعِشْرِينَ. يَعْنِى ما حُكِىَ عنه فى خَمْسٍ وعِشْرِينَ خَمْسُ شِيَاهٍ (7). وقولُ الصِّدِّيقِ، رَضِىَ اللهُ عنه: التى فَرَضَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. يَعْنِى قَدَّرَ، والتَّقْدِيرُ يُسَمَّى فَرْضًا، ومنه فَرَضَ الحَاكِمُ لِلْمَرأةِ فَرْضًا. وقولُه: ومن سُئِلَ فَوْقَها فلا يُعْطِ. يَعْنِى لا يُعْطِى فَوْقَ الفَرْضِ (8). وأجْمَعَ المسلمونَ على أنَّ ما دُونَ خَمْسٍ من الإِبِلِ لا زَكَاةَ فيه. وقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فى هذا الحَدِيثِ: "ومن لم يَكُنْ معه إلَّا أرْبَعٌ من الإِبِلِ، فلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهَا صَدَقَةٌ إلَّا أنْ يَشَاءَ رَبُّها". وقال:"لَيْسَ فِيما دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ (9) صَدَقَةٌ".
(6) فى م: "الفحل".
(7)
رواه أبو داود، فى: باب فى زكاة السائمة، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود 1/ 362. والبيهقى، فى: باب ذكر رواية عاصم بن ضمرة عن علىّ، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى 4/ 92.
(8)
سقط من: م. وفى ا، ب:"ما فوق الفرض".
(9)
الذود: من الثلاثة إلى العشرة.
مُتَّفَقٌ عليه (10). والسَّائِمَةُ: الرَّاعِيَةُ، وقد سَامَتْ تَسُومُ سَوْمًا: إذا رَعَتْ، وأسَمْتُها إذا رَعَيْتَها، وسَوَّمْتُها: إذا جَعَلْتَهَا سَائِمَةً، ومنه قولُ اللهِ تعالى:{وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} (11) أى تَرْعُون. وفى ذِكْرِ السَّائِمَةِ احْتِرَازٌ من المَعْلُوفةِ (12) والعَوَامِلِ؛ فإنَّه لا زَكَاةَ فيها عندَ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ. وحُكِىَ عن مَالِكٍ أنَّ (13) فى الإِبِلِ النَّوَاضِحِ (14) والمَعْلُوفةِ (12) الزَّكَاةَ؛ لِعُمُومِ قَوْلِه عليه السلام: "فى كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ". قال أحمدُ: ليس فى العَوَامِلِ زَكَاةٌ، وأهْلُ المَدِينَةِ يَرَوْنَ فيها الزَّكَاةَ، وليسَ عِنْدَهم فى هذا أصْلٌ. ولنا، قَوْلُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"فى كُلِّ سَائِمَةٍ فى كُلِّ أرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ". فى حَدِيثِ بَهْزِ بنِ حَكِيمٍ (15)، فَقَيَّدَهُ بالسَّائِمَةِ، فَدَلَّ على أنَّه لا زَكاةَ فى غيرِها، وحَدِيثُهُم مُطْلَقٌ، فيُحْمَلُ على المُقَيَّدِ، ولأنَّ وَصْفَ النَّماءِ مُعْتَبَرٌ فى الزَّكَاةِ، والمَعْلُوفَةُ يَسْتَغْرِقُ عَلْفُها نَماءَها، إلَّا أن يُعِدَّها لِلتِّجارةِ، فيكونُ فيها زكاةُ التِّجارةِ.
(10) أخرجه البخارى، فى: باب ما أُدِّىَ زكاته فليس بكنز، وباب زكاة الورق، وباب ليس فيما دون خمس ذود صدقة، وباب ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة، من كتاب الزَّكَاة. صحيح البخارى 2/ 133، 143، 144، 148، 156. ومسلم، فى: أول كتاب الزكاة. صحيح مسلم 2/ 674، 675. كما أخرجه أبو داود، فى: باب ما تجب فيه الزكاة، من كتاب الزَّكَاة. سنن أبى داود 1/ 357. والترمذى، فى: باب ما جاء فى صدقة الزرع والتمر والحبوب، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى 3/ 120، 121. والنسائى، فى: باب زكاة الإبل، وباب زكاة الورق، وباب زكاة الحبوب، وباب القدر الذى تجب فيه الصدقة، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 12، 26، 30، 31. وابن ماجه، فى: باب ما تجب فيه الزكاة من الأموال، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه 1/ 572. والدارمى، فى: باب ما لا يجب فيه الصدقة من الحبوب والورق والذهب، من كتاب الزَّكَاة. سنن الدارمى 1/ 384. والإمام مالك، فى: باب ما تجب فيه الزَّكَاة، من كتاب الزكاة. الموطأ 1/ 244، 245. والإمام أحمد، فى: المسند 2/ 92، 402، 403، 3/ 6، 30، 45، 59، 60، 73، 74، 79، 86، 296.
(11)
سورة النحل 10.
(12)
فى م: "العلوفة".
(13)
سقط من: م.
(14)
نضح البعير الماء: حمله من نهر أو بئر لسقى الزرع، فهو ناضح.
(15)
تقدم فى صفحة 7.