الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقول: هذا شَهْرُ زَكَاتِكم فمَن كان عليه دَيْنٌ فلْيُؤَدِّه، حتى تُخْرِجُوا زكاةَ أمْوَالِكم، ومن لم يَكُنْ عندَه (8) لم تُطْلَبْ منه، حتى يَأتيَ بها (9) تَطَوُّعًا. قال إبراهيمُ النَّخَعِيُّ: أراهُ يَعْنِي شهرَ رمضانَ.
فصل:
ولو أسْلَمَ في دارِ الحَرْبِ، وأقامَ بها سِنِينَ [لا يُؤَدِّي](10) زَكَاةً، أو غَلَبَ الخَوَارِجُ على بَلْدَةٍ، فأقَامَ أهْلُه سِنِينَ لا يُؤَدُّونَ الزكاةَ، ثم غَلَبَ عليهم الإمامُ، أدَّوا [لما مَضَى](11). وهذا مذهبُ مالِكٍ، والشَّافِعِيِّ. وقال أصْحَابُ الرَّأْيِ: لا زكاةَ عليهم لا مَضَى في المَسْأَلَتَيْنِ. ولَنا، أنَّ الزكاةَ مِن أرْكانِ الإسلامِ، فلم تَسْقُطْ عَمَّنْ هو في غيرِ قَبْضَةِ الإمامِ، كالصلاةِ والصِّيامِ.
فصل: إذا تَوَلَّى الرَّجُلُ إخْراجَ زَكاتِه، فالمُسْتَحَبُّ أن يَبْدَأ بأقَارِبِه الذين يجوزُ دَفْعُ الزكاةِ إليهم؛ فإنَّ زينبَ (12) سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أيُجْزِئُ عَنِّي مِنَ الصَّدَقَةِ النَّفَقَةُ على زَوْجِي [وأيْتَامٍ في حِجْرِي](13)؟ فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لها أجْرَانِ: أجْرُ الصَّدَقَةِ، وأجْرُ القَرَابَةِ". رَوَاهُ [البُخَارِيُّ، وابْنُ مَاجَه](14). وفي لَفْظٍ: أيَسَعُنِي أنْ أَضَعَ صَدَقَتي في زَوْجِي وبَنِي أخٍ لي أيْتَام؟ فقال: "نَعَمْ، لَهَا
(8) في أ، م زيادة:"زكاة".
(9)
سقط من: أ، م.
(10)
في م: "لم يؤد".
(11)
في أ، ب، م:"الماضي".
(12)
أي امرأة عبد اللَّه بن مسعود.
(13)
سقط من: م.
(14)
في الأصل، أ، ب:"ابن ماجه".
وأخرجه البخاري في: باب الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر، من كتاب الزكاة. صحيح البخاري 2/ 150، 151. وابن ماجه، في: باب الصدقة على ذي القربى، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه 1/ 587. كما أخرجه مسلم، في: باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم 2/ 694، 695. والدارمي، في: باب أي الصدقة أفضل، من كتاب الزكاة. سنن الدارمي 1/ 389. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 363.
أجْرَانِ: [أجْرُ الْقَرَابَةِ، وأجْرُ الصَّدَقَةِ"](15). رَوَاهُ النَّسَائِيُّ (16). ولمَّا تَصَدَّقَ أبو طَلْحَةَ بِحَائِطِه، قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"اجْعَلْهُ في قَرَابَتِكَ". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (17). ويُسْتَحَبُّ أن يَبْدَأ بالأقْرَب فالأقْرَب، إلَّا أن يكونَ مِنهم مَنْ هو أشَدُّ حاجَةً فيقَدِّمَهُ، ولو كان غيرُ القَرَابَةِ أحْوَجَ أعْطاهُ. قال أحمدُ: إنْ كانتِ القَرَابَةُ مُحْتاجَةً أعْطاهَا، وإن كان غيرُهم أحْوَجَ أعْطَاهم، ويُعْطِي الجِيرَانَ. وقال: إنْ كان قد عَوَّدَ قَوْمًا بِرًّا فيَجْعَلُهُ في مَالِه، ولا يَجْعَلُه مِن الزكاةِ، ولا يُعْطِى مِن (18) الزكاةِ مَن يَمُونُ، ولا مَن تَجْرِى عليه نَفَقَتُه، وإن أعْطَاهم لم يَجُزْ. وهذا -واللهُ أعلمُ- إذا عَوَّدَهُمْ بِرًّا مِن غيرِ الزَّكاةِ، وإذا أعْطَى مَن تَجْرِي عليه نَفَقَتُه شيئًا يَصْرِفُهُ في نَفَقَتِه، فأمَّا إن عَوَّدَهم دَفْعَ زكاتِه إليهم، أو أعْطَى مَن تَجْرِى عليه نَفَقَتُه تَطَوُّعًا شيئا من الزكاةِ يَصْرِفُه في غيرِ النَّفَقَة [من حَوَائِجِهِ](19)، فلا بَأْسَ. وقال أبو دَاوُدَ: قلتُ لأحمدَ: يُعْطِي أخاهُ أو أُخْتَهُ من الزكاةِ؟ قال: نعم، إذا لم يَفِ (20) به مَالَه، أو يَدْفَعْ به مَذَمَّةً. قيل لأحمدَ: فإذا اسْتَوَى فُقَرَاءُ قَرَاباتِي والمَسَاكِينُ؟ قال: فهم كذلك أوْلَى، فأمَّا إذا (21) كان غَيْرُهم أحْوَجَ، فإنَّما (22) يُرِيدُ يُغْنِيهم ويَدَعُ غَيْرَهم،
(15) في م: "أجر الصدقة، وأجر القرابة".
(16)
في: باب الصدقة على الأقارب، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 69.
كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 3/ 502.
(17)
في: باب في صلة الرحم، من كتاب الزكاة. سنن أبي داود 1/ 392.
كما أخرجه البخاري، في: باب إذا وقف أو أوصى لأقارب. . .، من كتاب الوصايا. صحيح البخاري 4/ 7. ومسلم، في: باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم 2/ 694. والترمذي، في: سورة آل عمران، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذي 11/ 124. والنسائي، في: باب كيف يكتب الحبس؟ ، من كتاب الأحباس. المجتبى 6/ 193. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 262، 285.
(18)
سقط من: م.
(19)
في أ، ب، م:"وحوائجه".
(20)
في أ، م:"يبق".
(21)
في أ، م:"إن".
(22)
في أ: "كأنما".
فَلَا. قِيلَ له: فيُعْطِي امْرَأةَ ابْنِهِ مِن الزكاةِ. قال: إنْ كان لا يُرِيدُ به (23) كذا -شَيئا ذَكَرَهُ- فلا بَأْسَ به. كأَنَّه أَرَادَ مَنْفَعَةَ ابْنِه. قال أحمدُ: كان العُلَمَاءُ يَقُولُونَ في الزكاةِ: لا تُدْفَعُ بها مَذَمَّةٌ، ولا يُحَابَى بها قَرِيبٌ، ولا يَقِي (24) بها مَالًا. وسُئِلَ أحمدُ عن رَجُلٍ له قَرَابَةٌ يُجْرِي عليها من الزكاةِ؟ قال: إن كان عَدَّهَا من عِيَالِه، فلا يُعْطِيها. قِيلَ له: إنَّمَا يُجْرِي عليها شيئا مَعْلُومًا في كلِّ شَهْرٍ، قال: إذًا كَفَاها ذلك. وفي الجُمْلَةِ، مَن لا يَجِبُ عليه الإنْفَاقُ عليه، فله دَفْعُ الزكاةِ إليه، ويُقَدِّمُ الأحْوَجَ فالأحْوَجَ، فإن تَسَاوَوْا قَدَّمَ من هو أقْرَبُ إليه، ثم مَن كان أقْرَبَ في الجِوَارِ وأَكْثَرَ دِينًا. وكيْفَ فَرَّقَها، بعد ما يَضَعُها في الأصْنَافِ الَّذِينَ سَمَّاهُم اللهُ تعالى، جازَ. واللهُ أعلمُ.
(23) سقط من: ب.
(24)
في أ، م:"يبقى".