الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذِّمَّةِ، فأذِنُوا لهم على إدْخالِ أثْمَانِها في بَيْتِ المالِ، فلما وَلِىَ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ أعْرَضَ عن تلك الأشْرِيَةِ؛ لاخْتِلاطِ الأُمُورِ فيها؛ لما وَقَعَ فيها منَ المَوارِيثِ ومُهُورِ النِّساءِ. وقَضاءِ الدُّيُونِ، ولم يَقْدِرْ على تَخْلِيصِه ولا مَعْرِفَةِ ذلك، وكَتَبَ كِتابًا قُرِئَ على النَّاسِ سَنَةَ المائةِ، أنَّ مَن اشْتَرَى شَيْئًا بعدَ سَنَة مائةٍ، فإنَّ بَيْعَهُ مَرْدُودٌ. وسَمَّى سنةَ مائةٍ سنةَ المُدَّةِ، فتَنَاهَى النّاسُ عن شِرائِها، ثم اشْتَرَوْا أشْرِيَةً كَثِيرَةً كانت بأيْدِى أهْلِهَا، تُؤَدِّى العُشْرَ ولا جِزْيَةَ عليها، فلما أفْضَى الأمْرُ إلى المَنْصُورِ رُفِعَتْ تلك الأشْرِيَةُ إليه، وأنَّ ذلك أَضَرَّ بالخَراجِ وكسَرَه (64)، فأرادَ رَدَّها إلى أهْلِهَا. فَقِيلَ له: قد وَقَعَتْ في المَوَارِيثِ والمُهُورِ، واخْتَلَطَ أمْرُها. فَبَعَثَ المُعَدِّلينَ، منهم: عبدُ اللهِ بن يَزِيدَ إلى حِمْصَ، وإسماعِيلُ بنُ عَيَّاشٍ إلى بَعْلَبَكَّ، وهِضَابُ بن طَوْق، ومُحْرِزُ (65) بن زُرَيْق إلى الغُوطَةِ. وأمَرَهم أنْ لا يَضَعُوا على القَطائِعِ والأشْرِبَةِ العَظِيمَةِ (66) القَدِيمَةِ خَرَاجًا، وَوَضَعُوا الخَراجَ على ما بَقِىَ بأيْدِى الأنْباطِ، وعلى الأشْرِبَةِ المُحْدَثَةِ مِن بعد سَنَةِ مائةٍ إلى السَّنَةِ التى عدّل فيها. فيَنْبَغِى أن يَجْرِىَ ما باعَهُ إمامٌ، أو بِيعَ بإذْنِه، أو تَعَذَّرَ رَدُّ (67) بَيْعِه، هذا المجْرَى، في أن يُضْرَبَ عليه خَراجٌ بِقَدْرِ ما يحْتَمِلُه (68)، ويُتْرَكَ في يَدِ مُشْتَرِيه، أو من انْتَقَلَ إليه، إلَّا ما بِيعَ قبلَ المائةِ السَّنَة، فإنَّه لا خَراجَ عليه، كما نُقِلَ في هذا الخَبَرِ.
فصل:
وحُكْمُ إقْطاعِ هذه الأرْضِ حُكْمُ بَيْعِها في أنَّ ما كان من عمرَ، أو ممَّا كان قبلَ مائةِ سَنَةٍ، فهو لِأهْلِه، وما كان بعدَها، ضُرِبَ عليه، كما فَعَلَ المَنْصُورُ، إلَّا أن يكونَ بِغَيْرِ إذْنِ الإِمامِ، فيكونُ بَاطِلًا، وذَكَرَ ابن عَائِذٍ، في
(64) سقط من: أ، م.
(65)
في أ، ب، م:"ومحمد".
(66)
لم يرد في الأصل.
(67)
لم يرد في الأصل.
(68)
في أ، م:"يحتمل".
كِتَابِه، بإسْنَادِه عن سليمانَ بن عُتْبَةَ (69)، أنَّ أمِيرَ المُؤْمِنِينَ عبدَ اللهِ بن محمدٍ -أظُنُّه المَنْصُورَ- سَألَه في مَقْدَمِه الشَّامَ، سَنَةَ ثلاثٍ أو أرْبَعٍ وخَمْسِينَ، عن سَبَبِ الأرَضِينَ (70) التى بِأيْدِى أبْناء الصَّحابَةِ، يَذْكُرُونَ أنَّها قَطَائِعُ لآبَائِهم قَدِيمَةٌ. فقلتُ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إنَّ اللهَ تعالى لمَّا أَظْهَرَ المُسْلِمِينَ على بِلادِ الشَّامِ، وصالَحُوا (71) أهْلَ دِمَشْقَ وأهْلَ حِمْصَ، كَرِهُوا أنْ يَدْخُلُوها دُونَ أن يَتِمَّ ظُهُورُهم، وإثْخَانُهم في عَدُوِّ اللهِ، فَعَسْكَرُوا في مَرْجِ بَرَدَى، بين المِزَّةِ إلى مَرْجِ شعبانَ، وجَنْبَتَىْ بَرَدَى مُرُوجٌ كانت مُبَاحَةً فيما بين أهْلِ دِمَشْقَ وقُرَاها، ليستْ لَأَحَدٍ منهم، فأقَامُوا بها حتى أَوْطَأَ اللهُ بهم المُشْرِكِينَ قَهْرًا وذُلًّا، فأحْيَا كُلُّ قَوْمٍ مَحَلَّتَهم، وهَيَّئُوا فيها (72) بِناءً، [فرُفِعَ ذلك إلى عمرَ](73)، فأمْضَاهُ لهم، وأمْضَاهُ عثمانُ مِن بعدِه إلى ولايةِ (74) أمِيرِ المُؤْمِنِينَ. قال: وقد أَمْضَيْنَاهُ لهم. وعن الأحْوَصِ ابن حَكِيمٍ، أن المُسْلِمِينَ الذين فَتَحُوا حِمْصَ لم يَدْخُلُوهَا، وعَسْكَرُوا (75) على نَهْرِ الأرْبَدِ، فأحْيَوْهُ، فأمْضاهُ لهم عمرُ وعثمانُ، وقد كان مِنْهُمْ أُنَاسٌ تَعَدَّوْا إذ ذاك إلى جِسْرِ الأرْبَدِ، الذى على بابِ الرَّسْتَنِ (76)، فعَسْكَرُوا في مَرْجِهِ مَسْلَحَةً لمن خَلْفَهم من المُسْلِمِينَ، فلمَّا بَلَغَهُم ما أمْضاهُ عُمَرُ لِلْمُعَسْكِرِينَ على نَهْرِ الأرْبَد، سَألُوا أن يُشْرِكُوهم في تلك القَطائِع، وكتَبُوا إلى عمرَ فيه، فكَتَبَ أنْ يُعَوَّضُوا مِثْلَه من المُرُوجِ التى كانوا عَسْكَرُوا فيها على بابِ الرَّسْتَنِ، فلم تَزَلْ تلك القَطائِعُ على
(69) في الأصل: "عبيد". ولعله سليمان بن عتبة الداراني. انظر: تهذيب التهذيب 4/ 210.
(70)
في الأصل: "الأرض".
(71)
سقطت واو العطف من: الأصل، ب.
(72)
في أ، م:"بها".
(73)
في أ، م:"فبلغ ذلك عمر".
(74)
سقط من: أ، م.
(75)
في أ، م:"بل عسكروا".
(76)
الرستن: بليدة قديمة كانت على نهر الميماس، وهو المعروف بالعاصى، الذى يمر قدام حماة، والرستن بين حماة وحمص. معجم البلدان 2/ 778.