الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحمدُ: يَنْبَغِى لِلصَّائِمِ أنْ يَتَعاهَدَ صَوْمَه من لِسانِه، ولا يُمَارِى، ويَصُونَ صَوْمَه، كانوا إذا صامُوا قَعدُوا فى المَساجِدِ، وقالوا: نَحْفَظُ صَوْمَنا. ولا يَغْتابُ أحَدًا، ولا يَعْمَلُ عَمَلًا يَجْرَحُ به صَوْمَه. وقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ لمْ يَدَعْ قَؤلَ الزُّورِ، والعَمَلَ به، فلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ فى أن يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ". وقال أبو هُرَيْرَةَ: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "قَالَ اللهُ تَعَالَى: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إلَّا الصِّيَامَ، فَإنَّهُ لِى، وَأَنا أَجْزِى بِهِ، الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلَا يَرْفُثْ، ولا يَصْخَبْ، فَإنْ سَابَّه أحَدٌ أو قَاتَلَه، فَلْيَقُلْ: إنِّى امْرُؤٌ صَائِمٌ. وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِه، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عند اللهِ من رِيحِ المِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَان يَفْرَحُهُما، إذا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذا لَقِىَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِه". مُتَّفَقٌ عليهما (5).
فصل:
فى لَيْلَةِ القَدْرِ: وهى لَيْلَةٌ شَرِيفَةٌ مُبَارَكَةٌ مُعَظَّمَةٌ مُفَضَّلَةٌ، قال اللهُ تعالى:{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} (6). قِيلَ: مَعْنَاهُ العَمَلُ فيها خَيْرٌ من العَمَلِ فى ألْفِ شَهْرٍ ليس فيها لَيْلَةُ القَدْرِ. وقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِه". مُتَّفَقٌ عليه (7). وقيل: إنَّما سُمِّيَتْ لَيْلَةَ
(5) الأول أخرجه البخارى، فى: باب من لم يدع قول الزور، والعمل به فى الصوم، من كتاب الصوم. وفى: باب قول اللَّه تعالى: واجتنبوا قول الزور، من كتاب الأدب. صحيح البخارى 3/ 33، 8/ 21. ولم نجده عند مسلم، انظر: تحفة الأشراف 10/ 307، 308.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب الغيبة للصائم، من كتاب الصيام. سنن أبى داود. والترمذى، فى: باب ما جاء فى التشديد فى الغيبة للصائم، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 3/ 226. وابن ماجه، فى: باب ما جاء فى الغيبة والرفث للصائم، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه 1/ 539. والإمام أحمد، فى: المسند 2/ 452، 453، 505.
والثانى تقدم تخريجه فى 1/ 138.
(6)
سورة القدر 3.
(7)
أخرجه البخارى، فى: باب قيام ليلة القدر من الإيمان، من كتاب الإيمان. وفى: باب فضل ليلة القدر، من كتاب ليلة القدر. صحيح البخارى 1/ 15، 3/ 59. ومسلم، فى: باب الترغيب فى قيام رمضان =
القَدْرِ؛ لأنَّه يُقَدَّرُ فيها ما يَكُونُ فى تِلْكَ السَّنَةِ من خَيْرٍ ومُصِيبَةٍ، ورِزْقٍ وبَرَكَةٍ. يُرْوَى ذلك عن ابْنِ عَبَّاسٍ، قال اللهُ تعالى:{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} (8). وسَمَّاهَا مُبَارَكَةً، فقال تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} (9). وهى لَيْلَةُ القَدْرِ؛ بدَلِيلِ قَوْلِه سُبْحَانَهُ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (10). وقال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (11). يُرْوَى أنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ به من بَيْتِ العِزَّةِ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فى لَيْلَةِ القَدْرِ، ثم نَزَل به على النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم نُجُومًا فى ثَلَاثٍ وعِشْرِينَ سَنَةً (12). وهى بَاقِيَةٌ لم تُرْفَعْ؛ لما رَوَى أبو ذَرٍّ قال، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، لَيْلَةُ القَدْرِ رُفِعَتْ مع الأنْبِيَاءِ، أو هى بَاقِيَةٌ إلى يَوْمِ القِيامَةِ؟ قال:"بَاقِيَةٌ إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ". قلتُ: فى رمضانَ أو فى غَيرْهِ؟ فقال: "فِى رَمَضَانَ". فقلتُ: فى العَشْرِ الأوَّلِ، أو الثانى، أو الآخِر؟ فقال:"فِى العَشْرِ الآخِرِ"(13). وأكْثَرُ أهْلِ العِلْمِ على أنَّها فى رمضانَ. وكان ابنُ مسعودٍ يقولُ: مَن يَقُمِ الحَوْلَ يُصِبْها. يُشيرُ إلى أنَّها فى السَّنَةِ كُلِّها. وفى كِتَابِ اللهِ تعالى ما يُبَيِّنُ أنَّها فى رمضانَ؛ لأنَّ اللهَ أخْبَرَ أنَّه أنْزَلَ القُرْآنَ فى لَيْلَةِ القَدْرِ، وأنَّه أنْزَلَهُ فى رمضانَ، فيَجِبُ أن تَكُونَ لَيْلَةُ القَدْرِ فى رمضانَ؛ لئَلَّا يَتَناقَضَ الخَبَرَانِ، ولأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ أنَّها فى رمضانَ فى حَدِيثِ أبى ذَرٍّ، وقال:"الْتَمِسُوهَا فى العَشْرِ الأَوَاخِرِ، فِى كُلِّ وَتْرٍ". مُتَّفَقٌ عليه (14). وقال أُبَىُّ بنُ
= وهو التراويح، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 524.
(8)
سورة الدخان 4.
(9)
سورة الدخان 3.
(10)
سورة القدر 1.
(11)
سورة البقرة 185.
(12)
انظر تفسير القرطبى 20/ 130.
(13)
أخرجه البيهقى، فى: باب الدليل على أنها فى كل رمضان، من كتاب الصيام. السنن الكبرى 4/ 307.
(14)
أخرجه البخارى، فى: باب التماس ليلة القدر فى السبع الأواخر، من كتاب ليلة القدر، وفى: باب الاعتكاف وخرج النبى صلى الله عليه وسلم صبيحة عشرين، من كتاب الاعتكاف. صحيح البخارى 3/ 60، 64.=
كَعْبٍ: واللهِ لقد عَلِمَ ابنُ مسعودٍ أنَّها فى رمضانَ، ولكنَّه كَرِهَ أن يُخْبِرَكُم، فَتَتَّكِلُوا. إذا ثَبَتَ هذا فإنَّه يُسْتَحَبُّ ظَلَبُها فى جَمِيعِ لَيالِى رمضانَ، وفى العَشْرِ الأوَاخِرِ آكَدُ، وفى لَيَالِى الوَتْرِ منه آكَدُ. وقال أحمدُ: هى فى العَشْرِ الأَوَاخِرِ، وفى وَتْرٍ من اللَّيَالِى، لا يُخْطِئُ إن شاءَ اللَّه، كذا رُوِىَ عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"اطْلُبُوهَا فى العَشْرِ الأَوَاخِرِ، فى ثَلَاثٍ بَقِينَ، أو سَبْعٍ بَقِينَ، أو تِسْعٍ بَقِينَ"(15). ورَوَى سالِمٌ عن أبِيه، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ عَلَى أنَّها فَى العَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَالْتَمِسُوهَا فى العَشْرِ الأَوَاخِرِ، فى الوَتْرِ مِنْها". مُتَّفقٌ عليه (16). وقالت عائشةُ: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا دَخَلَ (17) العَشْرُ الأَوَاخِرُ من رمضانَ، أحْيَا اللَّيْلَ، وأَيْقَظَ أهْلَه، وشَدَّ المِئْزَرَ". مُتَّفَقٌ عليه (18). قالت: وكان يَجْتَهِدُ فى العَشْرِ الأَوَاخِرِ ما لا يَجْتَهِدُ فى غيرِها (19). وقال علىٌّ، رَضِىَ اللَّه
= ومسلم، فى: باب فضل ليلة القدر. . .، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 824.
كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب فى ليلة القدر، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه 1/ 561.
(15)
أخرجه ابن أبى شيبة، فى: باب ما قالوا فى ليلة القدر واختلافهم فيها، من كتاب الصيام. المصنف 3/ 75، 76.
(16)
أخرجه البخارى عن نافع عن ابن عمر، ولفظه:"السبع" بدل "العشر"، فى: باب التماس ليلة القدر فى السبع الأواخر، من كتاب ليلة القدر. صحيح البخارى 3/ 60. ومسلم، فى: باب فضل ليلة القدر. . .، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 823.
(17)
فى م زيادة: "فى".
(18)
أخرجه البخارى، فى: باب العمل فى العشر الأواخر من رمضان، من كتاب ليلة القدر. صحيح البخارى 3/ 61. ومسلم، فى: باب الاجتهاد فى العشر الأواخر من شهر رمضان، من كتاب الاعتكاف. صحيح مسلم 2/ 832.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى قيام شهر رمضان، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 317. والنسائى، فى: باب إحياء الليل، من كتاب قيام الليل وتطوع النهار. المجتبى 3/ 177. وابن ماجه، فى: باب فى فضل العشر الأواخر من شهر رمضان، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه 1/ 562. والإمام أحمد، فى: المسند 6/ 41، 67، 68، 146.
(19)
أخرجه مسلم، فى: باب الاجتهاد فى العشر الأواخر من شهر رمضان، من كتاب الاعتكاف. صحيح مسلم 2/ 832. وابن ماجه، فى: باب فى فضل العشر الأواخر من شهر رمضان، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه 1/ 562. والإمام أحمد، فى: المسند 6/ 82، 256.