الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
وإذا ماتَ المُفْلِسُ، وله عَبِيد، فهَلَّ شَوَّالُ قبلَ قِسْمَتِهِم بين الغُرَمَاءِ، ففِطْرَتُهم على الوَرَثَةِ؛ لأنَّ الدَّيْنَ لا يَمْنَعُ نَقْلَ التَّرِكَة، بل غَايَتُه أن (6) يكونَ رَهْنًا بِالدَّيْنِ، وفِطرةُ الرَّهْنِ على مَالِكِه.
فصل: ولو ماتَ عَبِيدُه، أو مَنْ يَمُونُه، بعدَ وُجُوبِ الفِطْرَةِ، لم تَسْقُطْ؛ لأنَّها دَيْنٌ ثَبَتَ فى ذِمَّتِه بِسَبَبِ عَبْدِه، فلم تَسْقُطْ بِمَوْتِه، كما لو اسْتَدَانَ العَبْدُ بإذْنِه دَيْنًا وَجَبَ فى ذِمَّتِه، ولأنَّ زَكاةَ المالِ لا تَسْقُطُ بِتَلَفِه، فالفِطْرَةُ أوْلَى، فإن زَكاةَ المالِ تَتَعَلَّقُ بالعَيْنِ، فى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وزَكاةُ الفِطْرِ بخِلافِه.
فُصُولٌ فى صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ:
وهى مُسْتَحَبَّةٌ فى جَمِيعِ الأَوْقَاتِ؛ لِقَوْلِه تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} (7). وأمَرَ بالصَّدَقَةِ فى آياتٍ كَثِيرَة، وحَثَّ عليها، ورَغَّبَ فيها. ورَوَى أبو صالِحٍ، عن أبى هُرَيْرَةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَصَدَّقَ بِعِدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلَا يَصْعَدُ إلَى اللهِ إلَّا الطَّيِّبُ، فإنَّ اللهَ تَعَالَى يَقْبَلُها بِيَمِينِهِ، ثم يُرَبِّيها لِصَاحِبِها، كَمَا يُرَبِّى أحَدُكُمْ فَلُوَّهُ (8)، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ". مُتَّفَقٌ عليه (9). وصَدَقَةُ السِّرِّ
(6) فى أ، ب:"أنه".
(7)
سورة البقرة 245.
(8)
الفلو: المهر يفصل عن أمه.
(9)
أخرجه البخارى، فى: باب حدثنا عبد اللَّه بن منير، من كتاب الزكاة، وفى: باب قول اللَّه تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} ، من كتاب التوحيد. صحيح البخارى 2/ 134، 5/ 154. ومسلم، فى: باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم 2/ 702.
كما أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى فضل الصدقة، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى 3/ 163. والنسائى، فى: باب الصدقة من غلول، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 43. وابن ماجه، فى: باب فضل الصدقة، من كتاب الزكاة سنن ابن ماجه 1/ 590. والدارمى، فى: باب فى فضل الصدقة، من كتاب الزكاة سنن الدارمى 1/ 395. والإمام مالك، فى: باب الترغيب فى الصدقة، من كتاب الصدقة. الموطأ 2/ 995. والإمام أحمد، فى: المسند 2/ 331، 418، 419، 431، 538، 541، 381، 382، 404، 471.
أفْضَلُ من صَدَقَةِ العَلَانِيَةِ؛ لِقَوْلِ اللهِ تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} (10). ورَوَى أبو هُرَيْرَةَ، عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:"سَبْعَةٌ يُظِلُّهُم اللهُ فِى ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّه" وذَكَرَ منهم رَجُلًا "تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأخْفَاهَا، حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما تُنْفِقُ يَمِينُه". مُتَّفَقٌ عليه (11). وَرُوِىَ عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: "أنَّ صَدَقَةَ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ"(12). ويُسْتَحَبُّ الإكْثَارُ منها فى أوْقَاتِ الحاجَاتِ؛ لِقَوْلِ اللهِ تعالى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} (13). وفى شهرِ رمضانَ؛ لأنَّ الحَسَنَاتِ تُضَاعَفُ فيه، ولأنَّ فيها (14) إعَانَةً على أدَاءِ الصَّوْمِ المَفْرُوضِ. ومن فَطَّرَ صَائِمًا كان له مِثْلُ أجْرِهِ. وتُسْتَحَبُّ الصَّدَقَةُ على ذِى القَرَابَةِ؛ لِقَوْلِ اللهِ تعالى:{يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ} (15). وقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: "الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وهِىَ عَلَى ذِى الرَّحِم اثْنَتَانِ، صَدَقَةٌ وصِلَةٌ"(16). وهذا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وسألتْ زينبُ امْرَأَةُ عبدِ اللهِ (17) بن مسعودٍ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، هل يَسَعُها (18) أن تَضَعَ صَدَقَتَها فى
(10) سورة البقرة 271.
(11)
أخرجه البخارى، فى: باب من جلس فى المسجد ينتظر الصلاة، من كتاب الأذان، وفى: باب الصدقة باليمين، من كتاب الزكاة. وفى: باب البكاء من خشية اللَّه، من كتاب الرقاق، وفى: باب فضل من ترك الفواحش، من كتاب الحدود. صحيح البخارى 1/ 168، 2/ 138، 8/ 126، 203. ومسلم، فى: باب فضل إخفاء الصدقة، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم 2/ 715.
كما أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى الحب فى اللَّه، من كتاب الزهد. عارضة الأحوذى 9/ 236، 237. والنسائى، فى: باب الإمام العادل، من كتاب القضاة. المجتبى 8/ 196. والإمام مالك، فى: باب ما جاء فى المتحابين فى اللَّه، من كتاب الشعر. الموطأ 2/ 952. والإمام أحمد، فى: المسند 2/ 439.
(12)
أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى فضل الصدقة، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى 3/ 168.
(13)
سورة البلد 14.
(14)
فى م: "فيه".
(15)
سورة البلد 15.
(16)
تقدم تخريجه فى صفحة 99.
(17)
سقط من: أ، ب، م.
(18)
فى م: "ينفعها".