الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّوْعَيْنِ عن الآخَرِ مع الضَّرَرِ، فمع غيرِه أوْلَى. وإن اخْتَارَ المالِكُ (23) الدَّفْعَ من الجِنْسِ، واخْتَارَ الفَقِيرُ (24) الأَخْذَ من غيره؛ لِضَرَرٍ يَلْحَقُه في أخْذِ الجِنْسِ، لم يَلْزَمِ المالِك إجَابَتُه؛ لأنَّه إذا أدَّى ما فُرِضَ (25) عليه، لم يُكَلَّفْ سِوَاهُ. واللهُ أعلمُ.
450 - مسألة؛ قال: (ولَيْسَ فِى حَلْىِ المَرْأَةِ زَكَاةٌ إذَا كَانَ مِمَّا تَلْبَسُهُ أو تُعِيرُهُ)
هذا ظَاهِرُ المَذْهَبِ. وَرُوِىَ ذلك عن ابْنِ عمرَ، وجابِرٍ، وأنسٍ، وعائشةَ، وأسماءَ، رَضِىَ اللهُ عنهم. وبه قال القاسمُ، والشَّعْبِيُّ، وقَتادَةُ، ومحمدُ بن عليٍّ، وعَمْرَةُ، ومَالِكٌ، والشَّافِعِيُّ، وأبو عُبَيْدٍ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ. وذَكَرَ ابنُ أبي موسى [عن أحمدَ](1) رِوَايَةً أُخْرَى، أنَّ (2) فيه الزكاةَ. وَرُوِى ذلك عن عمرَ، وابنِ مسعودٍ، وابنِ عَبَّاسٍ، وعبدِ اللهِ بن عَمْرِو بن العَاصِ، وسَعِيدِ بن المُسَيَّبِ، وسَعِيدِ بن جُبَيْرٍ، وعَطاءٍ، ومُجاهِدٍ، وعبدِ اللَّه بن شَدَّادٍ، وجابِرِ بن زَيْدٍ، وابْنِ سِيرِينَ، ومَيْمُونِ بن مِهْرَانَ، والزُّهْرِيِّ، والثَّوْرِيِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ؛ لِعُمُومِ قَوْلِه عليه السلام:"في الرِّقَةِ رُبْعُ العُشْرِ"، و "ولَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ"(3). مَفْهُومُه أنَّ فيها صَدَقَةً إذا بَلَغَتْ خَمْسَ أوَاقٍ. وعن عَمْرِو بن شُعَيْبٍ، عن أبِيهِ، عن جَدِّه، قال: أتَتِ امْرَأَةٌ من أهْلِ اليَمَنِ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ومعها ابْنَةٌ لها في يَدَيْها مَسَكَتَانِ (4) من ذَهَبٍ، فقال:"هل تُعْطِينَ زَكَاةَ هذا؟ " قالت: لا. قال: "أَيَسُرُّكِ أن يُسَوِّرَكِ اللهُ بِسِوَارَيْنِ من
(23) سقط من: م.
(24)
سقط من: الأصل.
(25)
في الأصل: "فرض اللَّه".
(1)
سقط من: م.
(2)
في ب، م:"أنه".
(3)
انظر للحديثين ما تقدم في صفحة 162.
(4)
الواحدة مسكة، وهى الأسورة والخلاخيل.
نَارٍ؟ ". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (5). ولأنَّه من جِنْسِ الأَثْمَانِ، أَشْبَه التِّبْرَ. وقال مَالِكٌ: يُزَكَّى عَامًا وَاحِدًا. وقال الحسنُ، وعبدُ اللهِ بن عُتْبَةَ (6)، وقَتَادَةُ: زَكَاتُه عَارِيَتُهُ. قال أحمدُ: خَمْسَةٌ من أصْحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ: ليس في الحَلْىِ زَكَاةٌ. ويَقُولُونَ: زَكَاتُهُ عَارِيَتُهُ. وَوَجْهُ الأَوَّلِ، ما رَوَى عَافِيَةُ بن أَيُّوبَ، عن اللَّيْثِ بن سَعْدٍ، عن أبي الزُّبَيْرِ، عن جابِرٍ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال: "لَيْسَ في الحَلْىِ زَكَاةٌ" (7). ولأنَّه مُرْصَدٌ لِاسْتِعمالٍ مُبَاحٍ، فلم تَجِبْ فيه الزكاةُ، كالعَوَامِلِ، وثِيَابِ القُنْيَةِ. وأمَّا الأحادِيثُ الصَّحِيحَةُ التى احْتَجُّوا بها، فلا تَتَنَاوَلُ مَحِلَّ النِّزاعِ؛ لأَنَّ الرِّقَةَ هى الدَّرَاهِمُ المَضْرُوبَةُ. قال أبو عُبَيْدٍ (8): لا نَعْلَمُ هذا الاسْمَ في الكلامِ المَعْقُولِ عندَ العَرَبِ إلَّا على الدَّرَاهِمِ المَنْقُوشَةِ، ذَاتِ السِّكَّةِ السَّائِرَة في النَّاسِ. وكذلك الأَوَاقِيُّ ليس مَعْنَاها إلَّا الدَّرَاهِمَ كلُّ أُوقِيَّةٍ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا. وأما حَدِيثُ الْمَسَكَتَيْنِ، فقال أبو عُبَيْدٍ (9): لا نَعْلَمُه إلَّا من وَجْهٍ قد تَكَلَّمَ النّاسُ فيه قَدِيمًا وحَدِيثًا. وقال التِّرْمِذِيُّ (10): ليس يَصِحُّ في هذا البَابِ شىءٌ. ويَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ بالزكاةِ إعارَتَهُ، كما فَسَّرَه به بعضُ العُلَماءِ، وذَهَبَ إليه جَمَاعَةٌ من الصَّحَابَةِ وغيرهم، والتِّبْرُ غيرُ مُعَدٍّ لِلاسْتِعْمَالِ، بخِلافِ الحَلْىِ. وقَوْلُ الخِرَقِيِّ: "إذا كان ممَّا تَلْبَسُهُ أو تُعِيرُهُ". يَعْنِى أنَّه إنَّما تَسْقُطُ عنه الزكاةُ إذا كان كذلك، أو مُعَدًّا له، فأمَّا المُعَدُّ للكِرَا أو النَّفَقَةِ إذا احْتِيجَ إليه، ففيه
(5) في: باب الكنز ما هو؟ وزكاة الحلى، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود 1/ 358.
كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في زكاة الحلى، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى 3/ 131. والنسائي، في: باب زكاة الحلى، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 28.
(6)
عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود الهذلى، أدرك النبى صلى الله عليه وسلم ورآه وروى عنه، وكان ثقة رفيعا، كثير الحديث والفتيا، فقيها، توفى سنة أربع وسبعين. تهذيب التهذيب 5/ 311، 312.
(7)
أخرجه الدارقطنى، في: باب زكاة الحلى، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطنى 2/ 107.
(8)
في: الأموال 444.
(9)
في: الأموال 445.
(10)
انظر: عارضة الأحوذى 3/ 131.