الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلا تَسْقُطُ.
فصل:
وإن تَلِفَتِ الثَّمَرَةُ قبلَ بُدُوِّ الصَّلاحِ، أو الزَّرْعُ قبل اشْتِدَادِ الحبِّ، فلا زكاةَ فيه. وكذلك إن أَتْلَفَهُ المالِكُ، إلَّا أن يَقْصِدَ الفِرَارَ من الزكاةِ، وسَوَاءٌ قَطَعَها لِلأكْلِ، أو لِلتَّخْفِيفِ عن النَّخِيلِ لِتَحْسِينِ بَقِيَّةِ الثَّمَرَةِ، أو حِفْظِ الأُصُولِ (24) إذا خافَ عليها العَطَشَ أو ضَعْفَ الْجُمَّار (25)، فقَطَعَ الثَّمَرَةَ أو بَعْضَها، بحيثُ نَقَصَ النِّصابُ، أو قَطَعَها لغير غَرَضٍ، فلا زكاةَ عليه؛ لأنَّها تَلِفَتْ قبلَ وُجُوبِ الزكاةِ، وتَعَلُّقِ حَقِّ الفُقَرَاءِ بها، فأشْبَهَ ما لو هَلَكَتِ السَّائِمَةُ قبلَ الحَوْلِ، وإن قَصَدَ بقَطْعها الفِرَارَ من الزكاةِ، لم تَسْقُطْ عنه؛ لأنَّه قَصَدَ قَطْعَ حَقِّ مَن انْعَقَدَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِه، فلم تَسْقُطْ، كمَن (26) طَلَّقَ امْرَأتَه في مَرَضِ مَوْتِهِ.
فصل: ويَنْبَغِي أن يَبْعَثَ الإمامُ سَاعِيَه إذا بَدَا صَلَاحُ الثِّمَارِ، لِيَخْرُصَهَا، ويَعْرِفَ قَدْرَ الزكاةِ ويُعَرِّفَ المالِكَ ذلك. ومِمَّنْ كان يَرَى الخَرْصَ عمرُ بنُ الخَطَّابِ، وسَهْلُ بنُ أبي حَثْمَةَ (27)، ومَرْوَانُ (28)، والقاسمُ بنُ محمدٍ، والحسنُ، وعَطاءٌ، والزُّهْرِيُّ، وعَمْرُو بنُ دِينارٍ، وعبدُ الكريمِ بنُ أبي المُخَارِقِ (29)، ومَالِكٌ، والشَّافِعِيُّ، وأبو عُبَيْدٍ، وأبو ثَوْرٍ، وأكْثَرُ أهْلِ العِلْمِ. وحُكِيَ عن الشَّعْبِيِّ أنَّ الخَرْصَ بِدْعَةٌ. وقال أهْلُ الرَّأْيِ: الخَرْصُ ظَنٌّ وتَخْمِينٌ، لا يَلْزَمُ به حُكْمٌ،
(24) في أ، ب، م:"الأموال".
(25)
الجمار: قلب النخل.
(26)
في أ، م:"كما لو".
(27)
سهل بن أبي حثمة عبد اللَّه الأنصاري، ولد سنة ثلاث من الهجرة، وحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتوفي في أيام معاوية، أسد الغابة 2/ 468.
(28)
مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي، ولد على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولم يره، وكان واليا في أيام معاوية ومن بعده من الأمويين، واغتيل بعد ذلك، أسد الغابة 5/ 145.
(29)
عبد الكريم بن أبي المخارق قيس المعلم البصري، تابعي فقيه، توفي سنة سبع وعشرين ومائة. تهذيب التهذيب 6/ 376 - 379.
وإنَّما كان الخَرْصُ تَخْوِيفًا لِلأَكَرَةِ (30) لئلَّا يَخُونُوا، فأمَّا أن يَلْزَمَ به حُكْمٌ، فلا. ولَنا، ما رَوَى الزُّهْرِيُّ، عن سَعِيدِ بن المُسَيَّبِ، عن عَتَّابِ بنِ أسِيدٍ، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَبْعَثُ على النَّاسِ مَن يَخْرُصُ عليهم كُرُومَهم وثِمَارَهم. رَوَاهُ أبو دَاوُدَ، وابْنُ مَاجَه، والتِّرْمِذِيُّ (31). وفي لَفْظٍ عن عَتَّابٍ، قال: أمَرَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يُخْرَصَ العِنَبُ، كما يُخْرَصُ النَّخْلُ، وتُؤْخَذَ زَكَاتُه زَبِيبًا، كما تُؤْخَذُ زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا (32). وقد عَمِلَ به النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فخَرَصَ على امْرَأَة بِوَادِي القُرَى (33) حَدِيقَةً لها. رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ، في "مُسْنَدِهِ"(34). وعَمِلَ به أبو بكرٍ [والخُلَفَاءُ بعدَه](35). وقالتْ عائشةُ، وهي تَذْكُرُ شَأْنَ خَيْبَر: كان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَبْعَثُ عبدَ اللهِ بنَ رَوَاحَةَ إلى يَهُودَ، فَيَخْرُصُ عليهم النَّخْلَ حين يَطِيبُ قبلَ أن يُؤْكَلَ منه (36). رَوَاه أبو
(30) الأكرة: الحُرَّاث.
(31)
أخرجه ابن ماجه، في: باب خرص النخل والعنب، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه 1/ 582.
والترمذي، في: باب ما جاء في الخرص، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذي 3/ 142.
كما أخرجه الدارقطني، في: باب في قدر الصدقة فيما أخرجت الأرض، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطني 2/ 133.
(32)
أخرجه أبو داود، في: باب في خرص العنب، من كتاب الزكاة. سنن أبي داود 1/ 371. والترمذي، في: باب ما جاء في الخرص، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذي 3/ 143. والنسائي، في: باب شراء الصدقة، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 82. والدارقطنى، في: باب في قدر الصدقة فيما أخرجته الأرض، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطني 2/ 132، 133.
(33)
وادي القرى: بين المدينة والشام، من أعمال المدينة، كثير القرى. معجم البلدان 4/ 878.
(34)
المسند 5/ 424.
كما أخرجه البخاري، في: باب خرص التمر، من كتاب الزكاة. صحيح البخاري 2/ 155. ومسلم، في: باب في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الفضائل. صحيح مسلم 4/ 1785. وأبو داود، في: باب في إحياء الموات، من كتاب الخراج والفيء والإمارة. سنن أبي داود 2/ 159.
(35)
في أ، م:"بعده والخلفاء".
(36)
في أ، م زيادة:"متفق عليه". ولم يخرجه الشيخان، انظر: تحفة الأشراف 12/ 118، جامع
الأصول لابن الأثير 4/ 116، الفتح الرباني 9/ 12.