الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
وكلُّ ما يَحْرُمُ اتِّخَاذُه، ففيه الزكاةُ إذا كان نِصابًا، أو بَلَغَ (13) بِضَمِّه إلى ما عنده نِصَابًا، على ما ذَكَرْنَاهُ.
453 - مسألة؛ قال: (وَمَا كَانَ مِنَ الرِّكَازِ، وَهُوَ دِفْنُ الجَاهِلِيَّةِ، قَلَّ أو كَثُرَ، فَفِيهِ الخُمْسُ لِأَهْلِ الصَّدَقَاتِ، وبَاقِيهِ فَلَهُ
(1))
الدِّفْنُ.، بِكَسْرِ الدَّالِ: المَدفُونُ. والرِّكَازُ: المَدْفُونُ فى الأرْضِ. واشْتِقَاقُه من رَكَزَ يَرْكِزُ. مِثْلُ غَرَزَ يَغْرِزُ (2): إذا أخْفَى (3). يقال: رَكَزَ الرُّمْحَ، إذا غَرَزَ أسْفَلَه (4) فى الأرْضِ. ومنه الرِّكْزُ، وهو الصَّوْتُ الخَفِىُّ، قال اللهُ تعالى:{أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} (5). والأصْلُ فى صَدَقَةِ الركازِ، ما رَوَى أبو هُرَيْرَةَ، عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ (6)، وفى الرِّكَازِ الخُمْسُ". مُتَّفَقٌ عليه (7).
(13) فى الأصل: "يبلغ".
(1)
فى م: "له".
(2)
كذا ضبطه، وتضم عينه فى المضارع أيضا.
(3)
فى م: "خفى".
(4)
فى الأصل: "أصله".
(5)
سورة مريم 98.
(6)
جبار: أى هدر. ومعنى الحديث أن تنفلت البهيمة العجماء، فتصيب فى انفلاتها إنسانا أو شيئا، فجرحها هدر.
(7)
أخرجه البخارى، فى: باب من حفر بئرا فى ملكه لم يضمن، من كتاب المساقاة، وفى: باب فى الركاز الخمس، من كتاب الزكاة، وفى: باب المعدن جبار والبئر جبار، وباب العجماء جبار من كتاب الديات. صحيح البخارى 3/ 145، 2/ 160، 9/ 15، 16. ومسلم، فى: باب جرح العجماء والمعدن والبئر جبار، من كتاب الحدود. صحيع مسلم 3/ 1334، 1335.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب ما جاء فى الركاز وما فيه، من كتاب الخراج والفىء والإمارة، وفى: باب العجماء والمعدن والبئر جبار، من كتاب الديات. سنن أبى داود 2/ 161، 502. والترمذى، فى: باب ما جاء أن العجماء جرحها جبار. . .، من أبواب الزكاة، وفى: باب ما جاء فى العجماء جرحها جبار، من أبواب الأحكام. عارضة الأحوذى 3/ 138، 6/ 145. والنسائى، فى: باب المعدن، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 33. وابن ماجه، فى: باب من أصاب ركازا، من كتاب اللقطة، وفى: باب الجبار، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه 2/ 839، 891. والدارمى، فى: باب فى الركاز، من كتاب الزكاة، وفى: باب=
وهو أيضا مُجْمَعٌ عليه. قال ابْنُ المُنْذِرِ: لا نَعْلَمُ أحَدًا خَالَفَ هذا الحَدِيثَ، إلَّا الحسنَ، فإنَّه فَرَّقَ بين ما يُوجَدُ في أرْضِ الحَرْبِ، وأرْضِ العَرَبِ، فقال: فيما يُوجَدُ في أرْضِ الحَرْبِ الخُمْسُ، وفيما يُوجَدُ في أرْضِ العَرَبِ الزكاةُ. وأوْجَبَ (8) الخُمْسَ في الجَمِيعِ الزُّهْرِيُّ، والشَّافِعِيُّ، وأبو حنيفةَ، وأصْحابُه، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وغَيْرُهم. وهذه المَسْأَلَةُ تَشْتَمِلُ على خَمْسَةِ فُصُولٍ:
الأوَّل، أنَّ الرِّكَازَ الذى يَتَعَلَّقُ به وُجُوبُ الخُمْسِ ما كان من دِفْنِ الجَاهِلِيَّةِ. هذا قَوْلُ الحسنِ، والشَّعْبِيِّ، ومالِكٍ، والشَّافِعِيِّ، وأبي ثَوْرٍ. ويُعْتَبَرُ ذلك بأن تُرَى عليه عَلامَاتُهم، كأسْماءِ مُلُوكِهِم، وصُوَرِهم وصُلُبِهم (9)، وصُوَرِ أصْنَامِهِم، ونحوِ ذلك. فإن كان عليه عَلَامَةُ الإسْلامِ، أو اسْمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أو أحَدٌ من خُلَفاءِ المُسْلِمِينَ، أو وَالٍ لهم، أو آيةٌ من [القرآنِ ونحوُ](10) ذلك، فهو لُقَطَةٌ؛ لأَنَّه مِلْكُ مُسْلِمٍ لم يُعْلَمْ زَوَالُه عنه. وإن كان على بَعْضِه عَلَامَةُ الإسْلَامِ، وعلى بَعْضِه عَلَامَةُ الكُفْرِ (11)، فكذلك. نَصَّ عليه أحمدُ، في رِوَايَةِ ابنِ منصورٍ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنَّه صارَ إلى مُسْلِمٍ، ولم يُعْلَمْ زَوَالُه عن مِلْكِ المُسْلِمِينَ، فأشْبَهَ ما على جَمِيعِه عَلامَةُ المُسْلِمِينَ.
الفصل الثاني، في مَوْضِعِه، ولا يَخْلُو من أرْبَعَةِ أقْسامٍ: أحدُها، أن يَجِدَهُ في موَاتٍ، أو ما لا يُعْلَمُ له مالِكٌ، مثل الأرْضِ التى يُوجَدُ فيها آثارُ المُلْكِ، كالأبنِيَةِ
= العجماء جرحها جبار، من كتاب الديات. سنن الدارمى 1/ 393، 2/ 196. والإمام مالك، في: باب زكاة الركاز، من كتاب الزكاة، وفى: باب جامع العقل، من كتاب العقول. الموطأ 1/ 249، 2/ 869. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 314، 2/ 228، 239، 254، 274، 285، 319، 382، 386، 406، 411، 415، 454، 456، 467، 475، 482، 493، 495، 499، 501، 507، 3/ 336، 354، 5/ 326، 327.
(8)
في م: "فصل أوجب".
(9)
في الأصل: "وصليبهم".
(10)
في م: "قرآن أو نحو".
(11)
في الأصل: "الكفار".
القَدِيمَةِ، والتُّلُولِ، وجُدْرَانِ الجَاهِلِيَّةِ، وقُبُورِهم. فهذا فيه الخُمْسُ بغيرِ خِلافٍ، سِوَى ما ذَكَرْنَاهُ. ولو وَجَدَهُ في هذه الأرْضِ على وَجْهِها، أو في طَرِيقٍ غيرِ مَسْلُوكٍ، أو قَرْيَةٍ خَرَابٍ، فهو كذلك في الحُكْمِ؛ لما رَوَى عَمْرُو بن شُعَيْبٍ، عن أبِيهِ، عن جَدِّه، قال: سُئِلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن اللُّقَطَةِ؟ فقال: "مَا كَانَ فِى طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ، أوْ فِى قَرْيَةٍ عَامِرَةٍ، فَعَرِّفْهَا سَنَةً، فَإنْ جَاءَ صَاحِبُها، وإلَّا فَلَكَ، ومَا لَمْ يَكُنْ في طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ، ولَا فِى قَرْيَةٍ عَامِرَةٍ، فَفِيهِ وفِى الرِّكَازِ الخُمْسُ". رَوَاهُ النَّسَائِيُّ (12). القسم الثانى، أن يَجِدَهُ في مِلْكِه المُنْتَقِلِ إليه، فهو له في [إحْدَى الرِّوايَتْين](13)؛ لأنَّه مالُ كَافِرٍ مَظْهُورٌ عليه في الإسلامِ، فكان لِمَنْ ظَهَر عَليه كالغَنائِمِ، ولأنَّ الرِّكَازَ لا يُمْلَكُ بمِلْكِ الأرْضِ، لأنَّه مُودَعٌ فيها، وإنَّما يُمْلَكُ بالظُّهُورِ عليه، وهذا قد ظَهَر عليه، فوَجَبَ أن يَمْلِكَهُ. والرِّوَايَةُ الثانيةُ، هو لِلْمَالِكِ قبلَه إن اعْتَرَفَ به، وإن لم يَعْتَرِفْ به فهو للذى قَبْلَه كذلك إلى أوَّلِ مَالِكٍ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِيِّ؛ لأنَّه كانت يَدُهُ على الدَّارِ، فكانت علَى ما فيها. وإن انْتَقَلَتِ الدَّارُ بالمِيرَاثِ، حُكِمَ بأنَّه مِيراثٌ، فإن اتَّفَقَ الوَرَثَةُ على أنَّه لم يَكُنْ لِمَوْرُوثِهم، فهو لأوَّلِ مَالِكٍ، فإنْ لم يُعْرَفْ أوَّلُ مَالِكٍ، فهو كالمالِ الضَّائِعِ الذى لا يُعْرَفْ له مَالِكٌ. والأوَّلُ أصَحُّ، إن شاءَ اللهُ تعالى؛ لأنَّ الرَّكَازَ لا يُمْلَكُ بمِلْكِ الدَّارِ، لأنَّه ليس من أجْزائِها وإنَّما هو مُودَعٌ فيها، فيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ المُبَاحاتِ من الحَشِيشِ والحَطَبِ والصَّيْدِ يَجِدُه في أرْضِ غَيْرِه، فيَأْخُذُه، فيكونُ أحَقَّ به، لكن إن ادَّعَى المالِكُ الذى انْتَقَلَ المِلْكُ عنه أنَّه له، فالقَوْلُ قَوْلُه؛ لأنَّ يَدَهُ كانت عليه، لِكَوْنِها (14) على مَحِلِّه، وإن لم يَدَّعِه، فهو لِوَاجِدِه. وإن اخْتَلَفَ الوَرَثَةُ،
(12) في: باب المعدن، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 33.
كما أخرجه أبو داود، في: كتاب اللقطة. سنن أبى داود 1/ 397. والإمام أحمد، في: المسند
2/ 180، 186، 203.
(13)
في م: "أحد الوجهين".
(14)
في الأصل، ب:"بكونها".