الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنَّ الاسْتِثْناءَ فى الحَدِيثِ يَدُلُّ على جَوازِ إخْرَاجِ المَعِيبَة فى بعضِ الأحْوَالِ، أو نَحْمِلُه على ما إذا كان فيه صَحِيحٌ، فإنَّ الغَالِبَ الصِّحَّةُ، وإن كان جَمِيعُ النِّصابِ مَرِيضًا إلَّا بَعْضَ الفَرِيضَةِ، أخْرَجَ الصَّحِيحَةَ، وتَمَّمَ الفَرِيضَةَ من المِرَاضِ على قَدْرِ المالِ، ولا فَرْقَ فى هذا بين الإِبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ، والحُكْمُ فى الهَرِمَةِ كالحُكْمِ فى المَعِيبَةِ سَوَاءٌ.
408 - مسألة؛ قال: (ولا الرُّبَّى، ولا المَاخِضُ، ولا الأكُولَةُ)
قال أحمدُ: الرُّبَّى التى قد (1) وَضَعَتْ وهى تُرَبِّى وَلَدَها. يَعنى قَرِيبَةَ العَهْدِ بالوِلادةِ. تَقُولُ العَرَبُ، فى رِبابِهَا (2). كما تَقُولُ: فى نِفَاسِهَا. قال الشاعر:
• حَنِينَ أُمِّ الْبَوِّ فى رِبَابِهَا (3) •
قال أحمدُ: والمَاخِضُ التى قد حانَ وِلادُها، فإن كان فى بَطْنِها وَلَدٌ لم يَحِنْ وِلادُها، فهى خَلِفَةٌ. وهذه الثَّلَاثُ لا تُؤْخَذُ لحقِّ رَبِّ المالِ. قال عُمَرُ لِسَاعِيهِ: لَا تَأْخُذِ الرُّبَّى ولَا الماخِضَ، ولا الأَكُولَةَ، ولا فَحْلَ الغَنَمِ. وإن تَطَوَّعَ رَبُّ المالِ بإخْرَاجِها جازَ أخْذُها، وله ثَوَابُ الفَضْلِ، على ما ذَكَزْنا فى حَدِيثِ أُبَىِّ بنِ كَعْبٍ (4). وإذا ثَبَتَ هذا، وأنَّه مُنِعَ من أخْذِ الرَّدِىءِ من أجْلِ الفُقَرَاءِ، ومن أخْذِ كَرَائِمِ الأمْوَالِ من أجْلِ أرْبَابِه، ثَبَتَ أنَّ الحَقَّ فى الوَسَطِ من المالِ. قال الزُّهْرِىُّ: إذا جَاءَ المُصَدِّق قَسَّمَ الشِّيَاهَ أَثْلَاثًا: ثُلُثٌ خِيَارٌ، وثُلُثٌ أوْسَاطٌ، وثُلُثٌ شِرَارٌ،
(1) سقط من: م.
(2)
جمع الربى رباب، بضم الراء، والمصدر بكسر الراء.
(3)
أنشده منتجع بن نبهان. وهو فى اللسان (ر ب ب) 1/ 404، وتاج العروس 1/ 263.
والبوّ: الحوار. وقيل: جلده يحشى تبنا أو ثماما أو حشيشا، لتعطف عليه الناقة إذا مات ولدها، ثم يقرّب إلى أم الفصيل لترأمه فتدرّ عليه.
(4)
تقدم هذا فى صفحة 19.
وأَخَذَ المُصَدِّقُ من الوَسَطِ (5). وَرُوِىَ نحوُ هذا عن عمرَ (5)، رَضِىَ اللهُ عنه، وقالَه إمَامُنا (6)، وذَهَبَ إليه. والأحَادِيثُ تَدُلُّ على هذا، فرَوَى أبو دَاوُدَ، والنَّسَائِىُّ (7)، بإسْنَادِهِمَا عن [سَعْر بن دَيْسَم](8)، قال: كُنْتُ فى غَنَمٍ لى، فَجَاءَنِى رَجُلَانِ علَى بَعِيرٍ، فقالا: إنَّا رسولَا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إليك، لِتُؤَدِّىَ إلينا صَدَقَةَ غَنَمِكَ، قلتُ: وَمَا عَلَىَّ فيها؟ قالا: شَاةٌ. فأَعْمَدُ إلى شَاةٍ قد عَرَفتُ مَكَانَها مُمْتَلِئَةً مَخْضًا وشَحْمًا، فأخْرجتُها (9) إليهِما. فقالا: هذه شَافِعٌ، وقد نَهَى (10) رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن نَأْخُذَ شَاةً شَافِعًا. والشَّافِعُ: الحَامِلُ؛ سُمِّيَتْ بذلك لأنَّ وَلَدَها قد شَفَعَها، والمَخْضُ: اللَّبَنُ. وقال سُوَيْدُ بن غَفَلَةَ: سِرْتُ، أو أخْبَرَنِى من سَارَ، مع مُصَدِّق رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فإذا فى عَهْدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ لا نَأْخُذَ من رَاضِعِ لَبَنٍ. قال: فكان يَأْتِى المِيَاهَ حِينَ تَرِدُ الغَنَمُ فيَقُولُ: أدُّوا صَدَقَاتِ أَموَالِكُمْ. قال: فعَمَدَ رَجُلٌ منهم إلى نَاقَةٍ كَوْمَاء، وهى العَظِيمَةُ السَّنَامِ، فأَبَى أن يَقْبَلَهَا. رَوَاه أبو دَاوُدَ، والنَّسَائِىُّ (11). ورَوَى أبو دَاوُدَ (12)، بإسْنَادِهِ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه
(5) روى الخبربن، البيهقى، فى: باب لا يؤخذ كرائم الناس، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى 4/ 102. وعبد الرزاق، فى: باب ما يعدُّ كيف تؤخذ الصدقة، من كتاب الزكاة. المصنف 4/ 12، 13، 15. وروى خبر الزهرى، ابن أبى شيبة، فى: باب فى المصدق ما يصنع بالغنم، من كتاب الزكاة. المصنف 3/ 135.
(6)
سقط من: الأصل.
(7)
أخرجه أبو داود، فى: باب فى زكاة السائمة، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود 1/ 364، 365. والنسائي، فى: باب إعطاء السيد المال بغير اختيار المصدق، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 23.
كما أخرجه البيهقى، فى: باب لا يأخذ الساعى فوق ما يجب. . .، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى 4/ 96. والإمام أحمد، فى: المسند 3/ 414، 415.
(8)
فى الأصل، ب:"سعد بن دسيم". وفى ا، م:"سعد بن دليم". وانظر: عون المعبود 2/ 15.
(9)
فى م: "فأخرجها".
(10)
فى ا، م:"نهانا".
(11)
أخرجه أبو داود، فى: باب فى زكاة السائمة، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود 1/ 364. والنسائي، فى: باب الجمع بين المتفرق والتفريق بين المجتمع، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 21. كما أخرجه الدارقطنى، فى: باب تفسير الخليطين وما جاء فى الزكاة على الخليطين، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطنى 2/ 104. والبيهقى، فى: باب لا يؤخذ كرائم أموال الناس، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى 4/ 101. والإمام أحمد، فى: المسند 4/ 315.
(12)
تقدم تخريجه فى صفحة 43.