الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحْكامَ الرَّهْنِ غيرُ ثَابِتَةٍ فيه، فإذا تَصَرَّفَ في النِّصابِ ثَمَّ (11) أَخْرَجَ الزكاةَ من غيرِه، وإلَّا كُلِّفَ إخْرَاجَها، وإن لم يَكُنْ له كُلِّفَ تَحْصِيلَها، فإن عَجَزَ بَقِيَتِ الزكاةُ في ذِمَّتِه، كسائِرِ الدُّيُونِ، ولا يُؤْخَذُ من النِّصَابِ. ويَحْتَمِلُ أن يُفْسَخَ البَيْعُ في قَدْرِ الزكاةِ، وتُؤْخَذَ منه، ويَرْجِعُ البَائِعُ عليه بِقَدْرِها؛ لأنَّ على الفُقَرَاءِ ضَرَرًا في إتْمامِ البَيْعِ، وتَفْوِيتًا لِحُقُوقِهم، فوَجَبَ فَسْخُه؛ لِقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:"لَا ضَرَرَ ولَا ضِرَارَ"(12). [وهذا أصَحُّ](13).
438 - مسألة؛ قال: (والزَّكَاةُ تجِبُ في الذِّمَّةِ بِحُلُولِ الحَوْلِ وإن تلِفَ المَالُ، فَرَّطَ أو لَمْ يُفَرِّطْ)
هذه المَسْألَةُ تَشْتَمِلُ على أحْكامٍ ثلاثةٍ: أحدُها، أنَّ الزكاةَ تَجِبُ في الذِّمَّةِ. وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عن أحمدَ، وأحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ؛ لأنَّ إخْرَاجَها من غيرِ النِّصَابِ جَائِزٌ، فلم تَكُنْ وَاجِبَةً فيه، كزكاةِ الفِطْرِ، ولأنَّها لو وَجَبَتْ فيه، لامْتَنَعَ تَصَرُّفُ المالكِ فيه، ولتَمَكَّنَ المُسْتَحِقُّونَ من إلْزَامِه أدَاءَ الزكاةِ من عَيْنه، أو ظَهَرَ شيءٌ من أحْكَامِ ثُبُوتِه فيه (1)، ولسَقَطَتِ (2) الزكاةُ بِتَلَفِ النِّصَابِ مِن غيرِ تَفْرِيطٍ، كسُقُوطِ أرْشِ الجِنايَةِ بِتَلَفِ الجَانِي. والثانية، أنَّها تَجِبُ في العَيْنِ. وهذا القَوْلُ الثَّانِي لِلشَّافِعِيِّ، وهذه الرِّوَايَةُ هِي الظَّاهِرَةُ عندَ بعضِ أصْحَابِنا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"فِي أرْبَعِينَ شَاةٍ شَاةٌ"(3). وقَوْلِه: "فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ،
(11) سقط من: م.
(12)
أخرجه ابن ماجه، في: باب من بنى في حقه ما يضر بجاره، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجه 2/ 784. والإمام مالك مرسلا، في: باب القضاء في المرفق، من كتاب الأقضية. الموطأ 2/ 745. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 313، 5/ 327.
(13)
سقط من: الأصل.
(1)
في م: "فيها".
(2)
في أ، ب، م:"وأسقطت".
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 10.
وفِيمَا سُقِىَ بِدَالِيَةٍ أو نَضْحٍ نِصْفُ العُشْرِ" (4). وغيرِ ذلك من الألْفَاظِ الوَارِدَةِ بِحَرْفِ "في" وهي لِلظَّرْفِيَّةِ. وإنَّما جَازَ الإخْراجُ من غيرِ النِّصابِ رُخْصَةً. وفَائِدَةُ الخِلَافِ أنَّها إذا كانت في الذِّمَّةِ، فحالَ على مَالِه حَوْلَانِ، لم يُؤَدِّ زَكَاتَهما، وَجَبَ عليه أدَاؤُها لما مَضَى، ولا تنْقُصُ (5) عنه الزكاةُ في الحَوْلِ الثَّانِي، وكذلك إن كان أكْثَرَ من نِصَابٍ، لم تَنْقُصِ الزكاةُ، وإن مَضَى عليه أحْوَالٌ، فلو كان عنده أرْبَعُونَ شَاةً مَضَى عليها ثَلَاثَةُ أحْوَالٍ لم يُؤَدِّ زكَاتَها، وَجَبَ عليه ثلاثُ شِيَاهٍ، وإن كانت مائةَ دِينَارٍ، فعليه سَبْعَةُ دَنَانِيرَ ونِصْفٌ؛ لأنَّ الزكاةَ وَجَبَتْ في ذِمَّتِه، فلم يُؤَثِّرْ في تَنْقِيصِ (6) النِّصابِ. لكنْ إن لم يَكُنْ له مالٌ آخَرُ يُؤَدِّي الزكاةَ منه، احْتملَ أن تَسْقُطَ الزكاةُ في قَدْرِها؛ لأنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزكاةِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا تَسْقُطُ الزكاةُ بهذا بحَالٍ؛ لأنَّ الشىءَ لا يُسْقِطُ نَفْسَهُ، وقد يُسْقِطُ غَيْرَه، بِدَلِيلِ أن تَغَيُّرَ الماءِ بالنَّجاسَة في مَحَلِّهَا لا يَمْنَعُ صِحَّةَ طَهارَتِها وإزَالَتِها به، ويَمْنَعُ إزَالَةَ نَجاسَةِ غيرِها. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّ الزكاةَ الثَّانِيَةَ غَيْرُ الأُولَى، وإن قُلْنَا: الزكاةُ تَتَعَلَّقُ بِالعَيْنِ. وكان النِّصَابُ ممَّا تَجِبُ الزكاةُ في عَيْنِه، فحالَتْ (7) عليه أحْوَالٌ لم تُؤَدَّ زكاتُها، تَعَلَّقَتِ الزكاةُ في الحَوْلِ الأوَّل من النِّصابِ
(4) أخرجه البخاري، في: باب العشر فيما يسقى من ماء السماء، من كتاب الزكاة. صحيح البخاري 2/ 155. ومسلم، في: باب ما فيه العشر أو نصف العشر، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم 2/ 675. وأبو داود، في: باب في زكاة السائمة، وباب صدقة الزرع، من كتاب الزكاة. سنن أبي داود 1/ 362، 370. والترمذي، في: باب ما جاء في الصدقة فيما يسقى بالأنهار وغيره، من أبواب الزكاة. 3/ 134، 135. والنسائي، في: باب ما يوجب العشر وما يوجب نصف العشر، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 31. وابن ماجه، في: باب صدقة الزرع والثمار، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه 1/ 580. والدارمي، في: باب العشر فيما سقت السماء وفيما تسقى بالنضح، من كتاب الزكاة. سنن الدارمي 1/ 393. والإمام مالك مرسلا، في: باب زكاة ما يخرص من ثمار النخيل والأعناب، من كتاب الزكاة. الموطأ 1/ 270. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 145، 3/ 341، 353، 5/ 233.
(5)
في أ، م:"تنقضى".
(6)
في أ: "نقص".
(7)
في الأصل: "فحال".