الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
ويُسْتَحَبُّ تَفْطِيرُ الصَّائِمِ؛ لما رَوَى زَيْدُ بن خَالِدٍ الجُهَنِىُّ، عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:"مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، مِنْ غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَىْءٌ". قال التِّرْمِذِىُّ (26): هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
فصل: رَوَى ابنُ عَبَّاسٍ، قال: كان النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إذا أَفْطَرَ، قال:"اللَّهُمَّ لَكَ صُمْنَا، وعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْنَا، فتَقَبَّلْ مِنَّا، إنَّكَ أنْتَ السَّمِيِعُ العَلِيمُ". وعن ابنِ عمرَ قال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا أَفْطَرَ، يقول:"ذهَبَ الظَّمَأُ، وابْتَلَّتِ العُرُوقُ، وَثَبَتَ الأَجْرُ، إن شَاءَ اللهُ". وإسْنَادُه حَسَنٌ، ذَكَرَهما الدَّارَقُطْنِىُّ (27).
522 - مسألة؛ قال: (وَمَنْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ، وأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ، وإنْ فَرَّقَهَا، فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ)
وجُمْلَةُ ذلك أنَّ صَوْمَ سِتَّةِ أَيَّامٍ من شَوَّال مُسْتَحَبٌّ عند كَثِيرٍ من أهْلِ العِلْمِ. رُوِىَ ذلك عن كَعْبِ الأحْبارِ، والشَّعْبِىِّ، ومَيْمُونِ بن مِهْرانَ. وبه قال الشَّافِعِىُّ. وكَرِهَهُ مالِكٌ. وقال: ما رأيْتُ أحَدًا من أهْلِ الفِقْهِ يَصُومُها، ولم يَبْلُغْنِى ذلك عن أحَدٍ من السَّلَفِ، وأنَّ أهْلَ العِلْمِ يَكْرَهُونَ ذلك، ويَخَافُونَ بِدْعَتَهُ، وأن يُلْحَقَ بِرمضانَ ما ليس منه. ولَنا، ما رَوَى أبو أيُّوبَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، وأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، فَكَأنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ". رَوَاهُ أبو
= فى: باب النهى عن الوصال فى الصوم. من كتاب الصوم. سنن الدارمى 2/ 8. والإِمام أحمد، فى: المسند 3/ 8، 87، 96.
(26)
فى: باب ما جاء فى فضل من فطر صائما، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 4/ 20. وابن ماجه، فى: باب فى ثواب من فطر صائما، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه 1/ 555. والدارمى، فى: باب الفضل لمن فطر صائما، من كتاب الصوم. سنن الدارمى 2/ 7. والإِمام أحمد، فى: المسند 4/ 114 - 116، 5/ 192.
(27)
أخرجهما الدارقطنى، فى: كتاب الصيام. سنن الدارقطنى 2/ 85.
كما أخرج الثانى أبو داود، فى: باب القول عند الإِفطار، من كتاب الصيام. سنن أبى داود 1/ 550.
دَاوُدَ، والتِّرْمِذِىُّ (1)، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وقال أحمدُ: هو مِن ثلاثةِ أَوْجُهٍ عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. ورَوَى سَعِيدٌ، بإسْنَادِه عن ثَوْبَانَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، شَهْرٌ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وصَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الفِطْرِ، وذلِكَ تَمَامُ سَنَةٍ"(2). يَعْنِى أنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أمْثَالِها، فالشَّهْرُ بِعَشَرَةٍ والسِّتَّةُ بِسِتِّينَ يَوْمًا. فذلك اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، وهو سَنَةٌ كَامِلَةٌ، ولا يَجْرِى هذا مَجْرَى التَّقْدِيمِ لِرمضانَ، لأنَّ يَوْمَ الفِطْرِ فَاصِلٌ. فإن قِيلَ: فلا دَلِيلَ فى هذا الحَدِيثِ على فَضِيلَتِها؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم شَبَّهَ صِيامَها بِصِيَامِ الدَّهْرِ، وهو مَكْرُوهٌ. قُلْنا: إنَّما كُرِهَ صَوْمُ الدَّهْرِ؛ لما فيه من الضَّعْفِ والتَّشْبِيهِ بِالتَّبَتُّلِ، لولا ذلك لَكان (3) فَضْلًا عَظِيمًا، لِاسْتِغْرَاقِه الزَّمانَ بِالعِبادَةِ والطَّاعَةِ، والمُرَادُ بالخَبَرِ التَّشْبِيهُ به فى حُصُولِ العِبَادَةِ به، على وَجْه عَرِىٍّ عن المَشَقَّةِ، كما قال عليه السلام:"مَنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، كَانَ كَمَنْ صَامَ الدَّهْرَ"(4). ذَكَرَ ذلك حَثًّا على صِيَامِها، وبَيانِ فَضْلِهَا، ولا خِلافَ فى اسْتِحْبَابِها. ونَهَى عبدَ اللهِ بن عَمْرٍو عن قِرَاءَةِ القُرْآنِ فى أَقَلَّ من ثَلاثٍ (5).
(1) أخرجه أبو داود، فى: باب فى صوم ستة أيام من شوال، من كتاب الصيام. سنن أبى داود 1/ 567. والترمذى، فى: باب ما جاء فى صيام ستة أيام من شوال، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 3/ 290.
كما أخرجه مسلم، فى: باب استحباب صوم ستة أيام من شوال، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 822. وابن ماجه، فى: باب صيام ستة أيام من شوال، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه 1/ 547. والدارمى، فى: باب صيام الستة من شوال، من كتاب الصوم. سنن الدارمى 2/ 21. والإِمام أحمد، فى: المسند 5/ 417، 419.
وفى حاشية ب: "ورواه مسلم والنسائى وابن ماجه".
(2)
أخرجه ابن ماجه، فى: باب صيام ستة أيام من شوال، من كتاب الصوم. سنن ابن ماجه 1/ 547. والدارمى، فى: باب صيام الستة من شوال، من كتاب الصوم. سنن الدارمى 2/ 21.
(3)
فى ب، م: زيادة: "ذلك".
(4)
أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى صوم ثلاثة أيام من كل شهر، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 3/ 292. والنسائى، فى: باب صوم ثلاثة أيام من الشهر، من كتاب الصيام. المجتبى 4/ 188. وابن ماجه، فى: باب ما جاء فى صيام ثلاثة أيام من كل شهر، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه 1/ 544.
(5)
تقدم تخريجه فى 2/ 612.
وقال: "مَنْ قَرَأَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فَكَأَنَّما قَرَأَ ثُلُثَ القُرْآنِ"(6). أرَادَ التَّشْبِيهَ بِثُلُثِ القُرْآنِ فى الفَضْلِ، لا فى كَرَاهةِ الزِّيادَةِ عليه. إذا ثَبَتَ هذا، فلا فَرْقَ بين كَوْنِها مُتَتابِعَةً أو مُفَرَّقَةً، فى أوَّلِ الشَّهْرِ أو فى آخِرِه؛ لأنَّ الحديثَ وَرَدَ بها مُطْلَقًا مِن غيرِ تَقْيِيدٍ، ولأنَّ فَضِيلَتَها لِكَوْنِها تَصِيرُ مع الشَّهْرِ سِتَّةً وثلاثِينَ يَوْمًا، والحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثالِها؛ فيكونُ ذلك كثلاثِمائِة وسِتِّينَ يَوْمًا، وهى (7) السَّنَةُ كُلُّها، فإذا وُجِدَ ذلك فى كلِّ سَنَةٍ صارَ كصِيامِ الدَّهْرِ كلِّه (8)، وهذا المَعْنَى يَحْصُلُ مع التَّفْرِيقِ. واللهُ أعلمُ.
523 -
مسألة؛ قال: (وصِيَامُ يَوْمِ (1) عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ، ويَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ)
وجُمْلَتُه أنَّ صِيامَ هذَيْنِ اليَوْمَيْنِ مُسْتَحَبٌّ؛ لما رَوَى أبو قَتادَةَ، عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه (2) قال فى (3) صِيَامِ (4) عَرَفَةَ: "إنِّى أحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى
(6) أخرجه مسلم، فى: باب فضل قراءة قل هو أحد، من كتاب المسافرين. صحيح مسلم 1/ 556. وأبو داود، فى: باب فى سورة الصمد، من كتاب الوتر. سنن أبى داود 1/ 337. والترمذى، فى: باب ما جاء فى سورة الإخلاص، من أبواب ثواب القرآن. عارضة الأحوذى 11/ 24 - 26. والنسائى، فى: باب الفضل فى قراءة قل هو اللَّه أحد، من كتاب الافتتاح. المجتبى 2/ 133. وابن ماجه، فى: باب ثواب القرآن، من كتاب الأدب. سنن ابن ماجه 2/ 1244، 1245. والدارمى، فى: باب فضل قل هو اللَّه أحد، من كتاب فضائل القرآن. سنن الدارمى 2/ 459، 460. والإمام مالك، فى: باب ما جاء فى قراءة قل هو اللَّه أحد. . .، من كتاب القرآن. الموطأ 1/ 208، 209. والإمام أحمد، فى: المسند 2/ 173، 3/ 8، 23، 4/ 122، 5/ 141، 418، 6/ 404، 447.
(7)
فى ب، م:"وهو".
(8)
سقط من: الأصل، أ.
(1)
سقط من: ب، م.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سقط من: أ، ب، م.
(4)
فى ازيادة: "يوم".