الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَجْزِمِ النِّيَّةَ بِصَوْمِه من رمضانَ، فلم يَصِحَّ، كما لو لم يَعْلَمْ إلَّا بعدَ خُرُوجِه. وكذلك لو بَنَى على قَوْلِ المُنَجِّمِينَ وأَهْلِ المَعْرِفَةِ بالحِسَابِ، فوَافَقَ الصَّوَابَ، لم يَصِحَّ صَوْمُه، وإن كَثُرَتْ إصابَتُهم، لأنَّه ليسَ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ يَجُوزُ البِنَاءُ عليه، ولا العَمَلُ به، فكان وُجُودُه كعَدَمِه، قال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"صُومُوا لِرُؤْيَتِه، وأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِه". وفي رِوَايَةٍ: "لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، ولَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ"(16). فأمَّا لَيْلَةُ الثَّلَاثِينَ من رمضانَ، فتَصِحُّ نِيَّتُه، وإن احْتَمَلَ أن يكونَ من شَوَّالَ؛ لأنَّ الأصْلَ بَقَاءُ رمضانَ، وقد أمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِصَوْمِه بِقَوْلِه:"ولَا تُفْطِروا حتى تَرَوْهُ". لكنْ إن قال: إن كان غدًا من (17) رمضانَ، فأنا صَائِمٌ، وإن كان مِن شَوَّال فأنا مُفْطِرٌ. فقال ابنُ عَقِيلٍ: لا يَصِحُّ صَوْمُه؛ لأنَّه لم يَجْزِمْ [بِنِيَّةِ الصَّومِ](18)، والنِّيَّةُ اعْتِقَادٌ جَازِمٌ. ويَحْتَمِلُ أن يَصِحَّ؛ لأنَّ هذا شَرْطٌ واقِعٌ، والأصْلُ بَقاءُ رمضانَ.
فصل:
ويَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ في كلِّ صَوْمٍ واجِبٍ، وهو أن يَعْتَقِدَ أنَّه يَصُومُ غَدًا مِن رمضانَ، أو من قَضَائِه، أو من كَفَّارَتِه، أَو نَذْرِه. نَصَّ عليه أحمدُ، في رِوَايَةِ الأثْرَمِ، فإنَّه قال: قلتُ لأبى عبدِ اللهِ: أَسِيرٌ صامَ في أرضِ الرُّومِ شهرَ رمضانَ، ولا يَعْلَمُ أنَّه رَمضانُ، يَنْوِى التَّطَوُّعَ؟ قال: لا يُجْزِئُه إلَّا بِعَزِيمَةِ أنَّه من رمضانَ. ولا يُجْزِئُه في يَوْمِ الشَّكِّ إذا أصْبَحَ صَائِمًا، وإن كان مِن رمضانَ إلَّا بِعَزِيمَةٍ من اللَّيْلِ أنَّه من رمضانَ. وبهذا قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ. وعن أحمدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أنَّه لا يَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ لِرمضانَ. فإنَّ المَرُّوذِىَّ رَوَى عن أحمدَ، أنَّه قال: يكونُ يَوْمُ الشَّكِّ يَوْمَ غَيْمٍ إذا أجْمَعْنَا على أنَّنا نُصْبِحُ صُيَّامًا يُجْزِئُنَا من رمضانَ، وإن لم نَعْتَقِدْ أنَّه من رمضانَ؟ قال: نعم. قلتُ: فقَوْلُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّما الْأَعْمَالُ
(16) تقدم تخريجه في صفحة 330، 331.
(17)
في م: "منه".
(18)
في م: "بنية الصيام".