الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن المُبالَغَةِ حِفْظًا لِلصَّوْمِ، فدَلَّ على أنَّه يُفْطِرُ به، ولأنَّه وَصَلَ بِفِعْلٍ مَنْهِيٌّ عنه، فأشْبَهَ المُتَعَمِّدَ (32). والثاني، لا يُفْطِرُ به؛ لأنَّه وَصَلَ من غيرِ قَصْدٍ، فأشْبَهَ غُبَارَ الدَّقِيقِ إذا نَخَلَهُ. فأمَّا المَضْمَضَةُ لغيرِ الطَّهَارَةِ؛ فإن كانت لِحَاجَةٍ، كغَسْلِ فَمِهِ عند الحاجَةِ إليه ونَحْوِه، فَحُكْمُه حُكْمُ المَضْمَضَةِ لِلطَّهارَةِ، وإن كان عَبَثًا (33)، أو تَمَضْمَضَ من أجْلِ العَطَشِ، كُرِهَ. وسُئِلَ أحمدُ عن الصَّائِمِ يَعْطَشُ [فيَتَمَضْمَضُ ثم يَمُجُّهُ] (34). قال: يَرُشُّ على صَدْرِهِ أحَبُّ إلَىَّ. فإن فَعَلَ، فوَصَلَ الماءُ إلى حَلْقِه، أو تَرَكَ الماءَ في فِيهِ عَابِثًا، أو لِلتَّبَرُّدِ، فالحُكْمُ فيه كالحُكْمِ في الزَّائِدِ على الثَّلَاثِ؛ لأنَّه مَكْرُوهٌ. ولا بَأْسَ أن يَصُبَّ الماءَ على رَأْسِه من الحَرِّ والعَطَشِ؛ لما رُوِىَ عن بَعْضِ أصْحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال: لقد رَأيْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالعَرْجِ (35) يَصُبُّ الماءَ على رَأْسِه وهو صَائِمٌ من العَطَشِ، أو من الحَرِّ. رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (36).
فصل:
ولا بَأْسَ أن يَغْتَسِلَ الصَّائِمُ، فإنَّ عائشةَ، وأُمَّ سَلَمَةَ، قالَتَا: نَشْهَدُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنْ كان لَيُصْبِحُ جُنُبًا من غيرِ احْتِلَامٍ، ثم يَغْتَسِلُ، ثم يَصُومُ. مُتَّفَقٌ عليه (37). ورَوَى أبو بكرٍ، بإسْنَادِه، أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ دَخَلَ الحَمَّامَ، وهو صَائِمٌ هو وأصْحابٌ له في شهرِ رمضانَ. فأمَّا الغَوْصُ في الماءِ، فقال أحمدُ في الصَّائِمِ يَنْغَمِسُ في الماءِ: إذا لم يَخَفْ أن يَدْخُلَ في مَسَامِعِه. وكَرِهَ الحَسَنُ والشَّعْبِيُّ أنَّ
(32) في م: "التعمد".
(33)
في ب، م:"عابثا".
(34)
في الأصل: "فتمضمض ثم مجه".
(35)
العرج: قرية جامعة من عمل الفرع على أيام من المدينة.
(36)
في: باب الصائم يصب عليه الماء من العطش. . .؛ من كتاب الصيام. سنن أبي داود 1/ 552. كما أخرجه الإمام أحمد، قى: المسند 6/ 96، 143، 252.
(37)
أخرجه البخاري، في: باب اغتسال الصائم، من كتاب الصوم. صحيح البخاري 3/ 39، 40. ومسلم، في: باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 780. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 211.