الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأعْلَمَكُمْ بِمَا أتَّقِى". رَوَاهُ مالِكٌ، فى "مُوَطَّأِهِ"، ومُسْلِمٌ فى "صَحِيحِه" (6).
501 - مسألة؛ قال: (وَكَذَلِك المَرْأَةُ إذَا انْقَطَعَ حَيْضُها مِنَ اللَّيْلِ، فَهِىَ صَائِمَةٌ إذَا نَوَتِ الصَّوْمَ قَبْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ، وتَغْتَسِلُ إذَا أصْبَحَتْ)
وجُمْلَةُ ذلك أنَّ الحُكْمَ فى المَرْأةِ إذا انْقَطَعَ حَيْضُها مِن اللَّيْلِ، كالحُكْمِ فى الجُنُبِ، سَوَاءٌ، ويُشْتَرَطُ أنْ يَنْقَطِعَ حَيْضُها قبلَ طُلُوعِ الفَجْرِ؛ لأنَّه إن وُجِدَ جُزْءٌ منه فى النَّهَارِ أَفْسَدَ الصَّوْمَ، ويُشْتَرَطُ أن تَنْوِىَ الصَّوْمَ أيضا من اللَّيْلِ بعدَ انْقِطَاعِه؛ لأنَّه لا صِيامَ لمن لم يُبَيِّتِ الصِّيامَ من اللَّيْلِ. قال الأوْزاعِىُّ، والحسنُ ابن حَىّ، وعبدُ المَلِكِ بنُ الماجِشُون، والعَنْبَرِىُّ: تَقْضِى، فَرَّطَتْ فى الاغْتِسالِ أو لم تُفَرِّطْ؛ لأنَّ حَدَثَ (1) الحَيْضِ يَمْنَعُ الصومَ، بِخِلَافِ الجَنَابةِ. ولَنا، أنَّه حَدَثٌ يُوجِبُ الغُسْلَ، فتَأْخِيرُ الغُسْلِ منه إلى أن يُصْبِحَ لا يَمْنَعُ صِحَّةَ الصومِ، كالجَنابَةِ، وما ذَكَرُوهُ لا يَصِحُّ، فإنَّ مَن طَهُرَتْ من الحَيْضِ ليستْ حَائِضًا، وإنَّما عليها حَدَثٌ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ، فهى كالجُنُبِ، فإنَّ الجِماعَ المُوجِبَ لِلْغُسْلِ لو وُجِدَ فى الصومِ أفْسَدَهُ، كالحَيْضِ، وبَقاءُ وُجُوبِ الغُسْلِ منه كبَقَاءِ وُجُوبِ الغُسْلِ من الحَيْضِ. وقد اسْتَدَلَّ بعضُ أهْلِ العِلْمِ بِقَوْلِ اللهِ تعالى:{فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (2). فلمَّا أبَاحَ المُباشَرَةَ إلى تَبَيُّنِ الفَجْرِ، عُلِمَ أنَّ الغُسْلَ إنَّما يكونُ بَعْدَهُ.
502 - مسألة؛ قال: (وَالْحَامِلُ إِذَا خافَتْ عَلَى جَنِينِهَا، والمُرْضِعُ عَلَى وَلَدِهَا، أفْطَرَتَا، وقَضَتَا، وأطْعَمَتَا عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا)
وجُمْلَةُ ذلك أن الحَامِلَ والمُرْضِعَ، إذا خَافَتَا على أنْفُسِهما، فلهما الفِطْرُ،
(6) تقدم تخريجه فى صفحة 362.
(1)
سقط من: ب، م.
(2)
سورة البقرة 187.
وعليهما القَضاءُ فحَسْبُ. لا نَعْلَمُ فيه بينَ أهْلِ العِلْمِ اخْتِلافًا؛ لأنَّهما بِمَنْزِلَةِ المَرِيضِ الخائِفِ على نَفْسِه. وإن خَافَتَا على وَلَدَيْهما أفْطَرَتَا، وعليهما القَضاءُ وإطْعَامُ مِسْكِينٍ عن كلِّ يَوْمٍ. وهذا يُرْوَى عن ابْنِ عمرَ. وهو المشهورُ من مذهبِ الشَّافِعِىِّ. وقال اللَّيْثُ: الكَفَّارَةُ على المُرْضِعِ دون الحَامِلِ. وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عن مالِكٍ، لأنَّ المُرْضِعَ يُمْكِنُها أن تَسْتَرْضِعَ لِوَلَدِها، بِخِلافِ الحامِلِ، ولأنَّ الحَمْلَ مُتَّصِلٌ بالحَامِلِ، فالخَوْفُ عليه كالخَوْفِ على بعضِ أعْضائِها. وقال عَطاءٌ، والزُّهْرِىُّ، والحسنُ، وسَعِيدُ بن جُبَيْرٍ، والنَّخَعِىُّ، وأبو حنيفةَ: لا كَفَّارَةَ عليهما؛ لما رَوَى أَنَسُ بنُ مَالِكٍ هو (1) رَجُلٌ [من بَنِى كَعْبٍ](2)، عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:"إنَّ اللهَ وَضَعَ عَنِ المُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ، وعن الحَامِلِ والمُرْضِعِ الصَّوْمَ -أو- الصِّيَامَ" واللهِ لقد قالَهما رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أحَدَهما أو كِلَيْهِما. رَوَاهُ النَّسَائِىُّ، والتِّرْمِذِىُّ (3). وقال: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ. ولم يَأْمُرْ (4) بِكَفَّارَةٍ، ولأنَّه فِطْرٌ أُبِيحَ لِعُذْرٍ، فلم يَجِبْ به كَفَّارَةٌ، كالفِطْرِ لِلْمَرَضِ (5). ولَنا، قولُ اللهِ تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (6). وهما دَاخِلَتَانِ فى عُمُومِ الآية. قال ابنُ عَبَّاسٍ: كانتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الكَبِيرِ، والمَرْأةِ الكَبِيرَةِ، وهما يُطِيقانِ الصيامَ، أن يُفْطِرَا، ويُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، والحُبْلَى والمُرْضِعُ إذا خافَتَا على أوْلَادِهِما، أفْطَرَتَا، وأَطْعَمَتَا. رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (7). وَرُوِىَ ذلك عن ابنِ عمرَ، ولا مُخَالِفَ لهما فى (8) الصَّحابَةِ.
(1) سقط من: أ، ب، م.
(2)
فى سنن الترمذى: "من بنى عبد اللَّه بن كعب".
(3)
تقدم تخريجه فى 3/ 119.
(4)
فى ب، م:"يأمره".
(5)
فى الأصل: "للمريض".
(6)
سورة البقرة 184.
(7)
فى: باب من قال هى مثبتة للشيخ والحبلى، من كتاب الصوم. سنن أبى داود 1/ 541.
(8)
فى ازيادة: "عصر".