الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصِّياغةَ (4) لم تنْقُصْها عن قِيمَةِ المَكْسُورِ. وذَكَرَ أبو الخَطَّابِ وَجْهًا في اعْتِبارِ قِيمَتِها. والأوَّلُ أصَحُّ، إنْ شاءَ اللهُ تعالى.
فصل:
وكلُّ ما كان اتِّخَاذُه مُحَرَّمًا من الأثْمانِ، لم تَسْقُطْ زَكَاتُه بِاتِّخاذِه؛ لأنَّ الأصْلَ وُجُوبُ الزكاةِ فيها، لِكَوْنِها مَخْلُوقَةً لِلتِّجارَةِ، والتَّوَسُّلِ بها إلى غَيْرِها، ولم يُوجَدْ ما يَمنَعُ ذلك، فبَقِيَتْ على أصْلِها. قال أحمدُ: ما كان على سَرْجٍ أو لِجامٍ، ففيه الزكاةُ. ونَصَّ على حِلْيَةِ الثَّفَرِ (5) والرِّكَابِ واللِّجَامِ، أنَّه مُحَرَّمٌ. وقال، في رِوَايَةِ الأثْرَمِ: أكْرَهُ رَأْسَ المُكْحُلَةِ فِضَّةً. ثم قال: وهذا شىءٌ تَأوَّلْتُه. وعلى قِياسِ ما ذَكَرَهُ (6)، حِلْيَةُ الدَّوَاةِ، والمِقْلَمَةِ، والسَّرْجِ، ونحوه ممَّا على الدَّابَّةِ. ولو مَوَّه سَقْفَه بِذَهَبٍ أو فِضَّةٍ، فهو مُحَرَّمٌ، وفيه الزكاةُ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: يُباحُ؛ لأنَّه تابِعٌ لِلْمُباحِ، فيَتْبَعُه في الإِباحَةِ. ولنَا، أنَّ هذا سَرَفٌ (7)، ويُفضِى فِعْلُه (8) إلى الخُيَلاءِ، كسْرِ قُلُوبِ الفُقَرَاءِ، فحَرُمَ، كاتِّخاذِ الآنِيَةِ، وقد نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عن التخَتُّمِ بخاتَمِ الذَّهَبِ لِلرَّجُلِ (9)، فتَمْوِيهُ السَّقْفِ أوْلَى. وإن صارَ التَّمْوِيهُ الذى في
(4) في ب، م:"الصناعة".
(5)
الثفر، بالتحريك: السير في مؤخر السرج.
(6)
في الأصل: "ذكروه".
(7)
في م: "إسراف".
(8)
سقط من: الأصل، ب.
(9)
أخرجه مسلم، في: باب النهى عن لبس الرجل الثوب المعصفر، من كتاب اللباس. صحيح مسلم 3/ 1648. وأبو داود، في: باب من كرهه (أى لبس الحرير)، من كتاب اللباس، وفى: باب ما جاء في خاتم الذهب، من كتاب الذهب. سنن أبي داود 2/ 371، 406. والترمذى، في: باب ما جاء في النهى عن القراءة في الركوع، من أبواب الصلاة، وفى: باب ما جاء في كراهية خاتم الذهب، من أبواب اللباس. عارضة الأحوذى 2/ 65، 7/ 244. والنسائي، في: باب النهى عن القراءة في الركوع، وباب النهى عن القراءة في السجود، من كتاب التطبيق، وفى: باب خاتم الذهب، وباب حديث أبي هريرة والاختلاف على قتادة، من كتاب الزينة. المجتبى 2/ 147، 171، 8/ 146، 148. والإِمام مالك، في: باب العمل في القراءة، من كتاب النداء. الموطأ 1/ 80. والإِمام أحمد، في: المسند 1/ 92، 114، 126، 2/ 153، 4/ 287، 443.
السَّقْفِ مُسْتَهْلَكًا لا يَجْتَمِعُ (10) منه شىءٌ، لم تَحْرُم اسْتِدَامَتُه؛ لأنَّه لا فائِدَةَ فى إتْلافِه وإزَالَتِه، ولا زَكَاةَ فيه؛ لأنَّ مَالِيَّتَهُ ذَهَبَتْ وإن لم تَذْهَبْ مَالِيَّتُهُ، ولم يَكُنْ مُسْتَهْلَكًا، حَرُمَت اسْتِدَامَتُه. وقد بَلَغَنَا أنَّ عمرَ بن عبدِ العزيزِ لمَّا وَلِىَ، أرادَ جَمْعَ ما فِى مَسْجِدِ دِمَشْقَ ممَّا مُوِّهَ من الذَّهَبِ، فقِيلَ له: إنَّه لا يَجْتَمِعُ منه شىءٌ. فتَرَكَهُ. ولا يجوزُ تَحْلِيَةُ المَصاحِفِ ولا المَحَاريب، ولا اتِّخَاذُ قَنَادِيلَ من الذَّهَبِ والفِضَّةِ؛ لأنَّها بمَنْزِلَةِ الآنِيَةِ. وإن وَقَفَها على مَسْجِدٍ أو نَحْوِه لم يَصِحَّ؛ لأنَّه ليس بِبِرٍّ ولا مَعْرُوفٍ، ويكون ذلك بمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ، فيُكْسَرُ ويُصْرَفُ فى مَصْلَحَةِ المَسْجِدِ وعِمَارَتِه. وكذلك إن حبَّسَ الرَّجُلُ فَرَسًا له لِجَامٌ مُفَضَّضٌ. وقد قال أحمدُ: فى الرَّجُلِ يَقِفُ فَرَسًا فى سَبِيلِ اللهِ، ومعه لِجَامٌ مُفَضَّضٌ: فهو على ما وَقَفَه، وإن بِيعَتِ الفِضَّةُ من السَّرْجِ واللِّجامِ وجُعِلَتْ (11) فى وَقْفِ مِثْلِه فهو أحَبُّ إلَىَّ؛ لأنَّ الفِضَّةَ لا يُنْتَفَعُ بها، ولَعَلَّهُ يَشْتَرِى بذلك سَرْجًا ولِجَامًا، فيَكُونُ انْفَعَ لِلْمُسْلِمِينَ. قِيلَ: فتُبَاعُ الفِضَّةُ، ويُنْفِقُ على الفَرَسِ؟ قال: نعم، وهذا يَدُلُّ على إباحَةِ حِلْيَةِ السَّرْجِ واللِّجَامِ بالفِضَّةِ، لولا ذلك لمَا قال: هو علَى ما وَقَفَ. وهذا لأنَّ العادَةَ جَاريَةٌ به، فأشْبَهَ حِلْيَةَ المِنْطَقَةِ. وإذا قلنا بِتَحْرِيمِهَا فصارَ بحيثُ لا يَجْتَمِعُ (12) منه شىءٌ، لم يَحْرُمْ اسْتِدَامَتُه، كقَوْلِنَا فى تَمْوِيهِ السَّقْفِ، وأباحَ القاضى عِلَاقَةَ المُصْحَفِ ذَهَبًا أو فِضَّةً لِلنِّسَاءِ خَاصَّةً. وليس بِجَيِّدٍ؛ لأنَّ حِلْيَة المَرْأةِ ما لَبِسَتْهُ، وتَحَلَّتْ به فى بَدَنِها أو ثِيابِها، وما عَدَاهُ فَحُكْمُه حُكْمُ الأوَانِى، لا يُباحُ لِلنِّسَاءِ منه إلَّا ما أُبِيحَ لِلرِّجالِ. ولو أُبِيحَ لها ذلك لأبِيحَ عِلَاقَةُ الأوَانِى والأدْرَاجِ ونحوهما. ذَكَرَهُ ابنُ عَقِيلٍ.
(10) فى الأصل، ب:"يجمع".
(11)
سقطت واو العطف من: أ، م.
(12)
فى الأصل، ب:"يتجمع".