الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونحوِ ذلك من الطَّاعَاتِ المَحْضَةِ، ويَجْتَنِبُ ما لا يَعْنِيهِ من الأقْوالِ والأفْعالِ، ولا يُكْثِرُ الكلامَ؛ لأنَّ مَن كَثُرَ كَلَامُه كَثُرَ سَقَطُهُ. وفى الحَدِيثِ:"مِنْ حُسْنِ إسْلَامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ"(2). ويَجْتَنِبُ الجِدَالَ والمِرَاءَ، والسِّبَابَ والفُحْشَ؛ فإنَّ ذلك مَكْرُوهٌ فى غيرِ الاعْتِكافِ، ففيه أَوْلَى. ولا يَبْطُلُ الاعْتِكَافُ بِشىءٍ من ذلك؛ لأنَّه لمَّا لم يَبْطُلْ بِمُباحِ الكَلَامِ لم يَبْطُلْ بِمَحْظُورِهِ، وعَكْسُه الوَطْءُ. ولا بَأْسَ بِالكلامِ لِحَاجَتِه، ومُحَادَثَةِ غيرِه، فإنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَةَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قالتْ: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُعْتَكِفًا، فأَتَيْتُه أزُورُه لَيْلًا، فحَدَّثْتُه، ثمَّ قُمْتُ، فَانْقَلَبْتُ، فقَامَ معى لِيقْلِبَنى -وكان مَسْكَنُها فى دارِ أُسَامَةَ بن زيدٍ- فمَرَّ رَجُلانِ من الأَنْصارِ، فلما رَأَيَا النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أسْرَعَا، فقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"عَلَى رِسْلِكُما، إنَّهَا صَفِيَّة بِنْتُ حُيَىٍّ". فقالا: سُبْحَانَ اللَّه يا رسولَ اللهِ! فقال: "إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنَ الإنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإنِّى خَشِيتُ أنْ يَقْذِفَ فِى قُلُوبِكُما شَرًّا". أو قال: "شَيْئًا". مُتَّفَقٌ عليه (3). وقال علىٌّ رَضِىَ اللَّه عنه: أَيُّمَا رَجُلٍ اعْتَكَفَ، فلا يُسَابَّ، ولا يَرْفُثْ فى الحَدِيثِ، ويَأْمُرُ أَهْلَهُ بالحاجَةِ -أى وهو يَمْشِى- ولا يَجْلِسْ عِنْدَهم. رَوَاهُ الإِمامُ أحمدُ.
فصل:
فأمَّا إقْرَاءُ القُرْآنِ، وتَدْرِيسُ العِلْمِ ودَرْسُه (4)، ومُناظَرَةُ الفُقَهَاءِ ومُجَالَسَتُهم، وكِتابَةُ الحَدِيثِ، ونحوُ ذلك ممَّا يَتَعَدَّى نَفْعُه، فأكْثَرُ أصْحابِنَا علَى أنَّه لا يُسْتَحَبُّ. وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ. وقال أبو الحسنِ الآمِدىُّ: فى
(2) أخرجه الترمذى، فى: باب حدَّثنا سليمان بن عبد الجبَّار. . .، من أبواب الزهد، عارضة الأحوذى 9/ 196، 197. وابن ماجه، فى: باب كف اللسان فى الفتنة، من كتاب الفتن. سنن ابن ماجه 2/ 1316. والإِمام مالك، فى: باب ما جاء فى حسن الخلق، من كتاب حسن الخلق. الموطأ 2/ 903. والإِمام أحمد، فى: المسند 1/ 201.
(3)
تقدَّم تخريجه فى صفحة 469.
(4)
سقط من: أ.