الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِنْتِ مَخَاضٍ. على الوَجْهَيْنِ الأوَّلَيْنِ. [وعليه على](17) الوَجْهِ الثَّالِثِ، سُدُسا (18) شاةٍ. وإن مَلَكَ فى المُحَرَّمِ خَمْسًا وعِشْرِينَ، وفى صَفَر خَمْسًا، فعليه فى الأوَّل عند تَمَامِ حَوْلِه بِنْتُ مَخَاضٍ، ولا شىءَ عليه فى الخَمْسِ فى الوَجْهِ الأوَّل. وعلى الثانِى: عليه سُدْسُ بِنْتِ مَخَاضٍ. وعلى الثَّالِثِ عليه فيها شاةٌ. فإن مَلَكَ مع ذلك فى رَبِيعٍ سِتًّا (19)، ففى الوَجْهِ الأوَّل، عليه فى الأوَّل عند تَمَامِ حَوْلِه بِنْتُ مَخَاضٍ، ولا شىءَ عليه فى الخَمْسِ حتى يَتِمَّ حَوْلُ السِّتِّ، فيَجِبُ فيهما (20) رُبْعُ بِنْتِ لَبُونٍ ونِصْفُ تُسْعِها. وفى الوَجْهِ الثانِى، عليه فى الخَمْسِ سُدْسُ بِنْتِ مَخَاضٍ إذا تَمَّ حَوْلُها، وفى السِّتِّ سُدْسُ بِنْتِ لَبُونٍ عندَ تَمَامِ حَوْلِها. وفى الوَجْهِ الثَّالِثِ، عليه فى الخَمْسِ الثانيةِ شاةٌ عند تَمامِ حَوْلِها، وفى السِّتِّ شاةٌ عند تَمامِ حَوْلِها.
فصل:
فإن كانت سَائِمَةُ الرَّجُلِ فى بُلْدَانٍ شَتَّى، وبينهما مَسَافَةٌ لا تُقْصَرُ فيها الصلاةُ، أو كانت مُجْتَمِعَةً، ضَمَّ بَعْضَها إلى بَعْضٍ، وكانت زكاتُها كزكاةِ المُخْتَلِطَةِ، بغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُه. وإن كان بين البُلْدَانِ مَسَافَةُ القَصْرِ، فعن أحمدَ فيه رِوَايَتانِ؛ إحْدَاهُما، أنَّ لِكُلِّ مالٍ حُكْمَ نَفْسِه، يُعْتَبَرُ على حِدَتِه، إنْ كان نِصَابًا ففيه الزَّكَاةُ، وإلَّا فلا، ولا يُضَمُّ إلى المَالِ الذى فى البَلَدِ الآخَرِ. نَصَّ عليه. قال ابْنُ المُنْذِرِ: لا أعْلَمُ هذا القَوْلَ عن غيرِ أحمدَ. واحْتَجَّ بظَاهِرِ قَوْلِه عليه السلام: "لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، ولَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ"(21). وهذا مُفَرَّقٌ فلا يُجْمَعُ، ولأنَّه لما أثَّرَ اجْتِماعُ مَالَيْنِ لِرَجُلَيْنِ، فى كَوْنِهِما كالمالِ الوَاحِدِ، يَجِبُ أن يُؤثِّرَ افْتِرَاقُ مَالِ الرَّجُلِ الوَاحِدِ، حتى يَجْعَلَهُ كالمَالَيْنِ.
(17) فى أ، ب، م:"وعلى".
(18)
فى أ، ب، م:"عليه".
(19)
فى أ، ب، م:"شيئا".
(20)
فى أ، ب، م:"فيها".
(21)
تقدم تخريجه فى صفحة 10.
والرِّوَايَةُ الثانيةُ، قال فى مَن له مائةُ شَاةٍ فى بُلْدَانٍ مُتَفَرِّقَةٍ: لا يَأْخُذُ المُصَدِّقُ منها شيئا؛ لأنَّه لا يُجْمَعُ بين مُتَفَرِّقٍ، وصَاحِبُها إذا ضَبَطَ ذَلِكَ وعَرَفهُ أخْرَجَ هو بِنَفْسِه، يَضَعُها فى الفُقَرَاءِ. رُوِىَ هذا عن المَيْمُونِىِّ وحَنْبَلٍ. وهذا يَدُلُّ على أنَّ زكَاتَها تَجِبُ مع اخْتِلافِ البُلْدَانِ، إلَّا أنَّ السَّاعِىَ لا يَأْخُذُها؛ لِكَوْنِه لا يَجِدُ نِصابًا كامِلًا مُجْتَمِعًا، ولا يَعْلَمُ حَقِيقَةَ الحالِ فيها، فأمَّا المَالِكُ العَالِمُ بمِلْكِه نِصابًا كَامِلًا، فعليه أدَاءُ الزكاةِ. وهذا اخْتِيَارُ أبى الخَطَّابِ، ومَذْهَبُ سائِرِ الفُقَهاءِ. قال مَالِكٌ: أحْسَنُ ما سَمِعْتُ فى مَن كان له غَنَمٌ على رَاعِيينِ مُتَفَرِّقَينِ بِبُلْدَانٍ شَتَّى، أنَّ ذلك يُجْمَعُ على صَاحِبِه، فَيُؤَدِّى صَدَقَتَه. وهذا هو الصَّحِيحُ، إن شاءَ اللَّه تعالى؛ لِقَوْلِه عليه السلام:"فى أرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ"(22). ولأنَّه مِلْكٌ وَاحِدٌ أشْبَهَ ما لو كان فى بُلْدَانٍ مُتَقَارِبَةٍ، أو غير السَّائِمَة. ونَحْمِلُ كلامَ أحمدَ (23)، فى الرِّوَايَةِ الأُولَى، على أنَّ المُصَدِّقَ لا يَأْخُذُها، وأما رَبُّ المالِ فيُخْرِجُ. فعلى هذا يُخْرِجُ الفَرْضَ فى أحَدِ البَلَدَيْنِ شاءَ (24)، لأنَّه مَوْضِعُ حاجَةٍ.
414 -
مسألة؛ قال: (وإِنِ اخْتَلَطُوا فِى غَيْرِ هذَا، أخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (1) عَلَى انْفِرَادِه، إذَا كَانَ ما يَخُصُّه تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ)
ومعناه أنَّهم إذا اخْتَلَطُوا فى غيرِ الماشِيَةِ (2)، كالذَّهَبِ والفِضَّةِ وعُرُوضِ التِّجارَةِ والزُّرُوعِ والثِّمَارِ، لم تُؤثِّرْ خُلْطَتُهم شَيئا، وكان حُكْمُهم حُكْمَ المُنْفَرِدِينَ. وهذا قَوْلُ أكْثَر أهْلِ العِلْمِ. وعن أحمدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أن شَرِكَةَ الأعْيَانِ تُؤثِّرُ فى غيرِ
(22) تقدم تخريجه فى صفحة 41.
(23)
فى ب: "الخرقى".
(24)
سقط من: أ، ب، م.
(1)
سقط من: الأصل.
(2)
فى م: "السائمة" تحريف.
المَاشِيَةِ (3)، فإذا كان بينهم نِصَابٌ يَشْتَرِكُونَ فيه، فعليهم الزكاةُ. وهذا قولُ إسحاقَ، والأوْزَاعِىِّ، فى الحَبِّ والثَّمَرِ. والمذهبُ الأوَّلُ. قال أبو عبدِ اللهِ: الأوْزَاعِىُّ يقول فى الزَّرْعِ، إذا كانوا شُرَكَاءَ فخَرَجَ لهم خَمْسَةُ أَوْسُقٍ، يقول: فيه الزكاةُ. قَاسَه على الغَنَمِ، ولا يُعْجِبُنِى قَوْلُ الأوْزَاعِىِّ. وأمَّا خُلْطَةُ الأوْصَافِ، فلا مَدْخَلَ لها فى غيرِ المَاشِيَةِ بحالٍ، لأنَّ الاخْتِلاطَ لا يَحْصُلُ. وخَرَّجَ القاضى وَجْهًا آخَرَ، أنَّها تُؤثِّرُ؛ لأنَّ المَؤُونَةَ تَخِفُّ إذا كان المُلْقِحُ (4) وَاحِدًا، والصَّعَّادُ (5)، والنَّاطُورُ (6)، والجَرِينُ، وكذلك أمْوَالُ التِّجَارَةِ؛ الدُّكَّانُ (7) وَاحِدٌ، والمَخْزنُ والمِيزَانُ والبَائِعُ، فَأَشْبَهَ المَاشِيَةَ. ومَذْهَبُ الشَّافِعِىِّ على نحوٍ ممَّا حَكَيْنَا فى (8) مَذْهَبِنَا. والصَّحِيحُ أنَّ الخُلْطَةَ لا تُؤَثِّرُ فى غيرِ المَاشِيَةِ، لِقَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"والْخَلِيطَانِ مَا اشْتَرَكَا فى الْحَوْضِ والْفَحْلِ والرَّاعِى (9) ". فَدَلَّ على أنَّ ما لم يُوجَدْ فيه ذلك لا يكونُ خُلْطَةً مُؤَثِّرَةً، وقَوْلُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"لا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ"(10). إنَّما يكونُ فى المَاشِيَةِ؛ لأنَّ الزكاةَ تَقِلُّ بِجَمْعِها تَارَةً، وتَكْثُرُ أُخْرَى، وسَائِرُ الأمْوَالِ تَجِبُ فيها فيما زَادَ على النِّصَابِ بِحِسابِه، فلا أثَرَ لِجَمْعِها، ولأنَّ الخُلْطَةَ فى المَاشِيَةِ تُؤَثِّرُ فى النَّفْعِ تَارَةً، وفى الضَّرَرِ أُخْرَى، ولو اعْتَبَرْنَاها فى غيرِ الماشِيَةِ أَثَّرَتْ ضَرَرًا مَحْضًا بِرَبِّ المَالِ، فلا يجوزُ اعْتِبارُها. إذا ثَبَتَ هذا، فإنْ (11) كان لِجَمَاعَةٍ وَقْفٌ، أو حَائِطٌ مُشْتَرَكٌ بينهم، فيه ثَمَرَةٌ أو
(3) فى أ، ب:"السائمة".
(4)
أى الفحل الذى يلقحها.
(5)
فى م: "والصاعد".
(6)
الناطور: حافظ الزرع.
(7)
فى م: "والدكان".
(8)
فى م: "من".
(9)
فى ب: "والرعى". وتقدم تخريج الحديث فى صفحة 53.
(10)
تقدم تخريجه فى صفحة 10.
(11)
فى الأصل، ب:"فإذا".