الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: "ثَلَاثٌ مَنْ فَعَلَهُنَّ فَقَدْ طَعِمَ طَعْمَ الْإيمَانِ: مَنْ عَبَدَ اللهَ وَحْدَهُ، وأنَّهُ لَا إلهَ إلَّا هُوَ، وأَعْطَى زَكَاةَ مَالِه طَيِّبَةً بها نَفْسُه، رَافِدَةً عَلَيْه كُلَّ عَامٍ، ولَمْ يُعْطِ الهَرِمَةَ، ولا الدَّرِنَةَ، ولا المَرِيضَةَ، ولا الشَّرَطَ اللَّئِيمَةَ، ولكنْ مِنْ وَسَطِ أمْوَالِكُمْ، فإنَّ اللهَ لَمْ يَسْأَلْكُم خَيْرَهُ، ولَمْ يَأْمُرْكُم بِشَرِّهِ". رَافِدَةً: يعنى (13) مُعِينَةً (14)، والدَّرنة: الجَرْبَاءُ، والشَّرَطُ: رُذَالَةُ المالِ.
409 - مسألة؛ قال: (وتُعَدُّ عَلَيْهِمُ السَّخْلَةُ، ولَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ)
السَّخْلَةُ، بِفَتْحِ السِّينِ وكَسْرِهَا: الصَّغِيرَةُ من أوْلَادِ المَعْزِ. وجُمْلَتُه أنَّه متى كان عندَه نِصَابٌ كَامِلٌ، فنَتَجَتْ منه سِخَالٌ فى أثْناء الحَوْلِ، وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فى الجَمِيعِ عندَ تَمَامِ حَوْلِ الأُمَّهَاتِ، فى قَوْلِ أكْثَر أهْلِ العِلْمِ. وحُكِىَ عن الحسنِ، والنَّخَعِىِّ: لا زَكَاةَ فى السِّخَالِ حتى يَحُولَ عليها الحَوْلُ. ولِقَوْلِه عليه السلام: "لَا زَكَاةَ فى مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ"(1). ولنَا، ما رُوِىَ عن عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه قال لِسَاعِيه: اعْتَدَّ عليهم بالسَّخْلَةِ، يَرُوحُ بها الرَّاعِى على يَدَيْهِ، ولا تَأْخُذْها منهم (2). وهو مَذهبُ علىٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، ولا نَعْرِفُ لهما فى عَصْرِهما مُخَالِفًا، فكان إجْمَاعًا، ولأنَّه نَمَاءُ نِصَابٍ، فيَجِبُ أن يُضَمَّ إليه فى الحَوْلِ، كأمْوَالِ التِّجَارَةِ، والخَبَرُ مَخْصُوصٌ بمالِ التِّجَارَةِ، فنَقِيسُ عليه. فأمَّا إن لم يَكْمُلِ
(13) سقط من: الأصل، ب.
(14)
فى النسخ: "معيبة". وانظر: عون المعبود 2/ 16.
(1)
أخرجه ابن ماجه، فى: باب من استفاد مالا، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه 1/ 571. والبيهقى، فى: باب لا زكاة فى مال حتى يحول عليه الحول، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى 4/ 95. والدارقطنى، فى: باب وجوب الزكاة بالحول، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطنى 2/ 91.
(2)
رواه الإمام مالك، فى: باب ما جاء فيما يعتدّ به من السخل فى الصدقة، من كتاب الزكاة. الموطأ 1/ 265. والبيهقى، فى: باب السن التى تؤخذ فى الغنم، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى 4/ 100، 101.
النِّصَابُ إلَّا بالسِّخَالِ، احْتُسِبَ الحَوْلُ من حِين كَمَلَ النِّصَابُ، فى الصَّحِيحِ من المذهبِ. وهو قَوْلُ الشَّافِعِىِّ، وإسحاقَ، وأبى ثَوْرٍ، وأصْحَابِ الرَّأْىِ. وعن أحمدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أنَّه يُعْتَبرُ حَوْلُ الجَمِيعِ من حِين مَلَكَ الأُمَّهَاتِ. وهو قَوْلُ مالِكٍ؛ لأنَّ الاعْتِبَارَ بِحَوْلِ الأُمَّهَاتِ دُونَ السِّخَالِ فيما إذا كانَتْ نِصَابًا، وكذلك إذا لم تكنْ نِصَابًا. ولَنا، أنَّه لم يَحُلِ الحَوْلُ على نِصابٍ، فلم تَجِبِ الزكاةُ فيها، كما لو كَمَلَتْ بغيرِ سِخَالِها، أو كمالِ التِّجَارَةِ، فإنَّه لا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ فيه. وإن نُتِجَتِ السِّخَالُ بعد الحَوْلِ، ضُمَّتْ إلى أُمَّهَاتِها فى الحَوْلِ الثَّانِى وَحْدَه. والحُكْمُ فى فُصْلَانِ الإِبِلِ، وعُجُولِ البَقَرِ، كالحُكْمِ فى السِّخَالِ. إذا ثَبَتَ هذا فإنَّ السَّخْلَةَ لا تُؤْخَذُ فى الزكاةِ، لما قَدَّمْنا من قَوْلِ عمرَ، ولما سَنَذْكُرُه فى المَسْألةِ التى تَلِى هذه، ولا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا، إلَّا أن يكونَ النِّصابُ كُلُّه صِغارًا، فيَجُوزُ أَخْذُ الصَّغِيرَةِ فى الصَّحِيحِ من المذهبِ، وإنَّما يُتَصَوَّرُ ذلك، بأن يُبَدِّلَ كِبَارًا بِصِغَارٍ فى أثْنَاءِ الحَوْلِ، أو يكونَ عندَه نِصَابٌ من الكِبَارِ، فتَوَالَدَ نِصَابٌ من الصِّغَارِ، ثم تموتُ الأُمَّهَاتُ، ويحولُ الحَوْلُ على الصِّغارِ. وقال أبو بكرٍ: لا يُؤْخَذُ أيضا إلَّا كَبِيرَةٌ تُجْزِئُ فى الأُضْحِيَةِ. وهو قولُ مَالِكٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّما حَقُّنَا فى الجَذَعَةِ أو الثَّنِيَّةِ"(3). ولأنَّ زِيَادَةَ السِّنِّ فى المالِ لا يَزِيدُ به الوَاجِبُ (4)، كذلك نُقْصَانُه لا يَنْقُصُ به. ولَنا، قَوْلُ الصِّدِّيقِ، رَضِىَ اللهُ عنه: وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِى عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَها إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لَقَاتَلْتُهُمْ عليها (5). فَدلَّ (6) على أَنَّهُم كانُوا يُؤَدُّونَ العَنَاقَ، ولأنَّه مالٌ تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ من غيرِ اعْتِبَارِ قِيمَتِه، فيَجِبُ أن يَأْخُذَ من عَيْنِه، كسَائِرِ الأمْوَالِ، والحَدِيثُ مَحْمُولٌ على ما (7) فيه كِبَارٌ. وأما زِيَادَةُ
(3) تقدم تخريجه فى صفحة 45. من حديث سعر بن ديسم.
(4)
فى ا، م:"لواجب".
(5)
تقدم فى صفحة 6.
(6)
فى الأصل: "يدل". وفى ا: "فدلت".
(7)
فى ا، ب:"مال".