الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَاعًا كامِلًا.
فصل:
ومن أيِّ الأصْنافِ المَنْصُوصِ عليها أخْرَجَ جازَ، وإن لم يكن قُوتًا له، وقال مالِكٌ: يُخْرِجُ من غالِبِ قُوتِ البَلَدِ، وذَكَرْنَا قَوْلَ الشَّافِعِىِّ. ولَنا، أنَّ خَبَرَ الصَّدَقَةِ وَرَدَ بِحَرْفِ التَّخْيِيرِ بين هذه الأصْنافِ، فوَجَبَ التَّخْيِيرُ فيه، ولأنَّه عَدَلَ إلى مَنْصُوصٍ عليه، فجازَ، كما لو عَدَلَ إلى الأعْلَى، والغِنَى يَحْصُلُ بِدَفْعِ قُوتٍ من الأجْناسِ، ويَدُلُّ على ما ذَكَرْنا أنَّه خَيَّرَ بين التَّمْرِ والزَّبِيبِ والأَقِطِ، ولم يكنِ الزَّبِيبُ والأَقِطُ قوتًا لأهْلِ المَدِينَةِ، فدَلَّ على أنَّه لا يُعْتَبَرُ أن يكونَ قُوتًا لِلمُخْرِجِ.
472 - مسألة؛ قال: (ومَنْ أَعْطَى الْقِيمَةَ، لَمْ تُجْزِئْهُ)
قال أبو دَاوُدَ: قِيلَ لأحمدَ وأنا أسْمَعُ: أُعْطِى دَرَاهِمَ -يَعْنِى فى صَدَقَةِ الفِطْرِ- قال: أخافُ أنْ لا يُجْزِئَهُ خِلَافُ سُنَّةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وقال أبو طالِبٍ، قال لى أحمدُ: لا يُعْطِى قِيمَتَهُ، قِيلَ له: قَوْمٌ يَقُولُونَ: عمرُ بن عبدِ العزيزِ كان يَأْخُذُ بالقِيمَةِ، قال: يَدَعُونَ قَوْلَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ويَقُولُونَ: قال فلانٌ! قال ابنُ عمرَ: فَرَضَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (1). وقال اللهُ تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (2). وقال قَوْمٌ يرُدُّون السُّنَنَ: قال فُلَانٌ، قال فُلَانٌ. وظاهِرُ مذهبِه أنَّه لا يجوزُ (3) إخْراجُ القِيمَةِ فى شىءٍ من الزَّكَوَاتِ. وبه قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ. وقال الثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ: يجوزُ. وقد (4) رُوِىَ ذلك عن عمرَ بن عبدِ العزيزِ، والحسنِ، وقد رُوِىَ عن أحمدَ مِثْلُ قَوْلِهم، فيما عَدَا الفِطْرَةَ. قال أبو دَاوُدَ: سُئِلَ أحمدُ، عن رَجُلٍ باعَ تَمْرَ (5) نَخْلِه. قال: عُشْرُه على الذى بَاعَه. قِيلَ له:
(1) هو الحديث المتقدم فى صفحة 281.
(2)
سورة النساء 59.
(3)
فى ب، م:"يجزئه".
(4)
سقط من: الأصل، ب.
(5)
فى ب، م:"ثمرة".
فيُخْرِجُ تَمْرًا (6)، أو ثَمَنَه؟ قال: إنْ شاءَ أخْرَجَ تَمْرًا (6)، وإن شَاءَ أخْرَجَ من الثَّمَنِ. وهذا دَلِيلٌ على جَوَازِ إخْرَاجِ القِيَمِ. ووَجْهُه قَوْلُ مُعَاذٍ لأهْلِ اليَمَنِ: ائْتُونِى بخَمِيسٍ (7) أو لَبِيسٍ (8) آخُذُه منكم، فإنَّه أَيْسَرُ عليكم، وأنْفَعُ لِلْمُهَاجِرِينَ بالمَدِينَةِ (9). وقال سَعِيدٌ: حَدَّثَنا سفيانُ عن عمرو، وعن طَاوُسٍ، قال: لَمَّا قَدمَ مُعَاذٌ اليَمَنَ، قال: ائْتُونِى بعَرْضِ ثِيَابٍ آخُذُه مِنْكُم مكانَ الذُّرَةِ والشَّعِيرِ، فإنَّه أهْوَنُ عليكم، وخَيْرٌ لِلْمُهَاجِرِينَ بالمَدِينَةِ. قال: وحَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عن [لَيْثٍ، عنْ](10) عَطاءٍ، قال: كان عمرُ بن الخَطَّابِ يَأْخُذُ العُرُوضَ فى الصَّدَقَةِ من الدَّرَاهِمِ (11). ولأنَّ المَقْصُودَ دَفْعُ الحاجَةِ، ولا يَخْتَلِفُ ذلك بعدَ اتِّحَادِ قَدْرِ الماليَّة باخْتِلَافِ صُوَرِ الأمْوالِ. ولَنا، قَوْلُ ابنِ عمرَ: فَرَضَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَدَقَةَ الفِطْرِ صَاعًا من تَمْرٍ، وصَاعًا من شَعِيرٍ (12). فإذا عَدَلَ عن ذلك فقد تَرَكَ المَفْرُوضَ. وقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"فِى أرْبَعِينَ شاةٍ شَاةٌ"(13) و "فِى مِائتَىْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ"(14). وهو وَارِدٌ بَيَانًا لِمُجْمَلِ قَوْلِه تعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} فتكونُ الشَّاةُ المَذْكُورَةُ هى الزكاةُ المَأْمُورُ بها، والأمْرُ يَقْتَضِى الوُجُوبَ. ولأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَرَضَ الصَّدَقَةَ على هذا الوَجْهِ، وأمَرَ بها أن تُؤَدَّى، ففى كِتَابِ أبى بكرٍ (15) الذى كَتَبَه فى
(6) فى ب، م:"ثمرا".
(7)
ثوب خميس: طوله خمسة أذرع.
(8)
اللبيس: الثوب قد أكثر لبسه فأخلق.
(9)
أخرجه الدارقطنى، فى: باب ليس فى الخضروات صدقة، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطنى 2/ 100. والبيهقى، فى: باب من أجاز أخذ القيم فى الزكوات، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى 4/ 113.
(10)
سقط من: الأصل.
(11)
أخرجه ابن أبى شيبة، فى: باب ما قالوا فى أخذ العروض فى الصدقة، من كتاب الزكاة. المصنف 3/ 181.
(12)
تقدم تخريجه فى صفحة 281.
(13)
تقدم تخريجه فى صفحة 41.
(14)
تقدم تخريجه فى صفحة 216.
(15)
تقدم تخريجه فى صفحة 10.