الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابنِ عَبَّاسٍ: "مَنْ أدَّاهَا قبلَ الصَّلَاةِ فهِىَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، ومَنْ أدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِىَ صَدَقَةٌ من الصَّدَقَاتِ"(2). فإن أخَّرَها عن الصلاةِ تَرَكَ الأفْضَلَ، لما ذَكَرْنَا من السُّنَّةِ، ولأنَّ المَقْصُودَ منها الإِغْناءُ عن الطَّوَافِ والطَّلَبِ فى هذا اليَوْمِ، فمتَى أخَّرَها لم يَحْصُلْ إغْنَاؤُهم فى جَمِيعِه، لا سِيَّما فى وَقْتِ الصلاةِ. ومالَ إلى هذا القَوْلِ، عَطاءٌ، ومالِكٌ، وموسى بنُ وَرْدان (3)، وإسحاقُ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال القاضى: إذا أخْرَجَها فى بَقِيَّةِ اليَوْمِ لم يَكُنْ فَعَلَ مَكْرُوهًا؛ لِحُصُولِ الإِغْناءِ (4) بها فى اليَوْمِ. قال سَعِيدٌ: حَدَّثَنا أبو مَعْشَرٍ، عن نافِعٍ، عن ابنِ عمرَ، قال: أمَرَنَا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن نُخْرِجَ. وذَكَرَ الحَدِيثَ (5). قال: فكان يُؤْمَرُ أن يُخْرِجَ قبلَ أن يُصَلِّىَ، فإذا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَسَمَهُ بَينهم، وقال:"أغْنُوهُمْ عَنِ الطَّلَبِ فِى (6) هذَا اليَوْمِ". وقد ذَكَرْنا من الخَبَرِ والمَعْنَى ما يَقْتَضِى الكَرَاهَةَ؛ فإنْ أَخَّرَها عن يَوْمِ العِيدِ أَثِمَ، ولَزِمَهُ القَضاءُ. وحُكِىَ عن ابنِ سِيرِينَ، والنَّخَعِىِّ، الرُّخْصَةُ فى تَأْخِيرِها عن يَوْمِ العِيدِ. ورَوَى محمدُ بن يحيى الكَحَّالُ، قال: قلتُ لأبى عبدِ اللهِ: فإن أخْرَجَ الزكاةَ، ولم يُعْطِها. قال: نعم، إذا أعَدَّهَا لِقَوْمٍ. وحَكَاهُ ابنُ المُنْذِرِ عن أحمدَ، واتِّبَاعُ السُّنَّةِ أوْلَى.
فصل:
فأمَّا وَقْتُ الوُجُوبِ فهو وَقْتُ غُرُوبِ الشَّمْسِ من آخِرِ يَوْمٍ من رمضانَ، فإنَّها تَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ من آخِرِ شَهْرِ رمضانَ. فمن تَزَوَّجَ أو مَلَكَ عَبْدًا، أو وُلِدَ له وَلَدٌ، أو أَسْلَمَ قبل غُرُوبِ الشَّمْسِ، فعليه الفِطْرَةُ. وإن كان
(2) تقدم تخريجه فى صفحة 284.
(3)
أبو عمرو موسى بن وردان القرشى العامرى مولاهم، تابعى كان قاصًّا بمصر، وتوفى سنة سبع عشرة ومائة. تهذيب التهذيب 10/ 376، 377.
(4)
فى أ، ب، م:"الغناء".
(5)
تقدم تخريجه في صفحة 281.
(6)
سقط من: الأصل، ب.
بعدَ الغُرُوبِ، لم تَلْزَمْهُ. ولو كان حِينَ الوُجُوبِ مُعْسِرًا، ثم أيْسَرَ فى لَيْلَتِه تِلْكَ أو فى يَوْمِه، لم يَجِبْ عليه شىءٌ. ولو كان فى وَقْتِ الوُجُوبِ مُوسِرًا، ثم أعْسَرَ، لم تَسْقُطُ عنه اعْتِبَارًا بحالةِ الوُجُوبِ. ومن ماتَ بعد غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الفِطْرِ، فعليه صَدَقَةُ الفِطْرِ. نَصَّ عليه أحمدُ. وبما ذَكَرْنا فى وَقْتِ الوُجُوبِ قال الثَّوْرِىُّ، وإسحاقُ، ومالِكٌ، فى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عنه، والشَّافِعِىُّ، فى أحَدِ قَوْلَيْهِ. وقال اللَّيْثُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ: تَجِبُ بِطُلُوعِ الفَجْرِ يَوْمَ العِيدِ. وهو رِوَايةٌ عن مالِكٍ؛ لأنَّها قُرْبَةٌ تَتَعَلَّقُ بالعِيدِ، فلمْ يَتَقَدَّمْ وَقْتُها (7) يَوْمَ العِيدِ (8)، كالأُضْحِيَةِ. ولَنا، قولُ ابنِ عَبَّاسٍ: أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ من اللَّغْوِ والرَّفَثِ (9). ولأنَّها تُضافُ إلى الفِطْرِ، فكانت وَاجِبَةً به، كزَكاةِ المالِ، وذلك لأنَّ الإِضافَةَ دَلِيلُ الاخْتِصَاصِ، والسَّبَبُ أخَصُّ بِحُكْمِه من غيرِه، والأُضْحِيَةُ لا تَتَعَلَّقُ (10) بِطُلُوعِ الفَجْرِ، ولا هى واجِبَةٌ، ولا تُشْبِهُ ما نحنُ فيه. فعلَى هذا إذا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، والعَبْدُ المَبِيعُ فى مُدَّةِ الخِيَارِ، أو وُهِبَ له عَبْدٌ فَقَبِلَهُ ولم يَقْبِضْهُ، أو اشْتراهُ ولم يَقْبِضْه، فالفِطْرَةُ على المُشْتَرِى والمُتَّهِبِ؛ لأنَّ المِلْكَ له، والفِطْرَةُ على المالِكِ. ولو أوْصَى له بِعَبْدٍ، ومَاتَ المُوصِى قبل غُرُوبِ الشَّمْسِ، فلم يَقْبَل المُوصَى له حتى غَرَبَتْ (11)، فالفِطْرَةُ عليه، فى أحَدِ الوَجْهَيْنِ، والآخَرِ على وَرَثَةِ المُوصِى، بنَاءً على الوَجْهَيْنِ فى المُوصَى به هل يَنْتَقِلُ بالمَوْتِ أو من حِين القَبُولِ؟ ولو ماتَ (12) المُوصَى له قبلَ الرَّدِّ وقبلَ القَبُولِ، فقَبِلَ ورثتُه، وقُلْنا بصِحَّةِ قَبُولِهم، فهل تكونُ فطْرتُه على وَرَثَةِ المُوصِى، أو فى تَرِكةِ المُوصَى له؟
(7) فى م: "وجوبها".
(8)
فى م زيادة: "وهو رواية عن مالك" تكرار.
(9)
تقدم تخريجه فى صفحة 284.
(10)
فى م: "تعلق لها".
(11)
فى أ، م:"غابت".
(12)
من هنا إلى قوله: "وقبل القبول" الآتى، سقط من: أ، م.