الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من أحَدِهما ما قِيمَتُه ثَلَاثَةَ عَشَرَ ونِصْفٌ، وإن كان الثُّلُثُ مَعْزًا، والثُّلُثَانِ ضَأْنًا، أخْرَجَ ما قِيمَتُه أرْبَعَةَ عَشَرَ، وإن كان الثُّلُثُ ضَأْنًا، والثُّلُثَانِ مَعْزًا، أَخْرَجَ ما قِيمَتُه ثَلَاثَةَ عَشَرَ (1). وهكذا لو كان فى إبِلِه عَشْرٌ بَخَاتَى، وعَشْرٌ مَهْرِيَّةٌ، وعَشْرٌ عِرَابِيَّةٌ، وقِيمَةُ ابْنَة المَخَاضِ البُخْتِيَّة ثَلَاثُونَ، وقِيمَةُ المَهْرِيَّةِ أَرْبَعَةٌ وعِشْرُونَ، وقِيمَةُ العِرَابِيَّةِ اثْنَا عَشَرَ، أخْرَجَ ابْنَةَ مَخَاضٍ قِيمَتُها ثُلُثُ قِيمَةِ ابْنَة مَخَاضٍ بُخْتِيَّةٍ، وهو عَشَرَةٌ، وثُلُثُ قِيمَةِ مَهْرِيَّةٍ ثَمَانِيَةٌ، وثُلُثُ قِيمَةِ عِرَابِيَّةٍ أرْبَعَةٌ، فَصَارَ الجَمِيعُ اثْنَيْنِ وعِشْرِينَ. وهكذا (2) الحُكْمُ فى أَنْوَاعِ البَقَرِ، وكذلك الحُكْمُ فى السِّمَانِ مع المَهَازِيلِ، والكِرَامِ مع اللِّئَامِ. فأمَّا الصِّحَاحُ مع المِرَاضِ، والذُّكُورُ مع الإِنَاثِ، والكِبَارُ مع الصِّغَارِ، فيَتَعَيَّنُ عليه صَحِيحَةً كَبِيرَةً (3) أُنْثَى، على قَدْرِ قِيمَةِ المَالَيْنِ، إلَّا أن يَتَطَوَّعَ رَبُّ المالِ بالفَضْلِ، وقد ذُكِرَ هذا.
فصل:
فإن أخْرَجَ عن النِّصَابِ من غيرِ نَوْعِه ممَّا ليس فى مَالِه منه شىءٌ، ففيه وَجْهانِ: أحَدُهما، يُجْزِئُ؛ لأنَّه أَخْرَجَ عنه من جِنْسِه، فجازَ، كما لو كان المَالُ نَوْعَيْنِ، فأخْرَجَ من أَحَدِهما عَنْهُما. والثانى، لا يُجْزِئُ؛ لأنَّه أخْرَجَ من غيرِ نَوْعِ مَالِهِ، أشْبَهَ ما لو أخْرَجَ من غيرِ الجِنْسِ، وفارَق ما إذا أخْرَجَ من أحَدِ نَوْعَىْ مَالِهِ، لأنَّه جازَ فِرَارًا من تَشْقِيصِ الفَرْضِ، وقد جَوَّزَ الشَّارِعُ الإخْرَاجَ من غيرِ الجِنْسِ فى قَلِيلِ الإِبِلِ وشَاةِ الجُبْرَانِ كذلك (4)، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنا.
412 - مسألة؛ قال (وَإنِ اختَلَطَ جَمَاعَةٌ فِى خَمْسٍ من الإِبِلِ، أو ثَلَاثِينَ مِنَ البَقَرِ، أو أرْبَعِينَ من الغَنَمِ، وكَانَ مَرْعَاهُمْ ومَسْرَحُهُمْ ومَبِيتُهُمْ ومحْلَبُهُمْ وفَحْلُهُمْ وَاحِدًا، أُخِذَتْ مِنْهُمُ الصَّدَقَةُ)
وجُمْلَتُه أنَّ الخُلْطَةَ فى السَّائِمَةِ تَجْعَلُ مالَ الرَّجُلَيْنِ كمَالِ الرَّجُلِ الوَاحِدِ فى
(1) سقط من: م.
(2)
فى ا، م:"وهذا".
(3)
فى م: "وكبيرة".
(4)
فى الأصل، أ، م:"لذلك".
الزكاةِ، سَوَاءٌ كانتْ خُلْطَةَ أعْيانٍ، وهى أن تكونَ المَاشِيَةُ مُشْتَرَكَةً بينهما، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُما (1) نَصِيبٌ مَشَاعٌ، مثل أن يَرِثَا نِصَابًا أو يَشْتَرِيَاهُ، أو يُوهَبَ لهما، فيُبْقِيَاهُ بِحَالِه، أو خُلْطَة أوْصَافٍ، وهى أن يكونَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ منهما مُتَمَيِّزًا (2)، فخَلَطَاهُ، واشْتَرَكا فى الأوْصَافِ التى نَذْكُرُها، وسَوَاءٌ تَسَاوَيَا فى الشَّرِكَةِ، أو اخْتَلَفَا، مثل أن يكونَ لِرَجُلٍ شَاةٌ، ولآخَرَ تِسْعَةٌ وثَلاثُونَ، أو يكونَ لأرْبَعِينَ رَجُلًا أرْبَعُونَ شَاةً، لِكُلِّ وَاحِدٍ منهم شَاةٌ، نَصَّ عليهما أحمدُ. وهذا قَوْلُ عَطَاءٍ، والأوْزَاعِىِّ، والشَّافِعِىِّ، واللَّيْثِ، وإسحاقَ. وقال مَالِكٌ: إنَّما تُؤَثِّرُ الخُلْطَةُ إذا كان لِكُلِّ وَاحِدٍ من الشُّرَكَاءِ نِصَابٌ. وحُكِىَ ذلك عن الثَّوْرِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، واخْتَارَهُ ابنُ المُنْذِرِ. وقال أبو حنيفةَ: لا أثَرَ لها بِحَالٍ؛ لأنَّ مِلْكَ كل وَاحِدٍ دُونَ النِّصَابِ، فلم يَجِبْ عليه زَكَاةٌ، كما لو لم يَخْتَلِطْ بِغَيْرِه. ولأبى حنيفةَ، فيما إذا اخْتَلَطَا فى نِصَابَيْنِ، أنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما يَمْلِكُ أَرْبَعِينَ من الغَنَمِ، فَوَجَبَتْ عليه شَاةٌ؛ لِقَوْلِه عليه السلام:"فى أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ"(3). ولَنا، ما رَوَى البُخَارِىُّ، فى حديثِ أَنَسٍ الذى ذَكَرْنَا أَوَّلَهُ (4):"لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، ولا يُفَرَّقُ بين مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، ومَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهما بالسَّوِيَّةِ". ولا يَجِىءُ التَّراجُعُ إلَّا علَى قَوْلِنَا فى خُلْطَةِ الأوْصَافِ. وقوله: لا يُجْمَعُ بين مُتَفَرِّقٍ. إنَّما يكونُ هذا إذا كان لِجَمَاعَةٍ، فإنَّ الوَاحِدَ يَضُمُّ مَالَهُ بَعْضَه إلى بَعْضٍ، وإن كان فى أمَاكِنَ، وهكذا (5) لا يُفَرَّقُ بين مُجْتَمِعٍ. ولأنَّ لِلْخُلْطَةِ تَأْثِيرًا فى تَخْفِيفِ المُؤْنَةِ، فجازَ أن تُؤثِّرَ فى الزكاةِ كالسَّوْمِ (6) والسَّقْىِ، وقِيَاسُهم مع
(1) فى م زيادة: "منه".
(2)
فى ا، ب، م:"مميزا".
(3)
تقدم تخريجه فى صفحة 41.
(4)
تقدم تخريجه فى صفحة 10.
(5)
فى م: "وهذا".
(6)
فى ا، م:"كالسموم" خطأ.
مُخَالَفَةِ النَّصِّ غيرُ مَسْمُوعٍ. إذا ثَبَتَ هذا فإنَّ خُلْطَةَ الأوْصافِ يُعْتَبَرُ فيها اشْتِرَاكُهم فى خَمْسَةِ أوْصَافٍ: المَسْرَحُ، والمَبِيتُ، والمَحْلَبُ، والمَشْرَبُ، والفَحْلُ. قال أحمدُ: الخَلِيطانِ أن يكونَ رَاعِيهما وَاحِدًا، ومرَاحُهُما وَاحِدًا، وشِرْبُهُما وَاحِدًا. وقد ذَكَرَ أحمدُ فى كَلَامِه شَرْطًا سَادِسًا، وهو الرَّاعِى. قال الخِرَقِىُّ:"وكان مَرْعَاهم ومَسْرَحُهم وَاحِدًا". فيَحْتَمِلُ أنَّه أرَادَ بالمَرْعَى الرَّاعِى، لِيكونَ مُوافِقًا لِقَوْلِ أحمدَ، ولِكَوْنِ المَرْعَى هو المَسْرَحُ. قال ابْنُ حَامِدٍ: المَرْعَى (7) والمَسْرَحُ شَرْطٌ وَاحِدٌ، وإنَّما ذَكَرَ أحمدُ المَسْرَحَ لِيكونَ فيه رَاعٍ واحِدٌ، والأصْلُ فى هذا ما رَوَى الدَّارَقُطْنِىُّ، فى "سُنَنِهِ"(8)، بإسْنَادِهِ عن سَعْدِ ابن أبِى وَقَّاصٍ، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، ولا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، والخَلِيطَانِ مَا اجْتَمَعَا فِى الْحَوْضِ والفَحْلِ والرَّاعِى" ورُوِىَ "المَرْعَى"(9). وبِنَحْوٍ من هذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال بعضُ أصْحَابِ مالِكٍ: لا يُعْتَبَرُ فى الخُلْطَةِ إلَّا شَرْطَانِ: الرَّاعِى، والمَرْعَى؛ لِقَوْلِه عليه السلام:"لا يُفَرَّقُ بين مُجْتَمِعٍ، ولا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ". والاجْتِمَاعُ يَحْصُلُ بذلك، ويُسَمَّى خُلْطَةً، فاكْتُفِىَ به. ولَنا، قولُه صلى الله عليه وسلم:"والخَلِيطَانِ: ما اجْتَمَعَا فِى الْحَوْضِ والرَّاعِى والفَحْلِ". فإن قِيلَ: فلم اعْتَبَرْتُمْ زِيَادَةً على هذا؟ قلنا: هذا تَنْبِيهٌ على بَقِيَّة الشَّرائِط، وإلْغاءٌ لما ذَكَرُوهُ، ولأن لِكُلِّ وَاحِدٍ من هذه الأوْصافِ (10) تَأْثِيرًا. فاعْتُبِرَ كالمَرْعَى. إذا ثَبَتَ هذا فالمَبِيتُ مَعْرُوفٌ، وهو المَرَاحُ الذى تَرُوحُ إليه الماشِيَةُ، قال اللَّه تعالى:{حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} (11). والمَسْرَحُ
(7) فى ا، ب، م:"الراعى".
(8)
فى: باب تفسير الخليطين. . .، من كتاب الزَّكَاة. سنن الدارقطنى 2/ 104.
(9)
فى الأصل، ب:"الرعى".
(10)
فى الأصل: "الأصناف".
(11)
سورة النحل 6.