الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالقائلون بجواز المساهمة في الشركات المختلطة يرون أن السهم سلعة قائمة بذاتها، فهو صك مالي قابل للتداول، وتداوله منفصل عن نشاط الشركة، فلا ترتبط قيمة السهم بنشاط الشركة، بل بالعرض والطلب، كما أن ارتفاع قيمة الأسهم، أو انخفاضها لا يؤثر بشكلٍ مباشرٍ إيجاباً أو سلباً على نشاط الشركة؛ لأن ما يدفعه المساهم لشراء الأسهم بعد طرحها للتداول لا تأخذ منه الشركة ريالاً واحداً، ولا يدعم به نشاط الشركة، بل يذهب جميعه للمساهم البائع، وكذلك المساهم البائع لا يأخذ ثمن أسهمه من الشركة بل من المساهم المشتري.
والمشتري للسهم حين يشتري السهم ليس مقصوده ما يمثله السهم من موجودات الشركة، وإنما يقصد القيمة السوقية للسهم بدليل أن السهم تكون قيمته أضعاف ما يمثله من موجودات الشركة، ورغم ذلك فإن مشتري السهم يرضى به؛ لأنه يعلم أن المؤثر الحقيقي في قيمة السهم: هو حجم العرض والطلب، لا ما يمثله السهم من موجودات الشركة، ولذا تجد كثيراً من المضاربين ينظر عند الشراء إلى حجم العرض والطلب، لا إلى موجودات الشركة.
وإذا كان تداول السهم منفصلاً عن نشاط الشركة، لم يحرم تداول السهم في الشركات المختلطة.
ونوقش هذا:
الصحيح أن السهم حصة شائعة في ممتلكات الشركة، من أثمان، وأعيان، وديون، ومنافع، ولا يمكن فصل السهم عن أرباح الشركة لما يلي:
أولاً: فصل السهم عن نشاط الشركة قول لا يدرك قائله مدى خطورته؛ لأنه
يؤدي إلى جواز المساهمة في البنوك الربوية، وشركات القمار والخمور، وسائر الشركات المحرمة، لأن السهم سلعة بذاته مفصول عن موجودات الشركة، وما تمثله، وهذا لم يقل به أحد.
ثانياً: القول بأن تداول السهم منفصل عن نشاط الشركة، وما يدفعه المساهم لشراء الأسهم بعد طرحها للتداول لا تأخذ منه الشركة ريالاً واحداً، ولا يدعم به نشاط الشركة، بل يذهب جميعه للمساهم البائع، قد يصدق هذا التوصيف على من يتملك الأسهم بقصد الاتجار بها (المضاربة)، ولكنه لا يصدق أبداً على من ساهم بماله في الاكتتاب بالشركة بقصد الاستثمار، وذهب ماله مباشرة إلى خزينة الشركة، مع أن هذا العمل هو الأصل في تكوين السهم، ومبدأ نشأته، وبيان حقيقته، وقيام الحقوق المترتبة على تملكه، فإذا جاء المتاجر بالأسهم (المضارب) فاشترى من المستثمر أسهمه فقد حل محله في الشركة، وأخذ موقعه، واستحق على الشركة ما يستحقه المستثمر الأول، فكان شريكاً ضرورة، فثبت أن المساهم ولو كان مضارباً فإنه بملكيته للسهم أصبح شريكاً.
ثالثاً: لا يصح أن يقال: إن المساهم يبيع الوثيقة؛ لأن الوثيقة لا قيمة لها إذا جردناها عما تدل عليه، ولا تشتمل الوثيقة على أي منفعة ذاتية، بحيث يقال: إنه يجوز بيعها وشراؤها لمنفعتها كالسلع، وإنما قيمة الوثيقة تتمثل فيما تمثله من حقوق الاشتراك في الشركة، ومن كونها حصة شائعة في رأس مال الشركة وفي موجوداتها، فالراجح أنه لا يمكن فصل السهم عن ممتلكات الشركة، ويستحسن أن يرجع القارئ إلى مسألة تكييف السهم، فقد بحثتها بشيء من التفصيل في مبحث مستقل.
إذا عرفنا: أن شركة المساهمة شركة قائمة على الوكالة على الصحيح، وأن السهم حصة شائعة في ممتلكات الشركة، علمنا أن المساهم مسئول عن ممارسة