الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُوجَدُ، وبِمَفْهُومِه على أنَّ بَاقِيَه لوَاجِدِه مَن كان، ولأنَّه مَالُ كَافِرٍ مَظْهُورٌ عليه، فكان فيه الخُمْسُ على مَن وَجَدَه، وبَاقِيهِ لوَاجِدِه، كالغَنِيمَةِ، ولأنَّه اكْتِسَابُ مالٍ، فكان لمُكْتَسِبِه إنْ كان حُرًّا، أو لِسَيِّدِه إن كان عَبْدًا، كالاحْتِشَاشِ والاصْطِيادِ. ويَتَخَرَّجُ لنا أنْ لا يَجِبَ الخُمْسُ إلَّا على مَن تَجِبُ عليه الزكاةُ، بِنَاءً على قَوْلِنا إنَّه زَكَاةٌ. والأوَّلُ أصَحُّ.
فصل:
ويجوزُ أن يَتَوَلَّى الإنْسَانُ تَفْرِقَةَ الخُمْسِ بِنَفْسِه. وبه قال أصْحابُ الرَّأْيِ، وابنُ المُنْذِرِ؛ لأنَّ عَلِيًّا أمَرَ وَاجِدَ الكَنْزِ بِتَفْرِقَتِه على المَسَاكِينِ. قالَه الإمامُ أحمدُ. ولأنَّه أَدَّى الحَقَّ إلى مُسْتَحِقِّه، فَبَرِئَ منه، كما لو فَرَّقَ الزكاةَ، أو أدَّى (29) الدَّيْنَ إلى رَبِّه. ويَتَخَرَّجُ أن لا يجوزَ ذلك؛ لأنَّ الصَّحِيحَ أنَّه فَىْءٌ، فلم يَمْلِكْ تَفْرِقَتَه بِنَفْسِه، كخُمْسِ الغَنِيمةِ. وبهذا قال أبو ثَوْرٍ. قال: وإن فَعَلَ ضَمَّنَه الإمامُ. قال القاضى: وليس لِلإمامِ رَدُّ خُمْسِ الرِّكَازِ [على واجِدِه](30)؛ لأنَّه حَقُّ مَالٍ، فلم يَجُزْ رَدُّه على مَن وَجَبَ عليه، كالزكاةِ، وخُمْسِ الغَنِيمَةِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يجوزُ؛ لأنَّه رُوِىَ عن عمرَ أنَّه رَدَّ بَعْضَه على وَاجِدِه، ولأنَّه فَىْءٌ، فجازَ رَدُّه أو رَدُّ بَعْضِه على وَاجِدِهِ، كخَراجِ الأرْضِ. وهذا قَوْلُ أبى حنيفةَ.
454 - مسألة؛ قال: (وَإذَا أخْرَجَ مِنَ الْمَعَادِنِ مِنَ الذَّهَبِ عِشْرِينَ مِثْقَالًا، أوْ مِنَ الوَرِقِ مِائَتَىْ دِرْهَمٍ، أو قِيمَةَ ذلِكَ مِنَ الزِّئْبَقِ والرَّصَاصِ والصُّفْرِ أو غَيْرِ ذلِكَ مِمَّا يُسْتَخْرَجُ مِنَ الأرْضِ، فعَلَيْه الزَّكَاةُ مِنْ وَقْتِهِ)
اشْتِقَاقُ المَعْدِنِ من عَدَنَ بالمَكَانِ (1)، يَعْدِنُ: إذا أقامَ به. ومنه سُمِّيَتِ الجَنَّةُ (2) جَنَّةَ عَدْنٍ، لأنَّها دَارُ إقَامَةٍ وخُلُودٍ. قال أحمدُ: المَعَادِنُ: هى التى تُسْتَنْبَطُ، ليس هو شىءٌ دُفِنَ. والكلامُ في هذه المَسْأَلَةِ في فُصُولٍ أَرْبَعَةٍ:
أحدُها، في صِفَةِ المَعْدِنِ الذى يَتَعَلَّقُ به وُجُوبُ الزَّكَاةِ. وهو كل ما خَرَجَ من
(29) في م: "وأدى".
(30)
سقط من: م.
(1)
في م: "في المكان".
(2)
سقط من: م.
الأرْضِ، ممَّا يُخْلَقُ فيها من غَيْرِها مِمَّا له قِيمَةٌ، كالذى ذَكَرَهُ الخِرَقِىُّ ونحوِه من الحَدِيدِ، واليَاقُوتِ، والزَّبَرْجَدِ، والبِلَّوْرِ، والعَقِيقِ، والسَّبَجِ، والكُحْلِ، والزَّاجِ (3). والزِّرْنِيخِ، والمَغْرَةِ (4). وكذلك المَعَادِنُ الجَارِيَةُ، كالقَارِ، والنِّفْطِ، والكِبْرِيتِ، ونحوِ ذلك. وقال مَالِكٌ، والشَّافِعِىُّ: لا تَتَعَلَّقُ الزكاةُ إلَّا بالذَّهَبِ والفِضَّةِ؛ لِقَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: "لا زَكَاةَ في حَجَرٍ"(5). ولأنَّه مالٌ مُقَوَّمٌ (6) مُسْتَفَادٌ من الأرْضِ، أشْبَهَ الطِّينَ الأحْمَرَ. وقال أبو حنيفةَ، في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عنه: تَتَعَلَّقُ الزكاةُ بكُلِّ ما يَنْطَبِعُ، كالرَّصَاصِ والحَدِيدِ والنُّحَاسِ، دُونَ غَيْرِه. ولَنا، عُمُومُ قَوْلِه تعالى:{وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} (7) ولأنَّه مَعْدِنٌ، فَتَعَلَّقَتِ الزكاةُ بالخارِجِ منه كالأثْمانِ، ولأنَّه مالٌ لو غَنِمَهُ وَجَبَ عليه (8) خُمْسُه، فإذا أخْرَجَه من مَعْدنٍ وَجَبَتْ [فيه الزكاةُ] (9) كالذَّهَبِ. وأمَّا الطِّينُ فليس بِمَعْدِنٍ؛ لأنَّه تُرَابٌ. والمَعْدِنُ: ما كان في الأرْضِ مِن غيرِ جِنْسِهَا.
الفَصْلُ الثَّانِى، في قَدْرِ الوَاجِبِ وصِفَتِه، وقَدْرُ الوَاجِبِ فيه رُبْعُ العُشْرِ. وصِفَتُه أنَّه زَكَاةٌ. وهذا قَوْلُ عمرَ بن عبدِ العزيزِ، ومالِكٍ. وقال أبو حنيفةَ: الوَاجِبُ فيه الخُمْسُ، وهو فَىْءٌ. واخْتَارَهُ أبو عُبَيْدٍ (10)، وقال الشَّافِعِىُّ: هو زَكَاةٌ. واخْتَلَفَ قَوْلُه في قَدْرِهِ كالمَذْهَبَيْنِ. واحْتَجَّ من أَوْجَبَ الخُمْسَ بِقَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: "مَا لَمْ يَكُنْ في طَرِيقٍ مَأْتِىٍّ، وَلَا في قَرْيَةٍ عَامِرَةٍ، فَفِيه وَفِى الرِّكَازِ
(3) الزاج الأبيض: كبريتات الخارصين. والزاج الأزرق: كبريتات النحاس. والزاج الأخضر: كبريتات الحديد.
(4)
المغرة: الطين الأحمر يصبغ به.
(5)
أخرجه البيهقى، في: باب ما لا زكاة فيه من الجواهر غير الذهب والفضة، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى 4/ 146. وابن عدى، في: الكامل في ضعفاء الرجال 5/ 1681.
(6)
في م: "يقوم بالذهب والفضة".
(7)
سورة البقرة 267.
(8)
سقط من: الأصل، ب.
(9)
في الأصل، ب:"زكاته".
(10)
انظر: الأموال 340، 341.
الخُمْسُ". رَوَاهُ النَّسَائِىُّ، والجُوزَجَانِىُّ، وغَيْرُهما (11). وفى رِوَايَةٍ: "ما كَانَ فِى الْخَرَابِ، فَفِيهِ وفى الرِّكَازِ الخُمْسُ". ورَوَى سَعِيدٌ، والجُوزَجَانِىُّ، بإسْنَادِهِمَا عن عبدِ اللهِ بن سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ، عن أبِيهِ، عن أبى هُرَيْرَةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الرِّكَازُ هُوَ الذَّهَبُ الَّذِى يَنْبُتُ مِنَ الأَرْضِ" (12). وفى حَدِيثٍ عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "وَفِى الرِّكَازِ الخُمْسُ"، قِيلَ: يا رسولَ اللهِ، وما الرِّكازُ؟ قال: "هُوَ الذَّهَبُ والفِضَّةُ المَخْلُوقَانِ في الْأرْضِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَواتِ والْأرْضَ" (13). وهذا نَصٌّ. وفى حديثٍ عنه عليه السلام، أنَّه قال: "وفِى السُّيُوب الخُمْسُ" (14). قال (15): والسّيُوبُ عُرُوقُ الذَّهَبِ والفِضَّةِ التى تَحْتَ الأرْضِ. ولأنَّه مَالٌ (15) مَظْهُورٌ عليه في الإسلامِ، أشْبَهَ الرِّكَازَ. ولَنا، ما رَوَى أبو عُبَيْدٍ (16)، بإسْنَادِهِ عن رَبِيعَةَ بن أبي (17) عبدِ الرحمنِ، عن غيرِ وَاحِدٍ من عُلَمَائِهم، أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَ بِلَالَ بنَ الحَارِثِ المُزَنِىَّ مَعَادِنَ القَبَلِيَّةِ في نَاحِيَةِ الفُرْعِ (18)، قال: فتِلْكَ المَعَادِنُ لا يُؤْخَذُ منها إلَّا الزَّكاةُ إلى اليَوْمِ. وقد
(11) تقدم تخريجه في صفحة 231.
(12)
وأخرجه البيهقى، في: باب من قال المعدن ركاز فيه الخمس، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى 4/ 152.
(13)
أخرجه البيهقى، في: باب من قال المعدن ركاز فيه الخمس، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى 4/ 152.
(14)
ذكر ابن منظور، في اللسان (س ي ب) 1/ 477 أن ذلك كان في كتاب النبى صلى الله عليه وسلم لوائل بن حجر. ووائل بن حجر من أقيال اليمن، وفد على النبى صلى الله عليه وسلم، كتب له كتابا، ومات في خلافة معاوية. أسد الغابة 5/ 435، 436، الإصابة 6/ 596، 597.
(15)
سقط من: ب.
(16)
في: الأموال 338.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في إقطاع الأرضين، من كتاب الخراج والفىء والإمارة. سنن أبي داود 2/ 154. والإمام مالك، في: باب الزكاة في المعادن، من كتاب الزكاة. الموطأ 1/ 248، 249. والبيهقى، في: باب زكاة المعدن ومن قال المعدن ليس بركاز، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى 4/ 152.
(17)
سقط من: م.
(18)
الفرع: موضع بين نخلة والمدينة.
أسْنَدَهُ [كَثِيرُ بنُ عبدِ اللَّه بن عمرِو بن عَوْفٍ المُزَنِىُّ](19)، عن أبِيهِ، عن جَدِّهِ (20). ورَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِىُّ (21)، عن رَبِيعَةَ بن الحَارِثِ بن بِلَالِ بن الحَارِثِ المُزَنِىّ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أخَذَ منه زَكَاةَ المَعَادِنِ القَبَلِيَّةِ (22). قال أبو عُبَيْدٍ (23): القَبَلِيَّةُ بِلَادٌ مَعْرُوفَةٌ بالحِجَازِ. ولأنَّه حَقٌّ يَحْرُمُ على أغْنِيَاءِ ذَوِى القُرْبَى، فكان زَكَاةً، كالوَاجِبِ في الأثْمَانِ التى كانت مَمْلُوكَةً له. وحَدِيثُهم الأوَّلُ لا يَتَنَاوَلُ مَحلَّ النِّزاعِ؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم إنَّما ذَكَرَ ذلك فى جَوَابِ سُؤَالِه عن اللُّقَطَةِ، وهذا ليس بِلُقَطَةٍ، ولا يَتَنَاوَلُ اسْمَها، فلا يكونُ مُتَنَاوِلًا لِمَحِلِّ النِّزَاعِ. والحَدِيثُ الثَّانِى يَرْوِيهِ عبدُ اللهِ بنُ سَعِيدٍ، وهو ضَعِيفٌ. وسَائِرُ أحَادِيثهم لا يُعْرَفُ صِحَّتُها، ولا هى مَذْكُورَة في المَسَانِيدِ والدَّوَاوِينِ. ثم هى مَتْرُوكَةُ الظَّاهِرِ، فإنَّ هذا ليس هو المُسَمَّى بالرِّكَازِ. والسُّيُوبُ: هو الرِّكَازُ، لأنَّه مُشْتَقٌّ من السَّيْبِ، وهو العَطَاءُ الجَزِيلُ.
الفَصْلُ الثَّالِثُ، في نِصَابِ المَعْدِنِ (24). وهو ما يَبْلُغُ من الذَّهَبِ عِشْرِينَ مِثْقَالًا، ومن الفِضَّةِ مائتَىْ دِرْهَمٍ، أو قِيمَةَ ذلك من غيْرِهما. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ، وأوْجَبَ أبو حنيفةَ الخُمْسَ في قَلِيلِه وكَثِيرِه، من غير اعْتِبارِ نِصابٍ، بِنَاءً على أنَّه رِكازٌ (25)؛ لِعُمُومِ الأحَادِيثِ التى احْتَجُّوا بها عليه، ولأنَّه لا يُعْتَبَرُ له
(19) في م: "عبد اللَّه بن كثير بن عوف إلى النبى صلى الله عليه وسلم".
(20)
أخرجه أبو داود، في: باب في إقطاع الأرضين، من كتاب الخراج والفىء والإمارة. سنن أبي داود 2/ 155. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 306.
(21)
عبد العزيز بن محمد الدراوردى المدنى، كان فقيها، صاحب حديث، توفى سنة ست أو سبع وثمانين ومائة. اللباب 1/ 415، العبر 1/ 297.
(22)
انظر: تلخيص الحبير 2/ 181.
(23)
في الموضع السابق.
(24)
في م: "المعادن".
(25)
في ب، م:"زكاة".
حَوْلٌ، فلم يُعْتَبَرْ له نِصابٌ كالرِّكازِ. ولَنا، عُمُومُ قَوْلِه عليه السلام:"لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ"(26). وقولِه: "لَيْسَ في تِسْعِينَ ومِائةٍ شَىْءٌ"(27). وقَوْلِه عليه السلام: "لَيْسَ عَلَيْكُمْ في الذَّهَبِ شىءٌ، حتى يَبْلُغَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا"(28). وقد بَيَّنَّا أنَّ هذا ليس بِرِكَازٍ، وأنَّه مُفَارِقٌ للرِّكَازِ من حيثُ إنَّ الرِّكَازَ مَالُ كافِرٍ أُخِذَ في الإسْلَامِ، فأشْبَهَ الغَنِيمَةَ. وهذا وَجَبَ مُواساةً وشُكْرًا لِنِعْمَةِ الغِنَى، فَاعْتُبِرَ له النِّصابُ كسائِرِ الزَّكَوَاتِ. وإنَّما لم يُعْتَبَرْ له (29) الحَولُ؛ لِحُصُولِه دُفْعَةً وَاحِدَةً، فأشْبَهَ الزُّرُوعَ والثِّمَارَ. إذا ثَبَتَ هذا فإنَّه يُعْتَبَرُ إخْرَاجُ النِّصابِ دُفْعَةً واحِدَةً أو دُفَعَاتٍ، لا يُتْرَكُ العَمَلُ بَيْنَهُنَّ تَرْكَ إهْمَالٍ، فإنْ خَرَجَ دُونَ النِّصابِ، ثم تَرَكَ العَمَلَ مُهْمِلًا له، ثم أَخْرَجَ دُونَ النِّصَابِ، فلا زَكَاةَ فيهما وإن بَلَغَا بِمَجْمُوعِهِمَا نِصَابًا. وإن بَلَغَ أَحَدُهُما نِصَابًا دون الآخَرِ، زَكَّى النِّصابَ، ولا زَكَاةَ في الآخَرِ. وما (30) زادَ على النِّصابِ بحِسابِه. فأمَّا تَرْكُ العَمَلِ لَيْلًا، أو للاسْتِرَاحَةِ، أو لِعُذْرٍ من مَرَضٍ، أو لِإصْلَاحِ الأَدَاةِ، أو إبَاقِ [عَبِيدٍ، أو نَحْوِه](31)، فلا يَقْطَعُ حُكْمَ العَمَلِ، ويُضَمُّ ما خَرَجَ في العَمَلَيْنِ بَعْضُه إلى بَعْض في إكْمالِ النِّصَابِ. وكذلك إنْ كان مُشْتَغِلًا بالعَمَلِ، فَخَرَجَ بين المَعْدِنَيْنِ تُرَابٌ، لا شَىْءَ فيه. وإن اشْتَمَلَ المَعْدِنُ على أجْنَاسٍ، كَمَعْدِنٍ فيه الذَّهَبُ والفِضَّةُ. فَذَكَرَ القاضى: أنَّه لا يُضَمُّ أحَدُهما إلى الآخَرِ في تَكْمِيلِ النِّصابِ، وأنَّه يُعْتَبَرُ النِّصَابُ في الجِنْسِ بِانْفرَادِه؛ لأنَّها (32) أجْناسٌ، فلا يُكَمَّلُ نِصابُ أَحَدِها (33) بالآخَرِ، كغيرِ
(26) تقدم تخريجه في صفحة 12.
(27)
تقدم تخريجه في صفحة 10، من حديث كتاب الصدقات لأبى بكر.
(28)
تقدم تخريجه في صفحة 213.
(29)
سقط من: الأصل.
(30)
في ب، م:"وفيما".
(31)
في م: "عبيده ونحوه".
(32)
في م: "لأنه".
(33)
في الأصل: "أحدهما".
المَعْدِنِ. والصَّوَابُ، إن شاءَ اللهُ، أنَّه إن كان المَعْدِنُ يَشْتَمِلُ على ذَهَبٍ وفِضَّةٍ ففى ضَمِّ أحَدِهما إلى الآخرِ وَجْهَانِ؛ بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ في ضَمِّ أحَدِهما إلى الآخَرِ في غيرِ المَعْدِنِ، وإن كان فيه أجْنَاسٌ من غيرِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، ضُمَّ (34) بَعْضُها إلى بَعْضِ؛ لأنَّ الواجِبَ في قِيمَتِها، والقِيمَةُ وَاحِدَةٌ، فأشْبَهَتْ عُرُوضَ التِّجَارَةِ. وإن كان فيها أحَدُ النَّقْدَيْنِ، وجِنْسٌ آخَرُ، ضُمَّ أحَدُهما إلى الآخَرِ، كما تُضَمُّ العُرُوضُ إلى الأثْمانِ. وإن اسْتَخْرَجَ نِصَابًا من مَعْدِنَيْنِ، وَجَبَتِ الزكاةُ فيه؛ لأنَّه مالُ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فأشْبَهَ الزَّرْعَ في مَكانَيْنِ.
الفَصْلُ الرَّابِع، في وَقْتِ الوُجُوبِ، وتجِبُ الزكاةُ فيه حين يَتَنَاوَله ويَكْمُلُ نِصَابُهُ، ولا يُعْتَبَرُ له حَوْلٌ. وهذا قَوْلُ مالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وقال إسحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ: لا شىءَ فى المَعْدِنِ حتى يَحُولَ عليه الحَوْلُ؛ لِقَوْلِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا زَكَاةَ في مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ"(35). ولَنا، أنَّه مالٌ مُسْتَفادٌ من الأرْضِ، فلا يُعْتَبَرُ في وُجُوبِ حَقِّهِ حَوْلٌ، كالزُّرُوع (36) والثِّمَارِ والرِّكَازِ، ولأنَّ الحَوْلَ إنَّما يُعْتَبَرُ في غيرِ هذا لِتَكْمِيلِ النَّماءِ، وهذا (37) يَتَكَامَلُ نَمَاؤُهُ دُفْعَةً وَاحِدَةً، فلا يُعْتَبَرُ له حَوْلٌ كالزُّرُوعِ، والخَبَرُ مَخْصُوصٌ بِالزَّرْعِ والثَّمَرِ، فيُخَصُّ مَحِلُّ النِّزَاعِ بالقِياسِ عليه. إذا ثَبَتَ هذا فلا يجوزُ إخْرَاجُ زَكَاتِه إلَّا بعدَ سَبْكِه، وتَصْفِيَتِه، كَعُشْرِ الحَبِّ، فإن أخْرجَ رُبْعَ عُشْرِ تُرَابِه قَبْلَ تَصْفِيَتِه، وَجَبَ (38) رَدُّهُ إن كان بَاقِيًا، أو قِيمَتُهُ إن كان تَالِفًا. والقولُ في قَدْرِ المَقْبُوضِ قَوْلُ الآخِذِ؛ لأنَّه غارِمٌ، فإنْ صَفَّاهُ الآخِذُ، فكان قَدْرَ الزكاةِ، أجْزَأَ.
(34) في الأصل: "يضم".
(35)
تقدم تخريجه في صفحة 73.
(36)
في م: "كالزرع".
(37)
في ب، م:"وهو".
(38)
سقط من: الأصل.