الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا زَكَاةَ فى مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ"(3). إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ الزكاةَ تجِبُ فيه فى كُلِّ حَوْلٍ. وبهذا قال الثَّوْرِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأبو عُبَيْدٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال مَالِكٌ: لا يُزَكِّيه إلَّا لِحَوْلٍ وَاحِدٍ، إلَّا أن يكونَ مُدَبَّرًا؛ لأنَّ الحَوْلَ الثَّانِى لم يَكُنِ المالُ عَيْنًا فى أحَدِ طَرَفَيْهِ، فلم تَجِبْ فيه الزكاةُ، كالحَوْلِ الأوَّلِ إذا لم يَكُنْ فى أوَّلِه عَيْنًا. ولَنا، أنَّه مالٌ تَجِبُ الزكاةُ فيه فى الحَوْلِ الأولِ، [لم يَنْقُصْ عن النِّصَابِ، ولم تَتَبَدَّلْ صِفَتُه، فوَجَبَتْ زَكَاتُه فى الحَوْلِ الثَّانِى](4)، كما لو نَقَصَ فى أَوَّلِه. ولا نُسَلِّمُ أنَّه إذا لم يَكُنْ أَوَّلُه عَيْنًا لا تَجِبُ الزكاةُ فيه. وإذا اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ، بِعَرْضِ لِلْقُنْيَةِ (5)، جَرَى فى حَوْلِ الزكاةِ من حِينَ اشْتَرَاهُ.
فصل:
ويُخْرِجُ الزكاةَ من قِيمَةِ العُرُوضِ دُونَ عَيْنِها. وهذا أحَدُ قَوْلَىِ الشَّافِعِىِّ. وقال فى الآخَرِ (6): هو مُخَيَّرٌ بين الإِخْراجِ من قِيمَتِها، وبين الإِخْراجِ من عَيْنِها. وهذا قولُ أبى حنيفةَ. لأنَّها مالٌ تَجِبُ فيه الزكاةُ، فجَازَ إخْرَاجُهَا من عَيْنِه، كسَائِرِ الأمْوالِ. ولَنا، أنَّ النِّصابَ مُعْتَبَرٌ بالقِيمَةِ؛ فكانَتِ الزكاةُ منها كالعَيْنِ فى سَائِرِ الأمْوالِ، ولا نُسَلِّمُ أنَّ الزكاةَ تَجِبُ فى المالِ، وإنَّما وَجَبَتْ فى قِيمَتِه.
فصل: ولا يَصِيرُ العَرْضُ لِلتِّجَارَةِ إلَّا بِشَرْطَيْنِ؛ أن يَمْلِكَهُ بِفِعْلِه، كالبَيْعِ، والنِّكَاحِ، والخُلْعِ، وقَبُولِ الهِبَةِ، والوَصِيَّةِ، والغَنِيمَةِ، واكْتِسَابِ المُباحاتِ؛ لأنَّ ما لا يَثْبُتُ له حُكْمُ الزكاةِ بِدُخُولِه فى مِلْكِه لا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، كالسَّوْمِ (7). ولا فَرْقَ بين أن يَمْلِكَه بِعِوَضٍ أو بِغَيْرِ عِوَضٍ. ذَكَرَ ذلك أبو الخَطَّابِ، وابنُ
(3) تقدم تخريجه فى صفحة 73.
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
فى الأصل: "القنية".
(6)
فى ب، م:"آخر".
(7)
فى ب، م:"كالصوم".
عَقِيلٍ؛ لأنَّه مَلَكَه بِفِعْلِه، أشْبَهَ [ما لو ملَكَهُ بعِوَضٍ. وذكر القاضى أَنَّه لا تصيرُ للتِّجارةِ إلَّا أن يملكَه بعِوَضٍ، فإن مَلَكه بغير عِوَضٍ، كالهِبَةِ والاحْتِشاشِ والغَنِيمَةِ، لم تَصِرْ للتِّجارةِ؛ لأنَّه لم يملكْه بعِوَضٍ، أشْبَهَ](8) المَوْرُوثَ. والثانى، أن يَنْوِىَ عند تَمَلُّكِه أنَّه لِلتِّجارَةِ، فإنْ لم يَنْوِ عندَ تَمَلُّكهِ أنَّه لِلتِّجارَةِ لم يَصِرْ لِلتِّجارَةِ، وإن نَوَاهُ بعد ذلك. وإن مَلَكَهُ بإرْثٍ، وقَصَدَ أنَّه لِلتِّجارَةِ، لم يَصِرْ لِلتِّجَارَةِ؛ لأنَّ الأصْلَ القُنْيَةُ، والتِّجارَةُ عَارِضٌ، فلم يَصِرْ إليها بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، كما لو نَوَى الحَاضِرُ السَّفَر، لم يَثْبُتْ له حُكْمُ السَّفَرِ بدون الفِعْلِ. وعن أحمدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أنَّ العَرْضَ يَصِيرُ لِلتِّجارَةِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ؛ لِقِوْلِ سَمُرَةَ: أمَرَنَا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ ممَّا نُعِدُّ لِلْبَيْعِ (9). [وبالنِّيَّةِ يصيرُ مُعَدًّا للبَيْعِ](10)، فعلَى هذا لا يُعْتَبَرُ أن يَمْلِكَه بِفِعْلِه، ولا أنْ (11) يكونَ فى مُقَابَلَتِه (12) عِوَضٌ، بل متى نَوَى به التِّجارَةَ صارَ لِلتِّجارَة.
456 -
مسألة، قال:(وَمَنْ كَانَتْ لَهُ سِلْعَةٌ لِلتِّجَارَةِ، وَلَا يَمْلكُ غَيْرَهَا، وقِيمَتُها دُونَ مِائَتَىْ (1) دِرْهَمٍ، فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ (2) الحَوْلُ، مِنْ يَوْم سَاوَتْ مِائتَىْ دِرْهَمٍ)
وجُمْلَةُ ذلك أنَّه يُعْتَبَرُ الحَوْلُ فى وُجُوبِ الزكاةِ فى مالِ التِّجارَةِ، ولا يَنْعَقِدُ الحَوْلُ حتى يَبْلغَ نِصابًا، فلو مَلَكَ سِلْعَةً قِيمَتُها دُونَ النِّصاب، فمَضَى نِصْفُ
(8) سقط من: أ، م.
(9)
تقدم تخريجه فى صفحة 248.
(10)
سقط من: م.
(11)
سقط من: م.
(12)
فى م: "مقابلة".
(1)
فى الأصل، ب:"المائتى".
(2)
سقط من: الأصل، ب.