الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَمَن (6) وَجَبَ عليه العُشْرُ، والذى قاسُوا عليه عاجزٌ، فلا يَصِحُّ القِيَاسُ عليه، وحَدِيثُهم مَحْمُولٌ على زَكاةِ المالِ.
فصل:
وإذا لم يَفْضُلْ إلَّا صَاعٌ أخْرَجَهُ عن نَفْسِه؛ لِقَوْلِه عليه السلام: "ابْدَأْ بِنَفْسِكَ ثمَّ بِمَنْ تَعُولُ"(7). ولأنَّ الفِطْرَةَ تَنْبَنِى على النَّفَقَةِ، فكما يَبْدَأُ بنَفْسِه فى النَّفَقَةِ فكذلك فى الفِطْرَةِ. فإن فَضَلَ آخَرُ أخْرَجَهُ عن امْرَأتِه؛ لأنَّ نَفَقَتَها آكَدُ، فإنَّها (8) تَجِبُ على سَبِيلِ المُعَاوَضَةِ مع اليَسارِ والإعْسارِ، ونَفَقَةُ الأقارِبِ صِلَةٌ تَجِبُ مع اليَسارِ دون الإعْسارِ. فإن فَضَلَ آخَرُ، أخْرَجَه عن رَقِيقِه؛ لِوُجُوبِ نَفَقَتِهم فى الإعْسَارِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَحْتَمِلُ تَقْدِيمُ الرَّقِيقِ على الزَّوْجَةِ؛ لأنَّ فِطرَتَه مُتَّفَقٌ عليها، وفِطْرَتُها مُخْتَلَفٌ فيها. فإن فَضَلَ آخَرُ أخْرَجَه عن وَلَدِه الصَّغِيرِ، لأنَّ نَفَقَتَه مَنْصُوصٌ عليها ومُجْمَعٌ عليها. وفى الوَالِدِ والوَلَدِ الكَبِيرِ وَجْهانِ؛ أحَدُهُما، يُقَدَّمُ الوَلَدُ؛ لأنَّه كَبَعْضِه. والثانى، الوَالِدُ، لأنَّه كبَعْضِ والدِه. وتُقَدَّمُ فِطْرَةُ الأُمِّ على فِطْرَةِ الأبِ، لأنَّها مُقَدَّمَةٌ فى البِرِّ، بِدَلِيلِ قولِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم للأعْرَابِىِّ لمَّا سَأَلَهُ: مَنْ أبَرُّ؟ قال: "أُمَّكَ". قال: ثم مَنْ؟ قال: "أُمَّكَ"(9). قال: ثم مَنْ؟ قال: "أمَّكَ"(9). قال: ثم مَنْ؟ قال: "ثم أبَاكَ"(10). ولأنَّها ضَعِيفَةٌ عن الكَسْبِ. ويَحْتَمِلُ تَقْدِيمَ فِطرَةِ الأبِ؛ لِقَوْلِ النَّبِىِّ
(6) فى ب، م:"لمن".
(7)
انظر ما تقدم فى حاشية صفحة 150، وحاشية صفحة 264.
(8)
فى أ، ب، م:"فإن نفقتها".
(9)
فى الأصل: "ثم أمك"، وهى عند أبى داود.
(10)
أخرجه البخارى، فى: باب من أحق الناس بحسن الصحبة، من كتاب الأدب. صحيح البخارى 8/ 2. ومسلم، فى: باب بر الوالدين وأنهما أحق به، من كتاب البر والصلة. صحيح مسلم 4/ 1974. وأبو داود، فى: باب فى بر الوالدين، من كتاب الأدب. سنن أبى داود 2/ 629. والترمذى، فى: باب ما جاء فى بر الوالدين، من أبواب البر والصلة. عارضة الأحوذى 8/ 92. وابن ماجه، فى: باب بر الوالدين، من كتاب الأدب. سنن ابن ماجه 2/ 1207. والإمام أحمد، فى: المسند 2/ 402، 5/ 3، 5.
ورواية النصب هذه عند أبى داود وابن ماجه.
-صلى الله عليه وسلم: "أنْتَ ومَالُكَ لأبِيكَ"(11). ثم الجَدِّ (12)، ثم (13) الأقْرَبِ فالأقْرَبِ، على تَرْتِيبِ (14) المِيرَاثِ. ويَحْتَمِلُ تَقْدِيمَ فِطْرَةِ الوَلَدِ على فِطْرَةِ المَرْأَةِ؛ لما رَوَى أبو هُرَيْرَةَ، قال: أمَرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالصَّدَقَةِ، فقامَ رَجُلٌ فقال: يا رسولَ اللَّه: عِنْدِى دِينَارٌ. قال: "تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ". قال: عِنْدِى آخَرُ. قال: "تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ". قال: عِنْدِى آخَرُ، قال:"تَصَدَّقْ بهِ عَلَى زَوْجِكَ"(15). قال: عِنْدِى آخَرُ، قال:"تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ". قال: عِنْدِى آخَرُ، قال:"أنْتَ أبْصَرُ"(16). فقَدَّمَ الوَلَدَ فى الصَّدَقَةِ عليه، فكذلك فى (17) الصَّدَقَةِ عنه. ولأنَّ الوَلَدَ كبَعْضِه، فيُقَدَّمُ كتَقْدِيمِ نَفْسِه، ولأنَّه إذا ضَيَّعَ وَلَدَه لم يَجِدْ من يُنْفِقُ عليه، فيَضِيعُ، والزَّوْجَةُ إذا لم يُنْفقْ عليها فُرِّقَ بينهما، وكان لها مَن يَمُونُها، من زَوْجٍ أو ذِى رَحِمٍ. ولأنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ على سَبِيلِ المُعاوَضَةِ، فكانتْ أضْعَفَ فى اسْتِتْبَاعِ الفِطْرَةِ من النَّفَقَةِ الوَاجِبَةِ على سَبِيلِ الصِّلَةِ؛ لأنَّ وُجُوبَ العِوَضِ المُقَدَّرِ لا يَقْتَضِى وُجُوبَ زِيَادَةٍ عليه يَتَصَدَّقُ بها عَمَّنْ له العِوَضُ، ولهذا لم تَجِبْ فِطْرَةُ الآخَرِ (18) المَشْرُوطِ (19) له مُؤْنَتُه، بخِلافِ القَرابَةِ، فإنَّها كما اقْتَضَتْ صِلَتَه بالإنْفَاقِ عليه، اقْتَضَتْ صِلَتَه بِتَطْهِيرِه بإخْرَاجِ الفِطْرَةِ عنه.
(11) أخرجه ابن ماجه، فى: باب ما للرجل من مال ولده، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 769. والإمام أحمد، فى: المسند 2/ 179، 204، 214.
(12)
فى م: "بالجد".
(13)
سقط من: أ.
(14)
فى م زيادة: "العصبات فى".
(15)
فى ب، م:"زوجتك". وهما بمعنى.
(16)
أخرجه أبو داود، فى: باب فى صلة الرحم، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود 1/ 393. والنسائى، فى: باب تفسير الصدقة عن ظهر غنى، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 47. والإمام أحمد، فى: المسند 2/ 251، 471.
(17)
سقط من: أ.
(18)
فى أ، ب، م:"الأخير".
(19)
فى أ: "المشترط".