الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو حنيفةَ، إلَّا أنَّه اعْتَبَرَ ما يُتَغَذَّى به أو يُتَدَاوَى به، فلو ابْتَلَعَ حَصَاةً أو نَوَاةً أو فُسْتُقَةً بِقشْرِهَا، فلا كَفَّارَةَ عليه. واحْتَجُّوا بأنَّه أفْطَرَ بأعْلَى ما فى البابِ من جِنْسِه، فوَجَبَتْ عليه الكَفَّارَةُ كالمُجَامِعِ. ولَنا، أنَّه أفْطَرَ بغير جِمَاعٍ، فلم تُوجبِ الكفَّارَةَ، كبَلْعِ الحَصاةِ أو التُّرَابِ، أو كالرِّدَّةِ عند مالِكٍ، ولأنَّه لا نَصَّ فى إِيجابِ الكَفَّارَة بِهذا ولا إجْماعَ، ولا يَصِحُّ قِيَاسُه على الجِماعِ، لأنَّ الحاجَةَ إلى الزَّجْرِ عنه أَمَسُّ، والحُكْمَ فى التَّعَدِّى به آكَدُ، ولهذا يَجِبُ به (63) الحَدُّ إذا كان مُحَرَّمًا، ويَخْتَصُّ بإفْسادِ الحَجِّ دُونَ سائِرِ مَحْظُورَاتِه، ووُجُوبِ البَدَنَةِ، ولأنَّه فى الغَالِبِ يُفْسِدُ صَوْمَ اثْنَيْنِ، بخِلافِ غيرِه.
فصل:
والوَاجِبُ فى القَضاءِ عن كُلِّ يَوْمٍ يَوْمٌ، فى قَوْلِ عامَّةِ الفُقَهاءِ. وقال أحمدُ: قال إبراهيمُ، ووَكِيعٌ: يَصُومُ ثَلَاثَةَ آلافِ يَوْمٍ. وعَجِبَ أحمدُ من قَوْلِهما. وقال سَعِيدُ بن المُسَيَّبِ: من أَفْطَرَ يَوْمًا مُتَعَمِّدًا يَصُومُ شَهْرًا. وحُكِىَ عن رَبِيعَةَ أنَّه قال: يَجِبُ مكانَ كُلِّ يَوْمٍ اثْنَا عَشَرَ يَوْمًا؛ لأنَّ رمضانَ يُجْزِئُ عن جَمِيعِ السَّنَةِ، وهى اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (64). وقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فى قِصَّةِ المُجَامِعِ: "صُمْ يَوْمًا مَكَانَه". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (65). ولأنَّ القَضاءَ يكونُ على حَسَبِ الأدَاءِ، بِدَلِيلِ سائِرِ العِبادَاتِ، ولأنَّ القَضاءَ لا يَخْتَلِفُ بالعُذْرِ وعَدَمِه، بِدَلِيلِ الصلاةِ والحَجِّ، وما ذَكَرُوهُ تَحَكُّمٌ لا دَلِيلَ عليه، والتَّقْدِيرُ لا يُصارُ إليه إلَّا بِنَصٍّ أو إجْمَاعٍ، وليس معهم وَاحِدٌ منهما.
(63) سقط من: أ.
(64)
سورة البقرة 185.
(65)
فى: باب كفارة من أتى أهله فى رمضان، من كتاب الصيام. سنن أبى داود 1/ 558. كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب ما جاء فى كفارة من أفطر يومًا من رمضان، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه 1/ 534. والإمام مالك، فى: باب كفارة من أفطر فى رمضان، من كتاب الصيام. الموطأ 1/ 297. والبيهقى، فى: باب رواية من روى الأمر بقضاء يوم مكانه فى هذا الحديث، من كتاب الصيام. السنن الكبرى 4/ 226، 227.