الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
فإن أخْرَجَ عن الشَّاةِ بَعِيرًا لم يُجْزِئْهُ، سَوَاءٌ كانتْ قِيمَتُهُ أكْثَرَ من قِيمَةِ الشَّاةِ أو لم يكنْ، وحُكِىَ عن مَالِكٍ وداودَ. وقال الشَّافِعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ: يُجْزِئُ (16) البَعِيرُ عن العِشْرِينَ فما دُونَها. ويَتَخَرَّجُ (17) لَنا مِثلُ ذلك إذا كان المُخْرَجُ مما يُجْزِئُ عن خَمْسٍ وعِشْرِينَ؛ لأنه يُجْزِئُ عن خَمْسٍ وعِشْرِينَ، والعِشْرُونَ دَاخِلَةٌ فيها، ولأنَّ ما أجْزَأ عن الكَثِيرِ أجْزَأَ عَمَّا دُونَه، كابْنَتَىْ لَبُونٍ عمَّا دُونَ سِتَّةٍ وسَبْعِينَ. ولنَا، أنَّه أَخْرَجَ غيرَ المَنْصُوصِ عليه من غيْرِ جِنْسِه، فلم يُجْزِهِ، كما لو أخْرَجَ بَعِيرًا عن أرْبَعِينَ شاةً، ولأنَّ النَّصَّ وَرَدَ بالشَّاةِ، فلم يُجْزِئ البَعِيرُ كالأصْلِ، أو كشَاةِ الجُبْرَانِ، ولأنَّها فَرِيضَةٌ وَجَبَتْ فيها شَاةٌ فلمْ (18) يُجْزِئ عنها البَعِيرُ، كنِصابِ الغَنَمِ، ويُفارِقُ ابْنَتَىْ لَبُونٍ عن الجَذَعَةِ؛ لأنَّهما (19) من الجِنْسِ.
فصل: وتكونُ الشَّاةُ المُخْرَجَةُ كحالِ الإِبِلِ فى الجَوْدَةِ والرَّدَاءةِ، فَيُخْرِجُ عن الإِبِلِ السِّمَانِ سَمِينَةً، وعن الهُزَالِ هَزِيلةً (20)، وعن الكَرَائِمِ كَرِيمَةً، وعن اللِّئَامِ لَئِيمَةً، فإن كانت مِرَاضًا أخْرَجَ شَاةً صَحِيحَةً على قَدْرِ المالِ، فيقالُ له (21): لو كانَتِ الإبِلُ صِحَاحًا كم كانتْ قِيمَتُها وقِيمَةُ الشَّاةِ؟ فيقال: قِيمَةُ الإِبِلِ مائةٌ وقِيمَةُ الشَّاةِ خَمْسَةٌ، فيَنْقُصُ من قِيمَتِها قَدْرُ ما نَقَصَتِ الإِبِلُ، فإذا نَقَصَتِ الإِبِلُ خُمْسَ قِيمَتِها وَجَبَ شَاةٌ قِيمَتُها أرْبَعَةٌ. وقيل: تُجْزِئُه شَاةٌ تُجْزِئُ فى الأُضْحِيةِ، من غَيْرِ نَظَرٍ إلى القِيمَةِ. وعلى القَوْلَيْنِ لا تُجْزِئُه مَرِيضَةٌ؛ لأنَّ المُخْرَجَ من غَيْرِ جِنْسِها، وليس كلُّه مِرَاضًا، فينزَّلُ مَنْزِلَةَ اجْتِمَاعِ الصِّحَاحِ، والمِرَاضُ لا تُجْزِئُ فيه إلَّا الصَّحِيحَةُ.
(16) فى ا، م:"يجزئه".
(17)
فى ا، م:"ويخرج".
(18)
سقط من: م.
(19)
فى ا، م:"لأنها".
(20)
فى م: "هزلة".
(21)
سقط من: الأصل.
399 -
مسألة؛ قال: (فَإذَا صَارَتْ خمْسًا وعِشْرِينَ، فَفِيهَا بِنْتُ مَخاضٍ، إلى خَمْسٍ وثَلَاثِينَ، فإن لم يكنْ فيها (1) بِنْتُ مَخاضٍ فابْنُ (2) لَبُونٍ ذَكَرٌ، فإذَا بَلَغَتْ سِتًّا وثَلَاثِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ إلى خمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، فإذا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الفَحْلِ، إلى سِتِّينَ، فإذا بَلَغَتْ إحْدَى وسِتِّينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ إلى خَمْسٍ وسَبْعِينَ، فإذا بَلَغَتْ سِتًّا وسَبْعِينَ فَفِيها ابْنَتَا لَبُونٍ إلى تِسْعِينَ، فإذا بَلَغَتْ إحْدَى وتِسْعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ [طَرُوقَتَا الْفَحْلِ](3) إلى عِشْرِينَ ومائة).
وهذا كُلُّه مُجْمَعٌ عليه، والخَبَرُ الذى رَوَيْنَاهُ (4) مُتَنَاوِلٌ له. وَابْنَةُ المَخَاضِ: التى لها سَنَةٌ وقد دَخَلَتْ فى الثَّانِيَةِ، سُمِّيَتْ بذلك لأنَّ أُمَّهَا قد حَمَلَتْ غَيْرَها، والمَاخِضُ الحَامِلُ، وليس كَوْنُ أُمِّهَا مَاخِضًا شَرْطًا فيها، وإنَّما ذُكِرَ تَعْرِيفًا لها بغَالِبِ حَالِها، كَتَعْرِيفِه (5) الرَّبِيبَةَ بالحِجْرِ، وكذلك بِنْتُ لَبُونٍ وبِنْتُ المَخَاضِ أَدْنَى سِنٍّ يُوجَدُ فى الزكاةِ، ولا تَجِبُ إلَّا فى خَمْسٍ وعِشْرِينَ إلى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ خَاصَّةً. وبِنْتُ اللَّبُونِ: التى تَمَّتْ لها سَنَتَانِ ودَخَلَتْ فى الثَّالِثَة، سُمِّيَتْ بذلك لأنَّ أُمَّهَا قد وَضَعَتْ حَمْلَهَا ولها لَبَنٌ. والحِقَّةُ: التى لها ثَلَاثُ سِنِينَ ودَخَلَتْ فى الرَّابِعَةِ؛ لأنَّها قد اسْتَحَقَّتْ أن يَطْرُقَهَا الفَحْلُ، ولهذا قال: طَرُوقَةُ الفَحْلِ. واسْتَحَقَّتْ أن يُحْمَلَ عليها وتُرْكَبَ. والجَذَعَةُ: التى لها أرْبَعُ سِنِينَ ودَخَلَتْ فى الخَامِسَةِ، وقِيلَ لها ذلك لأنَّها تَجْذَعُ إذا سَقَطَتْ سِنُّهَا، وهى أعْلَى سِنٌّ تَجِبُ فى الزكاةِ، ولا تَجِبُ إلَّا فى إحْدَى وسِتِّينَ إلى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ. وإن رَضِىَ رَبُّ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
فى ا، م:"وابن".
(3)
سقط من: أ، ب، م.
(4)
تقدم فى صفحة 10 من حديث أبى بكر.
(5)
فى م: "كتعريف".
المالِ أن يُخْرِجَ مَكَانَها ثَنِيَّةً جَازَ، وهى التى لها خَمْسُ سِنِينَ ودَخَلَتْ فى السَّادِسَةِ، وسُمِّيَتْ ثَنِيَّةً، لأنَّها قد ألْقَتْ ثَنِيَّتَيْها. وهذا الذى ذَكَرْناه فى الأسْنَانِ ذَكَرَهُ أبو عُبَيْدٍ (6)، وحَكَاهُ عن الأصْمَعِىِّ، وأبى زيدٍ الأنْصَارِىِّ، وأبى زِيَادٍ الكِلَابِىِّ (7) وغيرهم. وقولُ الخِرَقِىِّ:"فإن لم يَكُنْ ابْنَةُ مَخَاضٍ" أرَادَ إن لم يَكُنْ فى إبِلِه ابْنَةُ مَخَاضٍ أجْزَأَهُ ابنُ لَبُونٍ، ولا يُجْزِئُه مع وُجُودِ ابْنَةِ مَخَاضٍ؛ لِقَوْلِه صلى الله عليه وسلم:"فإن لم يَكُنْ فِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ". فى الحَدِيثِ الذى رَوَيْنَاهُ (8). فشَرَط (9) فى إخْرَاجِه عَدَمَها. فإن اشْتَرَاهَا وأخْرَجَها جازَ، وإن أرَادَ إخْرَاجَ ابْنِ لَبُونٍ بعدَ شِرَائِها لم تَجُزْ؛ لأنَّه صارَ فى إبِلِه بِنْتُ مَخَاضٍ، فإن لم يكنْ فى إِبِلِه ابْنُ لَبُونٍ، وأرَادَ [أن يشْتَرِىَ](10)، لَزِمَهُ شِرَاءُ بِنْتِ مَخَاضٍ. وهذا قَوْلُ مَالِكٍ. وقال الشَّافِعِىُّ: يُجْزِئُهُ شِرَاءُ ابنِ لَبُونٍ؛ لِظَاهِرِ الخَبَرِ وعُمُومِه. ولَنا، أنَّهما اسْتَوَيَا فى العَدَمِ، فلَزِمَتْهُ ابْنَةُ مَخَاضٍ، كما لو اسْتَوَيَا فى الوُجُودِ، والحَدِيثُ مَحْمُولٌ على وُجُودِه؛ لأنَّ ذلك لِلرِّفْقِ به، إغْنَاءً له عن الشِّرَاءِ، ومع عَدَمِه لا يَسْتَغْنِى عن الشِّرَاءِ، فكان شِرَاءُ الأصْلِ أوْلَى. علَى أنَّ فى بعضِ أَلْفَاظِ الحَدِيثِ:"فمَنْ لم يَكُنْ عِنْدَهُ ابْنَةُ مَخَاضٍ على وَجْهِهَا، وعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ، فإنَّه يُقْبَلُ مِنْهُ، ولَيْسَ مَعَهُ شَىْءٌ". فَشَرَطَ فى قَبُولِه وُجُودَهُ وعَدَمَها، وهذا فى حَدِيثِ أبى بكرٍ، وفى بعضِ الأَلْفَاظِ:"وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ بِنْتِ مَخَاضٍ، ولَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا ابْنُ لَبُونٍ". وهذا [تقْيِيدٌ يتَعَيَّنُ](11) حَمْلُ المُطْلَقِ عليه، وإن لم يَجِدْ إلَّا ابْنَةَ مَخَاضٍ
(6) فى غريب الحديث 3/ 70 - 72.
(7)
فى ا، ب، م:"الهلالى". والمثبت فى: الأصل، وغريب الحديث.
(8)
تقدم فى صفحة 10.
(9)
فى ا، م:"شرط".
(10)
فى ا، م:"الشراء".
(11)
فى م: "يفسد بتعين".