الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هارُونَ. قال (2): أخْبَرَنَا أبو مَعْشَرٍ، عن نافِعٍ، عن ابنِ عمرَ، قال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ به، فيُقْسَمُ -قال يَزِيدُ: أظُنُّ هذا (2) يَوْمَ الفِطْرِ- ويقولُ: "أغْنُوهُمْ عَنِ الطَّوَافِ فِى هذَا الْيَوْمِ"(3). والأمْرُ لِلْوُجُوبِ، ومتى قَدَّمَها بالزَّمَانِ الكَثِيرِ لم يَحْصُلْ إغْنَاؤُهُم بها يَوْمَ العِيدِ، وسَبَبُ وُجُوبِها الفِطْرُ؛ بِدَلِيلِ إضافَتِها إليه، وزَكاةُ المالِ سَبَبُها مِلْكُ النِّصابِ، والمَقْصُودُ إغْنَاءُ الفَقِيرِ بها فى الحَوْلِ كلِّه (4)، فجازَ إخْراجُها فى جَمِيعِه، وهذه المَقْصُودُ منها الإغْناءُ في وَقْتٍ مَخْصُوصٍ، فلم يَجُزْ تَقْدِيمُها قبلَ الوَقْتِ. فأمَّا تَقْدِيمُها بيومٍ أو يَوْمَيْنِ فجائِزٌ؛ لما رَوَى البُخَارِىُّ، بإسْنَادِه عن ابنِ عمرَ (5)، قال: فَرَضَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَدَقَةَ الفِطْرِ مِن رمضانَ. وقال فى آخِرِه: وكانوا يُعْطُونَ قبلَ الفِطْرِ بيَوْمٍ أو يَوْمَيْنِ. وهذا إشَارَةٌ إلى جَمِيعِهم، فيكونُ إجْمَاعًا، ولأنَّ تَعْجِيلَها بهذا القَدْرِ لا يُخِلُّ بالمَقْصُودِ منها، فإنَّ الظَّاهِرَ أنَّها تَبْقَى أو بَعْضُها إلى يَوْمِ العِيدِ، فيُسْتَغْنَى بها عن الطَّوَافِ والطَّلَبِ فيه، ولأنَّها زَكَاةٌ، فجازَ تَعْجِيلُها قبلَ وُجُوبِها، كزَكَاةِ المالِ. واللهُ أعلمُ.
475 - مسألة؛ قال: (ويَلْزَمُهُ أنْ يُخْرِجَ عَنْ نَفْسِهِ، وعَنْ عِيَالِهِ، إذَا كَانَ عِنْدَهُ فَضْلٌ عَنْ قُوتِ يَوْمِهِ ولَيْلَتِهِ)
عِيالُ الإنْسانِ: مَن يَعُولُه. أى يَمُونهُ فتَلْزَمُه فِطْرَتُهُم، كما تَلْزَمُه مُؤْنَتُهم، إذا وَجَدَ ما يُؤَدِّى عنهم؛ لِحَدِيثِ ابنِ عمرَ، أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرَضَ صَدَقَةَ الفِطْرِ، عن كُلِّ صَغِيرٍ وكبِيرٍ، حُرٍّ وعَبْدٍ، مِمَّنْ تَمُونُونَ (1). والذين يَلْزَمُ الإنْسانَ
(2) سقط من: الأصل، ب.
(3)
تقدم تخريجه فى صفحة 293.
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
تقدم الكلام على حديث ابن عمر هذا قبل قليل.
(1)
أخرجه الدارقطنى، فى: باب زكاة الفطر، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطنى 2/ 141. والبيهقى، في: باب إخراج زكاة الفطر عن نفسه وغيره، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى 4/ 161.
نَفَقَتُهم وفِطْرَتُهم ثَلَاثة أصْنَافٍ: الزَّوْجَاتُ، والعَبِيدُ، والأقارِبُ. فأمَّا الزَّوْجَاتُ فعليه فِطْرَتُهُنَّ. وبهذا قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ. وقال أبو حنيفةَ، والثَّوْرِىُّ، وابنُ المُنْذِرِ: لا تَجِبُ عليه فِطْرَةُ امْرَأتِه. وعلى المَرْأةِ فِطْرَةُ نَفْسِها، لِقَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"صَدَقَةُ الفِطْرِ عَلَى كُلِّ ذَكَرٍ وأُنْثَى"(2). ولأنَّها زَكاةٌ، فوَجَبَتْ عليها، كزكاةِ مَالِها. ولَنا، الخَبَرُ، ولأنَّ النِّكَاحَ سَبَبٌ تَجِبُ به النَّفَقَةُ، فوَجَبَتْ به الفِطْرَةُ، كالمِلْكِ والقَرَابَةِ، بِخِلافِ زَكَاةِ المالِ، فإنَّها لا تُتَحَمَّلُ بالمِلْكِ والقَرَابةِ، فإن كان لِامْرَأتِه مَنْ يَخْدُمُها بأُجْرَةٍ، فليس على الزَّوْج فِطْرَتُه؛ لأنَّ الوَاجِبَ الأجْرُ دُونَ النَّفَقَةِ. وإن كان لها نَظَرْتَ، فإن كانتْ مِمَّنْ لا يَجِبُ لها خادِمٌ، فليس عليه نَفَقَةُ خَادِمِها، ولا فِطْرَتُه، وإن كانت مِمَّنْ يُخْدَمُ مِثْلُها، فعلَى الزَّوْجِ أن يُخْدِمَها، ثم هو مُخَيَّرٌ بينَ أن يَشْتَرِىَ لها خَادِمًا، [أو يَسْتَأْجِرَ](3)، أو يُنْفِقَ على خَادِمِها، [فإن اشْتَرَى](4) لها خادِمًا أو (5) اخْتَارَ الإِنْفَاقَ على خَادِمِها فعليه فِطْرَتُه، وإن اسْتَأْجَرَ لها خادِمًا فليس عليه نَفَقَتُه ولا فِطْرَتُه، سَوَاءٌ شَرَطَ عليه مُؤْنَتَه أو لم يشرُط؛ لأنَّ المُؤْنَةَ إذا كانت أُجْرَةً فهى من مالِ المُسْتَأْجِرِ. وإن تَبَرَّعَ بالإنْفَاقِ على مَن لا تَلْزَمُه نَفَقَتُه، فحُكْمُه حُكْمُ من تَبَرَّعَ بالإِنْفَاقِ على أَجْنَبِىٍّ، وسَنَذْكُرُه إن شاءَ اللهُ تعالى (6). وإن نَشَزَتِ المَرْأَةُ فى وَقْتِ الوُجُوبِ، ففِطْرَتُها على نَفْسِها دُونَ زَوْجِها؛ لأنَّ نَفَقَتَها لا تَلْزَمُه. واخْتَارَ أبو الخَطَّابِ أنَّ عليه فِطْرَتَها؛ لأنَّ الزَّوْجِيَّةَ ثابِتَةٌ عليها فلَزِمَتْه فِطْرَتُها، كالمَرِيضَةِ التى لا تَحْتاجُ إلى نَفَقَةٍ. والأوَّلُ: أصَحُّ؛ لأنَّ هذه مِمَّنْ لا تَلْزَمُه مُؤْنَتُه، فلا تَلْزَمُه فِطْرَتُه،
(2) تقدم تخريجه فى صفحة 281 من حديث ابن عمر، وفى 286 من حديث عبد اللَّه بن عمرو، ومن حديث سعيد بن المسيب.
(3)
سقط من: الأصل، ب.
(4)
فى الأصل، ب:"أو يكترى".
(5)
فى الأصل: "فإن".
(6)
بعد أربعة فصول.