الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ، فَلْيُطْعِمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا". قال التِّرْمِذِيُّ (6): الصَّحِيحُ عن ابنِ عمرَ مَوْقُوفٌ. وعن عائشةَ أيضا، قالتْ: يُطْعَمُ عَنْهُ في قَضاءِ رمضانَ، ولا يُصَامُ عنه (7). وعن ابنِ عَبَّاسٍ، أنَّه سُئِلَ عن رَجُلٍ ماتَ وعليه نَذْرٌ؟ يَصُومُ شَهْرًا، وعليه صَوْمُ رمضانَ. قال: أمَّا رمضانُ فَلْيُطْعَمْ عنه، وأمَّا النَّذْرُ، فيُصَامُ عنه. رَوَاهُ الأثْرَمُ في "السُّننِ". ولأنَّ الصَّوْمَ لا تَدْخُلُه النِّيَابَةُ حالَ الحَياةِ، فكذلك بعد الوَفاةِ، كالصلاةِ، فأمَّا حَدِيثُهم فهو في النَّذْرِ؛ لأنَّه قد جاءَ مُصَرَّحًا به في بَعْضِ أَلْفَاظِهِ، كذلك رَوَاهُ البُخَارِيُّ عن ابنِ عَبَّاسٍ، قال: قالتِ امْرَأَةٌ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ أُمِّى ماتَتْ وعليها صَوْمُ نَذْرٍ، فأقْضِيه عنها؟ قال:"أرَأيْتِ لَوْ كَانَ على أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ، أكَانَ يُؤَدِّي ذلِكَ عَنْهَا؟ " قالت: نعم. قال: "فَصُومِى عَنْ أُمِّكِ"(8). وقالت عائشةُ، وابنُ عَبَّاسٍ كقَوْلِنَا، وهما رَاوِيَا حَدِيثِهم، فَدَلَّ على ما ذَكَرْنَاهُ.
فصل:
فأمَّا صَوْمُ النَّذْرِ فيَفْعَلُهُ الوَلِيُّ عنه، وهذا قَوْلُ ابنِ عَبَّاسٍ، واللَّيْثِ، وأبِى عُبَيْدٍ، وأبى ثَوْرٍ. وقال سائِرُ مَن ذَكَرْنَا من الفُقَهاءِ: يُطعِمُ عنه؛ لما ذَكَرْنَا في صَوْمِ رمضانَ. ولَنا، الأحادِيثُ الصَّحِيحَةُ التى رَوَيْناها قبلَ هذا، وسُنَّةُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أحَقُّ بِالاتِّباعِ، وفيها غُنْيَةٌ عن كلِّ قَوْلٍ، والفَرْقُ بين النَّذْرِ وغيرِه أنَّ النِّيابَةَ تَدْخُلُ العِبادَةَ بِحَسبِ خِفَّتِها، والنَّذْرُ أخَفُّ حُكْمًا؛ لِكَوْنِه لم يَجِبْ بِأصْلِ الشَّرْعِ، وإنَّما أوْجَبَهُ النَّاذِرُ على نَفْسِه. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ الصَّوْمَ ليسَ بِواجِبٍ على الوَلِيِّ؛ لأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم شَبَّهَهُ بالدَّيْنِ، ولا يَجِبُ على الوَلِيِّ قَضاءُ دَيْنِ المَيِّتِ، وإنَّما يَتَعَلَّقُ بِتَرِكَتِه إنْ كانتْ له تَرِكَةٌ، فإن لم يَكُنْ له تَرِكَةٌ، فلا شىءَ على
(6) في: باب ما جاء في الكفارة، من كتاب الصوم. عارضة الأحوذي 3/ 241.
(7)
سقط من: الأصل، أ.
(8)
انظر تخريج حديث ابن عباس في حاشية 4 المتقدمة.