الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّفِيعُ، لكن وَجَدَ به عَيْبًا فرَدَّهُ، فإنَّه يَأْخُذُ من البائِعِ ألْفًا. ولو انْعَكَسَتِ المَسْأَلَةُ، فاشْتَرَاهُ بأَلْفَيْنِ، وحالَ الحَوْلُ وقِيمَتُه ألْفٌ، فعليه زَكَاةُ ألْفٍ، ويأْخُذُه الشَّفِيعُ إن أخَذَهُ، ويَرُدُّهُ بالعَيْبِ بألْفَيْنِ، لأنَّهما الثَّمَنُ الذى وَقَعَ البَيْعُ به.
فصل:
وإن دَفَعَ إلى رَجُلٍ ألْفًا مُضَارَبَةً، على أن الرِّبْحَ بينهما نِصْفانِ، فحَالَ الحَوْلُ وقد صارَ ثلاثةَ آلافٍ، فعلى رَبِّ المالِ زَكَاةُ ألْفَيْنِ؛ لأنَّ رِبْحَ التِّجارَةِ حَوْلُه حَوْلُ أصْلِه. وقال الشَّافِعِىُّ، فى أحَدِ قَوْلَيْهِ: عليه زَكَاةُ الجَمِيعِ؛ لأنَّ الأصْلَ له، والرِّبْحُ نَمَاءُ مَالِهِ. ولا يَصِحُّ، لأنَّ حِصَّةَ المُضارِبِ له، وليستْ مِلْكًا لِرَبِّ المالِ، بِدَلِيلِ أنَّ لِلْمُضارِبِ المُطَالَبَةَ بها، ولو أرَادَ رَبُّ المالِ دَفْعَ حِصَّتِه إليه مِن غيرِ هذا المالِ، لم يَلْزَمْهُ قَبُولُه، ولا تَجِبُ على الإِنْسانِ زَكاة مِلْكِ غيرِه، ولأنَّ رَبَّ المالِ يقولُ: حِصَّتُكَ أيها العَامِلُ مُتَرَدِّدَةٌ بين أن تَسْلَمَ فتكونَ لك، أو تَتْلَفَ فلا تكونُ لى ولا لَكَ، فكيف يجبُ (12) عَلَىَّ زَكَاةُ ما ليس لى بِوَجْه مَّا! وقولُه: إنَّه نَماءُ مَالِهِ. قلنا: لكنَّه لِغَيْرِه، فلم تَجِبْ عليه زَكاةٌ، كما لو وَهَبَ نِتاجَ سَائِمَتِه لِغيرِه. إذا ثَبَتَ هذا فإنَّه يُخْرِجُ الزكاةَ من المالِ، لأنَّه من مُؤْنَتِه، فكان منه، كمُؤْنَةِ حَمْلِه، ويُحْسَبُ من الرِّبْحِ؛ لأنَّه وِقَايَةٌ لِرَأْسِ المالِ. وأمَّا العامِلُ فليس عليه زَكاةٌ فى حِصَّتِه حتَّى يقْتَسِمَا (13)، ويَسْتَأْنِفُ حَوْلًا من حِينَئِذٍ. نَصَّ عليه أحمدُ، فى رِوايَةِ صالِحٍ، وابنِ مَنْصُورٍ. فقال: إذا احْتَسَبَا يُزَكِّى المُضارِبُ إذا حالَ الحَوْلُ من حِينَ احْتَسَبَا (14)؛ لأنَّه عَلِمَ مَالَهُ فى المالِ، ولأنَّه إذا اتَّضَعَ بعدَ ذلك كانت الوَضِيعَةُ على رَبِّ (15) المالِ. يَعْنِى إذا اقْتَسَمَا. لأنَّ القِسْمَةَ فى الغالِبِ تكونُ
(12) فى م: "يكون".
(13)
فى الأصل: "يقسمها".
(14)
فى م: "احتسب".
(15)
فى الأصل، ب:"صاحب".
عند المُحاسَبَةِ، ألا تَرَاهُ يقولُ: إن اتَّضَعَ بعد ذلِكَ كانَتِ الوَضِيعَةُ على رَبِّ المالِ. وإنَّما يكونُ هذا بعد القِسْمَةِ. وقال أبو الخَطَّابِ: يُحْتَسَبُ حَوْلُهُ من حِين ظُهُورِ الرِّبْحِ. يَعْنِى إذا كَمَلَ نِصابًا. إلَّا على قَوْلِ من قال: إن الشَّرِكَةَ تُؤَثِّرُ فى غير الماشِيَةِ، قال: ولا يَجِبُ إخْراجُ زَكَاتِه حتَّى يَقْبِضَ المالَ؛ لأنَّ العَامِلَ يَمْلِكُ الرِّبْحَ بِظُهُورِهِ، فإذا مَلَكَهُ جَرَى فى حَوْلِ الزكاةِ، ولأنَّ من أصْلِنَا أنَّ فى المالِ الضَّالِّ والمَغْصُوبِ والدَّيْنِ على مُمَاطِلٍ الزكاةَ، وإن كان رُجُوعُه إلى مِلْكِ (16) يدهِ مَظْنُونًا، كذا هاهُنا. ولَنا، أنَّ مِلْكَ المُضارِبِ غيرُ تَامٍّ، لأنَّه بعَرْضِ (17) أن يَنْقُصَ قِيمَةَ الأصْلِ أو يَخْسَرَ فيه، وهذا وِقَايةٌ له، ولهذا مُنِعَ من الاخْتِصاصِ به، والتَّصَرُّفِ فيه لِحَقِّ (18) نَفْسِه، فلم يَكُنْ فيه زَكَاةٌ، كَمالِ المُكاتَبِ، يُؤكِّدُ هذا أَنَّه لو كان مِلْكًا تَامًّا لاخْتَصَّ بِرِبْحِهِ، فلو كان رَأْسُ المالِ عَشَرَةً فاتَّجَرَ فيه فرَبِحَ عِشْرِينَ، ثمَّ اتَّجَرَ فرَبِحَ ثَلَاثِينَ، لَكانتِ الخَمْسُونَ التى رَبِحَهَا بينهما نِصْفَيْنِ، ولو (19) تَمَّ مِلْكُه بمُجَرَّدِ ظُهُورِ الرِّبْحِ، لمَلَك من العِشْرِينَ الأُولَى عَشَرَةً، واخْتَصَّ بِرِبْحِها، وهى عَشَرَةٌ من الثَّلَاثِينَ، وكانتِ العِشْرُونَ الباقِيَةُ بينهما نِصْفَيْنِ، فيَمْلِكُ المُضارِبُ ثلاثِينَ، ولِرَبِّ المالِ ثلاثُونَ، كما لو اقْتَسَمَا العِشْرِينَ ثمَّ خَلَطَاها. وفَارَقَ المَغْصُوبَ والضَّالَّ، فإنَّ المِلْكَ فيه ثَابِتٌ تَامٌّ إنَّما حِيلَ بينَه وبينَه، بخِلاف مَسْألَتِنا. ومن أوْجَبَ الزكاةَ على المُضَارِبِ، فإنَّما يُوجِبُها عليه إذا حالَ الحَوْلُ مِن حِينِ تَبْلُغُ حِصَّتُهُ نِصابًا بِمُفْرَدِهَا أو بِضَمِّها إلى ما عندَه مِن جِنْسِ المالِ، أو من الأثْمانِ، إلَّا على الرِّوَايَةِ التى تَقُولُ إنَّ لِلشَّرِكَةِ تَأْثِيرًا فى غيرِ السَّائِمَةِ. وليس عليه إخْرَاجُها قبل القِسْمَةِ، كالدَّيْنِ لا يَجِبُ الإِخْراجُ منه قبلَ قَبْضِه. وإن أرَادَ
(16) سقط من: الأصل، ب.
(17)
كذا، ولعل صوابه:"يعرض".
(18)
فى م: "بحق".
(19)
فى الأصل زيادة: "لم".