الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذى هو سِتُّمائةِ دِرْهَمٍ رِطْلٌ (27) وسُبْعٌ، والسُّبْعُ أُوقِيَّةٌ وخَمْسَةُ أسْباعِ أوقِيَّةٍ، وقَدْرُ ذلك بالدَّرَاهِمِ سِتُّمائةِ دِرهَمٍ [وخمسةٌ وثمانون دِرْهَمًا وخمسةُ أسْباعِ دِرْهمٍ](28)، ويُجْزِئُ إخْراجُ مُدٍّ (29) بالدِّمَشْقِيِّ من جَمِيعِ الأجْناسِ؛ لأنَّه أكْبَرُ من الصَّاعِ، وقد رَأيْتُ مُدًّا ذُكِرَ لنا أنَّه مُدُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقُدِّرَ المُدُّ الدِّمَشْقِىُّ به، فكان المُدُّ الدِّمَشْقِىُّ يَسَعُ (30) قَرِيبًا من خَمْسَةٍ [به. واللَّه أعلمُ](31).
468 - مسألة؛ قال: (مِنْ كُلِّ حَبَّةٍ وثَمَرَةٍ تُقْتَاتُ)
يَعْنِى عندَ عَدَمِ الأجْناسِ المَنْصُوصِ عليها، يُجْزِئُه كُلُّ مُقْتَاتٍ من الحُبُوبِ والثِّمارِ. وظاهِرُ هذا أنَّه لا يُجْزِئُه المُقْتَاتُ مِن غيرِها، كاللَّحْمِ واللَّبَنِ. وقال أبو بكرٍ: يُعْطِى ما قامَ مَقامَ الأجْناسِ المَنْصُوصِ عليها عندَ عَدَمِها. وقال ابنُ حامِدٍ: يُجْزِئُه عندَ عَدَمِها الإخْراجُ مما يَقْتَاتُه، كالذُّرَةِ والدُّخْنِ، ولُحُومِ الحِيتَانِ والأنْعامِ، ولا يُرَدُّونَ إلي أقْرَبِ قُوتِ الأمْصارِ.
469 - مسألة؛ قال: (وَإنْ أعْطَى أهْلُ الْبَادِيَةِ الأقِطَ صَاعًا، أجْزَأ إذَا كَانَ قُوتَهُمْ)
أكْثَرُ أهْلِ العِلْمِ يُوجِبُونَ صَدَقَةَ الفِطْرِ على أهْلِ الْبَادِيَةِ. رُوِىَ ذلك عن ابنِ الزُّبَيْرِ، وبه قال سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ، والحسنُ، ومالِكٌ، والشَّافِعِيُّ، وابنُ المُنْذِرِ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال عَطاءٌ، والزُّهْرِيُّ، ورَبِيعَةُ: لا صَدَقَةَ عليهم. ولَنا، عُمُومُ الحَدِيثِ، ولأنَّها زَكَاةٌ، فوَجَبَتْ عليهم كزَكَاةِ المالِ، ولأنَّهم
(27) في م: "مد".
(28)
سقط من: أ، م.
(29)
في م: "رطل".
(30)
سقط من: أ، م.
(31)
في م: "أمداد".
مُسْلِمُونَ، فيَجِبُ عليهم صَدَقَةُ الفِطْرِ كغَيْرِهم. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يُجْزِئُ أهْلَ البادِيَةِ إخْرَاجُ الأَقِطِ إذا كان قُوتَهُم. وكذلك من لم يَجِدْ مِن الأصْنافِ المَنْصُوصِ عليها سِوَاهُ. فأمَّا مَن وَجَدَ سِوَاهُ فهل يُجْزِئُ؟ على رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُما، يُجْزِئُه أيضا؛ لِحَدِيثِ أبى سَعِيدٍ الذى ذَكَرْنَاهُ (1)، وفى بعضِ أَلْفَاظِهِ قال: فَرَضَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَدَقَةَ الفِطْرِ صَاعًا من طَعَامٍ، أو صَاعًا من شَعِيرٍ، أو صَاعًا من تَمْرٍ، أو صَاعًا من أقِطٍ. أخْرَجَهُ النَّسَائِىُّ. والثَّانية، لا يُجْزِئُه؛ لأنَّه جِنْسٌ لا تَجِبُ الزكاةُ فيه، فلا يُجْزئُ إخْرَاجُه لمن يَقْدِرُ على غيرِه من الأجْناسِ المَنْصُوصِ عليها، كاللَّحْمِ. ويُحْمَلُ الحَدِيثُ على مَن هو قُوتٌ له، أو لم يَقْدِرْ على غيرِه، فإن قَدَرَ على غيرِه مع كَوْنِه قُوتًا له، فظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ جَوَازُ إخْراجِه. وإن قَدَرَ على غيرِه سَوَاءٌ كان من أهْلِ البادِيَةِ أو لم يَكُنْ؛ لأنَّ الحَدِيثَ لم يُفَرِّقْ. وقولُ أبِى سَعِيدٍ: كُنَّا نُخْرِجُ صَاعًا من أقِطٍ، وهم من أهْلِ الأمْصارِ، وإنَّما خَصَّ أهْلَ البَادِيَةِ بالذِّكْرِ؛ لأنَّ الغَالِبَ أنَّه لا يَقْتَاتُه غَيْرُهم. وقال أبو الخَطَّابِ: لا يُجْزِئُ إخْراجُ الأَقِطِ، مع القُدْرَةِ على ما سِوَاه فى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وظَاهِرُ الحَدِيثِ يَدُلُّ على خِلَافِه. وذَكَرَ القاضى أنَّه إذا عَدِمَ الأقِطَ، وقُلْنا له إخْرَاجُه، جَازَ إخْراجُ اللَّبَنِ؛ لأنَّه أكْمَلُ من الأقِطِ، لأنَّه يَجِىءُ منه الأَقِطُ وغيرُه. وحَكَاهُ أبو ثَوْرٍ، عن الشَّافِعِىِّ. وقال الحسنُ: إنْ لم يَكُنْ بُرٌّ ولا شَعِيرٌ أخْرَجَ صَاعًا من لَبَنٍ. وظَاهِرُ قولِ الخِرَقِىِّ يَقْتَضِى أنَّه لا يُجْزِئُ اللَّبَنُ بحالٍ؛ لِقَوْلِه: "مِنْ كلِّ حَبَّةٍ أو ثَمَرَةٍ تُقْتَاتُ". وقد حَمَلْنا ذلك على حالَةِ العَدَمِ. ولا يَصِحُّ ما ذَكَرُوهُ؛ لأنَّه لو كان أكْمَلَ مِن الأَقِطِ، لجَازَ إخْرَاجُه مع وُجُودِه، ولأنَّ الأقِطَ أَكْمَلُ من اللَّبَنِ من وَجْهٍ؛ لأنَّه بَلَغَ حالةَ الإدِّخارِ وهو جَامِدٌ، بخِلَافِ اللَّبَنِ، لكنْ يكونُ حُكْمُ اللَّبَنِ حُكْمَ اللَّحْمِ، يُجْزِئُ إخْرَاجُه عندَ عَدَمِ الأَصْنافِ المَنْصُوصِ عليها على قولِ
(1) تقدم تخريجه فى صفحة 282.