الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللَّيْلِ". ورُوِىَ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه نَهَى عن صَوْمِ الصَّمْتِ (11). فإن نَذَرَ ذلك فى اعْتِكافِه أو غيرِه لم يَلْزَمْهُ الوَفَاءُ به. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، وابنُ المُنْذِرِ. ولا نَعْلَمُ فيه مُخَالِفًا؛ لما رَوَى ابنُ عَبَّاسٍ، قال: بَيْنَا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، إذا هو بِرَجُلٍ قائِمٍ، فسَألَ عنه؟ فقالُوا: أبو إسْرَائِيلَ، نَذَرَ أن يَقُومَ فى الشَّمْسِ ولا يَقْعُدَ، ولا يَسْتَظِلَّ ولا يَتَكَلَّمَ، ويَصُومَ. فقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: "مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ، ولْيَسْتَظِلّ، ولْيَقْعُدْ، ولْيُتِمَّ صَوْمَه". رَوَاهُ البُخَارِىُّ (12). ولأنَّه نَذْرُ فِعْلٍ مَنْهِىٍّ عنه، فلم يَلْزَمْهُ، كنَذْرِ المُباشَرَةِ فى المسجدِ. وإن أَرَادَ فِعْلَه لم يَكُنْ له ذلك، سواءٌ نَذَرَهُ أو لم يَنْذُرْهُ. وقال أبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ: له فِعْلُه إذا كان أسْلَمَ. ولَنا، النَّهْىُ عنه، وظَاهِرُه التَّحْرِيمُ، والأمْرُ بِالكلامِ، ومُقْتَضَاهُ الوُجُوبُ، وقَوْلُ أبى بكرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِىَ اللَّه عنه: إن هذا لا يَحِلُّ، هذا من عَمَلِ الجَاهِلِيَّةِ (13). وهذا صَرِيحٌ، ولم يُخَالِفْهُ أحَدٌ من الصَّحَابَةِ فيما عَلِمْنَاهُ، واتِّبَاعُ ذلك أوْلَى.
فصل:
ولا يجوزُ أن يَجْعَلَ القُرْآنَ بَدَلًا من الكلامِ؛ لأنَّه اسْتِعْمَالٌ له فى غير ما هو له، فأشْبَهَ اسْتِعْمَالَ المُصْحَفِ فى التَّوَسُّدِ ونحوِه، وقد جاء: لَا تُنَاظِرُوا بِكِتَابِ اللهِ (14). قيل: مَعْنَاهُ لا تَتَكَلَّمْ به عند الشَّىْءِ تَرَاهُ، كأن تَرَى رَجُلًا قد جَاءَ فى
(11) انظر ما يأتى فى قصة أبي إسرائيل.
(12)
فى: باب النذر فيما لا يملك وفى معصية، من كتاب الأيمان. صحيح البخارى 8/ 177.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب ما جاء فى النذر فى المعصية، من كتاب الأيمان. سنن أبى داود 2/ 208. وابن ماجه، فى: باب من خلط فى نذره طاعة بمعصية، من كتاب الكفارات. سنن ابن ماجه. والإِمام مالك، فى: باب ما لا يجوز من النذور فى معصية اللَّه، من كتاب النذور. الموطأ 2/ 475. والإِمام أحمد، فى: المسند 4/ 168.
(13)
تقدَّم فى صفحة 204.
(14)
فى غريب الحديث 4/ 475 زيادة تدلُّ على أنَّه من كلام الزهرى. وهو أيضًا فى الفائق 3/ 446.