الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُطْعِمُ مُدًّا مِنْ أىِّ الأنْواعِ شاءَ. وبهذا قال عَطاءٌ، والأوْزاعِىُّ، والشَّافِعِىُّ؛ لما رَوَى أبو هُرَيْرَةَ، فى حَدِيثِ المُجَامِعِ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أُتِىَ بِمِكْتَلٍ من تَمْرٍ، قَدْرُه خَمْسَةَ عَشَرَ صاعًا، فقال:"خُذْ هذَا، فَأطْعِمْهُ عَنْكَ". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (4). ولَنا، ما رَوَى أحمدُ (5)، حَدَّثَنا إسماعيلُ، حَدَّثَنَا أيُّوبُ، عن أبى يَزِيدَ (6) المَدَنِىِّ قال: جاءتِ امرأةٌ مِن بَنِى بَياضَةَ بِنِصْفِ وَسْقِ شَعِيرٍ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُظَاهِرِ:"أطْعِمْ هذَا، فَإنَّ مُدَّىْ شَعِيرٍ مَكانَ مُدِّ بُرًّ". ولأنَّ فِدْيَةَ الأذَى نِصْفُ صاعٍ من التَّمْرِ والشَّعِيرِ، بلا خِلافٍ، فكذا هذا. والمُدُّ مِن البُرِّ يَقُومُ مقَامَ نِصْفِ صاعٍ من غيرِه، بِدَلِيلِ حَدِيثِنا، ولأنَّ الإِجْزَاءَ بِمُدٍّ منه قولُ ابنِ عمرَ، وابنِ عَبَّاسٍ، وأبى هُرَيْرَةَ، وزيدٍ، ولا مُخالِفَ لهم فى الصَّحابَةِ. وأمَّا حَدِيثُ سَلَمَةَ بن صَخْرٍ، فقد اخْتُلِفَ فيه، وحَدِيثُ أصْحابِ الشَّافِعِىِّ يجوزُ أنْ يكونَ الذى أُتِىَ به النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم قَاصِرًا عن الوَاجِبِ، فَاجْتُزِئَ به لِعَجْزِ المُكَفِّرِ عمَّا سِوَاه.
فصل:
فإن أخْرَجَ من الدَّقِيقِ أو السَّوِيقِ أجْزَأَ؛ لما ذَكَرْنَاهُ فيما تَقَدَّمَ. وإن غَدَّى المَسَاكِينَ أو عَشَّاهُم، لم يُجْزِئْهُ، فى أظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عنه (7). وهو ظَاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ؛ لأنَّه قَدَّرَ ما يُجْزِئُ فى الدَّفْعِ بمُدٍّ أو نِصْفِ صاعٍ، وإذا أطْعَمَهم لا يَعْلَمُ أنَّ كُلَّ وَاحِدٍ منهم اسْتَوْفَى الوَاجِبَ له، وَوَجْهُ ذلك أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم بَيَّنَ قَدْرَ ما يُطْعَمُه كُلُّ مِسْكِينٍ بما ذَكَرْنَا من الأحادِيثِ، وهى مُقَيّدَةٌ لِمُطْلَقِ الإطْعامِ المَذْكُورِ، والمُطْلَقُ يُحْمَلُ على المُقَيَّدِ، ولا يَعْلَمُ أنَّ كُلَّ مِسْكِينٍ اسْتَوْفَى ما
(4) تقدم تخريجه فى صفحة 366.
(5)
أخرجه البيهقى، فى: باب لا يجزئ أن يطعم أقل من ستين. . .، من كتاب الظهار. السنن الكبرى 7/ 392.
(6)
فى النسخ: "أبى زيد". والمثبت فى السنن الكبرى، وهو من أهل البصرة، يروى عن أبى هريرة، وعنه أيوب. انظر تهذيب التهذيب 2/ 280.
(7)
سقط من: أ، ب، م.