الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَخَاضٍ، أخْرَجَ ابْنَ لَبُونٍ ذَكَرًا" (11). ومن حيثُ المَعْنَى أنَّ الإِبِلَ يَتَغَيَّرُ (12) فَرْضُها بِزِيَادَةِ السِّنِّ، فإذا جَوَّزْنا إخْرَاجَ الذَّكَرِ أفْضَى إلى التَّسْوِيَةِ بين الفَرِيضَتَيْنِ، لأنَّه يُخْرِجُ ابْنَ لَبُونٍ عن خَمْسٍ وعِشْرِينَ، ويُخْرِجُهُ عن سِتَّةٍ وثَلَاثِينَ، وهذا المَعْنَى يَخْتَصُّ الإِبِلَ. فإن قِيلَ: فالبَقَرُ أيضا يَأْخُذُ منها تَبِيعًا عن ثَلَاثِينَ، وتَبِيعًا عن أرْبَعِينَ إذا كانت أتْبِعَةً كُلَّها، وقُلْنَا: تُؤْخَذُ الصَّغِيرَةُ عن الصِّغَارِ. قُلْنَا: هذا يَلْزَمُ (13) مِثْلُه فى إخْرَاجِ الأُنْثَى، فلا فَرْقَ، ومن جَوَّزَ إخْرَاجَ الذَّكَرِ فى الكُلِّ، قال: يَأْخُذُ ابْنَ لَبُونٍ من خَمْسٍ وعِشْرِينَ، قِيمَتهُ دُونَ قِيمَةِ ابن لَبُونٍ يَأْخُذُهُ من سِتَّةٍ وثَلَاثِينَ، ويكونُ بَيْنَهُما فى القِيمَةِ كما بينَهما فى العَدَدِ، ويكونُ الفَرْضُ بِصِفَةِ المَالِ، وإذا اعْتَبَرْنَا القِيمَةَ لم يُؤَدِّ إلى التَّسْوِيَةِ، كما قُلْنَا فى الغَنَمِ.
فصل:
ولا يجوزُ إخْرَاجُ المَعِيبَةِ عن الصِّحَاحِ، وإن كَثُرَتْ قِيمَتُها؛ للنَّهْىِ (14) عن أخْذِها، ولما فيه من الإضْرَارِ بالفُقَرَاءِ، ولهذا يَسْتَحِقُّ رَدَّها [فى البَيْعِ](15) وإن كَثُرَتْ قِيمَتُها. وإن كان فى النِّصَابِ صِحَاحٌ ومِرَاضٌ، أخْرَجَ صَحِيحَةً، قِيمَتُها (16) على قَدْرِ قِيمَةِ المالَيْنِ، فإن كان النِّصَابُ كُلُّه مِرَاضًا إلا مِقْدَارَ الفَرْضِ، فهو مُخَيَّرٌ بين إخْرَاجِهِ، وبين شِرَاءِ فَرِيضَةٍ (17) قَلِيلَة القِيمَةِ فيُخْرِجُها، ولو كانتِ الصَّحِيحَةُ غيرَ الفَرِيضَةِ بِعَدَدِ الفَرِيضَةِ، مثل مَن وَجَبَ عليه ابْنَتَا لَبُونٍ، وعندَه حُوَارَانِ صَحِيحانِ، [كان عليه شِرَاءُ صَحِيحَتَيْنِ](18)، فيُخْرِجُهما. وإن
(11) تقدم تخريجه فى صفحة 10.
(12)
فى الأصل: "يتعين".
(13)
فى الأصل: "فلزم". وفى م: "لا يلزم".
(14)
فى م: "لما نهى".
(15)
سقط من الأصل.
(16)
سقط من: أ، ب، م.
(17)
فى م: "مريضة".
(18)
فى الأصل: "فإن عليه شراء صحيحين".
وَجَبَتْ عليه حِقَّتَانِ وعندَه ابْنَتَا لَبُونٍ صَحِيحَتَانِ، خُيِّرَ بين إخْرَاجِهِما مع الجُبْرَانِ، وبين شِرَاءِ حِقَّتَيْنِ صَحِيحَتَيْنِ على قَدْرِ قِيمَةِ المالِ. وإن كان عِنْدَهُ جَذَعَتَانِ صَحِيحَتانِ، فله إخْرَاجُهما مع أخْذِ الجُبْرَانِ. وإن كانت عليه حِقَّتَانِ ونِصْفُ مَالِه صَحِيحٌ ونِصْفُهُ مَرِيضٌ، فقال ابْنُ عَقِيلٍ: له إخْرَاجُ حِقَّةٍ صَحِيحَةٍ، وحِقَّةٍ مَرِيضَةٍ؛ لأنَّ النِّصْفَ الذى يَجِبُ فيه إحْدَى الحِقَّتَيْنِ مَرِيضٌ كُلُّهُ. والصَّحِيحُ فى المذهبِ خِلَافُ هذا؛ لأنَّ فى مَالِه صَحِيحًا ومَرِيضًا، فلم يَمْلِكْ إخْرَاجَ مَرِيضَةٍ، كما لو كان نِصَابًا وَاحِدًا، ولم يتعَيَّنِ (19) النِّصْفُ الذى وَجَبَتْ فيه الحِقَّةُ فى المِرَاضِ، وكذلك لو كان لِشَرِيكَيْنِ، لم يَتَعَيَّنْ حَقُّ أَحَدِهما فى المِرَاضِ دُونَ الآخَرِ. وإن كان النِّصَابُ مِرَاضًا كلُّه، فالصَّحِيحُ فى المذهبِ جَوَازُ إخْرَاجِ الفَرْضِ منه، ويَكُونُ وَسَطًا فى القِيمَةِ، [ولا اعْتبار](20) بقِلَّةِ العَيْبِ وكَثْرَتِه؛ لأنَّ القِيمَةَ تَأْتِى على ذلك. وهو قَوْلُ الشَّافِعِىِّ، وأبى يوسفَ، ومحمدٍ. وقال مَالِكٌ: إن كانتْ كُلُّهَا جَرْبَاءَ أخْرَجَ جَرْبَاءَ، وإن كانت كُلُّها هَتْمَاءَ كُلِّفَ شِرَاءَ صَحِيحَةٍ. وقال أبو بكرٍ: لا تُجْزِئُ إلَّا صَحِيحَةٌ؛ لأنَّ أحمدَ، قال: لا يُؤْخَذُ إلَّا ما يجوزُ فى الأضاحِى، ولِلنَّهْىِ عن أَخْذِ ذَاتِ العُوَارِ، فعَلى هذا يُكَلَّفُ شِرَاءَ صَحِيحَةٍ بِقَدْرِ قِيمَةِ المَرِيضَةِ. ولَنا، قَوْلُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"إيَّاكَ وكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ"(21) وقال: "إنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَسْأَلْكُمْ خَيْرَهُ، ولم يَأْمُرْكُمْ بِشَرِّهِ". رَوَاه أبو دَاوُدَ (22)، ولأنَّ مَبْنَى الزَّكاةِ على المُواساةِ، وتَكْلِيفُ الصَّحِيحَةِ عن المِرَاضِ إخْلَالٌ بِالمُوَاساةِ، ولهذا يَأْخُذُ من الرَّدِىءِ مِن الحُبُوبِ والثِّمَارِ من جِنْسِه، ويأْخُذُ من اللِّئَامِ والهِزَالِ من المَوَاشِى من جِنْسِه، كذا هاهُنا. وقد ذَكَرْنَا
(19) فى م: "يتغير".
(20)
فى م: "والاعتبار".
(21)
تقدم تخريجه فى 1/ 275، وانظر حاشية صفحة 5 المتقدمة.
(22)
فى: باب فى زكاة السائمة، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود 1/ 365.